الرسم العثمانيوَلِلَّهِ مَا فِى السَّمٰوٰتِ وَمَا فِى الْأَرْضِ لِيَجْزِىَ الَّذِينَ أَسٰٓـُٔوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِىَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى
الـرسـم الإمـلائـيوَلِلّٰهِ مَا فِى السَّمٰوٰتِ وَمَا فِى الۡاَرۡضِۙ لِيَجۡزِىَ الَّذِيۡنَ اَسَآءُوۡا بِمَا عَمِلُوۡا وَيَجۡزِىَ الَّذِيۡنَ اَحۡسَنُوۡا بِالۡحُسۡنٰى
تفسير ميسر:
والله سبحانه وتعالى ملك ما في السموات وما في الأرض؛ ليجزي الذين أساءوا بعقابهم على ما عملوا من السوء، ويجزي الذي أحسنوا بالجنة، وهم الذين يبتعدون عن كبائر الذنوب والفواحش إلا اللمم، وهي الذنوب الصغار التي لا يُصِرُّ صاحبها عليها، أو يلمُّ بها العبد على وجه الندرة، فإن هذه مع الإتيان بالواجبات وترك المحرمات، يغفرها الله لهم ويسترها عليهم، إن ربك واسع المغفرة، هو أعلم بأحوالكم حين خلق أباكم آدم من تراب، وحين أنتم أجنَّة في بطون أمهاتكم، فلا تزكُّوا أنفسكم فتمدحوها وتَصِفُوها بالتقوى، هو أعلم بمن اتقى عقابه فاجتنب معاصيه من عباده.
يخبر تعالى أنه مالك السموات والأرض وأنه الغني عما سواه الحاكم في خلقه بالعدل وخلق الخلق بالحق "ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى" أي يجازي كلا بعمله إن خيرا فخير وإن شرا فشر.
قوله تعالى ; ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى اللام متعلقة بالمعنى الذي دل عليه ولله ما في السماوات وما في الأرض كأنه قال ; هو مالك ذلك يهدي من يشاء ويضل من يشاء ليجزي المحسن [ ص; 98 ] بإحسانه والمسيء بإساءته . وقيل ; لله ما في السماوات وما في الأرض معترض في الكلام ; والمعنى ; إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى ليجزي . وقيل ; هي لام العاقبة ، أي ; ولله ما في السماوات وما في الأرض ; أي وعاقبة أمر الخلق أن يكون فيهم مسيء ومحسن ; فللمسيء السوأى وهي جهنم ، وللمحسن الحسنى وهي الجنة .
القول في تأويل قوله تعالى ; ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى (30)يقول تعالى ذكره; هذا الذي يقوله هؤلاء الذين لا يؤمنون بالآخرة في الملائكة من تسميتهم إياها تسمية الأنثى ( مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ ) يقول; ليس لهم علم إلا هذا الكفر بالله, والشرك به على وجه الظنّ بغير يقين علم.وكان ابن زيد يقول في ذلك, ما حدثني يونس, قال; أخبرنا ابن &; 22-531 &; وهب, قال; قال ابن زيد, في قوله فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ قال; يقول ليس لهم علم إلا الذي هم فيه من الكفر برسول الله, ومكايدتهم لما جاء من عند الله, قال; وهؤلاء أهل الشرك.وقوله ( إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ ) يقول تعالى ذكره; إن ربك يا محمد هو أعلم بمن جار عن طريقه فى سابق علمه, فلا يؤمن, وذلك الطريق هو الإسلام ( وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى ) يقول; وربك أعلم بمن أصاب طريقه فسلكه في سياق علمه, وذلك الطريق أيضا الإسلام.
يخبر تعالى أنه مالك الملك، المتفرد بملك الدنيا والآخرة، وأن جميع من في السماوات والأرض ملك لله، يتصرف فيهم تصرف الملك العظيم، في عبيده ومماليكه، ينفذ فيهم قدره، ويجري عليهم شرعه، ويأمرهم وينهاهم، ويجزيهم على ما أمرهم به ونهاهم [عنه]، فيثيب المطيع، ويعاقب العاصي، ليجزي الذين أساؤوا العمل السيئات من الكفر فما دونه بما عملوا من أعمال الشر بالعقوبة البليغة { وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا } في عبادة الله تعالى، وأحسنوا إلى خلق الله، بأنواع المنافع { بِالْحُسْنَى } أي: بالحالة الحسنة في الدنيا والآخرة، وأكبر ذلك وأجله رضا ربهم، والفوز بنعيم الجنة
(الواو) استئنافيّة
(للَّه) متعلّق بمحذوف خبر مقدّم للمبتدأ المؤخّر
(ما) ،
(في السموات) متعلّق بمحذوف صلة ما
(ما في الأرض) معطوف على ما في السموات
(اللام) للتعليلـ (يجزي) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام، والفاعل ضمير مستتر يعود على لفظ الجلالة
(ما) حرف مصدري ،
(يجزي) الثاني معطوف على الأول منصوبـ (بالحسنى) متعلّق بـ (يجزي) الثاني والمصدر المؤوّلـ (أن يجزي ... ) في محلّ جرّ باللام متعلّق بفعل محذوف تقديره ملك والمصدر المؤوّلـ (ما عملوا) في محلّ جرّ بالباء متعلّق بـ (يجزي) جملة: «للَّه ما في السموات ... » لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: «يجزي ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أنّ) المضمر وجملة: «أساؤوا..» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) الأول وجملة: «عملوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(ما)وجملة: «يجزي
(الثانية) » لا محلّ لها معطوفة على جملة يجزي
(الأولى) وجملة: «أحسنوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) الثاني
- القرآن الكريم - النجم٥٣ :٣١
An-Najm53:31