قوله تعالى ; وأما السائل فلا تنهر أي لا تزجره فهو نهي عن إغلاظ القول . ولكن رده ببذل يسير ، أو رد جميل ، واذكر فقرك قاله قتادة وغيره . وروي عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ; لا يمنعن أحدكم السائل ، وأن يعطيه إذا سأل ، ولو رأى في يده قلبين من ذهب . وقال إبراهيم بن أدهم ; نعم القوم السؤال ; يحملون زادنا إلى الآخرة . وقال إبراهيم النخعي ; السائل بريد الآخرة ، يجيء إلى باب أحدكم فيقول ; هل تبعثون إلى أهليكم بشيء . وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ; ردوا السائل ببذل يسير ، أو رد جميل ، فإنه يأتيكم من ليس من الإنس ولا من الجن ، ينظر كيف صنيعكم فيما خولكم الله . وقيل ; المراد بالسائل هنا ، الذي يسأل عن الدين أي فلا تنهره بالغلظة والجفوة ، وأجبه برفق ولين قالهسفيان . قال ابن العربي ; وأما السائل عن الدين فجوابه فرض على العالم ، على الكفاية كإعطاء سائل البر سواء . وقد كان أبو الدرداء ينظر إلى أصحاب الحديث ، ويبسط رداءه لهم ، ويقول ; مرحبا بأحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي حديث أبي هارون العبدي ، عن أبي سعيد الخدري ، قال ; كنا إذا أتينا أبا سعيد يقول ; مرحبا بوصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ; إن الناس لكم تبع وإن رجالا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون ، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا . وفي رواية يأتيكم رجال من قبل المشرق . . . فذكره . واليتيم والسائل منصوبان بالفعل الذي بعده وحق المنصوب أن يكون بعد الفاء ، والتقدير ; مهما يكن من شيء فلا تقهر اليتيم ، ولا [ ص; 90 ] تنهر السائل . وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ; " سألت ربي مسألة وددت أني لم أسألها ; قلت يا رب اتخذت إبراهيم خليلا ، وكلمت موسى تكليما ، وسخرت مع داود الجبال يسبحن ، وأعطيت فلانا كذا فقال - عز وجل - ; ألم أجدك يتيما فآويتك ؟ ألم أجدك ضالا فهديتك ؟ ألم أجدك عائلا فأغنيتك ؟ ألم أشرح لك صدرك ؟ ألم أوتك ما لم أوت أحدا قبلك ; خواتيم سورة البقرة ، ألم أتخذك خليلا ، كما اتخذت إبراهيم خليلا ؟ قلت بلى يا رب " .