يٰبَنِىٓ ءَادَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ ءَايٰتِى ۙ فَمَنِ اتَّقٰى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
يٰبَنِىۡۤ اٰدَمَ اِمَّا يَاۡتِيَنَّكُمۡ رُسُلٌ مِّنۡكُمۡ يَقُصُّوۡنَ عَلَيۡكُمۡ اٰيٰتِىۡۙ فَمَنِ اتَّقٰى وَاَصۡلَحَ فَلَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُوۡنَ
تفسير ميسر:
يا بني آدم إذا جاءكم رسلي من أقوامكم، يتلون عليكم آيات كتابي، ويبينون لكم البراهين على صدق ما جاؤوكم به فأطيعوهم، فإنه من اتقى سخطي وأصلح عمله فلا خوف عليهم يوم القيامة من عقاب الله تعالى، ولا ههم يحزنون على ما فاتهم من حظوظ الدنيا.
أنذر تعالى بني آدم أنه سيبعث إليهم رسلا يقصون عليهم آياته وبشر وحذر فقال "فمن اتقى وأصلح" أي ترك المحرمات وفعل الطاعات "فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون".
قوله ; يابني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها أولئك أصحاب النار هم فيها خالدونقوله تعالى يابني آدم إما يأتينكم رسل منكم شرط . ودخلت النون توكيدا لدخول ما . وقيل ; " ما " صلة ، أي إن يأتكم . أخبر أنه يرسل إليهم الرسل منهم لتكون إجابتهم أقرب . والقصص إتباع الحديث بعضه بعضا .آياتي أي فرائضي وأحكامي .فمن اتقى وأصلح شرط وما بعده جوابه ، وهو جواب الأول . أي وأصلح منكم ما بيني وبينه .فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون دليل على أن المؤمنين يوم القيامة لا يخافون ولا يحزنون ، ولا يلحقهم رعب ولا فزع . وقيل ; قد يلحقهم أهوال يوم القيامة ، ولكن مآلهم الأمن . وقيل ; جواب إما يأتينكم ما دل عليه الكلام ، أي فأطيعوهم فمن اتقى وأصلح والقول الأول قول الزجاج .
القول في تأويل قوله ; يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (35)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره معرِّفًا خلقه ما أعدَّ لحزبه وأهل طاعته والإيمان به وبرسوله, وما أعدّ لحزب الشيطان وأوليائه والكافرين به وبرسله; (يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم)، يقول; إن يجئكم رسلي الذين أرسلهم إليكم بدعائكم إلى طاعتي، والانتهاء إلى أمري ونهيي =" منكم ", يعني; من أنفسكم, ومن عشائركم وقبائلكم =(يقصون عليكم آياتي)، يقول; يتلون عليكم آيات كتابي, ويعرّفونكم أدلتي وأعلامي على صدق ما جاؤوكم به من عندي, وحقيقة ما دعوكم إليه من توحيدي (38) =(فمن اتقى وأصلح)، يقول; فمن آمن منكم بما أتاه به رُسلي مما قص عليه من آياتي وصدَّق، واتقى الله فخافه بالعمل بما أمره به والانتهاء عما نهاه عنه على لسان رسوله =(وأصلح)، يقول; وأصلح أعماله التي كان لها مفسدًا قبل ذلك من معاصي الله بالتحوُّب منها (39) =(فلا خوف عليهم)، يقول; فلا خوف عليهم يوم القيامة من عقاب الله إذا وردوا عليه =(ولا هم يحزنون) ، على ما فاتهم من دنياهم التي تركوها, وشهواتهم التي تجنَّبوها, اتباعًا منهم لنهي الله عنها، إذا عاينوا من كرامة الله ما عاينوا هنالك. (40)14554- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا هشام أبو عبد الله قال، حدثنا هياج قال، حدثنا عبد الرحمن بن زياد, عن أبي سيّار السُّلَمي قال، إن الله جعل آدم وذريته في كفّه فقال; (يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي فمن اتقى وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون)، ثم نظر إلى الرسل فقال; يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ [سورة المؤمنون; 51-52]، ثم بَثَّهم. (41)* * *فإن قال قائل; ما جواب قوله; (إما يأتينكم رسل منكم)؟قيل; قد اختلف أهل العربية في ذلك.فقال بعضهم في ذلك; الجوابُ مضمرٌ, يدل عليه ما ظهر من الكلام, وذلك قوله; (فمن اتقى وأصلح). وذلك لأنه حين قال; (فمن اتقى وأصلح)، كأنه قال; فأطيعوهم.* * *وقال آخرون منهم; الجواب; " فمن اتقى ", لأن معناه; فمن اتقى منكم وأصلح. قال; ويدل على أنّ ذلك كذلك, تبعيضه الكلام, فكان في التبعيض اكتفاء من ذكر " منكم ".------------------الهوامش ;(38) انظر تفسير (( قص )) فيما سلف ص ; 120 ، 307= وتفسير (( آية )) فيما سلف من فهارس اللغة ( أيي ) .(39) (( تحوب من إثمه )) ، أي ; تأثيم منه ، أي ; ترك الإثم وتوقاه .= وانظر تفسير (( أصلح )) فيما سلف من فهارس اللغة ( صلح ) .(40) انظر تفسير (( لا خوف عليهم ولا هم يحزنون )) في نظائرها فيما سلف ( خوف ) ( حزن ) من فهارس اللغة .(41) الأثر ; 14554 - هذا إسناد مبهم لم أستطع تفسيره .(( أبو سيار السلمي )) لم أعرف من يكون ، فمن أجل ذلك لم أستطع أن أميز من يكون ; (( عبد الرحمن بن زياد )) ، ولا (( هياج )) .والأثر ، ذكره السيوطي في الدر المنثور 3 ; 82 ، ولم ينسبه لغير ابن جرير .
لما أخرج اللّه بني آدم من الجنة، ابتلاهم بإرسال الرسل وإنزال الكتب عليهم يقصون عليهم آيات اللّه ويبينون لهم أحكامه، ثم ذكر فضل من استجاب لهم، وخسار من لم يستجب لهم فقال: { فَمَنِ اتَّقَى } ما حرم اللّه، من الشرك والكبائر والصغائر، { وَأَصْلَحَ } أعماله الظاهرة والباطنة { فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } من الشر الذي قد يخافه غيرهم { وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ } على ما مضى، وإذا انتفى الخوف والحزن حصل الأمن التام، والسعادة، والفلاح الأبدي.
(يا بني آدم) مرّ إعرابها ،
(إن) حرف شرط جازم
(ما) حرف زائد
(يأتين) مضارع مبني على الفتح في محلّ جزم فعل الشرط ... و (النون) للتوكيد و (كم) ضمير مفعول به
(رسل) فاعل مرفوع
(من) حرف جر و (كم) ضمير في محلّ جر متعلّق بمحذوف نعت لرسلـ (يقصون) مضارع مرفوع وعلامة الرفع ثبوت النون ... والواو فاعلـ (عليكم) مثل منكم متعلّق بـ (يقصون) ،
(آيات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة المقدرة على ما قبل الياء ... و (الياء) ضمير مضاف إليه
(الفاء) رابطة لجواب الشرط الأولـ (من) اسم شرط جازم مبني في محلّ رفع مبتدأ
(اتقى) فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الواو) عاطفة
(أصلح) في محلّ جزم معطوف على
(اتقى) فعل الشرط
(الفاء) رابطة لجواب الشرط الثاني
(لا) حرف للنفي مهمل ،
(خوف) مبتدأ مرفوع ،
(عليهم) مثل منكم متعلّق بمحذوف خبر
(الواو) عاطفة
(لا) حرف زائد لتأكيد النفي(هم) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ
(يحزنون) مثل يقصون.جملة النداء وجوابها ... لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «يأتينكم رسل....» لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «يقصون....» في محلّ رفع نعت ثان لرسل .
وجملة «من اتقى....» في محلّ جزم جواب الشرط إن مقترنة بالفاء.
وجملة «اتقى....» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(من) .
وجملة «أصلح) في محلّ رفع معطوفة على جملة اتقى.
وجملة «لا خوف عليهم» في محلّ جزم جواب الشرط
(من) مقترنة بالفاء.
وجملة «هم يحزنون» في محلّ جزم معطوفة على جملة الجواب الثاني.
وجملة «يحزنون» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(هم) .
(36)
(الواو) عاطفة
(الذين) اسم موصول مبني في محلّ رفع مبتدأ
(كذّبوا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعلـ (بآيات) جار ومجرور متعلق بـ (كذّبوا) ، و (نا) ضمير مضاف إليه
(الواو) عاطفة
(استكبروا) مثل كذبوا
(عن) حرف جر و (ها) ضمير في محلّ جر متعلق بـ (استكبروا) بتضمينه معنى ابتعدوا
(أولاء) اسم إشارة مبني في محلّ رفع مبتدأ ، و (الكاف) حرف خطابـ (أصحاب) خبر مرفوع
(النار) مضاف إليه مجرور
(هم) ضمير منفصل مبني في محلّ رفع مبتدأ
(فيها) مثل عنها متعلّق بـ (خالدون) وهو خبر المبتدأ هم مرفوع.وجملة «الذين كذّبوا....» في محلّ جزم معطوفة على جملة من اتقى.
وجملة «كذّبوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة «استكبروا عنها» لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة «أولئك أصحاب....» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(الذين) .
وجملة «هم فيها خالدون» في محلّ نصب حال من أصحاب، والعامل فيها معنى الإشارة.
(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدر
(من) اسم استفهام مبني في محلّ رفع مبتدأ
(أظلم) خبر مرفوع
(من) حرف جر
(من) اسم موصول مبني في محلّ جر متعلق بأظلم
(افترى) مثل اتقى
(على الله) جار ومجرور متعلق بـ (افترى) ،
(كذبا) مفعول به منصوب ،
(أو) حرف عطف
(كذّب) فعل ماض والفاعل هو (بآيات) مثل الأول متعلق بـ (كذب) ، و (الهاء) ضمير مضاف إليه
(أولئك) مثل الأولـ (ينال) مضارع مرفوع و (هم) ضمير مفعول به
(نصيب) فاعل مرفوع و (هم) مضاف إليه
(من الكتاب) جار ومجرور متعلق بحال من نصيبـ (حتى) حرف ابتداء
(إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمن معنى الشرط في محلّ نصب متعلق بـ (قالوا) ،
(جاءت) فعل ماض ... و (التاء) للتأنيث و (هم) ضمير مفعول به
(رسل) فاعل مرفوع و (نا) ضمير مضاف إليه
(يتوفون) مضارع مرفوع ... والواو فاعلـ (هم) مثل السابق
(قالوا) مثل كذّبوا
(أين) اسم استفهام مبني في محلّ نصب على الظرفية المكانية متعلّق بمحذوف خبرمقدم
(ما) اسم موصول مبني في محلّ رفع مبتدأ مؤخر
(كنتم) فعل ماض ناقص- ناسخ- مبني على السكون ... و (تم) ضمير اسم كان
(تدعون) مثل يقصون
(من دون) جار ومجرور متعلّق بحال من العائد المحذوف أي تدعونه من دون الله
(الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور
(قالوا) مثل كذّبوا وكذلك
(ضلّوا) ،
(عنّا) مثل عنها متعلّق بـ (ضلّوا) .
(الواو) استئنافية
(شهدوا) مثل كذبوا
(على أنفس) جار ومجرور متعلّق بـ (شهدوا) و (هم) ضمير مضاف إليه
(أنّ) حرف مشبه بالفعل- ناسخ- و (هم) ضمير في محلّ نصب اسم أن
(كانوا) مثل كنتم
(كافرين) خبر كان منصوب وعلامة النصب الياء.
والمصدر المؤوّلـ (أنهم كانوا كافرين) في محلّ جر بحرف جر محذوف متعلّق بـ (شهدوا) أي شهدوا على أنفسهم بكونهم كافرين أو بكفرهم.
جملة «جاءتهم رسلنا ... » في محلّ جر مضاف إليه.
وجملة «يتوفونهم» في محلّ نصب حال من رسلنا.
وجملة «قالوا ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «أين ما كنتم ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «كنتم تدعون ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة «تدعون ... » في محلّ نصب خبر كنتم.
وجملة «قالوا ... » لا محلّ لها استئناف بياني.
وجملة «ضلوا عنا ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «شهدوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «كانوا ... » في محلّ رفع خبر أنّ.