رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلٰى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ
رَضُوۡا بِاَنۡ يَّكُوۡنُوۡا مَعَ الۡخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلٰى قُلُوۡبِهِمۡ فَهُمۡ لَا يَفۡقَهُوۡنَ
تفسير ميسر:
رضي هؤلاء المنافقون لأنفسهم بالعار، وهو أن يقعدوا في البيوت مع النساء والصبيان وأصحاب الأعذار، وختم الله على قلوبهم؛ بسبب نفاقهم وتخلفهم عن الجهاد والخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله، فهم لا يفقهون ما فيه صلاحهم ورشادهم.
وقوله " وطُبع على قلوبهم " أي بسبب نكولهم عن الجهاد والخروج مع الرسول في سبيل الله " فهم لا يفقهـون " أي لا يفهمون ما فيه صلاح لهم فيفعلوه ولا ما فيه مضرة لهم فيجتنبوه.
قوله تعالى رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهونقوله تعالى رضوا بأن يكونوا مع الخوالف الخوالف جمع خالفة ; أي مع النساء والصبيان وأصحاب الأعذار من الرجال . وقد يقال للرجل ; خالفة وخالف أيضا إذا كان غير نجيب ; على ما تقدم . يقال ; فلان خالفة أهله إذا كان دونهم . قال النحاس ; وأصله من خلف اللبن يخلف إذا حمض من طول مكثه . وخلف فم الصائم إذا تغير ريحه ; ومنه فلان خلف سوء ; إلا أن فواعل جمع فاعلة ولا يجمع ( فاعل ) صفة على فواعل إلا في الشعر ; إلا في حرفين ، وهما فارس وهالك .وقوله تعالى في وصف المجاهدين ; وأولئك لهم الخيرات قيل ; النساء الحسان ; عن الحسن . دليله قوله عز وجل ; فيهن خيرات حسان . ويقال ; هي خيرة النساء . والأصل خيرة فخفف ; مثل هينة وهينة . وقيل ; جمع خير . فالمعنى لهم منافع الدارين . وقد تقدم معنى الفلاح . والجنات ; البساتين ، وقد تقدم أيضا .
القول في تأويل قوله ; رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (87)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; رضي هؤلاء المنافقون = الذين إذا قيل لهم; آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله, استأذنك أهل الغنى منهم في التخلف عن الغزو والخروج معك لقتال أعداء الله من المشركين = أن يكونوا في منازلهم، كالنساء اللواتي ليس عليهن فرض الجهاد, فهن قعود في منازلهنّ وبيوتهنّ (1) =(وطبع على قلوبهم)، يقول; وختم الله على قلوب هؤلاء المنافقين =(فهم لا يفقهون)، عن الله مواعظه، فيتعظون بها. (2)* * *وقد بينا معنى " الطبع "، وكيف الختم على القلوب، فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (3)* * *وبنحو الذي قلنا في معنى " الخوالف " قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;17064- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس قوله; (رضوا بأن يكونوا مع الخوالف)، قال; " الخوالف " هنّ النساء.17065- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس; (رضوا بأن يكونوا مع الخوالف)، يعني; النساء.17066- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حبوية أبو يزيد, عن يعقوب القمي, عن حفص بن حميد, عن شمر بن عطية; (رضوا بأن يكونوا مع الخوالف)، قال; النساء.17067-...... قال; حدثنا المحاربي, عن جويبر, عن الضحاك; (مع الخوالف)، قال; مع النساء.17068- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله; (رضوا بأن يكونوا مع الخوالف)، أي; مع النساء.17069- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور, عن معمر, عن قتادة والحسن; (رضوا بأن يكونوا مع الخوالف)، قالا النساء.17070- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.17071- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد, مثله.17072- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله; (رضوا بأن يكونوا مع الخوالف)، قال; مع النساء.---------------------الهوامش ;(1) انظر تفسير " الخوالف " فيما سلف ص ; 405 ، تعليق 1 ، والمراجع هناك .(2) انظر تفسير " فقه " فيما سلف ص ; 399 ، تعليق ; 4 ، والمراجع هناك .(3) انظر تفسير " الطبع " فيما سلف 13 ; 10 ، تعليق ; 1 ، والمراجع هناك .
قال تعالى {رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ} أي: كيف رضوا لأنفسهم أن يكونوا مع النساء المتخلفات عن الجهاد، هل معهم فقه أو عقل دلهم على ذلك؟ أم طبع الله على قلوبهم فلا تعي الخير، ولا يكون فيها إرادة لفعل ما فيه الخير والفلاح؟ فهم لا يفقهون مصالحهم، فلو فقهوا حقيقة الفقه، لم يرضوا لأنفسهم بهذه الحال التي تحطهم عن منازل الرجال.
(رضوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ ... والواو فاعلـ (الباء) حرف جرّ
(أن) حرف مصدريّ ونصبـ (يكونوا) مضارع ناقص منصوب وعلامة النصب حذف النون.. والواو اسم يكون
(مع الخوالف) مثل مع الخالفين .
(الواو) عاطفة
(طبع) فعل ماض مبنيّ للمجهولـ (على قلوب) جارّ ومجرور في محلّ رفع نائب الفاعل و (هم) ضمير مضاف إليه
(الفاء) عاطفة لربط المسبّب بالمسببـ (هم) ضمير منفصل مبتدأ
(لا) نافية
(يفقهون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل.
والمصدر المؤوّلـ (أن يكونوا ... ) في محلّ جرّ بالباء متعلّق بـ (رضوا) .
جملة: «رضوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة فيها تعلّيل لما سبق.
وجملة: «يكونوا» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) .
وجملة: «طبع على قلوبهم) لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «هم لا يفقهون» لا محلّ لها معطوفة على جملة طبع على قلوبهم.
وجملة: «لا يفقهون» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(هم) .