فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُم بِـَٔايٰتِهِۦ مُؤْمِنِينَ
فَـكُلُوۡا مِمَّا ذُكِرَ اسۡمُ اللّٰهِ عَلَيۡهِ اِنۡ كُنۡتُمۡ بِاٰيٰتِهٖ مُؤۡمِنِيۡنَ
تفسير ميسر:
فكلوا من الذبائح التي ذُكِرَ اسم الله عليها، إن كنتم ببراهين الله تعالى الواضحة مصدقين.
هذا إباحة من الله لعباده المؤمنين أن يأكلوا من الذبائح ما ذكر عليه اسمه ومفهومه أنه لا يباح ما لم يذكر اسم الله عليه كما كان يستبيحه كفار قريش من أكل الميتات وأكل ما ذبح على النصب وغيرها ثم ندب إلى الأكل مما ذكر اسم الله عليه.
قوله تعالى ; فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنينفكلوا مما ذكر اسم الله عليه نزلت بسبب أناس أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا ; يا رسول الله ، إنا نأكل ما نقتل ولا نأكل ما قتل الله ؟ فنزلت فكلوا إلى قوله ; وإن أطعتموهم إنكم لمشركون خرجه الترمذي وغيره . قال عطاء ; هذه الآية أمر بذكر اسم الله على الشراب والذبح وكل مطعوم .إن كنتم بآياته مؤمنين أي بأحكامه وأوامره آخذين ; فإن الإيمان بها يتضمن ويقتضي الأخذ بها والانقياد لها .
القول في تأويل قوله ; فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ (118)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وعباده المؤمنين به وبآياته; " فكلوا "، أيها المؤمنون، مما ذكّيتم من ذبائحكم وذبحتموه الذبح الذي بينت لكم أنه تحلّ به الذبيحة لكم, وذلك ما ذبحه المؤمنون بي من أهل دينكم دين الحق, أو ذبحه مَنْ دان بتوحيدي من أهل الكتاب, دون ما ذبحه أهل الأوثان ومَنْ لا كتاب له من المجوس =(إن كنتم بآياته مؤمنين)، يقول; إن كنتم بحجج الله التي أتتكم وأعلامه، بإحلال ما أحللت لكم، وتحريم ما حرمت عليكم من المطاعم والمآكل، مصدّقين, ودَعوا عنكم زخرف ما توحيه الشياطين بعضها إلى بعض من زخرف القول لكم، وتلبيس دينكم عليكم غرورًا .* * *وكان عطاء يقول في ذلك ما;-13790- حدثنا به محمد بن بشار ومحمد بن المثنى قالا حدثنا أبو عاصم قال، أخبرنا ابن جريج قال، قلت لعطاء قوله; (فكلوا مما ذكر اسم الله عليه)، قال; يأمر بذكر اسمه على الشراب والطعام والذبح. وكل شيء يدلّ على ذكره يأمر به .
تفسير الآيتين 118 و119 : يأمر تعالى عباده المؤمنين، بمقتضى الإيمان، وأنهم إن كانوا مؤمنين، فليأكلوا مما ذكر اسم الله عليه من بهيمة الأنعام، وغيرها من الحيوانات المحللة، ويعتقدوا حلها، ولا يفعلوا كما يفعل أهل الجاهلية من تحريم كثير من الحلال، ابتداعا من عند أنفسهم، وإضلالا من شياطينهم، فذكر الله أن علامة المؤمن مخالفة أهل الجاهلية، في هذه العادة الذميمة، المتضمنة لتغيير شرع الله، وأنه، أي شيء يمنعهم من أكل ما ذكر اسم الله عليه، وقد فصل الله لعباده ما حرم عليهم، وبينه، ووضحه؟ فلم يبق فيه إشكال ولا شبهة، توجب أن يمتنع من أكل بعض الحلال، خوفا من الوقوع في الحرام، ودلت الآية الكريمة، على أن الأصل في الأشياء والأطعمة الإباحة، وأنه إذا لم يرد الشرع بتحريم شيء منها، فإنه باق على الإباحة، فما سكت الله عنه فهو حلال، لأن الحرام قد فصله الله، فما لم يفصله الله فليس بحرام. ومع ذلك، فالحرام الذي قد فصله الله وأوضحه، قد أباحه عند الضرورة والمخمصة، كما قال تعالى: { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ } إلى أن قال: { فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } ثم حذر عن كثير من الناس، فقال: { وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ } أي: بمجرد ما تهوى أنفسهم { بِغَيْرِ عِلْمٍ } ولا حجة. فليحذر العبد من أمثال هؤلاء، وعلامتُهم -كما وصفهم الله لعباده- أن دعوتهم غير مبنية على برهان، ولا لهم حجة شرعية، وإنما يوجد لهم شبه بحسب أهوائهم الفاسدة، وآرائهم القاصرة، فهؤلاء معتدون على شرع الله وعلى عباد الله، والله لا يحب المعتدين، بخلاف الهادين المهتدين، فإنهم يدعون إلى الحق والهدى، ويؤيدون دعوتهم بالحجج العقلية والنقلية، ولا يتبعون في دعوتهم إلا رضا ربهم والقرب منه.
(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر
(كلوا) فعل أمر مبني على حذف النون ... والواو فاعلـ (من) حرف جر
(ما) اسم موصول مبني في محلّ جر متعلق بـ (كلوا) ،
(ذكر) فعل ماض مبني للمجهولـ (اسم) نائب فاعل مرفوع
(الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور
(على)حرف جر و (الهاء) ضمير في محلّ جر متعلق بـ (ذكر)
(إن) حرف شرط جازم
(كنتم) فعل ماض ناقص- ناسخ- مبني على السكون في محلّ جزم فعل الشرط ... و (تم) ضمير اسم كان
(بآيات) جار ومجرور متعلق بمؤمنين و (الهاء) مضاف إليه
(مؤمنين) خبر كنتم منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة: «كلوا ... » في محلّ جزم جواب شرط مقدر أي: إن كنتم أيها المسلمون محقين في الإيمان فكلوا ...وجملة «ذكر اسم..» لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة «كنتم مؤمنين» لا محلّ لها تفسير للشرط المقدر المتقدم، وجواب الشرط الثاني محذوف دل عليه جواب الشرط الأول.
(الواو) عاطفة
(ما) اسم استفهام مبني في محلّ رفع مبتدأ
(اللام) حرف جر و (كم) ضمير في محلّ جر متعلق بمحذوف خبر ما
(أن) حرف مصدري
(لا) نافية
(تأكلوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون ... والواو فاعل.
والمصدر المؤولـ (ألا تأكلوا) في محلّ جر بحرف جر محذوف متعلق بمحذوف حال أي: ما لكم في عدم أكلكم.
(مما ذكر ... عليه) مثل الأولى
(الواو) حالية
(قد) حرف تحقيق
(فصّل) فعل ماض، والفاعل هو (لكم) مثل الأول متعلق بـ (فصل) ،
(ما) اسم موصول مبني في محلّ نصب مفعول به
(حرم عليكم) مثل فصّل لكم
(إلا) حرف للاستثناء المتصل أو المنقطع
(ما) مثل المتقدم منصوب على الاستثناء
(اضطررتم) فعل ماض مبني للمجهول ... و (تم) ضمير نائبفاعلـ (إلى) حرف جر و (الهاء) ضمير في محلّ جر متعلق بـ (اضطررتم) ،
(الواو) استئنافية
(إن) حرف مشبه بالفعل- ناسخ-
(كثيرا) اسم إنّ منصوبـ (اللام) للتوكيد
(يضلون) مضارع مرفوع ...والواو فاعلـ (بأهواء) جار ومجرور متعلق بـ (يضلون) والباء سببية و (هم) ضمير مضاف إليه
(بغير) جار ومجرور متعلق بحال من فاعل يضلّون، أي متلبسين بغير علم
(علم) مضاف إليه مجرور
(إن ربك ... بالمعتدين) مرّ إعراب نظيرها .
وجملة «ما لكم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الشرط المقدرة.
وجملة «تأكلوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي(أن) .
وجملة «ذكر اسم الله» لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة «فصّل لكم ... » في محلّ نصب حال.
وجملة «حرّم عليكم» لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) الثاني.
وجملة «اضطررتم..» لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) الثالث.
وجملة «إن كثيرا ليضلون» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «يضلون..» في محلّ رفع خبر إن.
وجملة «إن ربك هو أعلم» لا محلّ لها استئنافيّة.