فِيهِنَّ خَيْرٰتٌ حِسَانٌ
فِيۡهِنَّ خَيۡرٰتٌ حِسَانٌۚ
تفسير ميسر:
في هذه الجنان الأربع زوجات طيبات الأخلاق حسان الوجوه.
المراد خيرات كثيرة حسنة في الجنة قاله قتادة وقيل خيرات جمع خيرة وهي المرأة الصالحة الحسنة الخلق الحسنة الوجه قاله الجمهور وروي مرفوعا عن أم سلمة وفي الحديث الآخر الذي سنورده في سورة الواقعة إن شاء الله تعالى أن الحور العين يغنين; نحن الخيرات الحسان خلقنا لأزواج كرام ولهذا قرأ بعضهم "فيهن خيرات" بالتشديد "حـسان فبأي آلاء ربكما تكذبان".
قوله تعالى ; فيهن خيرات حسان فيه مسألتان ;الأولى ; قوله تعالى ; فيهن خيرات حسان يعني النساء ، الواحدة خيرة على معنى ذوات خير . وقيل ; خيرات بمعنى خيرات فخفف ، كهين ولين . ابن المبارك ; حدثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية عن سعيد بن عامر قال ; لو أن خيرة من خيرات حسان اطلعت من السماء لأضاءت لها ، ولقهر ضوء وجهها الشمس والقمر ، ولنصيف تكساه خيرة خير من الدنيا وما فيها .حسان أي حسان الخلق ، وإذا قال الله تعالى ; حسان فمن ذا الذي يقدر أن يصف حسنهن ! وقال الزهري وقتادة ; خيرات الأخلاق حسان الوجوه . وروي ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أم سلمة . وقال أبو صالح ; لأنهن عذارى أبكار .وقرأ قتادة وابن السميفع وأبو رجاء العطاردي وبكر بن حبيب السهمي خيرات بالتشديد على الأصل . وقد قيل ; إن " خيرات " جمع خير والمعنى ذوات خير . وقيل ; مختارات . قال الترمذي ; فالخيرات ما اختارهن الله فأبدع خلقهن باختياره ، فاختيار الله لا يشبه اختيار الآدميين . ثم قال ; حسان فوصفهن بالحسن فإذا وصف خالق الحسن شيئا بالحسن فانظر ما هناك . وفي الأوليين ذكر بأنهن قاصرات الطرف و كأنهن الياقوت والمرجان فانظر كم بين الخيرة وهي مختارة الله ، وبين قاصرات الطرف . وفي الحديث ; إن الحور العين يأخذ بعضهن بأيدي بعض ويتغنين بأصوات لم تسمع الخلائق بأحسن منها ولا بمثلها ; نحن الراضيات فلا نسخط أبدا ، ونحن المقيمات فلا نظعن أبدا ونحن الخالدات فلا نموت أبدا ونحن الناعمات فلا نبؤس أبدا ونحن خيرات حسان حبيبات لأزواج كرام . خرجه [ ص; 170 ] الترمذي بمعناه من حديث علي رضي الله عنه . وقالت عائشة رضي الله عنها ; إن الحور العين إذا قلن هذه المقالة أجابهن المؤمنات من نساء أهل الدنيا ; نحن المصليات وما صليتن ، ونحن الصائمات وما صمتن ، ونحن المتوضئات وما توضأتن ، ونحن المتصدقات وما تصدقتن . فقالت عائشة رضي الله عنها ; فغلبنهن والله .الثانية ; واختلف أيهما أكثر حسنا وأبهر جمالا الحور أو الآدميات ؟ فقيل ; الحور لما ذكر من وصفهن في القرآن والسنة ، ولقوله عليه الصلاة والسلام في دعائه على الميت في الجنازة ; وأبدله زوجا خيرا من زوجه . وقيل ; الآدميات أفضل من الحور العين بسبعين ألف ضعف ، وروي مرفوعا . وذكر ابن المبارك ; وأخبرنا رشدين عن ابن أنعم عن حبان بن أبي جبلة ، قال ; إن نساء الدنيا من دخل منهن الجنة فضلن على الحور العين بما عملن في الدنيا . وقد قيل ; إن الحور العين المذكورات في القرآن هن المؤمنات من أزواج النبيين والمؤمنين يخلقن في الآخرة على أحسن صورة ؛ قاله الحسن البصري . والمشهور أن الحور العين لسن من نساء أهل الدنيا وإنما هن مخلوقات في الجنة ، لأن الله تعالى قال ; لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان وأكثر نساء أهل الدنيا مطموثات ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ; إن أقل ساكني الجنة النساء فلا يصيب كل واحد منهم امرأة ، ووعد الحور العين لجماعتهم ، فثبت أنهن من غير نساء الدنيا .
وقوله; ( فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ) يقول تعالى ذكره; في هذه الجنان الأربع اللواتي اثنتان منهنّ لمن يخاف مقام ربه، والأخريان منهنّ من دونهما المدهامتان خيرات الأخلاق، حسان الوجوه.كما حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ )، يقول; في هذه الجنان خيرات الأخلاق، حسان الوجوه.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله; ( خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ) قال; خيرات في الأخلاق، حسان في الوجوه.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد، في قوله; ( فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ) قال; الخيرات الحسان; الحور العين.حدثنا ابن بشار، قال; ثنا محمد بن مروان، قال; ثنا أبو العوام، عن قتادة ( فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ) قال; خيرات الأخلاق، حسان الوجوه.حدثنا أبو هشام، قال; ثنا وكيع، عن سفيان، عن جابر، عن القاسم بن أبي بزّة، عن أبي عبيد، عن مسروق، عن عبد الله ( فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ) قال; في كل خيمة زوجة.حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قال; ثنا محمد بن الفرج الصّدَفيّ الدمياطي عن عمرو بن هاشم، عن ابن أبي كريمة، عن هشام بن حسان، عن الحسن، عن أمه، عن أمّ سلمة قالت " قلت; يا رسول الله أخبرني عن قوله; ( فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ) قال; خَيْرَاتُ الأخْلاقِ، حِسانُ الوُجُوهِ".
{ فِيهِنَّ } أي: في الجنات كلها { خَيْرَاتٌ حِسَانٌ } أي: خيرات الأخلاق حسان الأوجه، فجمعن بين جمال الظاهر والباطن، وحسن الخلق والخلق.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة