كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ
كَلَّا بَلۡ تُكَذِّبُوۡنَ بِالدِّيۡنِ
تفسير ميسر:
ليس الأمر كما تقولون من أنكم في عبادتكم غير الله مُحِقون، بل تكذِّبون بيوم الحساب والجزاء. وإن عليكم لملائكة رقباء كراما على الله كاتبين لما وُكِّلوا بإحصائه، لا يفوتهم من أعمالكم وأسراركم شيء، يعلمون ما تفعلون من خير أو شر.
أي إنما يحملكم على مواجهة الكريم ومقابلته بالمعاصي تكذيب في قلوبكم بالمعاد والجزاء والحساب.
قوله تعالى ; كلا بل تكذبون بالدين يجوز أن تكون كلا بمعنى حقا و ( ألا ) فيبتدأ بها . ويجوز أن تكون بمعنى ( لا ) ، على أن يكون المعنى ليس الأمر كما تقولون من أنكم في عبادتكم غير الله محقون . يدل على ذلك قوله تعالى ; ما غرك بربك الكريم وكذلك يقول [ ص; 212 ] الفراء ; يصير المعنى ; ليس كما غررت به . وقيل ; أي ليس الأمر كما يقولون ، من أنه لا بعث . وقيل ; هو بمعنى الردع والزجر . أي لا تغتروا بحلم الله وكرمه ، فتتركوا التفكر في آياته . ابن الأنباري ; الوقف الجيد على الدين ، وعلى ركبك ، والوقف على كلا قبيح . بل تكذبون يا أهل مكة بالدين أي بالحساب ، و ( بل ) لنفي شيء تقدم وتحقيق غيره . وإنكارهم للبعث كان معلوما ، وإن لم يجر له ذكر في هذه السورة .
حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله; ( فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ) قال; في أيّ شبه أب أو أم أو خال أو عمّ.حدثنا أبو كُرَيب، قال; ثنا وكيع، عن سفيان، عن إسماعيل، في قوله; ( مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ) قال; إن شاء في صورة كلب، وإن شاء في صورة حمار.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا مهران، عن سفيان، عن إسماعيل، عن أبي صالح ( فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ) قال; خنـزيرا أو حماوا.حدثني يعقوب، قال; ثنا ابن عُلَية، عن أبي رجاء، عن عكرِمة، في قوله; ( فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ) قال; إن شاء في صورة قرد، وإن شاء في صورة خنـزير.حدثني محمد بن سنان القزّاز، قال; ثنا مطهر بن الهيثم، قال; ثنا موسى بن عليّ بن أبي رباح اللَّخمي، قال; ثني أبي، عن جدي، أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال له; " ما وُلِدَ لَك؟" قال; يا رسول الله ما عسَى أن يولد لي، إما غلام، وإما جارية، قال; " فَمَن يُشْبِهُ؟" قال; يا رسول الله من عسى أن يشبه؟ إما أباه، وإما أمه؛ فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم عندها; " مَهْ، لا تَقُولَنَّ هَكَذَا، إنَّ النُّطْفَةَ إذَا اسْتَقَرَّتْ فِي الرَّحِمِ أحْضَرَ اللهُ كُلَّ نَسَبٍ بَيْنَها وَبَينَ آدَمَ، أما قَرأْتَ هَذِهِ الآيَةَ فِي كتاب الله ( فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ ) قال; سَلَكَكَ ".
{ كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ } أي: مع هذا الوعظ والتذكير، لا تزالون مستمرين على التكذيب بالجزاء.
(كلّا) للردع والزجر
(بل) للإضراب الانتقاليّ
(بالدين) متعلّق بـ (تكذّبون) ،
(الواو) حاليّة- أو استئنافيّة-
(عليكم) متعلّق بخبر مقدّم
(اللام) للتوكيد
(حافظين) اسم إنّ منصوبـ (ما) حرف مصدريّ ..
والمصدر المؤوّلـ (ما تفعلون) في محلّ نصب مفعول به.
جملة: «تكذّبون ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «إنّ عليكم لحافظين ... » في محلّ نصب حال من ضمير تكذّبون .
وجملة: «يعلمون ... » في محلّ نصب نعت آخر لحافظين .
وجملة: «تفعلون ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(ما) .