قوله تعالى ; يوم يفر المرء من أخيه أي يهرب ، أي تجيء الصاخة في هذا اليوم الذي يهرب فيه من أخيه ; أي من موالاة أخيه ومكالمته ; لأنه لا يتفرغ لذلك ، لاشتغاله بنفسه ; كما قال بعده ; لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه أي يشغله عن غيره . وقيل ; إنما يفر حذرا من مطالبتهم إياه ، لما بينهم من التبعات . وقيل ; لئلا يروا ما هو فيه من الشدة . وقيل ; لعلمه أنهم لا ينفعونه ولا يغنون عنه شيئا ; كما قال ; يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا . وقال عبد الله بن طاهر الأبهري ; يفر منهم لما تبين له من عجزهم وقلة حيلتهم ، إلى من يملك كشف تلك الكروب والهموم عنه ، ولو ظهر له ذلك في الدنيا لما اعتمد شيئا سوى ربه تعالى . وصاحبته أي زوجته وبنيه أي أولاده .وذكر الضحاك عن ابن عباس قال ; يفر قابيل من أخيه هابيل ، ويفر النبي - صلى الله عليه وسلم - من أمه ، وإبراهيم - عليه السلام - من أبيه ، ونوح - عليه السلام - من ابنه ، ولوط من امرأته ، وآدم من سوأة بنيه . وقال الحسن ; أول من يفر يوم القيامة من أبيه ; إبراهيم ، وأول من يفر من ابنه نوح ; وأول من يفر من امرأته لوط . قال ; فيرون أن هذه الآية نزلت فيهم وهذا فرار التبرؤ .