فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِىَ الْمَأْوٰى
فَاِنَّ الۡجَـنَّةَ هِىَ الۡمَاۡوٰىؕ
تفسير ميسر:
وأمَّا مَنْ خاف القيام بين يدي الله للحساب، ونهى النفس عن الأهواء الفاسدة، فإن الجنة هي مسكنه.
أي منقلبه ومصيره ومرجعه إلى الجنة الفيحاء.
فإن الجنة هي المأوى أي المنزل . والآيتان نزلتا في مصعب بن عمير وأخيه عامر بن عمير ; فروى الضحاك عن ابن عباس قال ; أما من طغى فهو أخ لمصعب بن عمير أسر يوم بدر ، فأخذته الأنصار فقالوا ; من أنت ؟ قال ; أنا أخو مصعب بن عمير ، فلم يشدوه في الوثاق ، وأكرموه وبيتوه عندهم ، فلما أصبحوا حدثوا مصعب بن عمير حديثه ; فقال ; ما هو لي بأخ ، شدوا أسيركم ، فإن أمه أكثر أهل البطحاء حليا ومالا . فأوثقوه حتى بعثت أمه في فدائه .وأما من خاف مقام ربه فمصعب بن عمير ، وقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسه يوم أحد حين تفرق الناس عنه ، حتى نفذت المشاقص في جوفه . وهي السهام ، فلما رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متشحطا في دمه قال ; " عند الله أحتسبك " وقال لأصحابه ; " لقد رأيته وعليه بردان ما تعرف قيمتهما وإن شراك نعليه من ذهب " . وقيل ; إن مصعب بن عمير قتل أخاه عامرا يوم بدر .وعن ابن عباس أيضا قال ; نزلت هذه الآية في رجلين ; أبي جهل بن هشام المخزومي ومصعب بن عمير العبدري . وقال السدي ; نزلت هذه الآية وأما من خاف مقام ربه في أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - . وذلك أن أبا بكر كان له غلام يأتيه بطعام ، وكان يسأله من أين أتيت بهذا ، فأتاه يوما بطعام فلم يسأل وأكله ، فقال له غلامه ; لم لا تسألني اليوم ؟ فقال ; نسيت ، فمن أين لك هذا الطعام . فقال ; تكهنت لقوم في الجاهلية فأعطونيه . فتقايأه من ساعته وقال ; يا رب ما بقي في العروق فأنت حبسته فنزلت ; وأما من خاف مقام ربه . وقال الكلبي ; نزلت في من هم بمعصية وقدر عليها في خلوة ثم تركها من خوف الله . ونحوه عن ابن عباس . يعني من خاف عند المعصية مقامه بين يدي الله ، فانتهى عنها . والله أعلم .
( فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ) يقول; فإن الجنة هي مأواه ومنـزله يوم القيامة.وقد ذكرنا أقوال أهل التأويل في معنى قوله; وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
{ فَإِنَّ الْجَنَّةَ } [المشتملة على كل خير وسرور ونعيم] { هِيَ الْمَأْوَى } لمن هذا وصفه.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة