أَيَحْسَبُ أَن لَّمْ يَرَهُۥٓ أَحَدٌ
اَيَحۡسَبُ اَنۡ لَّمۡ يَرَهٗۤ اَحَدٌ
تفسير ميسر:
يقول متباهيًا; أنفقت مالا كثيرًا. أيظنُّ في فعله هذا أن الله عز وجل لا يراه، ولا يحاسبه على الصغير والكبير؟
قال مجاهد أي أيحسب أن لم يره الله عز وجل وكذا قال غيره من السلف.
أيحسب أي أيظن . أن لم يره أي أن لم يعاينه أحد بل علم الله - عز وجل - ذلك منه ، فكان كاذبا في قوله ; أهلكت ولم يكن أنفقه . وروى أبو هريرة قال ; يوقف العبد ، فيقال ماذا عملت في المال الذي رزقتك ؟ فيقول ; أنفقته وزكيته . فيقال ; كأنك إنما فعلت ذلك ليقال سخي ، فقد قيل ذلك . ثم يؤمر به إلى النار . وعن سعيد عن قتادة ; إنك مسئول عن مالك من أين جمعت ؟ وكيف أنفقت ؟ وعن ابن عباس قال ; كان أبو الأشدين يقول ; أنفقت في عداوة محمد مالا كثيرا وهو في ذلك كاذب . وقال مقاتل ; نزلت في الحارث بن عامر بن نوفل ، أذنب فاستفتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمره أن يكفر . فقال ; لقد ذهب مالي في الكفارات والنفقات ، منذ دخلت في دين محمد . وهذا القول منه يحتمل أن يكون استطالة بما أنفق ، فيكون طغيانا منه ، أو أسفا عليه ، فيكون ندما منه .وقرأ أبو جعفر مالا لبدا بتشديد الباء مفتوحة ، على جمع لابد مثل راكع وركع ، وساجد وسجد ، وشاهد وشهد ، ونحوه . وقرأ مجاهد وحميد بضم الباء واللام مخففا ، جمع لبود . الباقون بضم اللام وكسرها وفتح الباء مخففا ، جمع لبدة ولبدة ، وهو ما تلبد يريد الكثرة . وقد مضى في سورة ( الجن ) القول فيه .وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقرأ أيحسب بضم السين في الموضعين . وقال الحسن ; يقول أتلفت مالا كثيرا ، فمن يحاسبني به ، دعني أحسبه . ألم يعلم أن الله قادر على محاسبته ، وأن الله - عز وجل - يرى صنيعه .
وقوله; ( أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ ) يقول تعالى ذكره; أيظن هذا القائل ( أَهْلَكْتُ مَالا لُبَدًا ) أن لم يره أحد في حال إنفاقه يزعم أنه أنفقه.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ ) ابن آدم إنك مسئول عن هذا المال، من أين اكتسبته، وأين أنفقته.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله.
قال الله متوعدًا هذا الذي يفتخر بما أنفق في الشهوات: { أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ } أي: أيحسب في فعله هذا، أن الله لا يراه ويحاسبه على الصغير والكبير؟بل قد رآه الله، وحفظ عليه أعماله، ووكل به الكرام الكاتبين، لكل ما عمله من خير وشر.
مرّ إعراب نظيرها مفردات وجملا، والاستفهام فيها إنكاريّ.