خَلَقَ الْإِنسٰنَ مِن صَلْصٰلٍ كَالْفَخَّارِ
خَلَقَ الۡاِنۡسَانَ مِنۡ صَلۡصَالٍ كَالۡفَخَّارِۙ
تفسير ميسر:
خلق أبا الإنسان، وهو آدم من طين يابس كالفَخَّار، وخلق إبليس، وهو من الجن من لهب النار المختلط بعضه ببعض.
يذكر تعالى خلقه الإنسان من صلصال كالفخار.
قوله تعالى ; خلق الإنسان لما ذكر سبحانه خلق العالم الكبير من السماء والأرض ، وما فيهما من الدلالات على وحدانيته وقدرته ذكر خلق العالم الصغير فقال ; خلق الإنسان باتفاق من أهل التأويل يعني آدم .من صلصال كالفخار الصلصال الطين اليابس الذي [ ص; 147 ] يسمع له صلصلة ، شبهه بالفخار الذي طبخ . وقيل ; هو طين خلط برمل . وقيل ; هو الطين المنتن - من صل اللحم وأصل - إذا أنتن ، وقد مضى في ( الحجر ) . وقال هنا ; من صلصال كالفخار ، وقال هناك ; من صلصال من حمإ مسنون ، وقال ; إنا خلقناهم من طين لازب ، وقال ; كمثل آدم خلقه من تراب وذلك متفق المعنى ، وذلك أنه أخذ من تراب الأرض فعجنه فصار طينا ، ثم انتقل فصار كالحمإ المسنون ، ثم انتقل فصار صلصالا كالفخار .وخلق الجان من مارج من نار قال الحسن ; الجان إبليس وهو أبو الجن . وقيل ; الجان واحد الجن ، والمارج اللهب ، عن ابن عباس ، وقال ; خلق الله الجان من خالص النار . وعنه أيضا من لسانها الذي يكون في طرفها إذا التهبت . وقال الليث ; المارج الشعلة الساطعة ذات اللهب الشديد . وعن ابن عباس أنه اللهب الذي يعلو النار فيختلط بعضه ببعض أحمر وأصفر وأخضر ، ونحوه عن مجاهد ، وكله متقارب المعنى . وقيل ; المارج كل أمر مرسل غير ممنوع ، ونحوه قول المبرد ، قال المبرد ; المارج النار المرسلة التي لا تمنع . وقال أبو عبيدة والحسن ; المارج خلط النار ، وأصله من مرج إذا اضطرب واختلط ، ويروى أن الله تعالى خلق نارين فمرج إحداهما بالأخرى ، فأكلت إحداهما الأخرى وهي نار السموم فخلق منها إبليس . قال القشيري والمارج في اللغة المرسل أو المختلط وهو فاعل بمعنى مفعول ، كقوله ; ماء دافق وعيشة راضية والمعنى ذو مرج ، قال الجوهري في الصحاح ; ومارج من نار ; نار لا دخان لها خلق منها الجان .فبأي آلاء ربكما تكذبان قوله تعالى ; رب المشرقين ورب المغربين أي هو رب المشرقين . وفي ( الصافات ) ورب المشارق وقد مضى الكلام في ذلك هنالك .
وقوله; (خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ) يقول تعالى ذكره; خلق الله الإنسان وهو آدم من صلصال; وهو الطين اليابس الذي لم يطبخ، فإنه من يبسه له صلصلة إذا حرّك ونقر كالفخار، يعني أنه من يُبسه وإن لم يكن مطبوخا، كالذي قد طُبخ بالنار، فهو يصلصل كما يصلصل الفخار، والفخار; هو الذي قد طُبخ من الطين بالنار.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني عبيد الله بن يوسف الجبيريّ، قال; ثنا محمد بن كثير، قال; ثنا مسلم، يعني الملائي، عن مجاهد، عن ابن عباس، في قوله; (مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ) قال; هو من الطين الذي إذا مطرت السماء فيبست الأرض كأنه خزف رقاق.حدثنا أبو كُرَيب، قال; ثنا عثمان بن سعيد، قال; ثنا بشر بن عمارة، عن أبي روق، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال; خلق الله آدم من طين لازب، واللازب; اللَّزِج الطيب من بعد حمأ مسنون مُنْتن.قال; وإنما كان حمأ مسنونا بعد التراب، قال; فخلق منه آدم بيده، قال; فمكث أربعين ليلة جسدا ملقى، فكان إبليس يأتيه فيضربه برجله فيصلصل فيصوّت، قال; فهو قول الله تعالى; ( كَالْفَخَّارِ) يقول ; كالشيء المنفرج الذي ليس بمصمت.حدثنا ابن بشار، قال; ثنا محمد بن سعيد وعبد الرحمن، قالا ثنا سفيان، عن الأعمش، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس قال; الصلصال; التراب المدقق.حدثني عليّ، قال; ثنا أبو صالح، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قال; الصلصال; التراب المدقَّق.حدثني عليّ، قال; ثنا أبو صالح، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله; (خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ) يقول ; الطين اليابس.حدثنا هناد، قال; ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن عكرِمة، في قوله; (مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ) قال; الصلصال; طين خُلط برمل فكان كالفخار.حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله; (مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ) والصلصال; التراب اليابس الذي يُسمع له صلصلة فهو كالفخار، كما قال الله عزّ وجلّ.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله; (مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ)، قال; من طين له صلصلة كان يابسا، ثم خلق الإنسان منه.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; ابن زيد في قوله; (مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ)، قال; يبس آدم في الطين في الجنة، حتى صار كالصلصال، وهو الفخار، والحمأ المسنون; المنتن الريح.حدثنا ابن بشار، قال; ثنا محمد بن مروان، قال; ثنا أبو العوّام، عن قتادة (خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ) قال; من تراب يابس له صلصلة.قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا شبيب، عن عكرِمة، عن ابن عباس (خَلَقَ الإنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ) قال; ما عصر فخرج من بين الأصابع، ولو وجه موجه قول صلصال إلى أنه فعلال من قولهم صلّ اللحم; إذا أنتن وتغيرت ريحه، كما قيل من صرّ الباب صرصر، وكبكب من كب، كان وجها ومذهبا.
وهذا من نعمه تعالى على عباده، حيث أراهم [من] آثار قدرته وبديع صنعته، أن { خَلَقَ } أبا الإنس وهو آدم عليه السلام { مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ } أي: من طين مبلول، قد أحكم بله وأتقن، حتى جف، فصار له صلصلة وصوت يشبه صوت الفخار الذي طبخ على النار .
(من صلصال) متعلّق بـ (خلق) ،
(كالفخّار) متعلّق بنعت لـ (صلصال) ،
(من مارج) متعلّق بـ (خلق) الثاني
(من نار) متعلّق بنعت لـ (مارج) ،
(فبأي ... تكذّبان) مثل الأولى مفردات وجملا جملة: «خلق الإنسان ... » لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: «خلق الجانّ ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة