يٰٓأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوٓا إِنَّ مِنْ أَزْوٰجِكُمْ وَأَوْلٰدِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ۚ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
يٰۤاَيُّهَا الَّذِيۡنَ اٰمَنُوۡۤا اِنَّ مِنۡ اَزۡوَاجِكُمۡ وَاَوۡلَادِكُمۡ عَدُوًّا لَّكُمۡ فَاحۡذَرُوۡهُمۡۚ وَاِنۡ تَعۡفُوۡا وَتَصۡفَحُوۡا وَتَغۡفِرُوۡا فَاِنَّ اللّٰهَ غَفُوۡرٌ رَّحِيۡمٌ
تفسير ميسر:
يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله، إنَّ مِن أزواجكم وأولادكم أعداء لكم يصدونكم عن سبيل الله، ويثبطونكم عن طاعته، فكونوا منهم على حذر، ولا تطيعوهم، وإن تتجاوزوا عن سيئاتهم وتعرضوا عنها، وتستروها عليهم، فإن الله غفور رحيم، يغفر لكم ذنوبكم؛ لأنه سبحانه عظيم الغفران واسع الرحمة.
يقول تعالى مخبرا عن الأزواج والأولاد أن منهم من هو عدو الزوج والولد بمعنى أنه يلتهي به عن العمل الصالح كقوله تعالى "يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون" ولهذا قال تعالى ههنا "فاحذروهم" قال ابن زيد يعني على دينكم وقال مجاهد "إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم" قال يحمل الرجل على قطيعة الرحم أو معصية ربه فلا يستطيع الرجل مع حبه إلا أن يطيعه وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا محمد بن خلف الصيدلاني حدثنا الفريابي حدثنا إسرائيل حدثنا سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس وسأله رجل عن هذه الآية "يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم" قال فهؤلاء رجال أسلموا من مكة فأرادوا أن يأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم رأوا الناس قد فقهوا في الدين فهموا أن يعاقبوهم فأنزل الله تعالى هذه الآية "وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم" وكذا رواه الترمذي عن محمد بن يحيى عن الفريابي وهو محمد بن يوسف به وقال حسن صحيح ورواه ابن جرير والطبراني من حديث إسرائيل به وروى من طريق العوفي عن ابن عباس نحوه وهكذا قال عكرمة مولاه سواء.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّاقال ابن عباس ; نزلت هذه الآية بالمدينة في عوف بن مالك الأشجعي ; شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم جفاء أهله وولده ; فنزلت .ذكره النحاس .وحكاه الطبري عن عطاء بن يسار قال ; نزلت سورة " التغابن " كلها بمكة إلا هؤلاء الآيات ; " يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم " نزلت في عوف بن مالك الأشجعي كان ذا أهل وولد , وكان إذا أراد الغزو بكوا إليه ورققوه فقالوا ; إلى من تدعنا ؟ فيرق فيقيم ; فنزلت ; " يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم " الآية كلها بالمدينة في عوف بن مالك الأشجعي .وبقية الآيات إلى آخر السورة بالمدينة .وروى الترمذي عن ابن عباس - وسأله رجل عن هذه الآية " يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم " - قال ; هؤلاء رجال أسلموا من أهل مكة وأرادوا أن يأتوا النبي صلى الله عليه وسلم , فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم أن يأتوا النبي صلى الله عليه وسلم , فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم رأوا الناس قد فقهوا في الدين هموا أن يعاقبوهم ; فأنزل الله تعالى ; " يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم " الآية .هذا حديث حسن صحيح .قال القاضي أبو بكر بن العربي ; هذا يبين وجه العداوة ; فإن العدو لم يكن عدوا لذاته وإنما كان عدوا بفعله .فإذا فعل الزوج والولد فعل العدو كان عدوا , ولا فعل أقبح من الحيلولة بين العبد وبين الطاعة .وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ; ( إن الشيطان قعد لابن آدم في طريق الإيمان فقال له أتؤمن وتذر دينك ودين آبائك فخالفه فآمن ثم قعد له على طريق الهجرة فقال له أتهاجر وتترك مالك وأهلك فخالفه فهاجر ثم قعد له على طريق الجهاد فقال له أتجاهد فتقتل نفسك فتنكح نساؤك ويقسم مالك فخالفه فجاهد فقتل , فحق على الله أن يدخله الجنة ) .وقعود الشيطان يكون بوجهين ; أحدهما ; يكون بالوسوسة .والثاني ; بأن يحمل على ما يريد من ذلك الزوج والولد والصاحب ; قال الله تعالى ; " وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم " [ فصلت ; 25 ] .وفي حكمة عيسى عليه السلام ; من اتخذ أهلا ومالا وولدا كان للدنيا عبدا .وفي صحيح الحديث بيان أدنى من ذلك في حال العبد ; قال النبي صلى الله عليه وسلم ; ( تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد الخميصة تعس عبد القطيفة تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش ) .ولا دناءة أعظم من عبادة الدينار والدرهم , ولا همة أخس من همة ترتفع بثوب جديد .كما أن الرجل يكون له ولده وزوجه عدوا كذلك المرأة يكون لها زوجها وولدها عدوا بهذا المعنى بعينه .وعموم قوله ; " من أزواجكم " يدخل فيه الذكر والأنثى لدخولهما في كل آية .والله أعلم .لَكُمْمعناه على أنفسكم .والحذر على النفس يكون بوجهين ; إما لضرر في البدن , وإما لضرر في الدين .وضرر البدن يتعلق بالدنيا , وضرر الدين يتعلق بالآخرة .فحذر الله سبحانه العبد من ذلك وأنذره به .فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌروى الطبري عن عكرمة في قوله تعالى ; " يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم " قال ; كان الرجل يريد أن يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيقول له أهله ; أين تذهب وتدعنا ؟ قال ; فإذا أسلم وفقه قال ; لأرجعن إلى الذين كانوا ينهون عن هذا الأمر , فلأفعلن ولأفعلن ; قال ; فأنزل الله عز وجل ; " وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم " .وقال مجاهد في قوله تعالى ; " يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم " قال ; ما عادوهم في الدنيا ولكن حملتهم مودتهم على أن أخذوا لهم الحرام فأعطوه إياهم .والآية عامة في كل معصية يرتكبها الإنسان بسبب الأهل والولد .وخصوص السبب لا يمنع عموم الحكم .
يقول تعالى ذكره; يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله ( إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ ) يصدونكم عن سبيل الله، ويثبطونكم عن طاعة الله ( فَاحْذَرُوهُمْ ) أن تقبلوا منهم ما يأمرونكم به من ترك طاعة الله.وذُكر أن هذه الآية نـزلت في قوم كانوا أرادوا الإسلام والهجرة، فثبَّطهم عن ذلك أزواجهم وأولادهم.* ذكر من قال ذلك;حدثنا أَبو كُرَيْب، قال; ثنا يحيى بن آدم وعبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن سِماك ، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال; سأله رجل عن هذه الآية ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ) قال; هؤلاء رجال أسلموا، فأرادوا أن يأتوا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم يأتوا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم؛ فلما أتَوا رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فرأوا الناس قد فقهوا في الدين، هموا أن يعاقبوهم، فأنـزل الله جلّ ثناؤه ( إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ ) .. الآية.حدثنا هناد بن السريّ، قال; ثنا أبو الأحوص، عن سِماك، عن عكرمة، في قوله; ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ) قال; كان الرجل يريد أن يأتي النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فيقول له أهله; أين تذهب وتدعنا ؟ قال; وإذا أسلم وفَقِه، قال; لأرجعنّ إلى الذين كانوا ينهون عن هذا الأمر فلأفعلنّ ولأفعلنّ ، فأنـزل الله جلّ ثناؤه; ( وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله; ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ) كان الرجل إذا أراد أن يهاجر من مكة إلى المدينة تمنعه زوجته وولده، ولم يألُوا يثبطوه عن ذلك، فقال الله; إنهم عدوّ لكم فاحذروهم واسمعوا وأطيعوا، وامضُوا لشأنكم، فكان الرجل بعد ذلك إذا مُنع وثبط مرّ بأهله وأقسم، والقسم يمين ليفعلنّ وليعاقبنّ أهله في ذلك، فقال الله جلّ ثناؤه ( وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .حدثنا ابن حميد، قال; ثنا سلمة، قال; ثني محمد بن إسحاق، عن بعض أصحابه، عن عطاء بن يسار قال; نـزلت سورة التغابن كلها بمكة، إلا هؤلاء الآيات ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ) نـزلت في عوف بن مالك الأشجعيّ، كان ذا أهل وولد، فكان إذا أراد الغزو بكوا إليه ورقَّقوه، فقالوا; إلى من تَدعنا ؟ فيرقّ ويقيم، فنـزلت; ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ) الآية كلها بالمدينة في عوف بن مالك وبقية الآيات إلى آخر السورة بالمدينة.حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أَبو عاصم، قال; ثنا عيسى ؛ وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، في قوله; ( إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ) قال; إنهما يحملانه على قطيعة رحمه، وعلى معصية ربه، فلا يستطيع مع حبه إلا أن يقطعه.حدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعًا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد مثله، إلا أنه قال; فلا يستطيع مع حبه إلا أن يطيعه.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قالا ثنا سعيد، عن قتادة ، قوله; ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ) .. الآية، قال; منهم من لا يأمر بطاعة الله، ولا ينهى عن معصيته، وكانوا يبطِّئون عن الهجرة إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم وعن الجهاد.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال ثنا ابن ثور، عن معمر ، عن قتادة، في قوله; ( إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ) قال; ينهون عن الإسلام، ويُبَطِّئُون عنه، وهم من الكفار فاحذروهم.حُدثت عن الحسين، قال; سمعت أبا معاذ يقول; ثنا عبيد، قال; سمعت الضحاك يقول في قوله; ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ ) .. الآية، قال; هذا في أناس من قبائل العرب كان يسلم الرجل أو النفر من الحيّ، فيخرجون من عشائرهم ويدعون أزواجهم وأولادهم وآباءهم عامدين إلى النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فتقوم عشائرهم وأزواجهم وأولادهم وآباؤهم، فيناشدونهم الله أن لا يفارقوهم، ولا يؤثروا عليهم غيرهم، فمنهم من يَرقّ ويرجع إليهم، ومنهم من يمضي حتى يلحق بنبيّ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.حدثنا أَبو كريب، قال; ثنا عثمان بن ناجية وزيد بن حباب، قالا ثنا يحيى بن واضح، جميعًا، عن الحسين بن واقد، قال; ثني عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال; " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فجاء الحسن والحسين رضي الله عنهما عليهما قميصان أحمران يعثران ويقومان، فنـزل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم فأخذهما فرفعهما فوضعهما في حِجْرِهِ ثم قال; " صَدَقَ الله ورَسُولُهُ; إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ رأَيْتُ هَذْينِ فَلَمْ أَصْبِرْ، ثم أخذ في خطبته " اللفظ لأبي كريب عن زيد.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله; ( إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ ) قال; يقول; عدوّا لكم في دينكم، فاحذروهم على دينكم.حدثني محمد بن عمرو بن علىّ المقدميّ، قال ثنا أشعث بن عبد الله قال; ثنا شعبة، عن إسماعيل بن أبي خالد، في قوله; ( إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ) قال; كان الرجل يسلم ، فيلومه أهله وبنوه، فنـزلت; ( إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ ) .وقوله; ( وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا ) يقول; إن تعفوا أيها المؤمنون عما سلف منهم من صدّهم إياكم عن الإسلام والهجرة وتصفحوا لهم عن عقوبتكم إياهم على ذلك، وتغفروا لهم غير ذلك من الذنوب ( فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) لكم لمن تاب من عباده، من ذنوبكم ( رَحِيمٌ ) بكم أن يعاقبكم عليها من بعد توبتكم منها.
هذا تحذير من الله للمؤمنين، من الاغترار بالأزواج والأولاد، فإن بعضهم عدو لكم، والعدو هو الذي يريد لك الشر، ووظيفتك الحذر ممن هذه وصفه والنفس مجبولة على محبة الأزواج والأولاد، فنصح تعالى عباده أن توجب لهم هذه المحبة الانقياد لمطالب الأزواج والأولاد، ولو كان فيها ما فيها من المحذور الشرعي ورغبهم في امتثال أوامره، وتقديم مرضاته بما عنده من الأجر العظيم المشتمل على المطالب العالية والمحاب الغالية، وأن يؤثروا الآخرة على الدنيا الفانية المنقضية، ولما كان النهي عن طاعة الأزواج والأولاد، فيما هو ضرر على العبد، والتحذير من ذلك، قد يوهم الغلظة عليهم وعقابهم، أمر تعالى بالحذر منهم، والصفح عنهم والعفو، فإن في ذلك، من المصالح ما لا يمكن حصره، فقال: { وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } لأن الجزاء من جنس العمل.فمن عفا عفا الله عنه، ومن صفح صفح الله عنه، ومن غفر غفر الله له، ومن عامل الله فيما يحب، وعامل عباده كما يحبون وينفعهم، نال محبة الله ومحبة عباده، واستوثق له أمره.
(من أزواجكم) متعلّق بخبر إنّ
(لكم) متعلّق بـ (عدوّا) ،
(الفاء) عاطفة لربط المسبّب بالسببـ (الواو) عاطفة في المواضع الثلاثة
(الفاء) رابطة لجواب الشرط.
جملة: «النداء ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «آمنوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «إنّ من أزواجكم ... عدوّا» لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «احذروهم ... » لا محلّ لها معطوفة على استئناف مسبّب عما سبق أي: تنّبهوا فاحذروهم.
وجملة: «تعفوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة: «تصفحوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة: «تغفروا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة: «إنّ اللَّه غفور» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
15-
(إنّما) كافّة ومكفوفة
(الواو) عاطفة في الموضعين
(عنده) ظرف منصوب متعلّق بخبر مقدّم للمبتدأ
(أجر) .
وجملة: «أموالكم ... فتنة» لا محلّ لها استئناف في حيّز جواب النداء.وجملة: «اللَّه عنده أجر» لا محلّ لها معطوفة على جملة أموالكم ... فتنة.
وجملة: «عنده أجر» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(اللَّه) .
16-
(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر
(ما) حرف مصدريّ ظرفيّ
(الواو) عاطفة في المواضع الأربعة..
والمصدر المؤوّلـ (ما استطعتم) في محلّ نصب ظرف زمان متعلّق بـ (اتّقوا) ، أي: اتّقوا اللَّه مدة استطاعتكم
(خيرا) خبر يكن المقدّر مع اسمه أي: أنفقوا يكن الإنفاق خيرا لأنفسكم ،
(لأنفسكم) متعلّق بـ (خيرا)
(من) اسم شرط جازم في محلّ رفع مبتدأ
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(هم) ضمير فصل ..
وجملة: «اتّقوا اللَّه ... » في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي: إن قمتم إلى الطاعة فاتّقوا اللَّه....وجملة: «استطعتم ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(ما) .
وجملة: «اسمعوا ... » معطوفة على جملة اتّقوا ...وجملة: «أطيعوا ... » معطوفة على جملة اتّقوا ...وجملة: «أنفقوا ... » معطوفة على جملة اتّقوا ...وجملة: «
(يكن الإنفاق) خيرا ... » لا محلّ لها جواب شرط مقدّر غير مقترنة بالفاء.وجملة: «من يوق ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الشرط المقدّرة .
وجملة: «يوق ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(من) .
وجملة: «أولئك ... المفلحون» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
17- 18-
(قرضا) مفعول مطلق منصوب ،
(لكم) متعلّق بـ (يضاعفه) ، و (لكم) الثاني متعلّق بـ (يغفر) ،
(شكور، حليم، عالم، العزيز، الحكيم) أخبار عن المبتدأ
(اللَّه) .
وجملة: «تقرضوا ... » لا محلّ لها استئناف في حيّز جواب النداء.
وجملة: «يضاعفه ... » لا محلّ لها جواب الشرط غير مقترنة بالفاء.
وجملة: «يغفر ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب الشرط.
وجملة: «اللَّه شكور ... » لا محلّ لها استئنافيّة .
انتهت سورة «التغابن» ويليها سورة «الطلاق»بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الطّلاق
آياتها 12 آية
[سورة الطلاق
(65) : الآيات 1 الى 3]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً
(1) فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً
(2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
(3)