الرسم العثمانيوَحُورٌ عِينٌ
الـرسـم الإمـلائـيوَحُوۡرٌ عِيۡنٌۙ
تفسير ميسر:
ويطوف عليهم الغلمان بما يتخيرون من الفواكه، وبلحم طير ممَّا ترغب فيه نفوسهم. ولهم نساء ذوات عيون واسعة، كأمثال اللؤلؤ المصون في أصدافه صفاءً وجمالا؛ جزاء لهم بما كانوا يعملون من الصالحات في الدنيا.
وقوله تعالى "وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون" قرأ بعضهم بالرفع وتقديره ولهم فيها حور عين وقراءة الجر تحتمل معنيين أحدهما أن يكون الإعراب على الإتباع بما قبله كقوله "يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين لا يصدعون عنها ولا ينزفون وفاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون وحور عين" كما قال تعالى "وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم" وكما قال تعالى "عليهم ثياب سندس خضر وإستبرق" والاحتمال الثاني أن يكون مما يطوف به الولدان المخلدون عليهم الحور العين ولكن يكون ذلك في القصور لا بين بعضهم بعضا بل في الخيام يطوف عليهم الخدام بالحور العين والله أعلم. وقوله تعالى "كأمثال اللؤلؤ المكنون" أي كأنهن اللؤلؤ الرطب في بياضه وصفائه كما تقدم في سورة الصافات "كأنهن بيض مكنون" وقد تقدم في سورة الرحمن وصفهن أيضا ولهذا قال "جزاء بما كانوا يعملون" أي هذا الذي اتحفناهم به مجازاة لهم على ما أحسنوا من العمل.
قوله تعالى ; وحور عين قرئ بالرفع والنصب والجر ، فمن جر وهو حمزة والكسائي وغيرهما جاز أن يكون معطوفا على " بأكواب " وهو محمول على المعنى ، لأن المعنى يتنعمون بأكواب وفاكهة ولحم وحور ؛ قاله الزجاج . وجاز أن يكون معطوفا على " جنات " أي هم في جنات النعيم وفي حور على تقدير حذف المضاف ، كأنه قال ; وفي معاشرة حور . الفراء ; الجر على الإتباع في اللفظ وإن اختلفا في المعنى ، لأن الحور لا يطاف بهن ، قال الشاعر ;إذا ما الغانيات برزن يوما وزججن الحواجب والعيوناوالعين لا تزجج وإنما تكحل . وقال آخر ;ورأيت زوجك في الوغى متقلدا سيفا ورمحاوقال قطرب ; هو معطوف على الأكواب والأباريق من غير حمل على المعنى . قال ; ولا ينكر أن يطاف عليهم بالحور ويكون لهم في ذلك لذة . ومن نصب وهو الأشهب العقيلي والنخعي وعيسى بن عمر الثقفي وكذلك هو في مصحف أبي ، فهو على تقدير إضمار فعل ، كأنه قال ; ويزوجون حورا عينا . والحمل في النصب على المعنى أيضا حسن ، لأن معنى يطاف عليهم به ; يعطونه . ومن رفع وهم الجمهور - وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم - فعلى معنى ; وعندهم حور عين ، لأنه لا يطاف عليهم بالحور . وقال الكسائي ; ومن قال ; وحور عين بالرفع وعلل بأنه لا يطاف بهن يلزمه ذلك في فاكهة ولحم ، لأن ذلك لا يطاف به وليس يطاف إلا بالخمر وحدها . وقال الأخفش ; يجوز أن يكون محمولا على المعنى ; لهم أكواب ولهم حور عين . وجاز أن يكون معطوفا على " ثلة " و " ثلة " ابتداء وخبره على سرر موضونة وكذلك وحور عين وابتدأ بالنكرة لتخصيصها بالصفة .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَحُورٌ عِينٌ (22)اختلف القرّاء في قراءة قوله; ( وَحُورٌ عِينٌ ) فقرأته عامة قراء الكوفة وبعض المدنيين ( وحُورٍ عِينٍ ) بالخفض إتباعا لإعرابها إعراب ما قبلها من الفاكهة واللحم، وإن كان ذلك مما لا يُطاف به، ولكن لما كان معروفا معناه المراد أتبع الآخر الأوّل في الإعراب، كما قال بعض الشعراء.إذَا مــا الغانِيــاتُ بَــرَزْنَ يَوْمـاوَزَجَّجْــن الْحَوَاجِــبَ والعُيُونــا (2)فالعيون تكَحَّل. ولا تزجَّج إلا الحواجب، فردّها في الإعراب على الحواجب، لمعرفة السامع معنى ذلك وكما قال الآخر;تَسْــمَعُ للأحَشْــاءِ مِنْــهُ لَغَطَــاوللْيَــــدَيْنِ جُســـأةً وَبَـــدَدَا (3)والجسأة; غلظ في اليد، وهي لا تُسمع.وقرأ ذلك بعض قرّاء المدينة ومكة والكوفة وبعض أهل البصرة بالرفع ( وحُورٍ عِينٍ ) على الابتداء، وقالوا; الحور العين لا يُطاف بهنّ، فيجوز العطف بهنّ في الإعراب على إعراب فاكهة ولحم، ولكنه مرفوع بمعنى; وعندهم حور عين، أو لهم حور عين.والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال; إنهما قراءتان معروفتان قد قرأ بكل واحدة منهما جماعة من القرّاء مع تقارب معنييهما ، فبأيّ القراءتين قرأ القارئ فمصيب. والحور جماعة حَوْراء; وهي النقية بياض العين، الشديدة سوادها. والعين; جمع عيناء، وهي النجلاء العين في حُسن.------------الهوامش ;(2) هذا الشاهد من شواهد الفراء في معاني القرآن ( الورقة 323 ) وتقدم الكلام عليه مع الشاهد " ورأيت زوجك الوغى .... البيتين " . وفي ( اللسان ; زجج ) وزجت المرأة حاجبها بالمزج; دققته وطولته . وقيل ; أطالته بالأثمد. وقوله; إذا ما الغانيات ... البيت" إنما أراد; وكحلن العيونا، كما قال; * شــراب ألبـان وتمـر وأقـط *أراد; وآكل تمر وأقط، ومثله كثير.قال الشاعر; " علفتها تبنا .... البيت " أي وسقيتها ماء باردا . يريد أن ما جاء من هذا، فإنما يجيء على إضمار فعل أخر يصح المعنى عليه . ومثله قول الآخر ; " يا ليت زوجك .... البيت " تقديره; وحاملا رمحا. قال ابن بري ذكر الجوهري عجز بيت على زججت المرأة حاجبيها * وزججــن الحواجـب والعيونـا *قال; هو للراعي وصوابه; يزججن. وصدره;وهِــزَّةِ نشْــوَةٍ مِـنْ حـيّ صِـدْقٍيُزَجِّجْـــنَ الْحَوَاجِــبَ والْعُيُونــاوبعده;أنَخْــنَ جِمَــالُهنَّ بــذَاتِ غِسْـلٍسَــرَاةَ اليَــوْمِ يَمْهَــدْنَ الكُدُونـاذات غسل; موضع. ويمهدن; يوطئن. والكدون; جمع كدن، وهو ما توطئ به المرأة مركبها، من كساء ونحوه.(3) البيت من شواهد الفراءء في معاني القرآن ( الورقة 323 ). وفي ( اللسان; لغط ) اللغط ( بسكون الغين وتحريكها ) ; الأصوات المبهمة المختلفة، والجلبة لا تفهم. وفي (اللسان ; جسأ ) ; جسأ الشيء يجسأ جسوءا فهو جاسئ ; صلب وخشن . وجسأت يده من العمل تجسأ جسأ; صلبت. والاسم الجسأة، مثل الجرعة. والجسأة في الدواب; يبس المعطف، ودابة جاسئة القوائم. وفي ( اللسان ; بدد ) ; وفرس أبد; بين البدد أي بعيد ما بين اليدين. وقيل هو الذي في يديه تباعد عن جنبيه، وهو البدد، وبعير أبدا، وهو الذي في يديه فتل ( بالتحريك ) وموضع الشاهد في البيت; أنه عطف الجسأة والبدد. وهما مما يرى لا مما يسمع، على " لغطا " وهو ما يسمع، وذلك على تقدير فعل ،أي وترى لليدين جسأة وبددا. فهو إذن كناظائره من الشواهد التي ذكرها الفراء في هذا الموضع . وفي الأصل ( دئدا ) في موضع ( بددا ) وهو من تحريف النساخين .
{ وَحُورٌ عِينٌ } أي: ولهم حور عين، والحوراء: التي في عينها كحل وملاحة، وحسن وبهاء، والعين: حسان الأعين وضخامها وحسن العين في الأنثى، من أعظم الأدلة على حسنها وجمالها.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الواقعة٥٦ :٢٢
Al-Waqi'ah56:22