كَمَثَلِ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ۖ ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ
كَمَثَلِ الَّذِيۡنَ مِنۡ قَبۡلِهِمۡ قَرِيۡبًا ذَاقُوۡا وَبَالَ اَمۡرِهِمۡۚ وَلَهُمۡ عَذَابٌ اَلِيۡمٌۚ
تفسير ميسر:
مثل هؤلاء اليهود فيما حلَّ بهم من عقوبة الله كمثل كفار قريش يوم "بدر"، ويهود بني قينقاع، حيث ذاقوا سوء عاقبة كفرهم وعداوتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا، ولهم في الآخرة عذاب أليم موجع.
قال مجاهد والسدي ومقاتل بن حيان يعني كمثل ما أصاب كفار قريش يوم بدر وقال ابن عباس "كمثل الذين من قبلهم" يعني يهود بني قينقاع وكذا قال قتادة ومحمد بن إسحاق وهذا القول أشبه بالصواب فإن يهود بني قينقاع كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجلاهم قبل هذا.
قوله تعالى ; كمثل الذين من قبلهم قريبا ذاقوا وبال أمرهم ولهم عذاب أليمقال ابن عباس ; يعني به قينقاع ; أمكن الله منهم قبل بني النضير . وقال قتادة ; يعني بني النضير ; أمكن الله منهم قبل قريظة . مجاهد ; يعني كفار قريش يوم بدر . وقيل ; هو عام في كل [ ص; 34 ] من انتقم منه على كفره قبل بني النضير من نوح إلى محمد صلى الله عليه وسلم . ومعنى وبال جزاء كفرهم . ومن قال ; هم بنو قريظة ، جعل وبال أمرهم نزولهم على حكم سعد بن معاذ ; فحكم فيهم بقتل المقاتلة وسبي الذرية . وهو قول الضحاك . ومن قال ; المراد بنو النضير قال ; وبال أمرهم الجلاء والنفي . وكان بين النضير وقريظة سنتان . وكانت وقعة بدر قبل غزوة بني النضير بستة أشهر ، فلذلك قال ; قريبا ، وقد قال قوم ; غزوة بني النضير بعد وقعة أحد . ولهم عذاب أليم في الآخرة .
القول في تأويل قوله تعالى ; كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (15)يقول تعالى ذكره; مثل هؤلاء اليهود من بني النضير والمنافقين فيما الله صانع بهم من إحلال عقوبته بهم ( كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) يقول; كشبههم.واختلف أهل التأويل في الذين عنوا الذين من قبلهم، فقال بعضهم; عنى بذلك بنو قَيْنُقَاع.* ذكر من قال ذلك;حدثنا ابن حُمَيْد، قال; ثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن محمد بن أَبي محمد، عن عكرمة أو سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، قوله; ( كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) يعني; بني قينُقاع.وقال آخرون; عني بذلك مشركو قريش ببدر.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أَبو عاصم قال; ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد في قوله; ( كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ ) قال; كفار قريش.وأولى الأقوال بالصواب إن يقال; إن الله عزّ وجلّ مثل هؤلاء الكفار من أهل الكتاب مما هو مذيقهم من نكاله بالذين من قبلهم من مكذّبي رسوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، الذين أهلكهم بسخطه، وأمر بني قينقاع ووقعة بدر، كانا قبل، جلاء بني النضير، وكلّ أولئك قد ذاقوا وبال أمرهم، ولم يخصص الله عز وجلّ منهم بعضًا في تمثيل هؤلاء بهم دون بعض، وكلّ ذائق وبال أمره، فمن قربت مدته منهم قبلهم، فهم ممثلون بهم فيما عُنُوا به من المثل.وقوله; ( ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ ) يقول; نالهم عقاب الله على كفرهم به.وقوله; ( وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) يقول; ولهم في الآخرة مع ما نالهم في الدنيا من الخزي عذاب أليم، يعني; موجع.
وعدم نصر من وعدهم بالمعاونة { كَمَثَلِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَرِيبًا } وهم كفار قريش الذين زين لهم الشيطان أعمالهم، وقال: { لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ [وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ] } الآية. فغرتهم أنفسهم، وغرهم من غرهم، الذين لم ينفعوهم، ولم يدفعوا عنهم العذاب، حتى أتوا \"بدرا\" بفخرهم وخيلائهم، ظانين أنهم مدركون برسول الله والمؤمنين أمانيهم.فنصر الله رسوله والمؤمنين عليهم، فقتلوا كبارهم وصناديدهم، وأسروا من أسروا منهم، وفر من فر، وذاقوا بذلك وبال أمرهم وعاقبة شركهم وبغيهم، هذا في الدنيا، { وَلَهُمْ } في الآخرة عذاب النار.
(كمثل) خبر لمبتدأ محذوف تقديره مثلهم
(من قبلهم) متعلّق بمحذوف صلة الموصول الذين
(قريبا) ظرف زمان منصوب متعلّق بالاستقرار الذي هو خبر ،
(الواو) عاطفة
(لهم) متعلّق بخبر مقدّم للمبتدأ
(عذاب) ..
جملة: «
(مثلهم) كمثل ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «ذاقوا ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «لهم عذاب ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة ذاقوا.
16-
(كمثل) مثل الأول ،
(إذ) ظرف للزمن الماضي في محلّ نصب متعلّق بالاستقرار الذي هو خبر
(للإنسان) متعلّق بـ (قال) ،
(الفاء) عاطفة
(لمّا) ظرف بمعنى حين متضمّن معنى الشرط متعلّق بالجواب قالـ (منك) متعلّق بـ (بريء) ،
(ربّ) نعت للفظ الجلالة منصوب..
وجملة: «
(مثلهم) كمثل ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «قال ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «اكفر ... » في محلّ نصب مقول القول.وجملة: «كفر ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «قالـ (الثانية) » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «إنّي بريء ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «إنّي أخاف ... » لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: «أخاف ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
17-
(الفاء) استئنافيّة
(في النار) متعلّق بخبر أنّ
(خالدين) حال من ضمير الاستقرار الذي هو خبر أنّ.
والمصدر المؤوّلـ (أنّهما في النار..) في محلّ رفع اسم كان مؤخّر.
(الواو) استئنافيّة، والإشارة في(ذلك) إلى العذاب..
وجملة: «كان عاقبتهما ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «ذلك جزاء» لا محلّ لها تعليليّة.