يٰبَنِىٓ ءَادَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوٰرِى سَوْءٰتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوٰى ذٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذٰلِكَ مِنْ ءَايٰتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ
يٰبَنِىۡۤ اٰدَمَ قَدۡ اَنۡزَلۡنَا عَلَيۡكُمۡ لِبَاسًا يُّوَارِىۡ سَوۡاٰتِكُمۡ وَرِيۡشًا ؕ وَلِبَاسُ التَّقۡوٰى ۙ ذٰ لِكَ خَيۡرٌ ؕ ذٰ لِكَ مِنۡ اٰيٰتِ اللّٰهِ لَعَلَّهُمۡ يَذَّكَّرُوۡنَ
تفسير ميسر:
يا بني آدم قد جعلنا لكم لباسًا يستر عوراتكم، وهو لباس الضرورة، ولباسًا للزينة والتجمل، وهو من الكمال والتنعم. ولباسُ تقوى الله تعالى بفعل الأوامر واجتناب النواهي هو خير لباس للمؤمن. ذلك الذي مَنَّ الله به عليكم من الدلائل على ربوبية الله تعالى ووحدانيته وفضله ورحمته بعباده؛ لكي تتذكروا هذه النعم، فتشكروا لله عليها. وفي ذلك امتنان من الله تعالى على خَلْقه بهذه النعم.
يمتن تعالى على عباده بما جعل لهم من اللباس والريش فاللباس ستر العورات وهي السماوات والرياش والريش ما يتجمل به ظاهرا فالأول من الضروريات والريش من التكملات والزيادات قال ابن جرير الرياش في كلام العرب الأثاث وما ظهر من الثياب وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وحكاه البخاري عنه الرياش المال. وهكذا قال مجاهد وعروة بن الزبير والسدي والضحاك وغير واحد وقال العوفي عن ابن عباس الريش اللباس والعيش والنعيم وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم الرياش الجمال وقال الإمام أحمد حدثنا يزيد بن هارون حدثنا أصبغ عن أبي العلاء الشامي قال لبس أبو أمامة ثوبا جديدا فلما بلغ ترقوته قال الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي وأتجمل به في حياتي ثم قال سمعت عمر بن الخطاب يقول قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من استجد ثوبا فلبسه فقال حين يبلغ ترقوته الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي وأتجمل به في حياتي ثم عمد إلى الثوب الخلق فتصدق به كان في ذمة الله وفي جوار الله وفي كنف الله حيا وميتا". رواه الترمذي وابن ماجه من رواية يزيد بن هارون عن أصبغ هو ابن زيد الجهني وقد وثقه يحيى بن معين وغيره وشيخه أبو العلاء الشامي لا يعرف إلا بهذا الحديث ولكن لم يخرجه أحد والله أعلم وقال الإمام أحمد أيضا حدثنا محمد بن عبيد حدثنا مختار بن نافع التمار عن أبي مطر أنه رأى عليا رضي الله عنه أتى غلاما حدثا فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم ولبسه ما بين الرسغين إلى الكعبين يقول حين لبسه الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمل به في الناس وأواري به عورتي فقيل هذا شيء ترويه عن نفسك أو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند الكسوة "الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمل به في الناس وأواري به عورتي ". رواه الإمام أحمد وقوله تعالى "ولباس التقوى ذلك خير" قرأ بعضهم ولباس التقوى بالنصب وقرأ الآخرون بالرفع على الابتداء وذلك خير خبره واختلف المفسرون في معناه فقال عكرمة يقال هو ما يلبسه المتقوم يوم القيامة رواه ابن أبي حاتم وقال زيد بن علي والسدي وقتادة وابن جريج ولباس التقوى الإيمان وقال العوفي عن ابن عباس العمل الصالح قال الديال بن عمرو عن ابن عباس هو السمت الحسن في الوجه وعن عروة بن الزبير لباس التقوى خشية الله وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ولباس التقوى يتقي الله فيواري عورته فذاك لباس التقوى وكلها متقاربة ويؤيد ذلك الحديث الذي رواه ابن جرير حيث قال حدثني المثنى حدثنا إسحاق بن الحجاج حدثني إسحاق بن إسماعيل عن سليمان بن أرقم عن الحسن قال; رأيت عثمان بن عفان رضي الله عنه على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه قميص فوهي محلول الزر وسمعته يأمر بقتل الكلاب وينهى عن اللعب بالحمام ثم قال يا أيها الناس اتقوا الله في هذه السرائر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "والذي نفس محمد بيده ما أسر أحد سريرة إلا ألبسه الله رداءها علانية إن خيرا فخير وإن شرا فشر". ثم قرأ هذه الآية "وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله" قال السمت الحسن. هكذا رواه ابن جرير من رواية سليمان بن أرقم وفيه ضعف وقد روى الأئمة الشافعي وأحمد والبخاري في كتاب الأدب من طرق صحيحة عن الحسن البصري أنه سمع أمير المؤمنين عثمان بن عفان يأمر بقتل الكلاب وذبح الحمام يوم الجمعة على المنبر وأما المرفوع منه فقد روى الحافظ أبو القاسم الطبراني في معجمه الكبير له شاهدا من وجه آخر حيث قال حدثنا.
قوله تعالى يابني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير ذلك من آيات الله لعلهم يذكرونفيه أربع مسائل ;الأولى ; قوله تعالى يابني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم قال كثير من العلماء ; هذه الآية دليل على وجوب ستر العورة ; لأنه قال ; يواري سوآتكم وقال قوم ; إنه ليس فيها دليل على ما ذكروه ، بل فيها دلالة على الإنعام فقط . قلت ; القول الأول أصح . ومن جملة الإنعام ستر العورة ; فبين أنه سبحانه وتعالى جعل [ ص; 164 ] لذريته ما يسترون به عوراتهم ، ودل على الأمر بالستر . ولا خلاف بين العلماء في وجوب ستر العورة عن أعين الناس . واختلفوا في العورة ما هي ؟ فقال ابن أبي ذئب ; هي من الرجل الفرج نفسه ، القبل والدبر دون غيرهما . وهو قول داود وأهل الظاهر وابن أبي عبلة والطبري ; لقوله تعالى ; لباسا يواري سوآتكم ، بدت لهما سوآتهما ، ليريهما سوآتهما . وفي البخاري عن أنس ; فأجرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في زقاق خيبر . وفيه ; ثم حسر الإزار عن فخذه حتى إني أنظر إلى بياض فخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم . وقال مالك ; السرة ليست بعورة ، وأكره للرجل أن يكشف فخذه بحضرة زوجته . وقال أبو حنيفة ; الركبة عورة . وهو قول عطاء . وقال الشافعي ; ليست السرة ولا الركبتان من العورة على الصحيح . وحكى أبو حامد الترمذي أن للشافعي في السرة قولين . وحجة مالك قوله عليه السلام لجرهد ; غط فخذك فإن الفخذ عورة . خرجه البخاري تعليقا وقال ; حديث أنس أسند ، وحديث جرهد أحوط حتى يخرج من اختلافهم . وحديث جرهد هذا يدل على خلاف ما قال أبو حنيفة . وروي أن أبا هريرة قبل سرة الحسن بن علي وقال ; أقبل منك ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل منك . فلو كانت السرة عورة ما قبلها أبو هريرة ، ولا مكنه الحسن منها . وأما المرأة الحرة فعورة كلها إلا الوجه والكفين . على هذا أكثر أهل العلم . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ; من أراد أن يتزوج امرأة فلينظر إلى وجهها وكفيها . ولأن ذلك واجب كشفه في الإحرام . وقال أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ; كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها . وروي عن أحمد بن حنبل نحوه . وأما أم الولد فقال الأثرم ; سمعته - يعني أحمد بن حنبل - يسأل عن أم الولد كيف تصلي ؟ فقال ; تغطي رأسها وقدميها ; لأنها لا تباع ، وتصلي كما تصلي الحرة . وأما الأمة فالعورة منها ما تحت ثدييها ، ولها أن تبدي رأسها ومعصميها . وقيل ; حكمها حكم الرجل . وقيل ; يكره لها كشف رأسها وصدرها . وكان عمر رضي الله عنه يضرب الإماء على تغطيتهن رءوسهن ويقول ; لا تشبهن بالحرائر . وقال أصبغ ; إن انكشف فخذها أعادت الصلاة في الوقت . وقال أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ; كل شيء من الأمة عورة حتى ظفرها . وهذا خارج [ ص; 165 ] عن أقوال الفقهاء ; لإجماعهم على أن المرأة الحرة لها أن تصلي المكتوبة ويداها ووجهها مكشوف ذلك كله ، تباشر الأرض به . فالأمة أولى ، وأم الولد أغلظ حالا من الأمة . والصبي الصغير لا حرمة لعورته . فإذا بلغت الجارية إلى حد تأخذها العين وتشتهى سترت عورتها . وحجة أبي بكر بن عبد الرحمن قوله تعالى ; يأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن . وحديث أم سلمة أنها سئلت ; ماذا تصلي فيه المرأة من الثياب ؟ فقالت ; تصلي في الدرع والخمار السابغ الذي يغيب ظهور قدميها . وقد روي مرفوعا . والذين أوقفوه على أم سلمة أكثر وأحفظ ; منهم مالك وابن إسحاق وغيرهما . قال أبو داود ; ورفعه عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن محمد بن زيد عن أمه عن أم سلمة أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال أبو عمر ; عبد الرحمن هذا ضعيف عندهم ; إلا أنه قد خرج البخاري بعض حديثه . والإجماع في هذا الباب أقوى من الخبر .الثانية ; قوله تعالى ; أنزلنا عليكم لباسا يعني المطر الذي ينبت القطن والكتان ، ويقيم البهائم الذي منها الأصواف والأوبار والأشعار ; فهو مجاز مثل وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج على ما يأتي . وقيل ; هذا الإنزال إنزال شيء من اللباس مع آدم وحواء ، ليكون مثالا لغيره . وقال سعيد بن جبير ; أنزلنا عليكم أي خلقنا لكم ; كقوله ; وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج أي خلق . على ما يأتي . وقيل ; ألهمناكم كيفية صنعته .الثالثة ; قوله تعالى ; وريشا قرأ أبو عبد الرحمن والحسن وعاصم من رواية المفضل الضبي ، وأبو عمرو من رواية الحسين بن علي الجعفي ( ورياشا ) . ولم يحكه أبو عبيد إلا عن الحسن ، ولم يفسر معناه . وهو جمع ريش . وهو ما كان من المال واللباس . وقال الفراء ; ريش ورياش ، كما يقال ; لبس ولباس . وريش الطائر ما ستره الله به . وقيل ; هو الخصب ورفاهية العيش . والذي عليه أكثر أهل اللغة أن الريش ما ستر من لباس أو معيشة . وأنشد سيبويه ;فريشي منكم وهواي معكموإن كانت زيارتكم لماما[ ص; 166 ] وحكى أبو حاتم عن أبي عبيدة ; وهبت له دابة بريشها ; أي بكسوتها وما عليها من اللباس .الرابعة ; قوله تعالى وريشا ولباس التقوى ذلك خير بين أن التقوى خير لباس ; كما قال ;إذا المرء لم يلبس ثيابا من التقىتقلب عريانا وإن كان كاسياوخير لباس المرء طاعة ربهولا خير فيمن كان لله عاصياوروى قاسم بن مالك عن عوف عن معبد الجهني قال ; لباس التقوى الحياء . وقال ابن عباس ; لباس التقوى هو العمل الصالح . وعنه أيضا ; السمت الحسن في الوجه . وقيل ; ما علمه عز وجل وهدى به . وقيل ; لباس التقوى لبس الصوف والخشن من الثياب ، مما يتواضع به لله تعالى ويتعبد له خير من غيره . وقال زيد بن علي ; لباس التقوى الدرع والمغفر ; والساعدان ، والساقان ، يتقى بهما في الحرب . وقال عروة بن الزبير ; هو الخشية لله . وقيل ; هو استشعار تقوى الله تعالى فيما أمر به ونهى عنه . قلت ; وهو الصحيح ، وإليه يرجع قول ابن عباس وعروة . وقول زيد بن علي حسن ، فإنه حض على الجهاد . وقال ابن زيد ; هو ستر العورة . وهذا فيه تكرار ، إذ قال أولا ; قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم . ومن قال ; إنه لبس الخشن من الثياب فإنه أقرب إلى التواضع وترك الرعونات فدعوى ; فقد كان الفضلاء من العلماء يلبسون الرفيع من الثياب مع حصول التقوى ، على ما يأتي مبينا إن شاء الله تعالى . وقرأ أهل المدينة والكسائي ( لباس ) بالنصب عطفا على لباسا الأول . وقيل ; انتصب بفعل مضمر ; أي وأنزلنا لباس التقوى . والباقون بالرفع على الابتداء . و ذلك نعته و خير خبر الابتداء . والمعنى ; ولباس التقوى المشار إليه ، الذي علمتموه ، خير لكم من لباس الثياب التي تواري سوآتكم ، ومن الرياش الذي أنزلنا إليكم ; فالبسوه . وقيل ; ارتفع بإضمار ; " هو " أي وهو لباس التقوى ; أي هو ستر العورة . وعليه يخرج قول ابن زيد . وقيل ; المعنى ولباس التقوى هو خير ; ف ذلك بمعنى هو . والإعراب الأول أحسن ما قيل فيه . وقرأ الأعمش ( ولباس التقوى خير ) ولم يقرأ ذلك وهو خلاف المصحف .ذلك من آيات الله أي مما يدل على أن له خالقا . و ذلك رفع على الصفة ، أو على البدل ، أو عطف بيان .
القول في تأويل قوله ; يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْقال أبو جعفر; يقول جل ثناؤه للجهلة من العرب الذين كانوا يتعرَّون للطواف، اتباعًا منهم أمرَ الشيطان، وتركًا منهم طاعةَ الله, فعرفهم انخداعهم بغروره لهم، حتى تمكن منهم فسلبهم من ستر الله الذي أنعمَ به عليهم, حتى أبدى سوءاتهم وأظهرها من بعضهم لبعض, مع تفضل الله عليهم بتمكينهم مما يسترونها به, وأنهم قد سار بهم سيرته في أبويهم آدم وحواء اللذين دلاهما بغرور حتى سلبهما ستر الله الذي كان أنعم به عليهما حتى أبدى لهما سوءاتهما فعرّاهما منه; (يا بني آدم قد أنـزلنا عليكم لباسًا)، يعني بإنـزاله عليهم ذلك، خلقَه لهم, ورزقه إياهم = و " اللباس " ما يلبسون من الثياب (15) =(يواري سوآتكم) يقول; يستر عوراتكم عن أعينكم (16) = وكنى بـ" السوءات "، عن العورات.* * *= واحدتها " سوءة ", وهي" فعلة " من " السوء ", وإنما سميت " سوءة "، لأنه يسوء صاحبها انكشافُها من جسده, (17) كما قال الشاعر; (18)خَــــرَقُوا جَـــيْبَ فَتَـــاتِهِمُلَـــمْ يُبَــالُوا سَــوْءَةَ الرَّجُلَــهْ (19)* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;14418- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله; (لباسًا يواري سوآتكم) قال; كان ناس من العرب يطوفون بالبيت عراةً, ولا يلبس أحدهم ثوبًا طاف فيه.14419- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, بنحوه.14420- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد المدني قال، سمعت مجاهدًا يقول في قوله; (يا بني آدم قد أنـزلنا عليكم لباسًا يواري سوآتكم وريشًا)، قال; أربع آيات نـزلت في قريش. كانوا في الجاهلية لا يطوفون بالبيت إلا عراة.14421- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة, عن عوف قال; سمعت معبدًا الجهني يقول في قوله; (يا بني آدم قد أنـزلنا عليكم لباسًا يواري سوآتكم وريشًا)، قال; اللباس الذي تلبسون.14422- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج, عن مجاهد; (يا بني آدم قد أنـزلنا عليكم لباسًا يواري سوآتكم) قال; كانت قريش تطوف عراة, لا يلبس أحدهم ثوبًا طاف فيه. وقد كان ناس من العرب يطوفون بالبيت عراة.14423- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر وسهل بن يوسف, عن عوف, عن معبد الجهني; (يا بني آدم قد أنـزلنا عليكم لباسًا يواري سوآتكم) قال; اللباس الذي يواري سوءاتكم; وهو لَبُوسكم هذه. (20)14424- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي; (لباسًا يواري سوآتكم) قال; هي الثياب.14425- حدثنا الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد قال، حدثني مَنْ سمع عروة بن الزبير يقول، اللباس; الثياب.14426- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله; (قد أنـزلنا عليكم لباسًا يواري سوآتكم) قال; يعني ثيابَ الرجل التي يلبسها.* * *القول في تأويل قوله ; وَرِيشًاقال أبو جعفر; اختلفت القرأة في قراءة ذلك.فقرأته عامة قرأة الأمصار; (وَرِيشًا)، بغير " ألف ".* * *وذكر عن زر بن حبيش والحسن البصري; أنهما كانا يقرآنه; " وَرِياشًا ".14427- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث, عن أبان العطار قال، حدثنا عاصم; أن زر بن حبيش قرأها; " وَرِياشًا ".* * *قال أبو جعفر; والصوابُ من القراءة في ذلك، قراءة من قرأ; (وَرِيشًا) بغير " ألف "، لإجماع الحجة من القرأة عليها.وقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم خبرٌ في إسناده نظر; أنه قرأه; " وَرِياشًا ". (21)فمن قرأ ذلك; " وَرِياشًا " فإنه محتمل أن يكون أراد به جمع " الريش ", كما تجمع " الذئب "،" ذئابًا "، و " البئر "" بئارًا ".ويحتمل أن يكون أراد به مصدرًا، من قول القائل; " راشه الله يَريشه رياشًا ورِيشًا ", (22) كما يقال; " لَبِسه يلبسه لباسًا ولِبْسًا "، وقد أنشد بعضهم; (23)فَلَمــا كَشَـفْنَ اللِّبْسَ عَنْـهُ مَسَـحْنَهُبِـأَطْرَافِ طَفْـلٍ زَانَ غَيْـلا مُوَشَّـمَا (24)بكسر " اللام " من " اللبس ".و " الرياش "، في كلام العرب، الأثاث، وما ظهر من الثياب من المتاع مما يلبس أو يُحْشى من فراش أو دِثَار.و " الريش " إنما هو المتاع والأموال عندهم. وربما استعملوه في الثياب والكسوة دون سائر المال. يقولون; " أعطاه سرجًا بريشه ", و " رحْلا بريشه "، أي بكسوته وجهازه. ويقولون; " إنه لحسن ريش الثياب "، وقد يستعمل " الرياش " في الخصب ورَفاهة العيش.* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال; " الرياش "، المال;14428- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية, عن علي بن أبي طلحة, عن ابن عباس قوله; (وريشًا)، يقول; مالا.14429- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد; (وريشًا)، قال; المال.14430- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.14431- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي; " ورياشًا "، قال; أما " رياشًا "، فرياش المال. (25)14432- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد المدني قال، حدثني من سمع عروة بن الزبير يقول; " الرياش "، المال.14433- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان, عن الضحاك قوله; " ورياشًا "، يعني، المال.* ذكر من قال; هو اللباس ورفاهة العيش.14434- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله; " ورياشًا "، قال; " الرياش "، اللباس والعيش والنَّعيم.14435- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر وسهل بن يوسف, عن عوف, عن معبد الجهني; " ورياشًا "، قال; " الرياش "، المعاش.14436- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا عوف قال، قال معبد الجهني; " ورياشًا "، قال; هو المعاش.* * *وقال آخرون; " الريش "، الجمال.* ذكر من قال ذلك;14437- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله; " ورياشًا "، قال; " الريش "، الجمال.* * *القول في تأويل قوله ; وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌقال أبو جعفر; اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك.فقال بعضهم; " لباس التقوى "، هو الإيمان.* ذكر من قال ذلك;14438- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة; (ولباس التقوى)، هو الإيمان.14439- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي; (ولباس التقوى)، الإيمان.14440- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، أخبرني حجاج, عن ابن جريج; (ولباس التقوى)، الإيمان.* * *وقال آخرون; هو الحياء.* ذكر من قال ذلك;14441- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا محمد بن جعفر وسهل بن يوسف, عن عوف, عن معبد الجهني في قوله; (ولباس التقوى)، الذي ذكر الله في القرآن، هو الحياء.14442- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال، أخبرنا عوف قال، قال معبد الجهني, فذكر مثله.14443- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبو أسامة, عن عوف, عن معبد، بنحوه.* * *وقال آخرون; هو العمل الصالح.* ذكر من قال ذلك;14444- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس; (ولباس التقوى ذلك خير)، قال; لباس التقوى; العمل الصالح.* * *وقال آخرون; بل ذلك هو السَّمْت الحسن.* ذكر من قال ذلك;14445- حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة قال، حدثنا عبد الله بن داود, عن محمد بن موسى, عن . . . . بن عمرو, عن ابن عباس; (ولباس التقوى)، قال; السمت الحسن في الوجه. (26)14446- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق بن الحجاج قال، حدثنا إسحاق بن إسماعيل, عن سليمان بن أرقم, عن الحسن قال; رأيت عثمان بن عفان على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، عليه قميصٌ قُوهيّ محلول الزرّ, (27) وسمعته يأمر بقتل الكلاب، وينهى عن اللعب بالحمام, ثم قال; يا أيها الناس، اتقوا الله في هذه السرائر, فإنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول; " والذي نفس محمد بيده، ما عمل أحدٌ قط سرًّا إلا ألبسه الله رداءَ علانيةٍ, (28) إن خيرًا فخيرًا, وإن شرًّا فشرًا "، ثم تلا هذه الآية; " وَرِيَاشًا " = ولم يقرأها; وَرِيشًا=( وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ )، قال; السمتُ الحسن. (29)* * *وقال آخرون; هو خشية الله.* ذكر من قال ذلك;14447- حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو سعد المدنى قال، حدثني من سمع عروة بن الزبير يقول; (لباس التقوى)، خشية الله.* * *وقال آخرون; (لباس التقوى)، في هذه المواضع، ستر العورة.* ذكر من قال ذلك;14448- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله; (ولباس التقوى)، يتقي الله، فيواري عورته, ذلك " لباس التقوى ".* * *واختلفت القرأة في قراءة ذلك.فقرأته عامة قرأة المكيين والكوفيين والبصريين; ( وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ )، برفع " ولباس ".* * *وقرأ ذلك عامة قرأة المدينة; " وَلِبَاسَ التَّقْوَى "، بنصب " اللباس ", وهي قراءة بعض قرأة الكوفيين.* * *فمن نصب; " ولباس "، فإنه نصبه عطفًا على " الريش "، بمعنى; قد أنـزلنا عليكم لباسًا يواري سوءاتكم وريشًا, وأنـزلنا لباسَ التقوى.* * *وأما الرفع, فإن أهل العربية مختلفون في المعنى الذي ارتفع به " اللباس ".فكان بعض نحويي البصرة يقول; هو مرفوع على الابتداء, وخبره في قوله; (ذلك خير) . وقد استخطأه بعض أهل العربية في ذلك وقال; هذا غلط, لأنه لم يعد على " اللباس " في الجملة عائد, فيكون " اللباس " إذا رفع على الابتداء وجعل " ذلك خير " خبرًا.* * *وقال بعض نحويي الكوفة; (ولباس)، يرفع بقوله; ولباس التقوى خير، ويجعل " ذلك " من نعته. (30)* * *قال أبو جعفر; وهذا القول عندي أولى بالصواب في رافع " اللباس "، لأنه لا وجه للرفع إلا أن يكون مرفوعًا بـ" خير "، وإذا رفع بـ " خير " لم يكن في ذلك وجه إلا أن يجعل " اللباس " نعتًا, لا أنه عائد على " اللباس " من ذكره في قوله; (ذلك خير)، فيكون خير مرفوعًا بـ" ذلك "، و " ذلك "، به.فإذ، كان ذلك كذلك, فتأويل الكلام = إذا رفع " لباس التقوى " =; ولباس التقوى ذلك الذي قد علمتموه، خير لكم يا بني آدم، من لباس الثياب التي تواري سوءاتكم, ومن الرياش التي أنـزلناها إليكم، هكذا فالبَسوه.* * *وأما تأويل مَنْ قرأه نصبًا, فإنه; " يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْـزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى "، هذا الذي أنـزلنا عليكم من اللباس الذي يواري سوءاتكم, والريش, ولباس التقوى خير لكم من التعرِّي والتجرد من الثياب في طوافكم بالبيت, فاتقوا الله والبسوا ما رزقكم الله من الرياش, ولا تطيعوا الشيطان بالتجرد والتعرِّي من الثياب, فإن ذلك سخرية منه بكم وخدعة, كما فعل بأبويكم آدم وحواء، فخدعهما حتى جرّدهما من لباس الله الذي كان ألبسهما بطاعتهما له، في أكل ما كان الله نهاهما عن أكله من ثمر الشجرة التي عصَياه بأكلها.* * *قال أبو جعفر; وهذه القراءة أولى القراءتين في ذلك عندي بالصواب, أعني نصب قوله; " وَلِبَاسَ التَّقْوَى "، لصحة معناه في التأويل على ما بيّنت, وأن الله إنما ابتدأ الخبر عن إنـزاله اللباس الذي يواري سوءاتنا والرياش، توبيخًا للمشركين الذين كانوا يتجرّدون في حال طوافهم بالبيت, ويأمرهم بأخذ ثيابهم والاستتار بها في كل حال، مع الإيمان به واتباع طاعته = ويعلمهم أن كلّ ذلك خير من كلّ ما هم عليه مقيمون من كفرهم بالله، وتعرِّيهم, لا أنه أعلمهم أن بعض ما أنـزل إليهم خيرٌ من بعض.وما يدل على صحة ما قلنا في ذلك، الآيات التي بعد هذه الآية, وذلك قوله; يَا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْـزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا وما بعد ذلك من الآيات إلى قوله; وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ، فإنه جل ثناؤه يأمر في كل ذلك بأخذ الزينة من الثياب، واستعمال اللباس وترك التجرّد والتعرّي، وبالإيمان به، واتباع أمره والعمل بطاعته, وينهى عن الشرك به واتباع أمر الشيطان ، مؤكدًا في كل ذلك ما قد أجمله في قوله; (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْـزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ) .* * *قال أبو جعفر; وأولى الأقوال بالصحة في تأويل قوله; " ولباس التقوى "، استشعار النفوس تقوى الله، في الانتهاء عما نهى الله عنه من معاصيه، والعمل بما أمر به من طاعته ، وذلك يجمع الإيمان، والعمل الصالح، والحياء، وخشية الله، والسمتَ الحسن, لأن مَنْ اتقى الله كان به مؤمنًا، وبما أمره به عاملا ومنه خائفًا، وله مراقبًا, ومن أن يُرَى عند ما يكرهه من عباده مستحييًا. ومَنْ كان كذلك ظهرت آثار الخير فيه, فحسن سَمْته وهَدْيه، ورُئِيَتْ عليه بهجة الإيمان ونوره.وإنما قلنا; عنى بـ" لباس التقوى "، استشعارَ النفس والقلب ذلك = لأن " اللباس "، إنما هو ادِّراع ما يلبس، واجتياب ما يكتسى, (31) أو تغطية بدنه أو بعضه به. فكل من ادَّرع شيئًا واجتابهُ حتى يُرَى عَيْنه أو أثرُه عليه, (32) فهو له " لابس " . ولذلك جعل جل ثناؤه الرجال للنساء لباسًا، وهن لهم لباسًا, وجعل الليل لعباده لباسًا. (33)* * ** ذكر من تأول ذلك بالمعنى الذي ذكرنا من تأويله، إذا قرئ قوله; ( وَلِبَاسُ التَّقْوَى )، رفعًا.14449- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي; (ولباس التقوى) ، الإيمان =(ذلك خير)، يقول; ذلك خير من الرياش واللباس يواري سوءاتكم.14450- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله; (ولباس التقوى)، قال; لباس التقوى خير, وهو الإيمان.* * *القول في تأويل قوله ; ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; ذلك الذي ذكرت لكم أنّي أنـزلته إليكم، أيها الناس، من اللباس والرياش، من حجج الله وأدلته التي يعلم بها مَنْ كفر صحة توحيد الله, وخطأ ما هم عليه مقيمون من الضلالة =(لعلهم يذكرون)، يقول جل ثناؤه; جعلت ذلك لهم دليلا على ما وصفت، ليذكروا فيعتبروا وينيبوا إلى الحق وترك الباطل, رحمة مني بعبادي. (34)------------------الهوامش ;(15) انظر تفسير (( اللباس )) فيما سلف 3 ; 489 - 491 /5 ; 480 /11 ; 270 .(16) انظر تفسير ( وارى )) فيما سلف 10 ; 229 .(17) انظر تفسير (( السوءة )) فيما سلف 10 ; 229 / وهذا الجزء ص ; 352 .(18) لم أعرف قائله .(19) الكامل 1 ; 165 ، وشرح الحماسة 1 ; 117 ، واللسان ( رجل ) ، وغيرهما ، وقبل البيت ;كُـــلُّ جَـــارٍ ظَــلَّ مُغْتَبِطًــاغَـــيْرَ جِــيرَانِي بَنِــي جَبَلَــهْوروايتهم ; (( لم يبالوا حرمة الرجله )) . وكنى بقوله ; (( جيب فتاتهم )) ، عن عورتها وفرجها . وانث (( الرجل )) ، فجعل المرأة ; (( رجلة )) .(20) (( اللبوس )) ، الثياب ، وهو مذكر ، فإن ذهبت به إلى (( الثياب )) جاز لك أن تؤنث ، وكان في المطبوعة ; (( هو لبوسكم هذا )) ، وأثبت ما في المخطوطة .(21) سيأتي هذا الخبر بإسناده رقم ; 14446 .(22) أراد هنا أن يجعل (( ريشا )) مصدرًا بكسر (( الراء )) ، كما هو بين في معاني القرآن للفراء 1 ; 375 ، ولذلك ضبطتها كذلك ، والذي نص عليه أهل اللغة أن المصدر ( ريشا )) بفتح فسكون .(23) هو حميد بن ثور الهلالي .(24) ديوانه ; 14 ، ومعاني القرآن للفراء 1 ; 375 ، واللسان ( لبس ) ( طفل ) ، والمخصص 4 ; 35 ، وغيرها . وهذا بيت من قصيدة له طويلة في ديوانه ، أرجح أنها مختلطة الترتيب ، وهذا البيت مما اختلط . فإنه في صفة الرجل ، فقال فيه ( كما ورد في الديوان البيت رقم ; 37 ) ، بعد أن زينته الجواري ( والشعر في الديوان كثير الخطأ ، فصححته ) .تَنَـاهَى عَلَيْـهِ الصَّانِعَـاتُ ، وَشَاكَلَتْبِـهِ الخـيلَ حَـتَّى هَـمَّ أَنْ يَتَحَمْحَمَـاثم قال بعد رقم ; 40 .تَخَــالُ خِـلالَ الـرَّقْم لَمَّـا سَـدَلْنَهُحِصَانًـا تَهَـادَى سَامِيَ الطَّرْفِ مُلْجَمَاوقال قبل البيت ( وهما في ترتيب الديوان ; 32 ، 33 ) ;فَزَيَّنَّــهُ بِــالعِهْنِ حَـتَّى لَـوَ انَّـهُيُقَـالُ لَـهُ ; هَـابٍ ، هَلُـمَّ ! لأَقْدَمَـاجعل الهودج قد صار كأنه فرس عليه زينته وجلاله وسرجه . وقوله ; ( فلما كشفن اللبس عنه )) ، يعني الهودج . و (( مسحنه )) يعني الجواري اللواتي صنعه وزوقنه وزينه . و (( الطفل ) ( بفتح فسكون ) هو البنان الناعم ، وأراد ; مسحنه بأطراف بنان طفل ، فجعل (( طفلا )) بدلا من (( البنان )) و (( الغيل )) ( بفتح فسكون ) الساعد الريان الممتلئ . و (( الموشم )) ، عليه الوشم ، وكان زينة للجاهلية أبطلها الإسلام ، ولعن الله متخذها ، رجلا كان أو امرأة .(25) حيث جاءت (( رياش )) القراءة الثانية في هذه الأخبار ، فإني تاركها على ما هي عليه لا أغيرها إلى قراءتنا .(26) الأثر ; 14445 - في هذا الإسناد في المخطوطة ; (( عن الدنا بن عمرو )) ، كلمة لم أعرف كيف تقرأ ، فوضعت مكانها نقطًا ، وكان في المطبوعة ; (( الزباء بن عمرو )) ، لا أدري من أين جاء بهذا الاسم !! ووجدت في تفسير ابن كثير 3 ; 462 ; (( الديال بن عمرو )) ، وهذا أيضًا . لم أعرف ما يكون .(( محمد بن موسى )) ، لم أستطع أن أحدد من يكون .(27) (( القميص القوهي )) ، منسوب إلى (( قوهستان )) ، وهي أرض متصلة بنواحي هراة ونيسابور ، ينسب إليها ضرب من الثياب .(28) نص ابن كثير في تفسيره ، نقلا عن هذا الموضع من الطبري ; (( ما أسر أحد سريرة إلا ألبسهما الله رداءها علانية )) ، ولا أدري من أين جاء هذا الاختلاف ; وفي المطبوعة ; (( رداءه )) ، وأثبت ما في المخطوطة .(29) الأثر ; 14446 - (( إسحاق بن الحجاج الرازي الطاحوني )) ، مضى برقم ; 230 ، 1614 ، 10314 . و (( إسحاق بن إسماعيل )) لعله (( إسحاق بن لإسماعيل الرازي )) ، أبو يزيد ، حبويه . مترجم في ابن أبي حاتم 1 /1 / 212 .و (( سليمان بن أرقم )) ، أبو معاذ . ضعف جدًا ، متروك الحديث ، مضى برقم ; 4923 . فمن أجل ضعف (( سليمان بن أرقم )) ، قال أبو جعفر فيما سلف ص ; 363 ، تعليق ; 1 ، أن في إسناد هذا الخبر نظرًا .وهذا الخبر رواه ابن كثير في تفسيره 3 ; 462 ، 463 ، وضعفه ، ثم قال ; (( وقد روى الأئمة ، الشافعي وأحمد والبخاري في كتاب الأدب صحيحة ، عن الحسن ; أنه سمع أمير المؤمنين عثمان بن عفان يأمر بقتل الكلاب وذبح الحمام يوم الجمعة على المنبر )) . قلت ; وخبر أحمد في المسند رقم ; 521 ، وخبر البخاري في الأدب المفرد ص ; 332 ، 333 برقم ; 1301 .(30) هذا قول الفراء 1 ; 375(31) في المطبوعة ; (( واحتباء ما يكتسى )) ، غير ما في المخطوطة ، الخطأ في نقطها ، فأساء غاية الإساءة ، كان في المخطوطة ; (( واحنتاب )) ، وصواب قراءتها ما أثبت وانظر التعليق التالي ، (( اجتاب الثوب اجتيابًا )) ، لبسه ، قال لبيد ;فَبِتِلْـكَ إذْ رَقَـصَ اللَّـوَامِعُ بِـالضُّحَىوَاجْتَــابَ أَرْدِيَـةَ السَّـرَابِ إكَامُهـاأَقْضِــي اللُّبَانَــةَ لا أُفَـرِّطُ رِيبَـةًأَوْ أَنْ يَلُـــومَ بِحَاجَـــةٍ لَوَّامُهـا(32) في المطبوعة ; (( فكل من اردع شيئًا واحتبى به حتى يرى هو أو أثره عليه )) ، أساء كما أساء في السالف ، ولكن كان الخطأ أعذر له ، لأنه فيها (( فكل من ادرع شيئًا واحبا )) هذا آخر السطر ، ثم بدأ في السطر التالي (( به حتى يرى عنه أو أثره عليه )) . فجاء الناشر فجعلها (( واحتبى به )) والصواب ما أثبت ، وإنما قطع الناسخ الكلمة في سطرين !! وانظر التعليق السالف . وأما قوله في المطبوعة ; (( حتى يرى هو أو أثره عليه )) ، فقد غيره تغييرًا لا يجدي ، وصواب قراءة المخطوطة كما أثبت .(33) شاهد الأول آية (( سورة البقرة )) ; 187 ; " هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ " . وشاهد الثاني على آية (( سورة النبأ)) ; 10 ; " وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا " .(34) انظر تفسير (( آية )) فيما سلف من فهارس اللغة ( أيي ) .= وتفسير (( يذكر )) فيما سلف منها ( ذكر ) .
ثم امتن عليهم بما يسر لهم من اللباس الضروري، واللباس الذي المقصود منه الجمال، وهكذا سائر الأشياء، كالطعام والشراب والمراكب، والمناكح ونحوها، قد يسر اللّه للعباد ضروريها، ومكمل ذلك، و[بين لهم] أن هذا ليس مقصودا بالذات، وإنما أنزله اللّه ليكون معونة لهم على عبادته وطاعته، ولهذا قال: { وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ } من اللباس الحسي، فإن لباس التقوى يستمر مع العبد، ولا يبلى ولا يبيد، وهو جمال القلب والروح. وأما اللباس الظاهري، فغايته أن يستر العورة الظاهرة، في وقت من الأوقات، أو يكون جمالا للإنسان، وليس وراء ذلك منه نفع. وأيضا، فبتقدير عدم هذا اللباس، تنكشف عورته الظاهرة، التي لا يضره كشفها، مع الضرورة، وأما بتقدير عدم لباس التقوى، فإنها تنكشف عورته الباطنة، وينال الخزي والفضيحة. وقوله: { ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ } أي: ذلك المذكور لكم من اللباس، مما تذكرون به ما ينفعكم ويضركم وتشبهون باللباس الظاهر على الباطن.
(يا) حرف نداء
(بني) منادى مضاف منصوب وعلامة النصب الياء، ملحق بجمع المذكر
(آدم) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة، ممنوع من الصرف (قد) حرف تحقيق
(أنزلنا) فعل ماض مبنيّ على السكون ...
(ونا) ضمير فاعل للتعظيم
(على) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (أنزلنا) ،
(لباسا) مفعول به منصوبـ (يواري) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء
(سوءات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة و (كم) ضمير مضاف إليه
(الواو) عاطفة
(ريشا) معطوف على لباس منصوب مثله، وهو نائب عن موصوف محذوف أي لباسا ريشا أي زينة
(الواو) استئنافيّة
(لباس) مبتدأ مرفوع
(التقوى) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على الألف
(ذلك) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ . و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطابـ (خير) خبر الإشارة مرفوع
(ذلك) مثل الأولـ (من آيات) جارّ ومجرور متعلّق بخبر المبتدأ ذلك
(الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور
(لعلّ) حرف مشبه بالفعل للترجّي- ناسخ- و (هم) ضمير في محلّ نصب اسم لعلّ
(يذّكّرون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل.
جملة النداء «يا بني ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «قد أنزلنا ... » : لا محلّ لها جواب النداء.وجملة «يواري ... » في محلّ نصب نعت لـ (لباسا) .
وجملة «لباس التقوى ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «ذلك خير» : في محلّ رفع خبر المبتدأ
(لباس التقوى) .
وجملة «ذلك من آيات الله» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «لعلّهم يذّكّرون» : لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة «يذّكّرون» : في محلّ رفع خبر لعلّ.