هٰذَا نَذِيرٌ مِّنَ النُّذُرِ الْأُولٰىٓ
هٰذَا نَذِيۡرٌ مِّنَ النُّذُرِ الۡاُوۡلٰٓى
تفسير ميسر:
هذا محمد صلى الله عليه وسلم، نذير بالحق الذي أنذر به الأنبياء قبله، فليس ببدع من الرسل.
"هذا نذير" يعني محمدا صلى الله عليه وسلم "من النذر الأولى" أي من جنسهم أرسل كما أرسلوا كما قال تعالى "قل ما كنت بدعا من الرسل".
قوله تعالى ; هذا نذير من النذر الأولى قال ابن جريج ومحمد بن كعب ; يريد أن محمدا صلى الله عليه وسلم نذير بالحق الذي أنذر به الأنبياء قبله ، فإن أطعتموه أفلحتم ، وإلا حل بكم ما حل بمكذبي الرسل السالفة . وقال قتادة ; يريد القرآن ، وأنه نذير بما أنذرت به الكتب الأولى . وقيل ; أي هذا الذي أخبرنا به من أخبار الأمم الماضية الذين هلكوا تخويف لهذه الأمة من أن ينزل بهم ما نزل بأولئك من النذر أي مثل النذر ; والنذر في قول العرب بمعنى الإنذار كالنكر بمعنى الإنكار ; أي هذا إنذار لكم . وقال أبو مالك ; هذا الذي أنذرتكم به من وقائع الأمم الخالية هو في صحف إبراهيم وموسى . وقال السدي ; أخبرني أبو صالح قال ; هذه الحروف [ ص; 112 ] التي ذكر الله تعالى من قوله تعالى ; أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم إلى قوله ; هذا نذير من النذر الأولى كل هذه في صحف إبراهيم وموسى .
القول في تأويل قوله تعالى ; فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى (55)يقول; ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى ) يقول تعالى ذكره; فبأيّ نعمات ربك يا ابن آدم التي أنعمها عليك ترتاب وتشكّ وتجادل, والآلاء; جمع إلًى. وفي واحدها لغات ثلاثة; إليٌّ على مثال عِليٌّ, وإليَّ على مثال عَليْ, وألَى على مثال علا (1) .وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر, قال; ثنا يزيد, قال; ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى ) يقول; فبأيّ نِعم الله تتمارى يا ابن آدم.وحدثنا ابن عبد الأعلى, قال; ثنا ابن ثور, عن معمر, عن قتادة ( فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى ) قال; بأيّ نِعم ربك تتمارَى.
{ هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى } أي: هذا الرسول القرشي الهاشمي محمد بن عبد الله، ليس ببدع من الرسل، بل قد تقدمه من الرسل السابقين، ودعوا إلى ما دعا إليه، فلأي شيء تنكر رسالته؟ وبأي حجة تبطل دعوته؟أليست أخلاقه [أعلا] أخلاق الرسل الكرام، أليست دعوته إلى كل خير والنهي عن كل شر؟ ألم يأت بالقرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد؟ ألم يهلك الله من كذب من قبله من الرسل الكرام؟ فما الذي يمنع العذاب عن المكذبين لمحمد سيد المرسلين، وإمام المتقين، وقائد الغر المحجلين؟
(من النذر) متعلّق بنعت لـ (نذير) ، والإشارة إلى القرآن الكريم أو إلى الرسول عليه السلام جملة: «هذا نذير ... » لا محلّ لها استئنافيّة