القول في تأويل قوله ; قَالَ الْمَلأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; قالت الجماعة من رجال قوم فرعون والأشراف منهم (14) = " إِنَّ هَذَا "، يعنون موسى صلوات الله عليه = " لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ "، يعنون; أنه يأخذ بأعين الناس بخداعه إياهم، حتى يخيل إليهم العصا حية، والآدم أبيض, والشيء بخلاف ما هو به. ومنه قيل; " سَحر المطرُ الأرضَ"، إذا جادها، فقطع نباتها من أصوله, وقلب الأرض ظهرًا لبطن, فهو يَسْحَرُها سَحْرًا , و " الأرض مسحورة "، إذا أصابها ذلك. (15) فشبه " سحر الساحر " بذلك، لتخييله إلى من سحره أنه يرى الشيء بخلاف ما هو به، (16) ومنه قول ذي الرمة في صفة السراب;وَسَــاحِرَةِ العُيُــونِ مِـنَ المَـوَامِيتَــرقَّصُ فــي نَوَاشِــرِهَا الأرُومُ (17) .وقوله (عَلِيمٌ) يقول; ساحر عليم بالسحر (18) .--------------------الهوامش ;(14) انظر تفسير (( الملأ )) فيما سلف ص 12 ، ، تعليق ; 2 ، والمراجع هناك .(15) هذا البيان عن معنى (( سحر المطر الأرض )) ، جيد جداً ، مبين عن معنى الكلمة ، وهو أوضح مما جاء في كتب اللغة ، فليقيد هذا هناك .(16) انظر تفسير (( السحر )) فيما سلف 2 ; 436 - 442 / 11 ; 265 .(17) ديوانه ; 591 ، واللسان ( أرم ) ، بهذه الرواية ، أما رواية الديوان فهي ; وَسَــاحِرَةِ السَّـرَابِ مِـنَ المَـوَامِيتَــرَقَّصُ فِــي عَسَــاقِلِهَا الأُورُومُتَمُــوتُ قَطَــا الفَـلاةِ بِهَـا أُوَامًـاوَيَهْلِــكُ فِــي جَوَانِبِهَــا النَّسِـيمُبِهَــا غُــدُرٌ ، وَلَيْسَ بِهَــا بَـلالٌوَأَشْـــبَاحٌ تَحُـــولُ وَلا تَــرِيمُوهذا شعر غاية ! ، والرواية التي هنا هي رواية أبي عبيدة في مجاز القرآن . ورواية أبي عمرو بن العلاء ; (( نواشرها )) . وكان في المطبوعة ; (( نواشزها )) بالزاي ، وهي في المخطوطة غير منقوطة . و(( الموامى )) جمع موماة ، وهي المفازة الواسعة الملساء ، لا ماء بها ولا أنيس . و (( العساقل )) جمع (( عسقلة)) ، و(( العساقيل )) جمع (( عسقول )) ، وهي قطع السراب التي تلمع وتتريع لعين الناظر . و(( الأوروم )) جمع إرم ، وهي الأعلام ، وقيل ; هي قبور عاد وإرم . ورواية ديوانه (( وساجرة )) بالجيم ، أي مملوءة من السراب . يصف السراب وهو يترجرج ، فترى الحجارة والأعلام ترتفع فيه وتنخفض ، وهو يتحرك بها . وأما رواية أبي جعفر (( ترقص في نواشرها )) ، فلم أجد له تفسيرًا عند أحد من شراح الشعر ، أو في كتب اللغة . وظني أنه يعني به السراب كما قال (( في عساقلها )) ، وإنها من (( نشر الشيء )) بسطه ومده ، وعنى به ما يمتد من السراب وينبسط ؟(18) انظر تفسير (( عليم )) فيما سلف من فهارس اللغة ( علم ) .