وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ
وَدُّوۡا لَوۡ تُدۡهِنُ فَيُدۡهِنُوۡنَ
تفسير ميسر:
تمنَّوا وأحبوا لو تلاينهم، وتصانعهم على بعض ما هم عليه، فيلينون لك.
"ودوا لو تدهن فيدهنون" قال ابن عباس لو ترخص لهم فيرخصون.وقال مجاهد "ودوا لو تدهن" تركن إلى آلهتم وتترك ما أنت عليه من الحق.
قوله تعالى ; ودوا لو تدهن فيدهنون قال ابن عباس وعطية والضحاك والسدي ; ودوا لو تكفر فيتمادون على كفرهم . وعن ابن عباس أيضا ; ودوا لو ترخص لهم فيرخصون لك . وقال الفراء والكلبي ; لو تلين فيلينون لك . والادهان ; التليين لمن لا ينبغي له التليين ; قاله الفراء . وقال مجاهد ; المعنى ودوا لو ركنت إليهم وتركت الحق فيمالئونك . وقال الربيع بن أنس ; ودوا لو تكذب فيكذبون . وقال قتادة ; ودوا لو تذهب عن هذا الأمر فيذهبون معك . الحسن ; ودوا لو تصانعهم في دينك فيصانعونك في دينهم . وعنه أيضا ; ودوا لو ترفض بعض أمرك فيرفضون بعض أمرهم . زيد بن أسلم ; لو تنافق وترائي فينافقون ويراءون . وقيل ; ودوا لو تضعف فيضعفون ; قاله أبو جعفر . وقيل ; ودوا لو تداهن في دينك فيداهنون في أديانهم ; قاله القتبي . وعنه ; طلبوا منه أن يعبد آلهتهم مدة ويعبدوا إلهه مدة . فهذه اثنا عشر قولا . ابن العربي ; ذكر المفسرون فيها نحو عشرة أقوال كلها دعاوى على اللغة والمعنى . أمثلها قولهم ; ودوا لو تكذب فيكذبون ، ودوا لو تكفر فيكفرون .قلت ; كلها إن شاء الله تعالى صحيحة على مقتضى اللغة والمعنى ; فإن الادهان ; اللين والمصانعة . وقيل ; مجاملة العدو ممايلته . وقيل ; المقاربة في الكلام والتليين في القول . قال الشاعر ;[ ص; 214 ]لبعض الغشم أحزم في أمور تنوبك من مداهنة العدهوقال المفضل ; النفاق وترك المناصحة . فهي على هذا الوجه مذمومة ، وعلى الوجه الأول غير مذمومة ، وكل شيء منها لم يكن . قال المبرد ; يقال ادهن في دينه وداهن في أمره ; أي خان فيه وأظهر خلاف ما يضمر . وقال قوم ; داهنت بمعنى واريت ، وادهنت بمعنى غششت ; قاله الجوهري . وقال ; فيدهنون فساقه على العطف ، ولو جاء به جواب النهي لقال فيدهنوا . وإنما أراد ; إن تمنوا لو فعلت فيفعلون مثل فعلك ; عطفا لا جزاء عليه ولا مكافأة ، وإنما هو تمثيل وتنظير .
حدثنا ابن حميد، قال; ثنا مهران، عن سفيان; ( وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ) قال; تكفر فيكفرون.وقال آخرون; بل معنى ذلك; ودّوا لو تُرخِّص لهم فُيرخِّصون، أو تلين في دينك فيلينون في دينهم.* ذكر من قال ذلك;حدثني عليّ، قال; ثنا أبو صالح، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله; ( وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ) يقول; لو ترخص لهم فيرخِّصون.حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله; ( وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ) قال; لو تَرْكَن إلى آلهتهم، وتترك ما أنت عليه من الحقّ فيمالئونك.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله; ( وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ) يقول; ودّوا يا محمد لو أدهنت عن هذا الأمر، فأدهنوا معك.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله; ( وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ) قال; ودّوا لو يُدهن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيُدْهنون.وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال; معنى ذلك; ودّ هؤلاء المشركون يا محمد لو تلين لهم في دينك بإجابتك إياهم إلى الركون إلى آلهتهم، فيلينون لك في عبادتك إلهك، كما قال جلّ ثناؤه; وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلا * إِذًا لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ وإنما هو مأخوذ من الدُّهن شبه التليين في القول بتليين الدُّهن.
{ وَدُّوا } أي: المشركون { لَوْ تُدْهِنُ } أي: توافقهم على بعض ما هم عليه، إما بالقول أو الفعل أو بالسكوت عما يتعين الكلام فيه، { فَيُدْهِنُونَ } ولكن اصدع بأمر الله، وأظهر دين الإسلام، فإن تمام إظهاره، بنقض ما يضاده، وعيب ما يناقضه.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة