الرسم العثمانيلَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَآءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضٰى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِۦ ۚ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
الـرسـم الإمـلائـيلَـيۡسَ عَلَى الضُّعَفَآءِ وَلَا عَلَى الۡمَرۡضٰى وَلَا عَلَى الَّذِيۡنَ لَا يَجِدُوۡنَ مَا يُنۡفِقُوۡنَ حَرَجٌ اِذَا نَصَحُوۡا لِلّٰهِ وَ رَسُوۡلِهٖؕ مَا عَلَى الۡمُحۡسِنِيۡنَ مِنۡ سَبِيۡلٍؕ وَاللّٰهُ غَفُوۡرٌ رَّحِيۡمٌۙ
تفسير ميسر:
ليس على أهل الأعذار مِن الضعفاء والمرضى والفقراء الذين لا يملكون من المال ما يتجهزون به للخروج إثم في القعود إذا أخلصوا لله ورسوله، وعملوا بشرعه، ما على مَن أحسن ممن منعه العذر عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ناصح لله ولرسوله من طريق يعاقب مِن قِبَلِه ويؤاخذ عليه. والله غفور للمحسنين، رحيم بهم.
ثم بين تعالى الأعذار التي لا حرج على من قعد معها عن القتال فذكر منها ما هو لازم للشخص لا ينفك عنه وهو الضعف في التركيب الذي لا يستطيع معه الجلاد في الجهاد ومنه العمى والعرج ونحوهما ولهذا بدأ به " ومنها ما هو عارض بسبب مرض عَنَّ له في بدنه شغله عن الخروج في سبيل الله أو بسبب فقره لا يقدر على التجهيز للحرب فليس على هؤلاء حرج إذا قعدوا ونصحوا في حال قعودهم ولم يرجفوا بالناس ولم يثبطوهم وهم محسنون في حالهم هذا ولهـذا قال " ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم ". وقال سفيان الثوري عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي ثمامة رضي الله عنه قال; قال الحواريون يا روح الله أخبرنا عن الناصح لله؟ قال; الذي يؤثر حق الله على حق الناس وإذا حدث له أمران أو بدا له أمر الدنيا وأمر الآخرة بدأ بالذي للآخرة ثم تفرغ للذي للدنيا وقال الأوزاعي خرج الناس إلى الاستسقاء فقام فيهم بلال بن سعد فحمد الله وأثنى عليه ثم قال; يا معشر من حضر; ألستم مقرين بالإساءة؟ قالوا اللهم نعم اللهم أنا نسمعك تقول ما على المحسنين من سبيل اللهم وقد أقررنا بالإساءة فاغفر لنا وارحمنا واسقنا ورفع يديه ورفعوا أيديهم فسقوا وقال قتادة نزلت هذه الآية في عائذ بن عمرو المزني حدثنا ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا هشام بن عبيد الله الرازي حدثنا ابن جابر عن ابن فروة عن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن زيد بن ثابت قال; كنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فكنت أكتب براءة فإني لواضع القلم على أذني إذ أمرنا بالقتال فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر ما ينزل عليه إذا جاء أعمى فقال كيف بي يا رسول الله وأنا أعمى؟ فنزلت ليس على الضعفاء. الآية. وقال العوفي عن ابن عباس في هذه الآية وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس أن ينبعثوا غازين معه فجاءته عصابة من أصحابه فيهم عبدالله ابن مغفل بن مقرن المزني فقالوا يا رسول الله أحملنا فقال لهم والله لا أجد ما أحملكم عليه فتولوا وهم يبكون وعز عليهم أن يجلسوا عند الجهاد ولا يجدون نفقة ولا محملا. فلما رأى الله حرصهم على محبته ومحبة رسوله أنزل عذرهم في كتابه وقال" ليس على الضعفاء" إلى قوله فهم لا يعلمون وقال مجاهد في قوله "ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم" نزلت في بني مكرم من مزينة وقال محمد بن كعب كانوا سبعة نفر من بني عمرو بن عوف سالم بن عوف ومن بني واقف حرمي بن عمرو ومن بني مازن بن النجار عبدالرحمن بن كعب ويكنى أبا ليلى ومن بنى المعلى فضل الله ومن بني سلمة عمرو بن عتبة وعبدالله ابن عمرو والمزني وقال محمد بن إسحاق في سياق غزوة تبوك ثم إن رجالا من المسلمين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم البكاؤون وهم سبعة نفر من الأنصار وغيرهم من بني عمرو بن عوف سالم بن عمير وعلية بن زيد أخو بني حارثة وأبو ليلى عبدالرحمن بن كعب أخو بني مازن بن النجار وعمرو بن الحمام بن الجموح أخو بني سلمة وعبدالله بن المغفل المزني وبعض الناس يقول بل هو عبدالله ابن عمرو المزني وحرمي بن عبدالله أخو بني واقف وعياض بن سارية الفزاري فاستحملوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا أهل حاجة فقال لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا إلا يجدوا ما ينفقون وقال ابن أبي حاتم حدثنا عمرو بن الأودي حدثنا وكيع عن الربيع عن الحسن قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد خلفتم بالمدينة أقواما ما أنفقتم من نفقة ولا قطعتم واديا ولا نلتم من عدو نيلا وقد شركوكم في الأجر. ثم قرأ" ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه" الآية. وأصل الحديث في الصحيحين من حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن بالمدينة أقواما ما قطعتم واديا ولا سرتم سيرا إلا وهم معكم قالوا وهم بالمدينة؟ قال نعم حسبهم العذر وقال الإمام أحمد حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد خلفتم بالمدينة رجالا ما قطعتم واديا ولا سلكتم طريقا إلا شركوكم في الأجر حبسهم المرض. ورواه مسلم وابن ماجه من طرق عن الأعمش به.
قوله تعالى ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيمفيه ست مسائل ;الأولى ; قوله تعالى ; ليس على الضعفاء الآية . أصل في سقوط التكليف عن العاجز ; فكل من عجز عن شيء سقط عنه ، فتارة إلى بدل هو فعل ، وتارة إلى بدل هو غرم ، ولا فرق بين العجز من جهة القوة أو العجز من جهة المال ; ونظير هذه الآية قوله تعالى ; لا يكلف الله نفسا إلا وسعها وقوله ; ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج . وروى أبو داود عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ; لقد تركتم بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا أنفقتم من نفقة ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم فيه . قالوا ; يا رسول الله ، وكيف يكونون معنا وهم بالمدينة ؟ قال ; حبسهم العذر . فبينت هذه الآية مع ما ذكرنا من نظائرها أنه لا حرج على المعذورين ، وهم قوم عرف عذرهم كأرباب الزمانة والهرم والعمى والعرج ، وأقوام لم يجدوا ما ينفقون ; فقال ; ليس على هؤلاء حرج . ( إذا نصحوا لله ورسوله ) إذا عرفوا الحق وأحبوا أولياءه وأبغضوا أعداءه ، قال العلماء ; فعذر الحق سبحانه أصحاب الأعذار ، وما صبرت القلوب ; فخرج ابن أم مكتوم إلى أحد وطلب أن يعطى اللواء فأخذه مصعب بن عمير ، فجاء رجل من الكفار فضرب يده التي فيها اللواء فقطعها ، فأمسكه باليد الأخرى فضرب اليد الأخرى فأمسكه بصدره وقرأ وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل [ ص; 150 ] هذه عزائم القوم . والحق يقول ; ليس على الأعمى حرج وهو في الأول . ولا على الأعرج حرج وعمرو بن الجموح من نقباء الأنصار أعرج وهو في أول الجيش . قال له الرسول عليه السلام ; إن الله قد عذرك . فقال ; والله لأحفرن بعرجتي هذه في الجنة إلى أمثالهم حسب ما تقدم في هذه السورة من ذكرهم رضي الله عنهم . وقال عبد الله بن مسعود ; ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف .الثانية ; قوله تعالى ; إذا نصحوا النصح إخلاص العمل من الغش . ومنه التوبة النصوح . قال نفطويه ; نصح الشيء إذا خلص . ونصح له القول أي أخلصه له . وفي صحيح مسلم عن تميم الداري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ; الدين النصيحة - ثلاثا - قلنا لمن ؟ قال ; لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهمقال العلماء ; النصيحة لله إخلاص الاعتقاد في الوحدانية ، ووصفه بصفات الألوهية ، وتنزيهه عن النقائص والرغبة في محابه والبعد من مساخطه . والنصيحة لرسوله ; التصديق بنبوته ، والتزام طاعته في أمره ونهيه ، وموالاة من والاه ومعاداة من عاداه ، وتوقيره ، ومحبته ومحبة آل بيته ، وتعظيمه وتعظيم سنته ، وإحياؤها بعد موته بالبحث عنها ، والتفقه فيها والذب عنها ونشرها والدعاء إليها ، والتخلق بأخلاقه الكريمة صلى الله عليه وسلم . وكذا النصح لكتاب الله ; قراءته والتفقه فيه ، والذب عنه وتعليمه وإكرامه والتخلق به . والنصح لأئمة المسلمين ; ترك الخروج عليهم ، وإرشادهم إلى الحق وتنبيههم فيما أغفلوه من أمور المسلمين ، ولزوم طاعتهم والقيام بواجب حقهم . والنصح للعامة ; ترك معاداتهم ، وإرشادهم وحب الصالحين منهم ، والدعاء لجميعهم وإرادة الخير لكافتهم . وفي الحديث الصحيح مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى .[ ص; 151 ] الثالثة ; قوله تعالى ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم من سبيل في موضع رفع اسم ( ما ) أي من طريق إلى العقوبة . وهذه الآية أصل في رفع العقاب عن كل محسن . ولهذا قال علماؤنا في الذي يقتص من قاطع يده فيفضي ذلك في السراية إلى إتلاف نفسه ; إنه لا دية له ; لأنه محسن في اقتصاصه من المعتدي عليه . وقال أبو حنيفة ; تلزمه الدية . وكذلك إذا صال فحل على رجل فقتله في دفعه عن نفسه فلا ضمان عليه ; وبه قال الشافعي . وقال أبو حنيفة ; تلزمه لمالكه القيمة . قال ابن العربي ; وكذلك القول في مسائل الشريعة كلها .الرابعة ; قوله تعالى ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم روي أن الآية نزلت في عرباض بن سارية . وقيل ; نزلت في عائذ بن عمرو . وقيل ; نزلت في بني مقرن - وعلى هذا جمهور المفسرين - وكانوا سبعة إخوة ، كلهم صحبوا النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس في الصحابة سبعة إخوة غيرهم ، وهم النعمان ومعقل وعقيل وسويد وسنان وسابع لم يسم . بنو مقرن المزنيون سبعة إخوة هاجروا وصحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يشاركهم - فيما ذكره ابن عبد البر وجماعة - في هذه المكرمة غيرهم . وقد قيل ; إنهم شهدوا الخندق كلهم . وقيل ; نزلت في سبعة نفر من بطون شتى ، وهم البكاءون أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ليحملهم ، فلم يجد ما يحملهم عليه ; ف تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون فسموا البكائين . وهم سالم بن عمير من بني عمرو بن عوف وعلبة بن زيد أخو بني حارثة . وأبو ليلى عبد الرحمن بن كعب من بني مازن بن النجار . وعمرو بن الحمام من بني سلمة . وعبد الله بن المغفل المزني ، وقيل ; بل هو عبد الله بن عمرو المزني . وهرمي بن عبد الله أخو بني واقف ، وعرباض بن سارية الفزاري ، هكذا سماهم أبو عمر في كتاب الدرر له . وفيهم اختلاف . قال القشيري ; معقل بن يسار وصخر بن خنساء وعبد الله بن كعب الأنصاري ، وسالم بن عمير ، وثعلبة بن غنمة ، وعبد الله بن مغفل وآخر . قالوا ; يا نبي الله ، قد ندبتنا للخروج معك ، فاحملنا على الخفاف المرفوعة والنعال المخصوفة نغز معك . فقال ; لا أجد ما أحملكم عليه فتولوا وهم يبكون . وقال ابن عباس ; سألوه أن يحملهم على الدواب ، وكان الرجل يحتاج إلى بعيرين ، بعير يركبه وبعير يحمل ماءه وزاده لبعد الطريق . وقال الحسن ; نزلت في أبي موسى وأصحابه أتوا النبي صلى الله عليه وسلم ليستحملوه ، ووافق ذلك منه غضبا فقال ; والله لا أحملكم [ ص; 152 ] ولا أجد ما أحملكم عليه فتولوا يبكون ; فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاهم ذودا . فقال أبو موسى ; ألست حلفت يا رسول الله ؟ فقال ; إني إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني .قلت ; وهذا حديث صحيح أخرجه البخاري ومسلم بلفظه ومعناه . وفي مسلم ; فدعا بنا فأمر لنا بخمس ذود غر الذرى . . . الحديث . وفي آخره ; فانطلقوا فإنما حملكم الله . وقال الحسن أيضا وبكر بن عبد الله ; نزلت في عبد الله بن مغفل المزني ، أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستحمله . قال الجرجاني ; التقدير أي ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم و " قلت لا أجد " . فهو مبتدأ معطوف على ما قبله بغير واو ، والجواب تولوا .تولوا وأعينهم تفيض من الدمع الجملة في موضع نصب على الحال . ( حزنا ) مصدر . ألا يجدوا نصب بأن . وقال النحاس ; قال الفراء يجوز " أن لا يجدون " يجعل " لا " بمعنى ليس . وهو عند البصريين بمعنى أنهم لا يجدون .الخامسة ; والجمهور من العلماء على أن من لا يجد ما ينفقه في غزوه أنه لا يجب عليه . وقال علماؤنا ; إذا كانت عادته المسألة لزمه كالحج وخرج على العادة لأن حاله إذا لم تتغير يتوجه الفرض عليه كتوجهه على الواجد . والله أعلم .السادسة ; في قوله تعالى ; وأعينهم تفيض من الدمع ما يستدل به على قرائن الأحوال . ثم منها ما يفيد العلم الضروري ، ومنها ما يحتمل الترديد . فالأول كمن يمر على دار قد علا فيها النعي وخمشت الخدود وحلقت الشعور وسلقت الأصوات وخرقت الجيوب ونادوا على صاحب الدار بالثبور ; فيعلم أنه قد مات . وأما الثاني فكدموع الأيتام على أبواب الحكام ; قال الله تعالى مخبرا عن إخوة يوسف عليه السلام ; وجاءوا أباهم عشاء يبكون . وهم الكاذبون ; قال الله تعالى مخبرا عنهم ; وجاءوا على قميصه بدم كذب [ ص; 153 ] ومع هذا فإنها قرائن يستدل بها في الغالب فتبنى عليها الشهادات بناء على ظواهر الأحوال وغالبها . وقال الشاعر ;إذا اشتبكت دموع في خدود تبين من بكى ممن تباكىوسيأتي هذا المعنى في " يوسف " مستوفى إن شاء الله تعالى .
القول في تأويل قوله ; لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (91)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; ليس على أهل الزمانة وأهل العجز عن السفر والغزو, (20) ولا على المرضى, ولا على من لا يجد نفقة يتبلَّغ بها إلى مغزاه = " حرج ", وهو الإثم، (21) يقول; ليس عليهم إثم، إذا نصحوا لله ولرسوله في مغيبهم عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم =(ما على المحسنين من سبيل) ، يقول; ليس على من أحسن فنصح لله ولرسوله في تخلّفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجهاد معه، لعذر يعذر به، طريقٌ يتطرَّق عليه فيعاقب من قبله (22) =(والله غفور رحيم)، يقول; والله ساتر على ذنوب المحسنين, يتغمدها بعفوه لهم عنها =(رحيم)، بهم، أن يعاقبهم عليها. (23)* * *وذكر أن هذه الآية نـزلت في " عائذ بن عمرو المزني".* * *وقال بعضهم في " عبد الله بن مغفل ".* * ** ذكر من قال; نـزلت في " عائذ بن عمرو ".17078- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة; (ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله)، نـزلت في عائذ بن عمرو.* * ** ذكر من قال; نـزلت في " ابن مغفل ".17079- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله; (ليس على الضعفاء ولا على المرضى)، إلى قوله; حَزَنًا أَلا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الناس أن ينبعثوا غازين معه, فجاءته عصابة من أصحابه، فيهم " عبد الله بن مغفل المزني", فقالوا; يا رسول الله، احملنا. فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم; والله ما أجد ما أحملكم عليه! فتولوا ولهم بكاءٌ, وعزيزٌ عليهم أن يجلسوا عن الجهاد، (24) ولا يجدون نفقةً ولا محملا. فلما رأى الله حرصَهم على محبته ومحبة رسوله, أنـزل عذرهم في كتابه فقال; (ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج)، إلى قوله; فَهُمْ لا يَعْلَمُونَ .----------------------الهوامش ;(20) انظر تفسير " الضعفاء " فيما سلف 5 ; 551 8 ; 19 .(21) انظر تفسير " الحرج " فيما سلف 12 ; 295 ، تعليق ; 2 ، والمراجع هناك .(22) انظر تفسير " المحسن " و " السبيل " فيما سلف من فهارس اللغة ( حسن ) ، ( سبل ) .(23) انظر تفسير " غفور " و " رحيم " فيما سلف من فهارس اللغة ( غفر ) ، ( رحم ) .(24) في المطبوعة ; " وعز عليهم " ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو محض صواب .
لما ذكر المعتذرين، وكانوا على قسمين، قسم معذور في الشرع، وقسم غير معذور، ذكر ذلك بقوله: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ} في أبدانهم وأبصارهم، الذين لا قوة لهم على الخروج والقتال. {وَلَا عَلَى الْمَرْضَى}. وهذا شامل لجميع أنواع المرض الذي لا يقدر صاحبه معه على الخروج والجهاد، من عرج، وعمى، وحمى، وذات الجنب، والفالج، وغير ذلك. {وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ} أي: لا يجدون زادا، ولا راحلة يتبلغون بها في سفرهم، فهؤلاء ليس عليهم حرج، بشرط أن ينصحوا للّه ورسوله، بأن يكونوا صادقي الإيمان، وأن يكون من نيتهم وعزمهم أنهم لو قدروا لجاهدوا، وأن يفعلوا ما يقدرون عليه من الحث والترغيب والتشجيع على الجهاد. {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} أي: من سبيل يكون عليهم فيه تبعة، فإنهم ـ بإحسانهم فيما عليهم من حقوق اللّه وحقوق العباد ـ أسقطوا توجه اللوم عليهم، وإذا أحسن العبد فيما يقدر عليه، سقط عنه ما لا يقدر عليه. ويستدل بهذه الآية على قاعدة وهي: أن من أحسن على غيره، في [نفسه] أو في ماله، ونحو ذلك، ثم ترتب على إحسانه نقص أو تلف، أنه غير ضامن لأنه محسن، ولا سبيل على المحسنين، كما أنه يدل على أن غير المحسن ـ وهو المسيء ـ كالمفرط، أن عليه الضمان. {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} ومن مغفرته ورحمته، عفا عن العاجزين، وأثابهم بنيتهم الجازمة ثواب القادرين الفاعلين.
(ليس) فعل ماض ناقص جامد- ناسخ-
(على الضعفاء) جارّ ومجرور خبر ليس مقدّم
(الواو) عاطفة
(لا) زائدة لتأكيد النفي(على المرضى) جارّ ومجرور متعلّق بما تعلّق به الجار الأول فهو معطوف عليه، وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على الألف
(الواو) عاطفة
(لا) مثل الأولى
(على) حرف جرّ
(الذين) موصول في محلّ جرّ متعلّق بما تعلّق به الجارّ الأول فهو معطوف عليه
(لا) نافية
(يجدون) مضارع مرفوع.. والواو فاعلـ (ما) نكرة موصوفة في محلّ نصب مفعول به
(ينفقون) مثل يجدون
(حرج) اسم ليس مؤخّر مرفوع
(إذا) ظرف للمستقبل متضمّن معنى الشرط مبنىّ في محلّ نصب متعلّق بمضمون الجواب المقدّر
(نصحوا) فعل ماض وفاعله
(للَّه) جارّ ومجرور متعلّق بـ (نصحوا)
(الواو) عاطفة(رسول) معطوف على لفظ الجلالة مجرور و (الهاء) ضمير مضاف إليه
(ما) نافية
(على المحسنين) جارّ ومجرور خبر مقدّم وعلامة الجرّ الياء
(من سبيل) جارّ زائد ومجرور لفظا مرفوع محلّا مبتدأ
(الواو) استئنافيّة
(اللَّه) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع
(غفور) خبر مرفوع
(رحيم) خبر ثان مرفوع.
جملة: «ليس على الضعفاء ... حرج» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «لا يجدون ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «ينفقون ... » في محلّ نصب نعت لـ (ما) ، والعائد محذوف.
وجملة: «نصحوا ... » في محلّ جرّ بإضافة
(إذا) إليها.. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله أي: إذا نصحوا.. فليس عليهم حرج.
وجملة: «ما على المحسنين من سبيل» لا محلّ لها استئناف مقرّر لمضمون ما قبله.
وجملة: «اللَّه غفور» لا محلّ لها استئنافيّة.
- القرآن الكريم - التوبة٩ :٩١
At-Taubah9:91