قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخٰسِرِينَ
قَالَا رَبَّنَا ظَلَمۡنَاۤ اَنۡفُسَنَا وَاِنۡ لَّمۡ تَغۡفِرۡ لَـنَا وَتَرۡحَمۡنَا لَـنَكُوۡنَنَّ مِنَ الۡخٰسِرِيۡنَ
تفسير ميسر:
قال آدم وحواء; ربنا ظلمنا أنفسنا بالأكل من الشجرة، وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن ممن أضاعوا حظَّهم في دنياهم وأخراهم. (وهذه الكلمات هي التي تلقاها آدم من ربه، فدعا بها فتاب الله عليه).
قال الضحاك بن مزاحم في قوله "ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين" هي الكلمات التي تلقاها آدم من ربه.
أي قال لهما ; ألم أنهكما .قالا ربنا نداء مضاف .والأصل يا ربنا .وقيل .إن في حذف " يا " معنى التعظيم .فاعترفا بالخطيئة وتابا صلى الله عليهما وسلم .
القول في تأويل قوله ; قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)قال أبو جعفر; وهذا خبرٌ من الله جل ثناؤه عن آدم وحواء فيما أجاباه به, واعترافِهما على أنفسهما بالذنب, ومسألتهما إياه المغفرة منه والرحمة, خلاف جواب اللعين إبليس إياه.ومعنى قوله; (قالا ربنا ظلمنا أنفسنا)، قال; آدم وحواء لربهما; يا ربنا، فعلنا بأنفسنا من الإساءة إليها بمعصيتك وخلاف أمرك، (1) وبطاعتنا عدوَّنا وعدوَّك, فيما لم يكن لنا أن نطيعه فيه، من أكل الشجرة التي نهيتنا عن أكلها =(وإن لم تغفر لنا)، يقول; وإن أنت لم تستر علينا ذنبنا فتغطيه علينا، وتترك فضيحتنا به بعقوبتك إيانا عليه (2) =" وترحمنا "، بتعطفك علينا, وتركك أخذنا به (3) =(لنكونن من الخاسرين)، يعني; لنكونن من الهالكين.* * *وقد بيَّنا معنى " الخاسر " فيما مضى بشواهده، والرواية فيه، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (4)* * *14411- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة قال; قال آدم عليه السلام; يا رب, أرأيتَ إن تبتُ واستغفرتك؟ قال; إذًا أدخلك الجنة . وأما إبليس فلم يسأله التوبة, وسأل النَّظِرة, فأعطى كلَّ واحد منهما ما سأل.14412- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم, عن جويبر, عن الضحاك في قوله; (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا)، الآية, قال; هي الكلمات التي تلقَّاها آدم من ربه.-------------------(1) هكذا في المخطوطة والمطبوعة ، ولعل الصواب ; (( فعلنا الظلم بأنفسنا )) . وانظر تفسير (( الظلم )) فيما سلف من فهارس اللغة ( ظلم ) .(2) انظر تفسير (( المغفرة )) فيما سلف من فهارس اللغة ( غفر ) .(3) انظر تفسير (( الرحمة )) فيما سلف من فهارس اللغة ( رحم ) .(4) انظر تفسير (( الخسارة )) فيما سلف ص ; 315 ، تعليق ; 1 ، والمراجع هناك .
فحينئذ، من اللّه عليهما بالتوبة وقبولها، فاعترفا بالذنب، وسألا من اللّه مغفرته فقالا: { رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } أي: قد فعلنا الذنب، الذي نهيتنا عنه، وضربنا بأنفسنا باقتراف الذنب، وقد فعلنا سبب الخسار إن لم تغفر لنا، بمحو أثر الذنب وعقوبته، وترحمنا بقبول التوبة والمعافاة من أمثال هذه الخطايا. فغفر اللّه لهما ذلك { وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى } هذا وإبليس مستمر على طغيانه، غير مقلع عن عصيانه، فمن أشبه آدم بالاعتراف وسؤال المغفرة والندم والإقلاع - إذا صدرت منه الذنوب - اجتباه ربه وهداه. ومن أشبه إبليس - إذا صدر منه الذنب، لا يزال يزداد من المعاصي - فإنه لا يزداد من اللّه إلا بعدا.
(قالا) مثل ذاقا»
،
(ربّ) منادى مضاف حذف منه حرف النداء، منصوب و (نا) ضمير مضاف إليه
(ظلمنا) فعل ماض مبني على السكون ... و (نا) ضمير فاعلـ (أنفس) مفعول به منصوب ...
(نا) ضمير مضاف إليه
(الواو) عاطفة
(إن) حرف شرط جازم، وحذفت اللام الموطّئة للقسم قبله
(لم) حرف نفي فقط ،
(تغفر) مضارع مجزوم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت
(اللام) حرف جرّ و (نا) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (تغفر) ،
(الواو) عاطفة
(ترحم) مثل تغفر ومعطوف عليه و (نا) ضمير مفعول به
(اللام) لام القسم
(نكوننّ) مضارع ناقص- ناسخ- مبني على الفتح في محلّ رفع ... و (النون) لتوكيد، واسمه ضمير مستتر تقديره نحن
(من الخاسرين) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر نكوننّ.جملة «قالا ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «ربّنا...... وجوابها» : في محلّ نصب مقول القول .
وجملة «ظلمنا..» : لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «تغفر لنا» : لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء .
وجملة «ترحمنا» : لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء .
وجملة «نكوننّ ... » : لا محلّ لها جواب القسم المقدّر..
وجواب الشرط محذوف دلّ عليه جواب القسم.