إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ
اِذَا الشَّمۡسُ كُوِّرَتۡ
تفسير ميسر:
إذا الشمس لُفَّت وذهب ضَوْءُها، وإذا النجوم تناثرت، فذهب نورها، وإذا الجبال سيِّرت عن وجه الأرض فصارت هباءً منبثًا، وإذا النوق الحوامل تُركت وأهملت، وإذا الحيوانات الوحشية جُمعت واختلطت؛ ليقتصَّ الله من بعضها لبعض، وإذا البحار أوقدت، فصارت على عِظَمها نارًا تتوقد، وإذا النفوس قُرنت بأمثالها ونظائرها، وإذا الطفلة المدفونة حية سُئلت يوم القيامة سؤالَ تطييب لها وتبكيت لوائدها; بأيِّ ذنب كان دفنها؟ وإذا صحف الأعمال عُرضت، وإذا السماء قُلعت وأزيلت من مكانها، وإذا النار أوقدت فأضرِمت، وإذا الجنة دار النعيم قُرِّبت من أهلها المتقين، إذا وقع ذلك، تيقنتْ ووجدتْ كلُّ نفس ما قدَّمت من خير أو شر.
سورة التكوير; قال الإمام أحمد حدثنا عبدالرزاق أخبرنا عبدالله بن بحير القاص أن عبدالرحمن بن يزيد الصنعاني أخبره أنه سمع ابن عمر يقول; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين فليقرأ "إذا الشمس كورت" "وإذا السماء انفطرت" "وإذا السماء انشقت" وهكذا رواه الترمذي عن العباس بن عبدالعظيم العنبري عن عبدالرزاق به. قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس "إذا الشمس كورت" يعني أظلمت وقال العوفي عنه; ذهبت وقال مجاهد اضمحلت وذهبت وكذا قال الضحاك وقال قتادة ذهب ضوءها وقال سعيد بن جبير كورت غورت وقال الربيع بن خثيم كورت يعني رمي بها وقال أبو صالح كورت ألقيت وعنه أيضا نكست وقال زيد بن أسلم تقع في الأرض قال ابن جرير والصواب من القول عندنا في ذلك أن التكوير جمع الشيء بعضه على بعض ومنه تكوير العمامة وجمع الثياب بعضها إلى بعض فمعنى قوله تعالى "كورت" جمع بعضها إلى بعض ثم لفت فرمي بها وإذا فعل بها ذلك ذهب ضوءها وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج وعمرو بن عبدالله الأودي حدثنا أبو أسامة عن مجالد عن شيخ من بجيلة عن ابن عباس "إذا الشمس كورت" قال يكور الله الشمس والقمر والنجوم يوم القيامة في البحر ويبعث الله ريحا دبورا فتضرمها نارا وكذا قال عامر الشعبي ثم قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن ابن يزيد بن أبي مريم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في قول الله "إذا الشمس كورت" قال "كورت فى جهنم" وقال الحافظ أبو يعلى في مسنده حدثنا موسى بن محمد بن حبان حدثنا درست بن زياد حدثنا يزيد الرقاشي حـدثنا أنس قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الشمس والقمر ثوران عقيران في النار". هذا حديث ضعيف لأن يزيد الرقاشي ضعيف والذي رواه البخاري في الصحيح بدون هذه الزيادة ثم قال البخاري حدثنا مسدد حدثنا عبدالعزيز بن المختار حدثنا عبدالله الداناج حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم "الشمس والقمر يكوران يوم القيامة" انفرد به البخاري وهذا لفظه وإنما أخرجه في كتاب بدء الخلق وكان جديرا أن يذكره ههنا أو يكرره كما هي عادته في أمثاله وقد رواه البزار فجود إيراده فقال حدثنا إبراهيم بن زياد البغدادي حدثنا يونس بن محمد حدثنا عبدالعزيز بن المختار عن عبدالله الداناج قال سمعت أبا سلمة بن عبدالرحمن بن خالد بن عبدالله القسري في هذا المسجد مسجد الكوفة وجاء الحسن فجلس إليه فحدث قال حدثنا أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن الشمس والقمر ثوران في النار عقيران يوم القيامة" فقال الحسن وما ذنبهما؟ فقال أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول أحسبه قال وما ذنبهما ثم قال لا يروى عن أبي هريرة إلا من هذا الوجه ولم يرو عبدالله الداناج عن أبي سلمة سوي هذا الحديث.