فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَآ أَنتَ بِمَلُومٍ
فَتَوَلَّ عَنۡهُمۡ فَمَاۤ اَنۡتَ بِمَلُوۡمٍ
تفسير ميسر:
فأعرضْ -أيها الرسول- عن المشركين حتى يأتيك فيهم أمر الله، فما أنت بملوم من أحد، فقد بلَّغت ما أُرسلت به.
أى فأعرض عنهم يا محمد "فما أنت بملوم" يعني فما نلومك على ذلك.
قوله تعالى ; فتول عنهم أي أعرض عنهم واصفح عنهم فما أنت بملوم عند الله لأنك أديت ما عليك من تبليغ الرسالة ، ثم نسخ هذا بقوله تعالى وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين وقيل ; نسخ بآية السيف . والأول قول الضحاك ; لأنه قد أمر بالإقبال عليهم بالموعظة . وقال مجاهد ; فتول عنهم فأعرض عنهم فما أنت بملوم أي ليس يلومك ربك على تقصير كان منك
القول في تأويل قوله تعالى ; فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (54)يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ; فتولّ يا محمد عن هؤلاء المشركين بالله من قريش, يقول; فأعرض عنهم حتى يأتيك فيهم أمر الله, يقال; ولى فلان عن فلان; إذا أعرض عنه وتركه, كما قال حصين بن ضمضم;أمَّــا بَنُــو عبس فــإنَّ هَجِـينَهُمْوَلَّــى فَوَارِســهُ وَأفْلَــتَ أَعْـوَرا (1)والأعور في هذا الوضع; الذي عور فلم تقض حاجته, ولم يصب ما طلب.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا ابن حُميد, قال; ثنا مهران, عن سفيان, عن ليث, عن مجاهد ( فَتَوَلَّ عَنْهُمْ ) قال; فأعرض عنهم.وقوله ( فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ ) يقول جلّ ثناؤه; فما أنت يا محمد بملوم, لا يلومك ربك على تفريط كان منك في الإنذار, فقد أنذرت, وبلغت ما أرسلت به.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو, قال; ثنا أبو عاصم, قال; ثنا عيسى, وحدثني الحارث, قال; ثنا الحسن, قال; ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, قوله ( فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ ) قال; محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم.حدثني يونس, قال; أخبرنا ابن وهب, قال; قال ابن زيد. في قوله ( فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ ) قال; قد بلغت ما أرسلناك به, فلست بملوم, قال; وكيف يلومه, وقد أدّى ما أمر به.حدثنا بشر, قال; ثنا يزيد, قال; ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ ) ذُكر لنا أنها لما نـزلت هذه الآية, اشتدّ على أصحاب رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم , ورأوا أن الوحي قد انقطع, وأن العذاب قد حضر, فأنـزل الله تبارك وتعالى بعد ذلك ; ( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ) .حدثني يعقوب بن إبراهيم, قال; أخبرنا ابن علية, قال; أخبرنا أيوب, عن مجاهد, قال; خرج عليّ معتجرًا ببرد, مشتملا بخميصة, فقال لما نـزلت ( فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ ) أحزننا ذلك وقلنا; أمر رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أن يتولى عنا حتى نـزل ( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ) .
يقول تعالى آمرًا رسوله بالإعراض عن المعرضين المكذبين: { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ } أي: لا تبال بهم ولا تؤاخذهم، وأقبل على شأنك.فليس عليك لوم في ذنبهم، وإنما عليك البلاغ، وقد أديت ما حملت، وبلغت ما أرسلت به.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة