الرسم العثمانييٰٓأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوٓا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِى الْمَجٰلِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجٰتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ
الـرسـم الإمـلائـييٰۤاَيُّهَا الَّذِيۡنَ اٰمَنُوۡۤا اِذَا قِيۡلَ لَـكُمۡ تَفَسَّحُوۡا فِى الۡمَجٰلِسِ فَافۡسَحُوۡا يَفۡسَحِ اللّٰهُ لَـكُمۡ ۚ وَاِذَا قِيۡلَ انْشُزُوۡا فَانْشُزُوۡا يَرۡفَعِ اللّٰهُ الَّذِيۡنَ اٰمَنُوۡا مِنۡكُمۡ ۙ وَالَّذِيۡنَ اُوۡتُوا الۡعِلۡمَ دَرَجٰتٍ ؕ وَاللّٰهُ بِمَا تَعۡمَلُوۡنَ خَبِيۡرٌ
تفسير ميسر:
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، إذا طُلب منكم أن يوسع بعضكم لبعض المجالس فأوسعوا، يوسع الله عليكم في الدنيا والآخرة، وإذا طلب منكم- أيها المؤمنون- أن تقوموا من مجالسكم لأمر من الأمور التي يكون فيها خير لكم فقوموا، يرفع الله مكانة المؤمنين المخلصين منكم، ويرفع مكانة أهل العلم درجات كثيرة في الثواب ومراتب الرضوان، والله تعالى خبير بأعمالكم لا يخفى عليه شيء منها، وهو مجازيكم عليها. وفي الآية تنويه بمكانة العلماء وفضلهم، ورفع درجاتهم.
يقول تعالى مؤدبا عباده المؤمنين وآمرا لهم أن يحسن بعضهم إلى بعض في المجالس "يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس" وقريء "في المجلس" "فافسحوا يفسح الله لكم" وذلك أن الجزاء من جنس العمل كما جاء في الحديث الصحيح "من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة" وفي الحديث الآخر "ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه" ولهذا أشباه كثيرة ولهذا قال تعالى "فافسحوا يفسح الله لكم" قال قتادة نزلت هذه الآية في مجالس الذكر وذلك أنهم كانوا إذا رأوا أحدهم مقبلا ضنوا بمجالسهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرهم الله تعالى أن يفسح بعضهم لبعض. وقال مقاتل بن حيان أنزلت هذه الآية يوم الجمعة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ فى الصفة وفى المكان ضيق وكان يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار فجاء ناس من أهل بدر وقد سبقوا إلى المجالس فقاموا حيال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته فرد النبى صلى الله عليه وسلم عليهم ثم سلموا إلى القوم بعد ذلك فردوا عليهم فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم فعرف النبي صلى الله عليه وسلم ما يحملهم على القيام فلم يفسح لهم فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم فقال لمن حوله من المهاجرين والأنصار من غير أهل بدر "قم يا فلان وأنت يا فلان" فلم يزل يقيمهم بعدة النفر الذين هم قيام بين يديه من المهاجرين والأنصار من أهل بدر فشق ذلك على من أقيم من مجلسه وعرف النبي صلى الله عليه وسلم الكراهة في وجوههم فقال المنافقون ألستم تزعمون أن صاحبكم هذا يعدل بين الناس ؟ والله ما رأيناه قبل عدل على هؤلاء إن قوما أخذوا مجالسهم وأحبوا القرب من نبيهم فاقامهم وأجلس من أبطأ عنه فبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "رحم الله رجلا يفسح لأخيه" فجعلوا يقومون بعد ذلك سراعا فيفسح القوم لإخوانهم ونزلت هذه الآية يوم الجمعة. رواه ابن أبي حاتم وقد قال الإمام أحمد والشافعي حدثنا سفيان عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه فيجلس فيه ولكن تفسحوا وتوسعوا" وأخرجاه في الصحيحين من حديث نافع به. وقال الشافعي أخبرنا عبدالمجيد عن ابن جريج قال; قال سليمان بن موسى عن جابر عن عبدالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ولكن ليقل افسحوا" على شرط السنن ولم يخرجوه. وقال الإمام أحمد حدثنا عبدالملك بن عمرو حدثنا فليح عن أيوب عن عبدالرحمن بن صعصعة عن يعقوب بن أبي يعقوب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه ولكن افسحوا يفسح الله لكم" ورواه أيضا عن شريح بن يونس ويونس بن محمد المؤدب عن فليح به ولفظه "لا يقوم الرجل للرجل من مجلسه ولكن افسحوا يفسح الله لكم" تفرد به أحمد. وقد اختلف الفقهاء في جواز القيام للوارد إذا جاء على أقوال; فمنهم من رخص في ذلك محتجا بحديث "قوموا إلى سيدكم" ومنهم من منع من ذلك محتجا بحديث "من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار" ومنهم من فصل فقال يجوز عند القدوم من سفر وللحاكم في محل ولايته كما دل عليه قصة سعد بن معاذ فإنه لما استقدمه النبي صلى الله عليه وسلم حاكما في بني قريظة فرآه مقبلا قال للمسلمين "قوموا إلى سيدكم" وما ذاك إلا ليكون أنفذ لحكمه والله أعلم. فأما اتخاذه ديدنا فإنه من شعار العجم وقد جاء في السنن أنه لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان إذا جاء لا يقومون له لما يعلمون من كراهته لذلك. وفي الحديث المروي في السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجلس حيث انتهى به المجلس ولكن حيث يجلس يكون صدر ذلك المجلس فكان الصحابة رضي الله عنهم يجلسون منه على مراتبهم فالصديق رضي الله عنه يجلسه عن يمينه وعمر عن يساره وبين يديه غالبا عثمان وعلي لأنهما كانا ممن يكتب الوحي وكان يأمرهما بذلك كما رواه مسلم من حديث الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبي معمر عن أبي مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول; "ليليني منكم أولوا الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" وما ذاك إلا ليعقلوا عنه ما يقوله صلوات الله وسلامه عليه ولهذا أمر أولئك النفر بالقيام ليجلس الذين وردوا من أهل بدر إما لتقصير أولئك في حق البدريين أو ليأخذ البدريون من العلم نصيبهم كما أخذ أولئك قبلهم أو تعليما بتقديم الأفاضل إلى الأمام وقال الإمام أحمد حدثنا وكيع عن الأعمش عن عمارة بن عمير الليثي عن أبي معمر عن أبي مسعود قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول "استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ليليني منكم أولوا الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" قال أبو مسعود فأنتم اليوم أشد اختلافا. وكذا رواه مسلم وأهل السنن إلا الترمذي من طرق عن الأعمش به وإذا كان هذا أمره لهم في الصلاة أن يليه العقلاء منهم والعلماء فبطريق الأولى أن يكون ذلك في غير الصلاة. وروى أبو داود من حديث معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة عن عبدالله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال; "أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل ولينوا بأيدي إخوانكم ولا تذروا فرجات للشيطان ومن وصل صفا وصله الله ومن قطع صفا قطعه الله" ولهذا كان أبى بن كعب سيد القراء إذا انتهى إلى الصف الأول انتزع منه رجلا يكون من أفناد الناس ويدخل هو في الصف المقدم ويحتج بهذا الحديث "ليليني منكم أولوا الأحلام والنهى" وأما عبدالله بن عمر فكان لا يجلس في المكان الذي يقوم له صاحبه عنه عملا بمقتضى ما تقدم من روايته الحديث الذي أوردناه ولنقتصر على هذا المقدار من الأنموذج المتعلق بهذه الآية وإلا فبسطه يحتاج إلى غير هذا الموضع وفي الحديث الصحيح" بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ أقبل ثلاثة نفر فأما أحدهم فوجد فرجة في الحلقة فدخل فيها وأما الآخر فجلس وراء الناس وأدبر الثالث ذاهبا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ألا أنبئكم بخبر الثلاثة ؟ أما الأول فآوى إلى الله فآواه الله وأما الثانى فاستحيا فاستحيا الله منه وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه" وقال الإمام أحمد حدثنا عتاب بن زياد أخبرنا عبدالله أخبرنا أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبدالله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا يحل لرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما" ورواه أبو داود والترمذي من حديث أسامة بن زيد الليثي به وحسنه الترمذي وقد روي عن ابن عباس والحسن البصري وغيرهما أنهم قالوا في قوله تعالى "إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم" يعني في مجالس الحرب قالوا ومعنى قوله "وإذا قيل انشزوا فانشزوا" أي انهضوا للقتال وقال قتادة "وإذا قيل انشزوا فانشزوا" أي إذا دعيتم إلى خير فأجيبوا وقال مقاتل إذا دعيتم إلى الصلاة فارتفعوا إليها وقال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم كانوا إذا كانوا عند النبي صلى الله عليه وسلم في بيته فأرادوا الانصراف أحب كل منهم أن يكون هو آخرهم خروجا من عنده فربما يشق ذلك عليه عليه السلام وقد تكون له الحاجة فأمروا أنهم إذا أمروا بالانصراف أن ينصرفوا كقوله تعالى "وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا" وقوله تعالى "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير" أي لا تعتقدوا أنه إذا أفسح أحد منكم لأخيه إذا أقبل أو إذا أمر بالخروج فخرح أن يكون ذلك نقصا في حقه بل هو رفعة ورتبة عند الله والله تعالى لا يضيع ذلك له بل يجزيه بها في الدنيا والآخرة فإن من تواضع لأمر الله رفع الله قدره ونشر ذكره ولهذا قال تعالى "يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير" أي خبير بمن يستحق ذلك وبمن لا يستحقه قال الإمام أحمد حدثنا أبو كامل حدثنا إبراهيم حدثنا ابن شهاب عن أبي الطفيل عامر بن واثلة أن نافع بن عبدالحارث لقي عمر بن الخطاب بعسفان وكان عمر استعمله على مكة فقال له عمر من استخلفت على أهل الوادى ؟ قال استخلفت عليهم ابن أبزي رجل من موالينا فقال عمر استخلفت عليهم مولى ؟ فقال يا أمير المؤمنين إنه قارىء لكتاب الله عالم بالفرائض قاص فقال عمر رضي الله عنه أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال "إن الله يرفع بهذا الكتاب قوما ويضع به آخرين. وهكذا رواه مسلم من غير وجه عن الزهري به وروي من غير وجه عن عمر بنحوه وقد ذكرت فضل العلم وأهله وما ورد في ذلك من الأحاديث مستقصاة في شرح كتاب العلم من صحيح البخاري ولله الحمد والمنة.
قوله تعالى ; ياأيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم وإذا قيل انشزوا فانشزوا يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير فيه سبع مسائل ;الأولى ; قوله تعالى ; " يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجلس " لما بين أن اليهود يحيونه بما لم يحيه به الله وذمهم على ذلك ، وصل به الأمر بتحسين الأدب في مجالسة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى لا يضيقوا عليه المجلس ، وأمر المسلمين بالتعاطف والتآلف حتى يفسح بعضهم لبعض ، حتى يتمكنوا من الاستماع من رسول الله صلى الله عليه وسلم والنظر إليه . قال قتادة ومجاهد ; كانوا يتنافسون في مجلس النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمروا أن يفسح بعضهم لبعض . وقاله الضحاك . وقال ابن عباس ; المراد بذلك مجالس القتال إذا اصطفوا للحرب . قال الحسن ويزيد بن أبي حبيب ; كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قاتل المشركين تشاح أصحابه على الصف الأول فلا يوسع بعضهم لبعض ، رغبة في القتال والشهادة فنزلت . فيكون كقوله ; مقاعد للقتال . وقال مقاتل ; كان النبي صلى الله عليه وسلم في الصفة ، وكان في المكان ضيق يوم الجمعة ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار ، فجاء أناس من أهل بدر فيهم ثابت بن قيس بن شماس وقد سبقوا في المجلس ، فقاموا حيال النبي صلى الله عليه وسلم على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم فلم يفسحوا لهم ، فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال لمن حوله من غير أهل بدر ; قم يا فلان وأنت يا فلان بعدد القائمين من أهل بدر ، فشق ذلك على من أقيم ، وعرف النبي صلى الله عليه وسلم الكراهية في وجوههم ، فغمز المنافقون وتكلموا بأن قالوا ; ما أنصف هؤلاء وقد أحبوا القرب من نبيهم [ ص; 266 ] فسبقوا إلى المكان ، فأنزل الله عز وجل هذه الآية . تفسحوا أي ; توسعوا . وفسح فلان لأخيه في مجلسه يفسح فسحا أي ; وسع له ، ومنه قولهم ; بلد فسيح ولك في كذا فسحة ، وفسح يفسح مثل منع يمنع ، أي ; وسع في المجلس ، وفسح يفسح فساحة مثل كرم يكرم كرامة أي ; صار واسعا ، ومنه مكان فسيح .الثانية ; قرأ السلمي وزر بن حبيش وعاصم في المجالس . وقرأ قتادة وداود بن أبي هند والحسن باختلاف عنه " إذا قيل لكم تفاسحوا " الباقون " تفسحوا في المجلس " فمن جمع فلأن قول ; تفسحوا في المجالس ينبئ أن لكل واحد مجلسا . وكذلك إن أريد به الحرب . وكذلك يجوز أن يراد مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وجمع لأن لكل جالس مجلسا . وكذلك يجوز إن أريد بالمجلس المفرد مجلس النبي صلى الله عليه وسلم ، ويجوز أن يراد به الجمع على مذهب الجنس ، كقولهم ; كثر الدينار والدرهم .قلت ; الصحيح في الآية أنها عامة في كل مجلس اجتمع المسلمون فيه للخير والأجر ، سواء كان مجلس حرب أو ذكر أو مجلس يوم الجمعة ، فإن كل واحد أحق بمكانه الذي سبق إليه قال صلى الله عليه وسلم ; من سبق إلى ما لم يسبق إليه فهو أحق به ولكن يوسع لأخيه ما لم يتأذ فيخرجه الضيق عن موضعه . روى البخاري ومسلم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ; لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه . وعنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يقام الرجل من مجلسه ويجلس فيه آخر ، ولكن تفسحوا وتوسعوا . وكان ابن عمر يكره أن يقوم الرجل من مجلسه ثم يجلس مكانه . لفظ البخاري .الثالثة ; إذا قعد واحد من الناس في موضع من المسجد لا يجوز لغيره أن يقيمه حتى [ ص; 267 ] يقعد مكانه ، لما روى مسلم عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ; لا يقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة ثم يخالف إلى مقعده فيقعد فيه ولكن يقول ; افسحوا .فرع ; القاعد في المكان إذا قام حتى يقعد غيره موضعه نظر ؛ فإن كان الموضع الذي قام إليه مثل الأول في سماع كلام الإمام لم يكره له ذلك ، وإن كان أبعد من الإمام كره له ذلك ، لأن فيه تفويت حظه .الرابعة ; إذا أمر إنسان إنسانا أن يبكر إلى الجامع فيأخذ له مكانا يقعد فيه لا يكره ، فإذا جاء الآمر يقوم من الموضع ، لما روي ; أن ابن سيرين كان يرسل غلامه إلى مجلس له في يوم الجمعة فيجلس له فيه ، فإذا جاء قام له منه .فرع ; وعلى هذا من أرسل بساطا أو سجادة فتبسط له في موضع من المسجد .الخامسة ; روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ; إذا قام أحدكم - وفي حديث أبي عوانة من قام من مجلسه - ثم رجع إليه فهو أحق به قال علماؤنا ; هذا يدل على صحة القول بوجوب اختصاص الجالس بموضعه إلى أن يقوم منه ، لأنه إذا كان أولى به بعد قيامه فقبله أولى به وأحرى . وقد قيل ; إن ذلك على الندب ، لأنه موضع غير متملك لأحد لا قبل الجلوس ولا بعده . وهذا فيه نظر ، وهو أن يقال ; سلمنا أنه غير متملك لكنه يختص به إلى أن يفرغ غرضه منه ، فصار كأنه يملك منفعته ؛ إذ قد منع غيره من أن يزاحمه عليه . والله أعلم .السادسة ; قوله تعالى ; يفسح الله لكم أي ; في قبوركم . وقيل ; في قلوبكم . وقيل ; يوسع عليكم في الدنيا والآخرة .وإذا قيل انشزوا فانشزوا قرأ نافع وابن عامر وعاصم بضم الشين فيهما . وكسر الباقون ، وهما لغتان مثل يعكفون و يعرشون والمعنى ; انهضوا إلى الصلاة والجهاد وعمل الخير ، قال أكثر المفسرين . وقال مجاهد والضحاك ; إذا نودي للصلاة فقوموا إليها . وذلك أن رجالا تثاقلوا عن الصلاة فنزلت . وقال الحسن ومجاهد أيضا ; أي ; انهضوا إلى الحرب . وقال ابن زيد ; هذا في بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، كان كل رجل منهم يحب أن يكون آخر عهده بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فقال الله تعالى ; وإذا قيل انشزوا عن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص; 268 ] فانشزوا ؛ فإن له حوائج فلا تمكثوا . وقال قتادة ; المعنى أجيبوا إذا دعيتم إلى أمر بمعروف ، وهذا هو الصحيح ؛ لأنه يعم . والنشز ; الارتفاع ، مأخوذ من نشز الأرض وهو ارتفاعها ، يقال ; نشز ينشز وينشز إذا انتحى من موضعه ، أي ; ارتفع منه . وامرأة ناشز منتحية عن زوجها . وأصل هذا من النشز ، والنشز هو ما ارتفع من الأرض وتنحى ؛ ذكره النحاس .السابعة ; قوله تعالى ; يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات أي ; في الثواب في الآخرة وفي الكرامة في الدنيا ، فيرفع المؤمن على من ليس بمؤمن ، والعالم على من ليس بعالم . وقال ابن مسعود ; مدح الله العلماء في هذه الآية . والمعنى أنه يرفع الله الذين أوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم درجات أي ; درجات في دينهم إذا فعلوا ما أمروا به . وقيل ; كان أهل الغنى يكرهون أن يزاحمهم من يلبس الصوف فيستبقون إلى مجلس النبي صلى الله عليه وسلم ، فالخطاب لهم . ورأى عليه الصلاة والسلام رجلا من الأغنياء يقبض ثوبه نفورا من بعض الفقراء أراد أن يجلس إليه فقال ; يا فلان خشيت أن يتعدى غناك إليه أو فقره إليك وبين في هذه الآية أن الرفعة عند الله تعالى بالعلم والإيمان لا بالسبق إلى صدور المجالس . وقيل ; أراد بالذين أوتوا العلم الذين قرءوا القرآن . وقال يحيى بن يحيى عن مالك ; يرفع الله الذين آمنوا منكم الصحابة والذين أوتوا العلم درجات يرفع الله بها العالم والطالب للحق .قلت ; والعموم أوقع في المسألة وأولى بمعنى الآية ، فيرفع المؤمن بإيمانه أولا ثم بعلمه ثانيا . وفي الصحيح أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقدم عبد الله بن عباس على الصحابة ، فكلموه في ذلك فدعاهم ودعاه ، وسألهم عن تفسير إذا جاء نصر الله والفتح فسكتوا ، فقال ابن عباس ; هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه الله إياه . فقال عمر ; ما أعلم منها إلا ما تعلم . وفي البخاري عن عبد الله بن عباس قال ; قدم عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر فنزل على ابن أخيه الحر بن قيس بن حصن ، وكان من النفر الذين يدنيهم عمر ، وكان القراء أصحاب مجالس عمر ومشاورته كهولا كانوا أو شبانا . الحديث ، وقد مضى في آخر ( الأعراف ) . وفي صحيح مسلم أن نافع بن الحارث لقي عمر بعسفان وكان عمر [ ص; 269 ] يستعمله على مكة فقال ; من استعملته على أهل الوادي ؟ فقال ; ابن أبزى . فقال ; ومن ابن أبزى ؟ قال ; مولى من موالينا . قال ; فاستخلفت عليهم مولى ! قال ; إنه قارئ لكتاب الله وإنه عالم بالفرائض . قال عمر ; أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال ; إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين وقد مضى أول الكتاب . ومضى القول في فضل العلم والعلماء في غير موضع من هذا الكتاب والحمد لله . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ; بين العالم والعابد مائة درجة ، بين كل درجتين حضر الجواد المضمر سبعين سنة . وعنه صلى الله عليه وسلم ; فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب . وعنه عليه الصلاة والسلام ; يشفع يوم القيامة ثلاثة ; الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء فأعظم بمنزلة هي واسطة بين النبوة والشهادة بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم . وعن ابن عباس ; خير سليمان عليه السلام بين العلم والمال والملك فاختار العلم فأعطي المال والملك معه .
القول في تأويل قوله تعالى ; يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (11)يقول تعالى ذكره; يا أيها الذين صدّقوا الله ورسوله (إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ )، يعني بقوله; تفسَّحوا; توسعوا، من قولهم مكان فسيح إذا كان واسعًا.واختلف أهل التأويل في المجلس الذي أمر الله المؤمنين بالتفسح فيه، فقال بعضهم; ذلك كان مجلس النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم خاصة.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله; (تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ ) قال; مجلس النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم كان يقال ذاك خاصة.حدثنا الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، &; 23-244 &; عن مجاهد، مثله.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله; (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ ) ... الآية، كانوا إذا رأوا من جاءهم مقبلا ضنُّوا بمجلسهم عند رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فأمرهم أن يفسح بعضهم لبعض.حُدثت عن الحسين، قال; سمعت أبا معاذ يقول; أخبرنا عبيد، قال; سمعت الضحاك يقول، في قوله; (إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ ) قال; كان هذا للنبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ومن حوله خاصة يقول; استوسعوا حتى يصيب كلّ رجل منكم مجلسًا من النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، وهي أيضًا مقاعد للقتال.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله; (تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ ) قال; كان الناس يتنافسون في مجلس النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقيل لهم; (إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا ) .حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قول الله; (إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ) قال; هذا مجلس رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، كان الرجل يأتي فيقول; افسحوا لي رحمكم الله، فيضنّ كلّ أحد منهم بقربه من رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فأمرهم الله بذلك، ورأى أنه خير لهم.وقال آخرون; بل عُنِيَ بذلك في مجالس القتال إذا اصطفوا للحرب.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله; (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا &; 23-245 &; فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ) قال; ذلك في مجلس القتال.والصواب من القول في ذلك أن يقال; إن الله تعالى ذكره أمر المؤمنين أن يتفسحوا في المجلس، ولم يخصص بذلك مجلس النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم دون مجلس القتال، وكلا الموضعين يقال له مجلس، فذلك على جميع المجالس من مجالس رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، ومجالس القتال.واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الأمصار (تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ ) على التوحيد، غير الحسن البصري وعاصم، فإنهما قرآ ذلك (فِي الْمَجَالِسِ ) على الجماع . وبالتوحيد قراءة ذلك عندنا لإجماع الحجة من القرّاء عليه.وقوله; (فَافْسَحُوا ) يقول; فوسعوا، (يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ) يقول; يوسع الله منازلكم في الجنة، (وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا ) يقول تعالى ذكره; وإذا قيل ارتفعوا، وإنما يُرَاد بذلك; وإذا قيل لكم قوموا إلى قتال عدوّ، أو صلاة، أو عمل خير، أو تفرّقوا عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقوموا.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس (وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا ) إلى (وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) قال; إذا قيل; انشزوا فانشزوا إلى الخير والصلاة.حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد، في قوله; (فَانْشُزُوا ) قال; إلى كلّ خير، قتال عدوّ، أو أمر بالمعروف، أو حقّ ما كان.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله; (وَإِذَا &; 23-246 &; قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا ) يقول; إذا دعيتم إلى خير فأجيبوا. وقال الحسن; هذا كله في الغزو.حدثت عن الحسين، قال; سمعت أبا معاذ يقول; ثنا عبيد، قال; سمعت الضحاك يقول في قوله; (وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا ) ; كان إذا نودي للصلاة تثاقل رجال، فأمرهم الله إذا نودي للصلاة أن يرتفعوا إليها، يقوموا إليها.وحدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله; (وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا ) قال; انشزوا عن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، قال; هذا في بيته إذا قيل انشزوا، فارتفعوا عن النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فإن له حوائج، فأحبّ كلّ رجل منهم أن يكون آخر عهده برسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقال; (وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا فَانْشُزُوا ) .وإنما اخترت التأويل الذي قلت في ذلك، لأن الله عز وجل أمر المؤمنين إذا قيل لهم انشزوا، أن ينشزوا، فعم بذلك الأمر جميع معاني النشوز من الخيرات، فذلك على عمومه حتى يخصه ما يجب التسليم له.واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة (فَانْشُزُوا ) بضم الشين، وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة والبصرة بكسرها.والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان، ولغتان مشهورتان بمنـزلة يعكفُون ويعكِفون، ويعرُشون ويعرِشون، فبأيّ القراءتين قرأ القارئ فمصيب.قوله; (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ) يقول تعالى ذكره; يرفع الله المؤمنين منكم أيها القوم بطاعتهم ربهم، فيما أمرهم به من التفسح في المجلس إذا قيل لهم تفسحوا، أو بنشوزهم إلى الخيرات إذا قيل لهم انشزوا إليها، ويرفع الله الذين أوتوا العلم من أهل الإيمان على المؤمنين، الذين لم يؤتوا العلم بفضل علمهم درجات، إذا عملوا بما أمروا به.كما حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله; &; 23-247 &; (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ) إن بالعلم لأهله فضلا وإن له على أهله حقًا، ولعمري للحقّ عليك أيها العالم فضل، والله معطي كل ذي فضل فضله.وكان مطرف بن عبد الله بن الشِّخِّير يقول; فضل العلم أحبّ إليّ من فضل العبادة، وخير دينكم الورع.وكان عبد الله بن مطرف يقول; إنك لتلقى الرجلين أحدهما أكثر صومًا وصلاة وصدقة، والآخر أفضل منه بونًا بعيدًا، قيل له; وكيف ذاك؟ فقال; هو أشدّهما ورعًا لله عن محارمه.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله; (يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ) في دينهم إذا فعلوا ما أمروا به.وقوله; (وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) يقول تعالى ذكره; والله بأعمالكم أيها الناس ذو خبرة، لا يخفى عليه المطيع منكم ربه من العاصي، وهو مجاز جميعكم بعمله المحسن بإحسانه، والمسيء بالذي هو أهله، أو يعفو.--------------------------------------------------------------------------------الهوامش;(1) المراد من هذه العبارة أن عدم تأتي النهى عن الرؤيا المنامية، وتقدم النهي عن المناجاة بمعنى المسارة، يوضحان ما اختاره، من أن النجوى معناه المسارة، تأمل.
هذا تأديب من الله لعباده المؤمنين، إذا اجتمعوا في مجلس من مجالس مجتمعاتهم، واحتاج بعضهم أو بعض القادمين عليهم للتفسح له في المجلس، فإن من الأدب أن يفسحوا له تحصيلا لهذا المقصود.وليس ذلك بضار للجالس شيئا، فيحصل مقصود أخيه من غير ضرر يلحقه هو، والجزاء من جنس العمل، فإن من فسح فسح الله له، ومن وسع لأخيه، وسع الله عليه.{ وَإِذَا قِيلَ انْشُزُوا } أي: ارتفعوا وتنحوا عن مجالسكم لحاجة تعرض، { فَانْشُزُوا } أي: فبادروا للقيام لتحصيل تلك المصلحة، فإن القيام بمثل هذه الأمور من العلم والإيمان، والله تعالى يرفع أهل العلم والإيمان درجات بحسب ما خصهم الله به، من العلم والإيمان.{ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } فيجازي كل عامل بعمله، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.وفي هذه الآية فضيلة العلم، وأن زينته وثمرته التأدب بآدابه والعمل بمقتضاه.
(يأيّها الذين آمنوا) مرّ إعرابها ،
(لكم) متعلّق بـ (قيل) ،
(في المجالس) متعلّق بـ (تفسحوا) ،
(الفاء) رابطة لجواب الشرط في الموضعين
(يفسح) مضارع مجزوم جواب الأمر، وحرّك بالكسر لالتقاء الساكنين
(لكم) الثاني متعلّق بـ (يفسح) ،
(يرفع) مثل يفسح
(منكم) متعلّق بحال من فاعل آمنوا
(العلم) مفعول به ثان منصوبـ (درجات) مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو من نوع الصفة له أي رفعا ذا درجات ،
(ما) حرف مصدريّ .
وجملة: «قيل ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.وجملة: «تفسّحوا ... » في محلّ رفع نائب الفاعل .
وجملة: «افسحوا ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «يفسح الله ... » لا محلّ لها جواب شرط مقدّر غير مقترنة بالفاء.
وجملة: «قيلـ (الثانية) » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «انشزوا ... » في محلّ رفع نائب الفاعل .
وجملة: «يرفع الله ... » لا محلّ لها جواب شرط مقدّر غير مقترنة بالفاء.
وجملة: «آمنوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «أوتوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين)
(الثاني) .
وجملة: «الله ... خبير» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «تعملون ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(ما) .
- القرآن الكريم - المجادلة٥٨ :١١
Al-Mujadalah58:11