قوله تعالى ; إن هذا كان لكم جزاء أي يقال لهم ; إنما هذا جزاء لكم أي ثواب . وكان سعيكم أي عملكم مشكورا أي من قبل الله ، وشكره للعبد قبول طاعته ، وثناؤه عليه ، وإثابته إياه . وروى سعيد عن قتادة قال ; غفر لهم الذنب وشكر لهم الحسنى . وقال مجاهد ; مشكورا أي مقبولا والمعنى متقارب ; فإنه سبحانه إذا قبل العمل شكره ، فإذا شكره أثاب عليه بالجزيل ; إذ هو سبحانه ذو الفضل العظيم . روي عن ابن عمر ; أن رجلا حبشيا قال ; يا رسول الله ! فضلتم علينا بالصور والألوان والنبوة ، أفرأيت إن آمنت بما آمنت به ، وعملت بما عملت ، أكائن أنا معك في الجنة ؟ قال ; " نعم والذي نفسي بيده إنه ليرى بياض الأسود في الجنة وضياؤه من مسيرة ألف عام " ثم قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ; " من قال لا إله إلا الله كان له بها عند الله عهد ، ومن قال سبحان الله والحمد لله كان له بها عند الله مائة ألف حسنة وأربعة وعشرون ألف حسنة " ، فقال الرجل ; كيف نهلك بعدها يا رسول الله ؟ فقال ; " إن الرجل ليأتي يوم القيامة بالعمل لو وضعه على جبل لأثقله . فتجيء النعمة من نعم الله فتكاد أن تستنفد ذلك كله إلا أن يلطف الله برحمته " .قال ; ثم نزلت هل أتى على الإنسان حين من الدهر إلى قوله ; وملكا كبيرا قال الحبشي ; يا رسول الله ! وإن عيني لترى ما ترى عيناك في الجنة ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ; " نعم " فبكى الحبشي حتى فاضت نفسه . وقال ابن عمر ; فلقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدليه في حفرته ويقول ; إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا قلنا ; [ ص; 130 ] يا رسول الله وما هو ؟ قال ; " والذي نفسي بيده لقد أوقفه الله ثم قال أي عبدي لأبيضن وجهك ولأبوئنك من الجنة حيث شئت ، فنعم أجر العاملين " .