جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيٰمًا لِّلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْىَ وَالْقَلٰٓئِدَ ۚ ذٰلِكَ لِتَعْلَمُوٓا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى السَّمٰوٰتِ وَمَا فِى الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ
جَعَلَ اللّٰهُ الۡـكَعۡبَةَ الۡبَيۡتَ الۡحَـرَامَ قِيٰمًا لِّـلنَّاسِ وَالشَّهۡرَ الۡحَـرَامَ وَالۡهَدۡىَ وَالۡقَلَاۤٮِٕدَ ؕ ذٰ لِكَ لِتَعۡلَمُوۡۤا اَنَّ اللّٰهَ يَعۡلَمُ مَا فِى السَّمٰوٰتِ وَمَا فِى الۡاَرۡضِ وَاَنَّ اللّٰهَ بِكُلِّ شَىۡءٍ عَلِيۡمٌ
تفسير ميسر:
امتنَّ الله على عباده بأن جعل الكعبة البيت الحرام صلاحًا لدينهم، وأمنًا لحياتهم؛ وذلك حيث آمنوا بالله ورسوله وأقاموا فرائضه، وحرَّم العدوان والقتال في الأشهر الحرم (وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب) فلا يعتدي فيها أحد على أحد، وحرَّم تعالى الاعتداء على ما يُهدَى إلى الحرم من بهيمة الأنعام، وحرَّم كذلك الاعتداء على القلائد، وهي ما قُلِّد إشعارًا بأنه بقصد به النسك؛ ذلك لتعلموا أن الله يعلم جميع ما في السموات وما في الأرض، ومن ذلك ما شرعه لحماية خلقه بعضهم من بعض، وأن الله بكل شيء عليم، فلا تخفى عليه خافية.
يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم قل يا محمد" لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك" أي يا أيها الإنسان" كثرة الخبيث" يعني أن القليل الحلال النافع خير من الكثير الحرام الضار كما جاء في الحديث "ما قل وكفي خير مما كثر وألهى" وقال أبو القاسم البغوي في معجمه; حدثنا أحمد بن زهير حدثنا الحوطي حدثنا محمد بن شعيب حدثنا معان بن رفاعة عن أبي عبدالملك- علي بن يزيد- عن القاسم أبي أمامة أن ثعلبة بن حاطب الأنصاري قال; يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالا فقال النبي صلى الله عليه وسلم "قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه" فاتقوا الله يا أولي0 الألباب" أي يا ذوي العقول الصحيحة المستقيمة وتجنبوا الحرام ودعوه واقنعوا بالحلال واكتفوا به" لعلكم تفلحون " أي في الدنيا والآخرة.
قوله تعالى ; جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض وأن الله بكل شيء عليمفيه خمس مسائل ;الأولى ; قوله تعالى ; جعل الله الكعبة البيت الحرام جعل هنا بمعنى خلق وقد تقدم ، وقد سميت الكعبة كعبة لأنها مربعة وأكثر بيوت العرب مدورة وقيل ; إنما سميت كعبة لنتوئها وبروزها ، فكل ناتئ بارز كعب ، مستديرا كان أو غير مستدير ، ومنه كعب القدم وكعوب القناة ، وكعب ثدي المرأة إذا ظهر في صدرها ، والبيت سمي بذلك لأنها ذات سقف وجدار ، وهي حقيقة البيتية وإن لم يكن بها ساكن ، وسماه سبحانه حراما بتحريمه إياه ; قال النبي صلى الله عليه وسلم ; إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس وقد تقدم أكثر هذا مستوفى والحمد لله .الثانية ; قوله تعالى ; قياما للناس أي ; صلاحا ومعاشا ، لأمن الناس بها ; وعلى هذا يكون قياما بمعنى يقومون بها . وقيل ; قياما أي ; يقومون بشرائعها .وقرأ ابن عامر وعاصم " قيما " وهما من ذوات الواو فقلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها ، وقد قيل ; " قوام " . قال العلماء ; والحكمة في جعل الله تعالى هذه الأشياء قياما للناس ، أن الله سبحانه خلق الخلق على سليقة الآدمية من التحاسد والتنافس والتقاطع والتدابر ، والسلب والغارة والقتل والثأر ، فلم يكن بد في الحكمة الإلهية ، والمشيئة الأولية من كاف يدوم معه [ ص; 248 ] الحال ووازع يحمد معه المآل . قال الله تعالى ; إني جاعل في الأرض خليفة فأمرهم الله سبحانه بالخلافة ، وجعل أمورهم إلى واحد يزعهم عن التنازع ، ويحملهم على التآلف من التقاطع ، ويرد الظالم عن المظلوم ، ويقرر كل يد على ما تستولي عليه . روى ابن القاسم قال حدثنا مالك أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كان يقول ; ما يزع الإمام أكثر مما يزع القرآن ; ذكره أبو عمر رحمه الله . وجور السلطان عاما واحدا أقل إذاية من كون الناس فوضى لحظة واحدة ; فأنشأ الله سبحانه الخليفة لهذه الفائدة ، لتجري على رأيه الأمور ، ويكف الله به عادية الجمهور ; فعظم الله سبحانه في قلوبهم البيت الحرام ، وأوقع في نفوسهم هيبته ، وعظم بينهم حرمته ، فكان من لجأ إليه معصوما به ، وكان من اضطهد محميا بالكون فيه . قال الله تعالى ; أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم . قال العلماء ; فلما كان موضعا مخصوصا لا يدركه كل مظلوم ، ولا يناله كل خائف جعل الله الشهر الحرام ملجأ آخر وهي ;الثالثة ; وهو اسم جنس ، والمراد الأشهر الثلاثة بإجماع من العرب ، فقرر الله في قلوبهم حرمتها ، فكانوا لا يروعون فيها سربا - أي ; نفسا - ولا يطلبون فيها دما ولا يتوقعون فيها ثأرا ، حتى كان الرجل يلقى قاتل أبيه وابنه وأخيه فلا يؤذيه . واقتطعوا فيها ثلث الزمان ، ووصلوا منها ثلاثة متوالية ، فسحة وراحة ومجالا للسياحة في الأمن والاستراحة ، وجعلوا منها واحدا منفردا في نصف العام دركا للاحترام ، وهو شهر رجب الأصم ويسمى مضر ، وإنما قيل له ; رجب الأصم ; لأنه كان لا يسمع فيه صوت الحديد ، ويسمى منصل الأسنة ; لأنهم كانوا ينزعون فيه الأسنة من الرماح ، وهو شهر قريش ، وله يقول عوف بن الأحوص ;وشهر بني أمية والهدايا إذا سيقت مضرجها الدماءوسماه النبي صلى الله عليه وسلم شهر الله ; أي ; شهر آل الله ، وكان يقال لأهل الحرم ; آل الله ، ويحتمل أن يريد شهر الله ; لأن الله متنه وشدده إذ كان كثير من العرب لا يراه ، وسيأتي في " براءة " أسماء الشهور إن شاء الله . ثم يسر لهم الإلهام ، وشرع على ألسنة الرسل الكرام الهدي والقلائد وهي ;الرابعة ; فكانوا إذا أخذوا بعيرا أشعروه دما ، أو علقوا عليه نعلا ، أو فعل ذلك الرجل بنفسه من التقليد على - ما تقدم بيانه أول السورة - لم يروعه أحد حيث لقيه ، وكان الفيصل بينه [ ص; 249 ] وبين من طلبه أو ظلمه حتى جاء الله بالإسلام وبين الحق بمحمد عليه السلام ، فانتظم الدين في سلكه ، وعاد الحق إلى نصابه ، فأسندت الإمامة إليه ، وانبنى وجوبها على الخلق عليه وهو قوله سبحانه ; وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض الآية ، وقد مضى في " البقرة " أحكام الإمامة فلا معنى لإعادتها .الخامسة ; قوله تعالى ; ذلك لتعلموا ذلك إشارة إلى جعل الله هذه الأمور قياما ; والمعنى فعل الله ذلك لتعلموا أن الله يعلم تفاصيل أمور السماوات والأرض ، ويعلم مصالحكم أيها الناس قبل وبعد ، فانظروا لطفه بالعباد على حال كفرهم .
القول في تأويل قوله ; جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَقال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; صيَّر الله الكعبة البيت الحرام قوامًا للناس الذين لا قِوَام لهم من رئيس يحجز قوِّيهم عن ضعيفهم، (94) ومسيئهم عن محسنهم، وظالمهم عن مظلومهم=" والشهر الحرام والهدي والقلائد "، فحجز بكل واحد من ذلك بعضهم عن بعض, إذ لم يكن لهم قيامٌ غيره, وجعلها معالم لدينهم، ومصالح أمورهم.* * *و " الكعبة "، سميت فيما قيل " كعبة " لتربيعها.* * ** ذكر من قال ذلك;12780 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي, عن سفيان, عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال; إنما سميت " الكعبة "، لأنها مربعة.12781 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا هاشم بن القاسم, عن أبي سعيد المؤدب, عن النضر بن عربي, عن عكرمة قال ; إنما سميت " الكعبة "، لتربيعها. (95)* * *وقيل " قيامًا للناس " بالياء, وهو من ذوات الواو, لكسرة القاف، وهي" فاء " الفعل, فجعلت " العين " منه بالكسرة " ياء ", كما قيل في مصدر; " قمت "" قيامًا " و " صمت "" صيامًا ", فحوّلت " العين " من الفعل; وهي" واو "" ياء " لكسرة فائه. وإنما هو في الأصل; " قمت قوامًا ", و " صمت صِوَامًا "، وكذلك قوله; " جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس "، فحوّلت، واوها ياء, إذ هي" قوام ". (96)وقد جاء ذلك من كلامهم مقولا على أصله الذي هو أصله قال الراجز; (97)قَِوامُ دُنْيَا وَقَوَامُ دِين (98)فجاء به بالواو على أصله.* * *وجعل تعالى ذكره الكعبة والشهرَ الحرام والهديَ والقلائد قوامًا لمن كان يحرِّم ذلك من العرب ويعظّمه، (99) بمنـزلة الرئيس الذي يقوم به أمر تُبَّاعه.وأما " الكعبة "، فالحرم كله. وسمّاها الله تعالى " حرامًا "، لتحريمه إياها أن يصاد صيدها أو يُخْتلى خَلاها، أو يُعْضد شجرها، (100) وقد بينا ذلك بشواهده فيما مضى قبل. (101)* * *وقوله; " والشهر الحرام والهدي والقلائد "، يقول تعالى ذكره; وجعل الشهر الحرام والهدي والقلائد أيضًا قيامًا للناس, كما جعل الكعبة البيت الحرام لهم قيامًا.* * *و " الناس " الذين جعل ذلك لهم قيامًا، مختلفٌ فيهم.فقال بعضهم; جعل الله ذلك في الجاهلية قيامًا للناس كلهم.* * *وقال بعضهم; بل عنى به العربَ خاصة.* * *وبمثل الذي قلنا في تأويل " القوام "، قال أهل التأويل.* ذكر من قال; عنى الله تعالى ذكره بقوله; " جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس "، القوام، على نحو ما قلنا.12782 - حدثنا هناد قال ، حدثنا ابن أبي زائدة قال ، أخبرنا من سمع خُصَيفًا يحدث، عن مجاهد في; " جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس "، قال; قوامًا للناس.12783 - حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا عبيد الله, عن إسرائيل, عن خصيف, عن سعيد بن جبير; " قيامًا للناس "، قال; صلاحًا لدينهم.12784- حدثنا هناد قال ، حدثنا ابن أبي زائدة قال ، أخبرنا داود, عن ابن جريج, عن مجاهد في; " جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس "، قال; حين لا &; 11-92 &; يرْجون جنة ولا يخافون نارًا, فشدّد الله ذلك بالإسلام.12785- حدثني هناد قال ، حدثنا ابن أبي زائدة, عن إسرائيل, عن أبي الهيثم, عن سعيد بن جبير قوله; " جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس "، قال; شدةً لدينهم.12786- حدثنا ابن وكيع قال ، حدثنا أبي, عن إسرائيل, عن أبي الهيثم, عن سعيد بن جيير, مثله.12787 - حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله; " جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس "، قال; قيامها، أن يأمن من توجَّه إليها.12788 - حدثني المثنى قال ، حدثنا عبد الله بن صالح قال ، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس قوله; " جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد "، يعني قيامًا لدينهم, ومعالم لحجهم.12789 - حدثنا محمد بن الحسين قال ، حدثنا أحمد بن مفضل قال ، حدثنا أسباط, عن السدي; " جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد "، جعل الله هذه الأربعةَ قيامًا للناس, هو قوام أمرهم.* * *قال أبو جعفر; وهذه الأقوال وإن أختلفت من قائليها ألفاظُها، (102) فإن معانيها آيلةٌ إلى ما قلنا في ذلك، من أن " القوام " للشيء، هو الذي به صلاحه, كما الملك الأعظم، قوامُ رعيته ومن في سلطانه، (103) لأنه مدبِّر أمرهم، وحاجز ظالمهم عن مظلومهم، والدافع عنهم مكروه من بغاهم وعاداهم. وكذلك كانت الكعبة والشهرُ الحرام والهدي والقلائد، قوامَ أمر العرب الذي كان به صلاحهم في الجاهلية, وهي في الإسلام لأهله معالمُ حجهم ومناسكهم، ومتوجَّههم لصلاتهم، وقبلتهم التي باستقبالها يتمُّ فرضُهم.* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قالت جماعة أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;12790 - حدثنا بشر بن معاذ قال ، حدثنا جامع بن حماد قال ، حدثنا يزيد بن زريع قال ، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله; " جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد "، حواجز أبقاها الله بين الناس في الجاهلية، (104) فكان الرجل لو جَرَّ كل جريرة ثم لجأ إلى الحرم لم يُتناول ولم يُقرب. وكان الرجل لو لقي قاتلَ أبيه في الشهر الحرام لم يعرض له ولم يقرَبه. وكان الرجل إذا أراد البيت تقلد قلادةً من شعر فأحمته ومنعته من الناس. وكان إذا نفر تقلَّد قلادة من الإذْخِر أو من لِحَاء السمُر, فمنعته من الناس حتى يأتي أهله، (105) حواجزُ أبقاها الله بين الناس في الجاهلية.12791- حدثنا يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله; " جعل الله الكعبة البيت الحرام قيامًا للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد "، قال; كان الناس كلهم فيهم ملوكٌ تدفع بعضَهم عن بعض. قال; ولم يكن في العرب ملوكٌ تدفع بعضهم عن بعض, فجعل الله تعالى لهم البيت الحرام قيامًا، يُدْفع بعضُهم عن بعض به, والشهر الحرام كذلك يدفع الله بعضهم عن بعض بالأشهر الحرم، والقلائد. قال; ويلقَى الرجل قاتل أخيه أو ابن عمه فلا يعرض له. وهذا كله قد نُسِخ.12792 - حدثني محمد بن سعد قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس; " والقلائد "، كان ناس يتقلَّدون لحاء الشجر في الجاهلية إذا أرادوا الحجّ, فيعرفون بذلك.* * *وقد أتينا على البيان عن ذكر; " الشهر الحرام "= و " الهدي"= و " القلائد "، فيما مضى، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (106)* * *القول في تأويل قوله ; ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (97)قال أبو جعفر; يعني تعالى ذكره بقوله; " ذلك "، تصييرَه الكعبةَ البيتَ الحرام قيامًا للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد. يقول تعالى ذكره; صيرت لكم، أيها الناس، ذلك قيامًا، كي تعلموا أن من أحدث لكم لمصالح دنياكم ما أحدث، مما به قوامكم, علمًا منه بمنافعكم ومضاركم، أنه كذلك يعلم جميع ما في السموات وما في الأرض مما فيه صلاحُ عاجلكم وآجلكم, ولتعلموا أنه بكل شيء " عليم ", لا يخفى عليه شيء من أموركم وأعمالكم, وهو محصيها عليكم، حتى يجازي المحسنَ منكم بإحسانه، والمسيء منكم بإساءته. (107)-----------------الهوامش ;(94) انظر تفسير"جعل" فيما سلف 3; 18.(95) الأثر; 12781-"هاشم بن القاسم بن مسلم الليثي""أبو النضر" الإمام الحافظ مضى برقم; 184 ، 8239.و"أبو سعيد المؤدب" هو; "محمد بن مسلم بن أبي الوضاح القضاعي" ثقة مأمون مضى برقم 8239 ، 12310.(96) انظر تفسير"قيام" فيما سلف 7; 568 ، 569.(97) هو حميد الأرقط.(98) مجاز القرآن لأبي عبيدة 1; 177.(99) في المطبوعة; "يحترم ذلك" وصوابه من المخطوطة وفي المخطوطة; "ويعطيه" وصوابه ما في المطبوعة.(100) "الخلي"; الرطب الرقيق من النبات. و"اختلى الخلي"; جزه وقطعه ونزعه. و"عضد الشجرة" قطعها.(101) انظر ما سلف 3; 45- 51.(102) في المخطوطة والمطبوعة; "من قائلها" بالإفراد وما أثبته أولى بالصحة.(103) في المطبوعة; "كالملك" والصواب الجيد ما في المخطوطة.(104) عندي أن الصواب"ألقاها الله" باللام في هذا الموضع ، والذي يليه ، ولكن هكذا هي في المخطوطة.(105) "الإذخر"; حشيشة طيبة الرائحة يسقف بها البيوت فوق الخشب ويطحن فيدخل في الطيب. و"اللحاء" قشر الشجر. و"السمر" (بفتح السين وضم الميم); شجر من الطلح.(106) انظر تفسير"الشهر الحرام" فيما سلف 3; 575- 579/4; 299 ، 300 وما بعدها/9; 466= وتفسير"الهدي" فيما سلف 4; 24 ، 25/9; 466/11; 22= وتفسير"القلائد" فيما سلف 9; 467- 470.(107) انظر تفسير"عليم" فيما سلف من فهارس اللغة.
يخبر تعالى أنه جعل { الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ } يقوم بالقيام بتعظيمه دينُهم ودنياهم، فبذلك يتم إسلامهم، وبه تحط أوزارهم، وتحصل لهم - بقصده - العطايا الجزيلة، والإحسان الكثير، وبسببه تنفق الأموال، وتتقحم - من أجله - الأهوال. ويجتمع فيه من كل فج عميق جميع أجناس المسلمين، فيتعارفون ويستعين بعضهم ببعض، ويتشاورون على المصالح العامة، وتنعقد بينهم الروابط في مصالحهم الدينية والدنيوية. قال تعالى: { لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ } ومن أجل كون البيت قياما للناس قال من قال من العلماء: إن حج بيت الله فرض كفاية في كل سنة. فلو ترك الناس حجه لأثم كل قادر، بل لو ترك الناس حجه لزال ما به قوامهم، وقامت القيامة. وقوله: { وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ } أي: وكذلك جعل الهدي والقلائد -التي هي أشرف أنواع الهدي- قياما للناس، ينتفعون بهما ويثابون عليهما. { ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } فمن علمه أن جعل لكم هذا البيت الحرام، لما يعلمه من مصالحكم الدينية والدنيوية.
(جعل) فعل ماض
(الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع
(الكعبة) مفعول به منصوبـ (البيت) عطف بيان من الكعبة أو بدل منه منصوبـ (الحرام) نعت للبيت منصوبـ (قياما) مفعول به ثان منصوب عامله جعل ،
(للناس) جارّ ومجرور متعلّق بـ (قياما) ،
(الواو) عاطفة في المواضع الثلاثة
(الشهر، الهدي، القلائد) أسماء معطوفة على الكعبة منصوبة
(الحرام) نعت للشهر منصوبـ (ذلك) اسم إشارة مبني في محلّ رفع مبتدأ .
(واللام) للبعد
(والكاف) للخطاب.
(اللام) للتعليلـ (تعلموا) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل.والمصدر المؤوّلـ (أن تعلموا) في محلّ جرّ باللام متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ ذلك.
(أنّ) حرف مشبّه بالفعلـ (الله) لفظ الجلالة اسم أنّ منصوبـ (يعلم) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (ما) اسم موصول مبني في محلّ نصب مفعول به
(في السموات) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف صلة الموصول ما
(الواو) عاطفة
(ما) مثل الأول ومعطوف عليه
(في الأرض) مثل في السموات.
والمصدر المؤوّلـ (أنّ الله يعلم ... ) سدّ مسدّ مفعولي تعلموا.
(الواو) عاطفة
(أنّ الله) مثل الأولى
(بكل) جارّ ومجرور متعلّق بعليم
(شيء) مضاف إليه مجرور
(عليم) خبر أنّ مرفوع.
جملة «جعل الله ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «ذلك لتعلموا» : لا محلّ لها استئناف بياني أو تعليليّة.
وجملة «تعلموا» : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) .
وجملة «يعلم» : في محلّ رفع خبر أنّ.