وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ
وَّالنَّجۡمُ وَالشَّجَرُ يَسۡجُدٰنِ
تفسير ميسر:
والنجم الذي في السماء وأشجار الأرض، تعرف ربها وتسجد له، وتنقاد لما سخرَّها له مِن مصالح عباده ومنافعهم.
قال ابن جرير اختلف المفسرون في معنى قوله والنجم بعد إجماعهم على أن الشجر ما قام على ساق فروى عن ابن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال النجم ما انبسط على وجه الأرض يعني من النبات وكذا قال سعيد بن جبير والسدي وسفيان الثوري وقد اختاره ابن جرير رحمه الله تعالى وقال مجاهد النجم الذي في السماء وكذا قال الحسن وقتادة وهذا القول هو الأظهر والله أعلم لقوله تعالى "ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس".
قال ابن عباس وغيره ; النجم ما لا ساق له والشجر ما له ساق , وأنشد ابن عباس قول صفوان بن أسد التميمي ; لقد أنجم القاع الكبير عضاهه وتم به حيا تميم ووائل وقال زهير بن أبي سلمى ; مكلل بأصول النجم تنسجه ريح الجنوب لضاحي مائه حبك واشتقاق النجم من نجم الشيء ينجم بالضم نجوما ظهر وطلع , وسجودهما بسجود ظلالهما , قاله الضحاك .وقال الفراء ; سجودهما أنهما يستقبلان الشمس إذا طلعت ثم يميلان معها حتى ينكسر الفيء .وقال الزجاج ; سجودهما دوران الظل معهما , كما قال تعالى ; " يتفيئوا ظلاله " [ النحل ; 48 ] .وقال الحسن ومجاهد ; النجم نجم السماء , وسجوده في قول مجاهد دوران ظله , وهو اختيار الطبري , حكاه المهدوي .وقيل ; سجود النجم أفوله , وسجود الشجر إمكان الاجتناء لثمرها , حكاه الماوردي .وقيل ; إن جميع ذلك مسخر لله , فلا تعبدوا النجم كما عبد قوم من الصابئين النجوم , وعبد كثير من العجم الشجر .والسجود الخضوع , والمعني به آثار الحدوث , حكاه القشيري .النحاس ; أصل السجود في اللغة الاستسلام والانقياد لله عز وجل , فهو من الموات كلها استسلامها لأمر الله عز وجل وانقيادها له , ومن الحيوان كذلك ويكون من سجود الصلاة , وأنشد محمد بن يزيد في النجم بمعنى النجوم قال ; فباتت تعد النجم في مستحيرة سريع بأيدي الآكلين جمودها
القول في تأويل قوله تعالى ; وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ (6)اختلف أهل التأويل في معنى النجم في هذا الموضع، مع إجماعهم على أن الشجر ما قام على ساق، فقال بعضهم; عني بالنجم في هذا الموضع من النبات; ما نجم من الأرض، مما ينبسط عليها، ولم يكن على ساق مثل البقل ونحوه.* ذكر من قال ذلك;حدثني عليّ، قال; ثنا أبو صالح، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله; ( وَالنَّجْمِ ) قال; ما يُبسط على الأرض.حدثنا ابن حُميد، قال; ثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد، في قوله; ( وَالنَّجْمِ ) قال; النجم كل شيء ذهب مع الأرض فرشا، قال; والعرب تسمي الثبل نجما.حدثني محمد بن خلف العسقلانيّ، قال; ثنا رَوّاد بن الجرّاح، عن شريك، عن السديّ( وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ) قال; النجم; نبات الأرض.حدثنا ابن حُميد، قال; ثنا مهران، عن سفيان ( وَالنَّجْمِ ) قال; النجم; الذي ليس له ساق.وقال آخرون; عُنِي بالنجم في هذا الموضع; نجم السماء.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله; ( وَالنَّجْمِ ) قال; نجم السماء.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة قوله; ( وَالنَّجْمِ ) يعني; نجم السماء.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ) قال; إنما يريد النجم.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، نحوه.وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال; عُنِي بالنجم; ما نجم من الأرض من نبت لعطف الشجر عليه، فكان بأن يكون معناه لذلك; ما قام على ساق وما لا يقوم على ساق يسجدان لله، بمعنى; أنه تسجد له الأشياء كلها المختلفة الهيئات من خلقه، أشبه وأولى بمعنى الكلام من غيره. وأما قوله; ( وَالشَّجَرُ ) فإن الشجر ما قد وصفت صفته قبل.وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني عليّ، قال; ثنا أبو صالح، قال; ثني معاوية عن عليّ، عن ابن عباس، قوله; ( وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ) قال; الشجر; كل شيء قام على ساق.حدثنا ابن حُميد، قال; ثنا يعقوب، عن جعفر، عن سعيد، في قوله; ( وَالشَّجَرُ ) قال; الشجر; كلّ شيء قام على ساق.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله; ( وَالشَّجَرُ ) قال; الشجر; شجر الأرض.حدثنا ابن حُميد، قال; ثنا مهران، عن سفيان ( وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ) قال; الشجر الذي له سُوق.وأما قوله; ( يَسْجُدَانِ ) فإنه عُنِي به سجود ظلهما، كما قال جلّ ثناؤه وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ .كما حدثنا ابن حُميد، قال; ثنا تميم بن عبد المؤمن، عن زبرقان، عن أبي رزين وسعيد ( وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ) قالا ظلهما سجودهما.حدثنا ابن بشار، قال; ثنا محمد بن مروان، قال; ثنا أبو العوام، عن قتادة ( وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ) ; ما نـزل من السماء شيئا من خلقه إلا عَبَّده له طوعا وكرها.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، وهو قول قتادة.حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله; ( وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ) قال; يسجد بكرة وعشيا. وقيل; ( وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ) فثنى وهو خبر عن جمعين .وقد زعم الفراء أن العرب إذا جمعت الجمعين من غير الناس مثل السدر والنخل، جعلوا فعلهما واحدا، فيقولون الشاء والنعم قد أقبل، والنخل والسدر قد ارتوى، قال; وهذا أكثر كلامهم، وتثنيته جائزة.
{ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ } أي: نجوم السماء، وأشجار الأرض، تعرف ربها وتسجد له، وتطيع وتخشع وتنقاد لما سخرها له من مصالح عباده ومنافعهم.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة