بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيٰوةَ الدُّنْيَا
بَلۡ تُؤۡثِرُوۡنَ الۡحَيٰوةَ الدُّنۡيَا
تفسير ميسر:
إنكم -أيها الناس- تفضِّلون زينة الحياة الدنيا على نعيم الآخرة.
أي تقدمونها علي أمر الآخرة وتبدونها على ما فيه نفعكم وصلاحكم في معاشكم ومعادكم.
قوله تعالى ; بل تؤثرون الحياة الدنيا قراءة العامة بل تؤثرون بالتاء تصديقه قراءة أبي ( بل أنتم تؤثرون ) . وقرأ أبو عمرو ونصر بن عاصم ( بل يؤثرون ) بالياء على الغيبة تقديره ; بل يؤثرون الأشقون الحياة الدنيا . وعلى الأول فيكون تأويلها بل تؤثرون أيها المسلمون الاستكثار من الدنيا ، للاستكثار من الثواب . وعن ابن مسعود أنه قرأ هذه الآية ، فقال ; أتدرون لم آثرنا الحياة الدنيا على الآخرة ؟ لأن الدنيا حضرت وعجلت لنا طيباتها وطعامها وشرابها ، ولذاتها وبهجتها ، والآخرة غيبت عنا ، فأخذنا العاجل ، وتركنا الآجل . وروى ثابت عن أنس قال ; كنا مع أبي موسى في مسير ، والناس يتكلمون ويذكرون الدنيا . قال أبو موسى ; يا أنس ، إن هؤلاء يكاد أحدهم يفري الأديم بلسانه فريا ، فتعال فلنذكر ربنا ساعة . ثم قال ; يا أنس ، ما ثبر الناس ما بطأ بهم ؟ قلت ; الدنيا والشيطان والشهوات . قال ; لا ، ولكن عجلت الدنيا ، وغيبت الآخرة ، أما والله لو عاينوها ما عدلوا ولا ميلوا .
القول في تأويل قوله تعالى ; بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16)وقوله; ( بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا )يقول للناس; بل تؤثرون أيها الناس زينة الحياة الدنيا على الآخرة ( وَالآخِرَةُ خَيْرٌ ) لكم ( وَأَبْقَى ) يقول; وزينة الآخرة خير لكم أيها الناس وأبقى، لأن الحياة الدنيا فانية، والآخرة باقية، لا تنفَدُ ولا تفنى.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ) فاختار الناس العاجلة إلا من عصم الله.
{ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا } أي: تقدمونها على الآخرة، وتختارون نعيمها المنغص المكدر الزائل على الآخرة.
(بل) للإضراب الانتقاليّ عن مقدّر أي أنتم لا تفعلون ذلك بل تؤثرون..
(الواو) حاليّة..
جملة: «تؤثرون ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «الآخرة خير ... » في محلّ نصب حال .