وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يٰمُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ ۖ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِىٓ إِسْرٰٓءِيلَ
وَلَـمَّا وَقَعَ عَلَيۡهِمُ الرِّجۡزُ قَالُوۡا يٰمُوۡسَى ادۡعُ لَـنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنۡدَكَۚ لَٮِٕنۡ كَشَفۡتَ عَنَّا الرِّجۡزَ لَـنُؤۡمِنَنَّ لَكَ وَلَـنُرۡسِلَنَّ مَعَكَ بَنِىۡۤ اِسۡرَآءِيۡلَۚ
تفسير ميسر:
ولما نزل العذاب على فرعون وقومه فزعوا إلى موسى وقالوا; يا موسى ادع لنا ربك بما أوحى به إليك مِن رَفْع العذاب بالتوبة، لئن رفعت عنا العذاب الذي نحن فيه لنصدِّقنَّ بما جئت به، ونتبع ما دعوت إليه، ولنطلقنَّ معك بني إسرائيل، فلا نمنعهم من أن يذهبوا حيث شاؤوا.
فأرسل الطوفان وهو الماء ففاض على وجه الأرض ثم ركد لا يقدرون على أن يحرثوا ولا أن يعملوا شيئا حتى جهدوا جوعا فلما بلغهم ذلك "قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت عنا الرجز لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل" فدعا موسى ربه.
قوله تعالى ولما وقع عليهم الرجز أي العذاب . وقرئ بضم الراء ، لغتان . قال ابن جبير ; كان طاعونا مات به من القبط في يوم واحد سبعون ألفا . وقيل ; المراد بالرجز ما تقدم ذكره من الآيات .بما عهد عندك " ما " بمعنى الذي ، أي بما استودعك من العلم ، أو بما اختصك به فنبأك . وقيل ; هذا قسم ، أي بعهده عندك إلا ما دعوت لنا ; ف " ما " صلة .لئن كشفت عنا الرجز أي بدعائك لإلهك حتى يكشف عنا .لنؤمنن لك أي نصدقك بما جئت به . ولنرسلن معك بني إسرائيل وكانوا يستخدمونهم على ما تقدم .
القول في تأويل قوله ; وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (134)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; " ولما وقع عليهم الرجز ", ولما نـزل بهم عذاب الله, وحَلّ بهم سخطه.* * *ثم اختلف أهل التأويل في ذلك " الرجز " الذي أحبر الله أنه وقع بهؤلاء القوم.فقال بعضهم; كان ذلك طاعونًا.* ذكر من قال ذلك;15033 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا يعقوب القمي, عن جعفر بن المغيرة, عن سعيد بن جبير قال; وأمر موسى قومه من بني إسرائيل = وذلك بعد ما جاء قوم فرعونَ بالآيات الخمس; الطوفان وما ذكر الله في هذه الآية, فلم يؤمنوا ولم يرسلوا معه بني إسرائيل = فقال; ليذبح كل رجل منكم كبشًا, ثم ليخضب كفّه في دمه, ثم ليضرب به على بابه! فقالت القبط لبني إسرائيل = لم تعالجُون هذا الدمَ على أبوابكم؟ (58) فقالوا; إن الله يرسل عليكم عذابًا، فنسلم وتهلكون. فقالت القبط; فما يعرفكم الله إلا بهذه العلامات؟ فقالوا; هكذا أمرنا به نبيّنا! فأصبحوا وقد طُعِنَ من قوم فرعون سبعون ألفًا, فأمسوا وهم لا يتدَافنون. فقال فرعون عند ذلك; (ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفتَ عنا الرجز)، وهو الطاعون,(لنؤمنن لك ولنرسلن معك بني إسرائيل)، فدعا ربه، فكشفه عنهم, فكان أوفاهم كلّهم فرعون, فقال لموسى; اذهب ببني إسرائيل حيث شئت.15034 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا حبويه الرازي وأبو داود الحفري, عن يعقوب, عن جعفر, عن سعيد بن جبير = قال حبويه، عن ابن عباس =(لئن كشفت عنا الرجز) قال; الطاعون.* * *وقال آخرون; هو العذاب.* ذكر من قال ذلك;15035 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد; " الرجز " العذاب.15036 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.15037 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله; فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ ، أي العذاب.15038 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور قال، حدثنا معمر, عن قتادة; (ولما وقع عليهم الرجز)، يقول; العذاب.15039 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله; (ولما وقع عليهم الرجز)، قال، " الرجز "، العذاب الذي سلط الله عليهم من الجراد والقمل وغير ذلك, وكلّ ذلك يعاهدونه ثم ينكثون.* * *وقد بينا معنى " الرجز " فيما مضى من كتابنا هذا بشواهده المغنية عن إعادتها. (59)* * *قال أبو جعفر; وأولى القولين بالصواب في هذا الموضع أن يقال; إن الله تعالى ذكره أخبر عن فرعون وقومه أنهم لما وقع عليهم الرجز = وهو العذاب والسخط من الله عليهم = فزعوا إلى موسى بمسألته ربَّه كشفَ ذلك عنهم. وجائز أن يكون ذلك " الرجز " كان الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم, لأن كل ذلك كان عذابًا عليهم = وجائز أن يكون ذلك " الرجز " كان طاعونًا، ولم يخبرنا الله أيّ ذلك كان, ولا صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأيِّ ذلك كان خبرٌ، فنسلم له. فالصواب أن نقول فيه كما قال جل ثناؤه; (ولما وقع عليهم الرجز)، ولا نتعداه إلا بالبيان الذي لا تمانع فيه بين أهل التأويل, وهو لمّا حل بهم عذاب الله وسخطه.* * *=(قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك)، يقول; بما أوصاك وأمرك به. (60) وقد بينا معنى; " العهد "، فيما مضى.* * *=(لئن كشفت عنا الرجز)، يقول; لئن رفعت عنا العذاب الذي نحن فيه (61) (لنؤمننّ لك)، يقول; لنصدقن بما جئت به ودعوت إليه ولنقرَّنّ به لك =( ولنرسلن معك بني إسرائيل)، يقول; ولنخلِّين معك بني إسرائيل فلا نمنعهم أن يذهبوا حيث شاؤوا.-----------------الهوامش ;(58) في المطبوعة ; (( لم تجعلون )) ، وفي المخطوطة كما أثبتها . سيئة الكتابة ، ومعناها قريب من الصواب إن شاء الله .(59) انظر تفسير (( الرجز )) فيما سلف 2; 116 - 118/12 ; 521 .(60) انظر تفسير (( العهد )) فيما سلف ص ; 10 ، تعليق ; 2 ، والمراجع هناك .(61) انظر تفسير (( الكشف )) فيما سلف 11 ; 354 .
وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ أي: العذاب، يحتمل أن المراد به: الطاعون، كما قاله كثير من المفسرين، ويحتمل أن يراد به ما تقدم من الآيات: الطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم، فإنها رجز وعذاب، وأنهم كلما أصابهم واحد منها قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ أي: تشفعوا بموسى بما عهد اللّه عنده من الوحي والشرع، لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وهم في ذلك كذبة، لا قصد لهم إلا زوال ما حل بهم من العذاب، وظنوا إذا رفع لا يصيبهم غيره.
(الواو) استئنافيّة
(لمّا) ظرف بمعنى حين فيه معنى الشرط مبنيّ في محلّ نصب متعلّق بالجواب قالوا
(وقع) فعل ماض
(على) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (وقع) ،
(الرجز) فاعل مرفوع
(قالوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ.. والواو فاعلـ (يا) حرف نداء
(موسى) منادى مفرد علم مبنيّ على الضمّ المقدّر على الألف في محلّ نصبـ (ادع) فعل أمر مبنيّ على حذف حرف العلّة، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت
(اللام) حرف جرّ و (نا) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (ادع) ،
(ربّ) مفعول به منصوب و (الكاف) ضمير مضاف إليه
(الباء) حرف جرّ
(ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بـ (ادع) ،
(عهد) مثل وقع، والفاعل هو (عند) ظرف مكان منصوب متعلّق بـ (عهد) و (الكاف) مثل المتقدّم
(اللام) موطّئة للقسم
(إن) حرف شرط جازم
(كشف) فعل ماض مبنيّ في محلّ جزم فعل الشرط و (التاء) ضمير فاعلـ (عنا) مثل لنا متعلّق بـ (كشفت) ،
(الرجز) مفعول به منصوبـ (اللام) لام القسم
(نؤمننّ) مضارع مبنيّ على الفتح في محلّ رفع.. و (النون) نون التوكيد الثقيلة، والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن
(اللام) حرف جرّ و (الكاف) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (نؤمننّ) ،
(الواو) عاطفة
(لنرسلنّ) مثل لنؤمننّ
(مع) ظرف مكان منصوب متعلّق بـ (نرسلنّ) ، و (الكاف) ضمير مضاف إليه
(بني) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء
(إسرائيل) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة.
جملة: «وقع ... الرجز» في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «قالوا» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «يا موسى ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «ادع لنا ربّك ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «عهد ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) الاسميّ أو الحرفيّ.
وجملة: «كشفت ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ، أو تفسير لموضوع الدعاء وغرضه.
وجملة «نؤمننّ ... » لا محلّ لها جواب القسم.. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه جواب القسم .
وجملة: «نرسلنّ..» لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب القسم.
(الفاء) عاطفة
(لمّا) مثل الأولـ (كشفنا عنهم الرجز) مثل كشفت عنّا الرجز
(إلى أجل) جارّ ومجرور متعلّق بـ (كشفنا) ،
(هم) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(بالغو) خبر مرفوع وعلامة الرفع الواو، وحذفت النون للإضافة و (الهاء) ضمير مضاف إليه
(إذا) حرف مفاجأة
(هم) مثل الأولـ (ينكثون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل.
وجملة: «كشفنا ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «هم بالغوه» في محلّ جرّ نعت لأجل.
وجملة: «هم ينكثون» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «ينكثون» في محلّ رفع خبر
(هم) .
(الفاء) عاطفة في الموضعين ،
(انتقمنا) مثل كشفت
(من) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (انتقمنا) ،
(أغرقنا) مثل كشفت و (هم) ضمير مفعول به
(في اليمّ) جارّ ومجرور متعلّق بـ (أغرقناهم) ،
(الباء) حرف جرّ
(أنّ) حرف مشبّه بالفعل- ناسخ- و (هم) ضمير في محلّ نصب اسم أنّ
(كذّبوا) مثل قالوا
(بآيات) جارّ ومجرور متعلّق بـ (كذّبوا) و (نا) ضمير مضاف إليه.
والمصدر المؤوّلـ (أنّهم كذّبوا) في محلّ جرّ بالباء متعلّق بـ (أغرقناهم) ، والباء سببيّة.
(الواو) عاطفة
(كانوا) فعل ماض ناقص- ناسخ- مبنيّ على الضمّ..
والواو اسم كان
(عنها) مثل عنّا متعلّق بـ (غافلين) ،
(غافلين) خبر كانوا منصوب وعلامة النصب الياء.
وجملة: «انتقمنا ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئناف المتمثّل في مفتتح الآيات السابقة: فلمّا وقع.. فلمّا كشفنا ...وجملة: «أغرقناهم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة انتقمنا.
وجملة: «كذّبوا» في محلّ رفع خبر أنّ.
وجملة: «كانوا ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة كذّبوا.