السَّمَآءُ مُنفَطِرٌۢ بِهِۦ ۚ كَانَ وَعْدُهُۥ مَفْعُولًا
اۨلسَّمَآءُ مُنۡفَطِرٌ ۢ بِهٖؕ كَانَ وَعۡدُهٗ مَفۡعُوۡلًا
تفسير ميسر:
السماء متصدعة في ذلك اليوم؛ لشدة هوله، كان وعد الله تعالى بمجيء ذلك اليوم واقعًا لا محالة.
قال الحسن وقتادة أي بسببه من شدته وهوله ومنهم من يعيد الضمير على الله تعالى وروي عن ابن عباس ومجاهد وليس بقوي لأنه لم يجر له ذكر ههنا قوله تعالى "كان وعده مفعولا" أي كان وعد هذا اليوم مفعولا أي واقعا لا محاله وكائنا لا محيد عنه.
قوله تعالى ; السماء منفطر به أي متشققة لشدته . ومعنى ( به ) أي فيه ; أي في ذلك اليوم لهوله . هذا أحسن ما قيل فيه . ويقال ; مثقلة به إثقالا يؤدي إلى انفطارها لعظمته عليها وخشيتها من وقوعه ، كقوله تعالى ; ثقلت في السماوات والأرض . وقيل ; به أي له ، أي لذلك اليوم ; يقال ; فعلت كذا بحرمتك ولحرمتك ، والباء واللام وفي متقاربة في مثل هذا الموضع ; قال الله تعالى ; ونضع الموازين القسط ليوم القيامة أي في يوم القيامة . وقيل ; به أي بالأمر أي السماء منفطر بما يجعل الولدان شيبا . وقيل ; منفطر بالله ، أي بأمره ، وقال أبو عمرو بن العلاء ; لم يقل منفطرة ; لأن مجازها السقف ; تقول ; هذا سماء البيت ; قال الشاعر ;[ ص; 48 ] فلو رفع السماء إليه قوما لحقنا بالسماء وبالسحابوفي التنزيل ; وجعلنا السماء سقفا محفوظا . وقال الفراء ; السماء يذكر ويؤنث . وقال أبو علي ; هو من باب الجراد المنتشر ، والشجر الأخضر ، و ( أعجاز نخل منقعر ) . وقال أبو علي أيضا ; أي السماء ذات انفطار ; كقولهم ; امرأة مرضع ، أي ذات إرضاع ، فجرى على طريق النسب . كان وعده أي بالقيامة والحساب والجزاء مفعولا كائنا لا شك فيه ولا خلف . وقال مقاتل ; كان وعده بأن يظهر دينه على الدين كله .
وقوله; ( السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ ) يقول تعالى ذكره; السماء مثقلة بذلك اليوم متصدّعة متشققة.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله; ( السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ ) يعني; تشقَّق السماء حين ينـزل الرحمن جلّ وعزّ.حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله; ( مُنْفَطِرٌ بِهِ ) قال; مثقلة به.حدثنا أبو حفص الحيري، قال; ثنا مؤمل، قال; ثنا أبو مودود، عن الحسن، في قوله; ( السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ ) قال; مثقلة محزونة يوم القيامة.حدثني عليّ بن سهل، قال; ثنا مؤمل، قال; ثنا أبو مودود بحر بن موسى، قال; سمعت ابن أبي عليّ يقول في هذه الآية، ثم ذكر نحوه.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا يحيى بن واضح، قال; ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرِمة ( السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ ) قال; مثقلة به.حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال; ثنا ابن علية، قال; ثنا أبو رجاء، عن الحسن، في قوله; ( السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ ) قال; موقرة مثقلة.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ ) يقول; مثقل به ذلك اليوم.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله; ( السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ ) قال; هذا يوم القيامة، فجعل الولدان شيبا، ويوم تنفطر السماء، وقرأ; إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ وقال; هذا كله يوم القيامة.حدثنا أبو كريب، قال; ثنا وكيع، عن سفيان، عن جابر، عن عبد الله بن يحيى، عن عكرمة، عن ابن عباس ( السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ ) قال; ممتلئة به، بلسان الحبشة.حدثنا مهران، عن سفيان، عن جابر، عن عكرِمة، ولم يسمعه عن ابن عباس ( السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ ) قال; ممتلئة به.وذُكرت السماء في هذا الموضع لأن العرب تذكرها وتؤنثها، فمن ذكرها وجهها إلى السقف، كما يقال; هذا سماء البيت; لسقفه. وقد يجوز أن يكون تذكيرهم إياها لأنها من الأسماء التي لا فصل فيها بين مؤنثها ومذكرها؛ ومن التذكير قول الشاعر;فَلَــوْ رَفَــعَ السَّـمَاء إلَيْـهِ قَوْمـالحَقْنــا بالسَّــماءِ مَــعَ السَّــحابِ (4)وقوله; ( كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولا ) يقول تعالى ذكره; كان ما وعد الله من أمر أن يفعله مفعولا لأنه لا يخلف وعده، وما وعد أن يفعله تكوينه يوم تكون الولدان شيبا يقول; فاحذروا ذلك اليوم أيها الناس، فإنه كائن لا محالة.------------------------الهوامش;(4) البيت من شواهد الفراء في معاني القرآن (الورقة 346) قال; وقوله; ( السماء منفطر به ) بذلك اليوم.والسماء تذكر وتؤنث، فهي هاهنا في وجه التذكير؛ قال الشاعر; "ولو رفع السماء.." البيت. وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن (الورقة 181) ; ( السماء منفطر به ) قال أبو عمرو; ألقى الهاء؛ لأن مجازها السقف، تقول; هذا سماء البيت. وقال قوم; قد تلقى العرب من المؤنث الهاءات استغناء عنها، يقال; مهرة ضامر، وامرأة طالق، والمعنى; منفطرة.
فتتفطر به السماء وتنتثر به نجومها { كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا } أي: لا بد من وقوعه، ولا حائل دونه.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة