أَفَبِهٰذَا الْحَدِيثِ أَنتُم مُّدْهِنُونَ
اَفَبِهٰذَا الۡحَـدِيۡثِ اَنۡتُمۡ مُّدۡهِنُوۡنَۙ
تفسير ميسر:
أفبهذا القرآن أنتم -أيها المشركون- مكذِّبون؟
وقوله تعالى "أفبهذا الحديث أنتم مدهنون" قال العوفي عن ابن عباس أي مكذبون غير مصدقين. وكذا قال الضحاك وأبو حزرة والسدي وقال مجاهد "مدهنون" أي تريدون أن تمالئوهم فيه وتركنوا إليهم.
قوله تعالى ; أفبهذا الحديث يعني القرآن أنتم مدهنون أي ; مكذبون ؛ قاله ابن عباس وعطاء وغيرهما . والمدهن ; الذي ظاهره خلاف باطنه ، كأنه شبه بالدهن في سهولة ظاهره . وقال مقاتل بن سليمان وقتادة ; مدهنون كافرون ، نظيره ; ودوا لو تدهن فيدهنون . وقال المؤرج ; المدهن ; المنافق أو الكافر الذي يلين جانبه ليخفي كفره ، والإدهان والمداهنة ; التكذيب والكفر والنفاق ، وأصله اللين ، وأن يسر خلاف ما يظهر ، وقال أبو قيس بن الأسلت ;الحزم والقوة خير من الإدهان والفهة والهاعوأدهن وداهن واحد . وقال قوم ; داهنت بمعنى واريت وأدهنت بمعنى غششت . وقال الضحاك ; مدهنون معرضون . مجاهد ; ممالئون الكفار على الكفر به . ابن كيسان ; المدهن ; الذي لا يعقل ما حق الله عليه ، ويدفعه بالعلل . وقال بعض اللغويين ; مدهنون تاركون للجزم في قبول القرآن .
القول في تأويل قوله تعالى ; أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81)يقول تعالى ذكره; أفبهذا القرآن الذي أنبأتكم خبره، وقصصت عليكم أمره أيها الناس أنتم تلينون القول للمكذّبين به، ممالأة منكم لهم على التكذيب به والكفر.واختلف أهل التأويل في تأويله، فقال بعضهم في ذلك نحو قولنا فيه.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله; ( أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ ) قال; تريدون أن تمالئوهم فيه، وتركنوا إليهم.وقال آخرون; بل معناه; أفبهذا الحديث أنتم مكذّبون.* ذكر من قال ذلكحدثني محمد بن سعد، قال; ثن أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه عن ابن عباس قوله; ( أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ ) يقول; مكذّبون غير مصدّقين.حُدثت عن الحسين، قال; سمعت أبا معاذ يقول; ثنا عبيد، قال; سمعت الضحاك يقول، في قوله; ( أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ ) يقول; مكذبون.
ومما يجب عليهم أن يقوموا به ويعلنوه ويدعوا إليه ويصدعوا به، ولهذا قال: { أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ } أي: أفبهذا الكتاب العظيم والذكر الحكيم أنتم تدهنون أي: تختفون وتدلسون خوفا من الخلق وعارهم وألسنتهم؟ هذا لا ينبغي ولا يليق، إنما يليق أن يداهن بالحديث الذي لا يثق صاحبه منه.وأما القرآن الكريم، فهو الحق الذي لا يغالب به مغالب إلا غلب، ولا يصول به صائل إلا كان العالي على غيره، وهو الذي لا يداهن به ولا يختفى، بل يصدع به ويعلن.
(الهمزة) للاستفهام الإنكاري
(الفاء) استئنافيّة
(بهذا) متعلّق بالخبر
(مدهنون) ،
(رزقكم) مفعول به أول منصوب بحذف مضاف أي شكر رزقكم ...والمصدر المؤوّلـ (أنكم تكذّبون) في محلّ نصب مفعول به ثان ...جملة: «أنتم مدهنون ... » لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: «تجعلون ... » في محلّ رفع معطوفة على الخبر
(مدهنون) وجملة: «تكذّبون ... » في محلّ رفع خبر أنّ