وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ
وَاِذَا الۡعِشَارُ عُطِّلَتۡ
تفسير ميسر:
إذا الشمس لُفَّت وذهب ضَوْءُها، وإذا النجوم تناثرت، فذهب نورها، وإذا الجبال سيِّرت عن وجه الأرض فصارت هباءً منبثًا، وإذا النوق الحوامل تُركت وأهملت، وإذا الحيوانات الوحشية جُمعت واختلطت؛ ليقتصَّ الله من بعضها لبعض، وإذا البحار أوقدت، فصارت على عِظَمها نارًا تتوقد، وإذا النفوس قُرنت بأمثالها ونظائرها، وإذا الطفلة المدفونة حية سُئلت يوم القيامة سؤالَ تطييب لها وتبكيت لوائدها; بأيِّ ذنب كان دفنها؟ وإذا صحف الأعمال عُرضت، وإذا السماء قُلعت وأزيلت من مكانها، وإذا النار أوقدت فأضرِمت، وإذا الجنة دار النعيم قُرِّبت من أهلها المتقين، إذا وقع ذلك، تيقنتْ ووجدتْ كلُّ نفس ما قدَّمت من خير أو شر.
قال عكرمة ومجاهد; عشار الإبل قال مجاهد عطلت تركت وسيبت وقال أبي بن كعب والضحاك أهملها أهلها وقال الربيع بن خيثم لم تحلب ولم تصر تخلي عنها أربابها وقال الضحاك تركت لا راعي لها والمعنى في هذا كله متقارب والمقصود أن العشار من الإبل وهي خيارها والحوامل منها التي قد وصلت في حملها إلى الشهر العاشر - واحدتها عشراء ولا يزال ذلك اسمها حتى تضع - قد أشغل الناس عنها وعن كفالتها والانتفاع بها بعدما كانوا أرغب شيء فيها بما دهمهم من الأمر العظيم المفظع الهائل وهو أمر يوم القيامة وانعقاد أسبابها ووقوع مقدماتها وقيل; بل يكون ذلك يوم القيامة يراها أصحابها كذلك لا سبيل لهم إليها وقد قيل في العشار إنها السحاب تعطل عن المسير بين السماء والأرض لخراب الدنيا وقيل إنها الأرض التي تعشر وقيل إنها الديار التي كانت تسكن تعطلت لذهاب أهلها. حكى هذه الأقوال كلها الإمام أبو عبدالله القرطبي في كتابه التذكرة ورجح أنها الإبل وعزاه إلى أكثر الناس "قلت" لا يعرف عن السلف والأئمة سواه والله أعلم.