لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوٓا إِذَا مَا اتَّقَوا وَّءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ ثُمَّ اتَّقَوا وَّءَامَنُوا ثُمَّ اتَّقَوا وَّأَحْسَنُوا ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ
لَـيۡسَ عَلَى الَّذِيۡنَ اٰمَنُوۡا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ جُنَاحٌ فِيۡمَا طَعِمُوۡۤا اِذَا مَا اتَّقَوا وَّاٰمَنُوۡا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ ثُمَّ اتَّقَوا وَّاٰمَنُوۡا ثُمَّ اتَّقَوا وَّاَحۡسَنُوۡا ؕ وَاللّٰهُ يُحِبُّ الۡمُحۡسِنِيۡنَ
تفسير ميسر:
ليس على المؤمنين الذين شربوا الخمر قبل تحريمها إثم في ذلك، إذا تركوها واتقوا سخط الله وآمنوا به، وقدَّموا الأعمال الصالحة التي تدل على إيمانهم ورغبتهم في رضوان الله تعالى عنهم، ثم ازدادوا بذلك مراقبة لله عز وجل وإيمانا به، حتى أصبحوا مِن يقينهم يعبدونه، وكأنهم يرونه. وإن الله تعالى يحب الذين بلغوا درجة الإحسان حتى أصبح إيمانهم بالغيب كالمشاهدة.
قال أحمد بن حنبل حدثنا أسود بن عامر حدثنا إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عياش قال لما حرمت الخمر قال ناس يا رسول الله أصحابنا الذين ماتوا وهم يشربونها فأنزل الله" ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا" إلى آخر الآية ولما حولت القبلة قال ناس; يا رسول الله إخواننا الذين ما توا وهم يصلون إلى بيت المقدس فأنزل الله" وما كان الله ليضيع إيمانكم" وقال الإمام أحمد حدثنا داود بن مهران الدباغ حدثنا داود يعني العطار عن أبي خيثم عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول;" من شرب الخمر لم يرض الله عنه أربعين ليلة إن مات مات كافرا وإن تاب تاب الله عليه وإن عاد كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال" قالت; قلت يا رسول الله وما طينة الخبال ؟ قال;" صديد أهل النار " وقال الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال; لما نزلت" ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا" فقال النبي صلى الله عليه وسلم قيل لي أنت منهم وهكذا رواه مسلم والترمذي والنسائي من طريقه وقال عبد الله ابن الإمام أحمد قرأت على أبي حدثنا علي بن عاصم حدثنا إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم;" إياكم وهاتان الكعبتان الموسومتان اللتان تزجران زجرا فإنهما ميسر العجم.
قوله تعالى ; ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنينفيه تسع مسائل ;الأولى ; قال ابن عباس والبراء بن عازب وأنس بن مالك إنه لما نزل تحريم الخمر قال قوم من الصحابة ; كيف بمن مات منا وهو يشربها ويأكل الميسر ؟ - ونحو هذا - فنزلت الآية . روى البخاري عن أنس قال ; كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة فنزل تحريم الخمر ، فأمر مناديا ينادي ، فقال أبو طلحة ; اخرج فانظر ما هذا الصوت ! قال ; فخرجت فقلت ; هذا مناد ينادي ألا إن الخمر قد حرمت ; فقال ; اذهب فأهرقها - وكان الخمر من الفضيخ - قال ; فجرت في سكك المدينة ; فقال بعض القوم ; قتل قوم وهي في بطونهم فأنزل الله عز وجل ; ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا الآية .الثانية ; هذه الآية وهذا الحديث نظير سؤالهم عمن مات إلى القبلة الأولى فنزلت وما كان الله ليضيع إيمانكم ومن فعل ما أبيح له حتى مات على فعله لم يكن له ولا عليه شيء ; لا إثم ولا مؤاخذة ولا ذم ولا أجر ولا مدح ; لأن المباح مستوي الطرفين بالنسبة إلى الشرع ; وعلى هذا فما كان ينبغي أن يتخوف ولا يسأل عن حال من مات والخمر في بطنه وقت إباحتها ، فإما أن يكون ذلك القائل غفل عن دليل الإباحة فلم يخطر له ، أو يكون لغلبة [ ص; 222 ] خوفه من الله تعالى ، وشفقته على إخوانه المؤمنين توهم مؤاخذة ومعاقبة لأجل شرب الخمر المتقدم ; فرفع الله ذلك التوهم بقوله ; ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا الآية .الثالثة ; هذا الحديث في نزول الآية فيه دليل واضح على أن نبيذ التمر إذا أسكر خمر ; وهو نص ولا يجوز الاعتراض عليه ; لأن الصحابة رحمهم الله هم أهل اللسان ، وقد عقلوا أن شرابهم ذلك خمر إذ لم يكن لهم شراب ذلك الوقت بالمدينة غيره ; وقد قال الحكمي ;لنا خمر وليست خمر كرم ولكن من نتاج الباسقات كرام في السماء ذهبن طولاوفات ثمارها أيدي الجناةومن الدليل الواضح على ذلك ما رواه النسائي ; أخبرنا القاسم بن زكريا ، أخبرنا عبيد الله عن شيبان عن الأعمش عن محارب بن دثار عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ; الزبيب والتمر هو الخمر ، وثبت بالنقل الصحيح أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه - وحسبك به عالما باللسان والشرع - خطب على منبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال ; يا أيها الناس ; ألا إنه قد نزل تحريم الخمر يوم نزل ، وهي من خمسة ; من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير ; والخمر ما خامر العقل ، وهذا أبين ما يكون في معنى الخمر ; يخطب به عمر بالمدينة على المنبر بمحضر جماعة الصحابة ، وهم أهل اللسان ولم يفهموا من الخمر إلا ما ذكرناه . وإذا ثبت هذا بطل مذهب أبي حنيفة والكوفيين القائلين بأن الخمر لا تكون إلا من العنب ، وما كان من غيره لا يسمى خمرا ولا يتناوله اسم الخمر ، وإنما يسمى نبيذا ; وقال الشاعر ;تركت النبيذ لأهل النبيذ وصرت حليفا لمن عابهشراب يدنس عرض الفتى ويفتح للشر أبوابهالرابعة ; قال الإمام أبو عبد الله المازري ; ذهب جمهور العلماء من السلف وغيرهم إلى أن كل ما يسكر نوعه حرم شربه ، قليلا كان أو كثيرا ، نيئا كان أو مطبوخا ، ولا فرق بين المستخرج من العنب أو غيره ، وأن من شرب شيئا من ذلك حد ; فأما المستخرج من العنب المسكر النيء فهو الذي انعقد الإجماع على تحريم قليله وكثيره ولو نقطة منه ، وأما ما عدا [ ص; 223 ] ذلك فالجمهور على تحريمه ، وخالف الكوفيون في القليل مما عدا ما ذكر ، وهو الذي لا يبلغ الإسكار ; وفي المطبوخ المستخرج من العنب ; فذهب قوم من أهل البصرة إلى قصر التحريم على عصير العنب ، ونقيع الزبيب النيء ; فأما المطبوخ منهما ، والنيء والمطبوخ مما سواهما فحلال ما لم يقع الإسكار ، وذهب أبو حنيفة إلى قصر التحريم على المعتصر من ثمرات النخيل والأعناب على تفصيل ; فيرى أن سلافة العنب يحرم قليلها وكثيرها إلا أن تطبخ حتى ينقص ثلثاها ، وأما نقيع الزبيب والتمر فيحل مطبوخهما وإن مسته النار مسا قليلا من غير اعتبار بحد ; وأما النيء منه فحرام ، ولكنه مع تحريمه إياه لا يوجب الحد فيه ; وهذا كله ما لم يقع الإسكار ، فإن وقع الإسكار استوى الجميع . قال شيخنا الفقيه الإمام أبو العباس أحمد رضي الله عنه ; العجب من المخالفين في هذه المسألة ; فإنهم قالوا ; إن القليل من الخمر المعتصر من العنب حرام ككثيره ، وهو مجمع عليه ; فإذا قيل لهم ; فلم حرم القليل من الخمر وليس مذهبا للعقل ؟ فلا بد أن يقال ; لأنه داعية إلى الكثير ، أو للتعبد ; فحينئذ يقال لهم ; كل ما قدرتموه في قليل الخمر هو بعينه موجود في قليل النبيذ فيحرم أيضا ، إذ لا فارق بينهما إلا مجرد الاسم إذا سلم ذلك . وهذا القياس هو أرفع أنواع القياس ; لأن الفرع فيه مساو للأصل في جميع أوصافه ; وهذا كما يقول في قياس الأمة على العبد في سراية العتق . ثم العجب من أبي حنيفة وأصحابه رحمهم الله ! فإنهم يتوغلون في القياس ويرجحونه على أخبار الآحاد ، ومع ذلك فقد تركوا هذا القياس الجلي المعضود بالكتاب والسنة وإجماع صدور الأمة ، لأحاديث لا يصح شيء منها على ما قد بين عللها المحدثون في كتبهم ، وليس في الصحاح شيء منها . وسيأتي في سورة " النحل " تمام هذه المسألة إن شاء الله تعالى .الخامسة ; قوله تعالى ; طعموا أصل هذه اللفظة في الأكل ; يقال ; طعم الطعام وشرب الشراب ، لكن قد تجوز في ذلك فيقال ; لم أطعم خبزا ولا ماء ولا نوما ; قال الشاعر ;نعاما بوجرة صعر الخدو د لا تطعم النوم إلا صياماوقد تقدم القول في " البقرة " في قوله تعالى ; ومن لم يطعمه بما فيه الكفاية . السادسة ; قال ابن خويز منداد ; تضمنت هذه الآية تناول المباح والشهوات ، والانتفاع بكل لذيذ من مطعم ومشرب ومنكح وإن بولغ فيه وتنوهي في ثمنه . وهذه الآية نظير قوله [ ص; 224 ] تعالى ; لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ونظير قوله ; قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزقالسابعة ; قوله تعالى ; إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين فيه أربعة أقوال ; الأول ; أنه ليس في ذكر التقوى تكرار ; والمعنى اتقوا شربها ، وآمنوا بتحريمها ; والمعنى الثاني دام اتقاؤهم وإيمانهم ; والثالث على معنى الإحسان إلى الاتقاء ، والثاني ; اتقوا قبل التحريم في غيرها من المحرمات ، ثم اتقوا بعد تحريمها شربها ، ثم اتقوا فيما بقي من أعمالهم ، وأحسنوا العمل . الثالث ; اتقوا الشرك وآمنوا بالله ورسوله ، والمعنى الثاني ثم اتقوا الكبائر ، وازدادوا إيمانا ، والمعنى الثالث ثم اتقوا الصغائر وأحسنوا أي ; تنفلوا ، وقال محمد بن جرير ; الاتقاء الأول هو الاتقاء بتلقي أمر الله بالقبول ، والتصديق والدينونة به والعمل ، والاتقاء الثاني الاتقاء بالثبات على التصديق ، والثالث الاتقاء بالإحسان ، والتقرب بالنوافل .الثامنة ; قوله تعالى ; ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين دليل على أن المتقي المحسن أفضل من المتقي المؤمن الذي عمل الصالحات ; فضله بأجر الإحسان .التاسعة ; قد تأول هذه الآية قدامة بن مظعون الجمحي من الصحابة رضي الله عنهم ، وهو ممن هاجر إلى أرض الحبشة مع أخويه عثمان وعبد الله ، ثم هاجر إلى المدينة وشهد بدرا وعمر ، وكان ختن عمر بن الخطاب ، خال عبد الله وحفصة ، وولاه عمر بن الخطاب على البحرين ، ثم عزله بشهادة الجارود - سيد عبد القيس - عليه بشرب الخمر . روى الدارقطني قال ; حدثنا أبو الحسن علي بن محمد المصري ، حدثنا يحيى بن أيوب العلاف ، حدثني سعيد بن عفير ، حدثني يحيى بن فليح بن سليمان ، قال ; حدثني ثور بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس ; أن الشراب كانوا يضربون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأيدي والنعال والعصي حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكانوا في خلافة أبي بكر أكثر منهم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان أبو بكر يجلدهم أربعين حتى توفي ، ثم كان عمر من بعده يجلدهم كذلك أربعين حتى أتي برجل من المهاجرين الأولين وقد شرب فأمر به أن يجلد ; قال ; لم تجلدني ؟ بيني وبينك كتاب الله ! فقال عمر ; وفي أي كتاب الله تجد ألا أجلدك ؟ فقال له ; إن الله تعالى يقول في كتابه ; ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا الآية . فأنا من الذين آمنوا وعملوا [ ص; 225 ] الصالحات ، ثم اتقوا وآمنوا ، ثم اتقوا وأحسنوا ; شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها ; فقال عمر ; ألا تردون عليه ما يقول ; فقال ابن عباس ; إن هؤلاء الآيات أنزلت عذرا لمن غبر ، وحجة على الناس ; لأن الله تعالى يقول ; يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر الآية ; ثم قرأ حتى أنفذ الآية الأخرى ; فإن كان من الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، الآية ; فإن الله قد نهاه أن يشرب الخمر ; فقال عمر ; صدقت ماذا ترون ؟ فقال علي رضي الله عنه ; إنه إذا شرب سكر وإذا سكر هذى ، وإذا هذى افترى ، وعلى المفتري ثمانون جلدة ; فأمر به عمر فجلد ثمانين جلدة ، وذكر الحميدي عن أبي بكر البرقاني عن ابن عباس قال ; لما قدم الجارود من البحرين قال ; يا أمير المؤمنين إن قدامة بن مظعون قد شرب مسكرا ، وإني إذا رأيت حقا من حقوق الله حق علي أن أرفعه إليك ; فقال عمر ; من يشهد على ما تقول ؟ فقال ; أبو هريرة ; فدعا عمر أبا هريرة فقال ; علام تشهد يا أبا هريرة ؟ فقال ; لم أره حين شرب ، ورأيته سكران يقيء ، فقال عمر ; لقد تنطعت في الشهادة ; ثم كتب عمر إلى قدامة وهو بالبحرين يأمره بالقدوم عليه ، فلما قدم قدامة والجارود بالمدينة كلم الجارود عمر ; فقال ; أقم على هذا كتاب الله ; فقال عمر للجارود ; أشهيد أنت أم خصم ؟ فقال الجارود ; أنا شهيد ; قال ; قد كنت أديت الشهادة ; ثم قال لعمر ; إني أنشدك الله ! فقال عمر ; أما والله لتملكن لسانك أو لأسوءنك ; فقال الجارود ; أما والله ما ذلك بالحق ، أن يشرب ابن عمك وتسوءني ! فأوعده عمر ; فقال أبو هريرة وهو جالس ; يا أمير المؤمنين إن كنت في شك من شهادتنا فسل بنت الوليد امرأة ابن مظعون ، فأرسل عمر إلى هند ينشدها بالله ، فأقامت هند على زوجها الشهادة ; فقال عمر ; يا قدامة إني جالدك ; فقال قدامة ; والله لو شربت - كما يقولون - ما كان لك أن تجلدني يا عمر . قال ; ولم يا قدامة ؟ قال ; لأن الله سبحانه يقول ; ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا . الآية ، إلى المحسنين . فقال عمر ; أخطأت التأويل يا قدامة ; إذا اتقيت الله اجتنبت ما حرم الله ، ثم أقبل عمر على القوم فقال ; ما ترون في جلد قدامة ؟ فقال القوم ; لا نرى أن تجلده ما دام وجعا ; فسكت عمر عن جلده ثم أصبح يوما فقال لأصحابه ; ما ترون في جلد قدامة ؟ فقال القوم ; لا نرى أن تجلده ما دام وجعا ، فقال عمر ; إنه والله لأن يلقى الله تحت السوط ، أحب إلي أن ألقى الله وهو في عنقي ! والله لأجلدنه ; ائتوني بسوط ، فجاءه مولاه أسلم بسوط رقيق صغير ، فأخذه عمر فمسحه [ ص; 226 ] بيده ثم قال لأسلم ; أخذتك دقرارة أهلك ; ائتوني بسوط غير هذا . قال ; فجاءه أسلم بسوط تام ; فأمر عمر بقدامة فجلد ; فغاضب قدامة عمر وهجره ; فحجا وقدامة مهاجر لعمر حتى قفلوا عن حجهم ونزل عمر بالسقيا ونام بها فلما استيقظ عمر قال ; عجلوا علي بقدامة ، انطلقوا فأتوني به ، فوالله لأرى في النوم أنه جاءني آت فقال ; سالم قدامة فإنه أخوك ، فلما جاءوا قدامة أبى أن يأتيه ، فأمر عمر بقدامة أن يجر إليه جرا حتى كلمه عمر واستغفر له ، فكان أول صلحهما . قال أيوب بن أبي تميمة ; لم يحد أحد من أهل بدر في الخمر غيره . قال ابن العربي ; فهذا يدلك على تأويل الآية ، وما ذكر فيه عن ابن عباس من حديث الدارقطني ، وعمر في حديث البرقاني وهو صحيح ; وبسطه أنه لو كان من شرب الخمر واتقى الله في غيره ما حد على الخمر أحد ، فكان هذا من أفسد تأويل ; وقد خفي على قدامة ; وعرفه من وفقه الله كعمر وابن عباس رضي الله عنهما ; قال الشاعر ;وإن حراما لا أرى الدهر باكيا على شجوه إلا بكيت على عمروروي عن علي رضي الله عنه أن قوما شربوا بالشام وقالوا ; هي لنا حلال وتأولوا هذه الآية ، فأجمع علي وعمر على أن يستتابوا ، فإن تابوا وإلا قتلوا ; ذكره إلكيا الطبري .
القول في تأويل قوله ; لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره للقوم الذين قالوا= إذْ أنـزل الله تحريم الخمر بقوله; إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ ; كيفَ بمن هلك من إخواننا وهم يشربونها؟ وبنا وقد كنّا نشربها؟ = ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات منكم حرج فيما شربوا من ذلك، في الحال التي لم يكن الله تعالى حرَّمه عليهم (30) = إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ، يقول; إذا ما اتقى الله الأحياءُ منهم فخافوه، وراقبوه في اجتنابهم ما حرَّم عليهم منه، (31) وصدَّقوا الله ورسوله فيما أمراهم ونهياهم، فأطاعوهما في ذلك كله=" وعملوا الصالحات "، يقول; واكتسبوا من الأعمال ما يرضاه الله في ذلك مما كلفهم بذلك ربُّهم (32) =" ثم اتقوا وآمنوا "، يقول; ثم خافوا الله وراقبوه باجتنابهم محارِمه بعد ذلك التكليف أيضًا، فثبتوا على اتقاء الله في ذلك والإيمان به، ولم يغيِّروا ولم يبدِّلوا=" ثم اتقوا وأحسنوا "، يقول; ثم خافوا الله، فدعاهم خوفُهم الله إلى الإحسان، وذلك " الإحسان "، هو العمل بما لم يفرضه عليهم من الأعمال، ولكنه نوافلُ تقرَّبوا بها إلى رّبهم طلبَ رِضاه، وهربًا من عقابه (33) =" وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"، يقول; والله يحب المتقرِّبين إليه بنوافل الأعمال التي يرضاها.فالاتقاء الأوّل; هو الاتقاء بتلقِّي أمر الله بالقَبُول والتصديق، والدينونة به والعمَل= والاتقاء الثاني; الاتقاء بالثبات على التصديق، وترك التبديل والتغيير= والاتقاء الثالث; هو الاتقاء بالإحسان، والتقرُّب بنوافل الأعمال.* * *فإن قال قائل; ما الدليل على أنّ" الاتقاء " الثالث، هو الاتقاء بالنوافل، دون أن يكون ذلك بالفرائضِ؟قيل; إنه تعالى ذكره قد أخبر عن وضعه الجناح عن شاربي الخمر التي شربوها قبل تحريمه إيّاها، إذا هم اتقوا الله في شربها بعد تحريمِها، وصدّقوا الله ورسوله في تحريمها، وعملوا الصالحات من الفرائض. ولا وجه لتكرير ذلك وقد مضى ذكرُه في آيةٍ واحدة.* * *وبنحو الذي قلنا من أن هذه الآية نـزلت فيما ذكرنا أنها نـزلت فيه، جاءت الأخبار عن الصَّحابة والتابعين.* ذكر من قال ذلك;12525 - حدثنا هناد بن السري وأبو كريب قالا حدثنا وكيع= وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي= عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال; لما نـزل تحريم الخمر قالوا; يا رسول الله، فكيف بأصحابنا الذين ماتوا وهم يشربون الخمر؟ فنـزلت; " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح "، الآية. (34)12526 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عبد الله، عن إسرائيل بإسناده، نحوه.12527- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثني عبد الكبير بن عبد المجيد قال، أخبرنا عباد بن راشد، عن قتادة، عن أنس بن مالك قال; بينَا أنا أدير الكأس على أبي طلحة، وأبي عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وسهيل بن بيضاء، وأبي دجانة، حتى مالت رءوسهم من خَليط بُسْرٍ وتمر. (35) فسمعنا مناديًا ينادي; ألا إنّ الخمر قد حُرِّمت! قال; فما دخل علينا داخل ولا خرج منا خارج، حتى أهرقنا الشراب، وكسرنا القِلال، (36) وتوضأ بعضنا، واغتسل بعضنا، فأصبْنَا من طِيب أمِّ سليم، ثم خرجنا إلى المسجد، وإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ; يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ، إلى قوله; فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ . فقال رجل; يا رسول الله، فما منـزلةُ من مات منا وهو يشربها؟ فأنـزل الله تعالى ذكره; " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا " الآية، فقال رجل لقتادة; سمعتَه من أنس بن مالك؟ قال; نعم! قال رجل لأنس بن مالك; أنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال; نعم! وحدّثني من لم يكذب، والله ما كنا نكذب، ولا ندري ما الكذب! (37)12528 - حدثنا هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة قال، أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء قال; لما حرمت الخمر قالوا; كيف بأصحابنا الذين ماتوا وهم يشربون الخمر؟ فنـزلت; " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا "، الآية. (38)12529- حدثنا محمد بن المثنى قال، حدثنا محمد بن جعفر قال، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال، قال البراء; مات ناسٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يشربون الخمر، فلما نـزل تحريمها، قال أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم; فكيف بأصحابنا الذين ماتوا وهم يشربونها؟ فنـزلت هذه الآية; " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات "، الآية. (39)12530- حدثنا هناد قال، حدثنا ابن أبي زائدة قال، أخبرنا داود، عن ابن جريج، عن مجاهد، قال; نـزلت; " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات &; 10-580 &; جناح فيما طعموا "، فيمن قُتِل ببدر وأحُدٍ مع محمد صلى الله عليه وسلم.12531- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا خالد بن مخلد قال، حدثنا علي ابن مسهر، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله قال; لما نـزلت; " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا "، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم; قيل لي; أنت منهم. (40)12532 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا جامع بن حماد قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله; " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا "، إلى قوله; " وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ"، لما أنـزل الله تعالى ذكره تحريم الخمر في" سورة المائدة "، بعد " سورة الأحزاب "، (41) قال في ذلك &; 10-581 &; رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم; أصيب فلانٌ يوم بدر، وفلانٌ يوم أحد، وهم يشربونها! فنحن نشهد أنهم من أهل الجنة! فأنـزل الله تعالى ذكره; " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا والله يحب المحسنين "، يقول; شربها القومُ على تقوى من الله وإحسانٍ، وهي لهم يومئذ حلال، ثم حرِّمت بعدهم، فلا جناح عليهم في ذلك.12533- حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله; " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا "، قالوا; يا رسول الله، ما نقول لإخواننا الذين مضوا؟ كانوا يشربون الخمر، ويأكلون الميسر! فأنـزل الله; " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا "، يعني قبل التحريم، إذا كانوا محسنين متقين= وقال مرة أخرى; " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا " من الحرام قبل أن يحرَّم عليهم=" إذا ما اتقوا وأحسنوا "، بعد ما حُرِّم، وهو قوله; فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ ، [سورة البقرة; 275].12534- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله; " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا "، يعني بذلك رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ماتوا وهم يشربون الخمر قبل أن تحرَّم الخمر، فلم يكن عليهم فيها جناح قبلَ أن تحرَّم. فلما حرِّمت قالوا; كيف تكون علينا حرامًا، وقد مات إخواننا وهم يشربونها؟ فأنـزل الله تعالى ذكره; " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا &; 10-582 &; ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات "، يقول; ليس عليهم حرج فيما كانوا يشربون قبل أن أحرِّمها، إذا كانوا محسنين متقين=" والله يحب المحسنين ".12535 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله تعالى; " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا "، لمن كان يشرب الخمرَ ممن قتل مع محمد صلى الله عليه وسلم ببدرٍ وأحُدٍ.12536 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ الفضل بن خالد قال، حدثنا عبيد بن سليمان، عن الضحاك قوله; " ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح "، الآية، هذا في شأن الخمر حين حرِّمت، سألوا نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم فقالوا; إخواننا الذين ماتوا وهم يشربونها؟ فأنـزل الله تعالى ذكره هذه الآية.الهوامش ;(30) انظر تفسير"الجناح" 9 ; 268 ، تعليق; 4 ، والمراجع هناك= وتفسير"طعم" فيما سلف 5 ; 342.(31) انظر تفسير"اتقى" فيما سلف من فهارس اللغة (وقى).(32) انظر تفسير"الصالحات" فيما سلف من فهارس اللغة (صلح).(33) انظر تفسير"الإحسان" فيما سلف; 512 ، تعليق; 1 ، والمراجع هناك.(34) الأثران; 12525 ، 12526- إسنادهما صحيح.رواه أحمد في مسنده; 2088 ، 2452 ، 2691 مطولا ، 2775.ورواه الترمذي في السنن (كتاب التفسير) ، وقال; "هذا حديث حسن صحيح".ورواه الحاكم في المستدرك 4 ; 143 ، وقال; "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" ، ووافقه الذهبي ، وقال; "صحيح".وذكره ابن كثير في تفسيره 3 ; 233 ، من حديث أحمد في المسند.وذكره السيوطي في الدر المنثور 2 ; 320 ، وزاد نسبته إلى الفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن مردويه ، والبيهقي في شعب الإيمان.(35) "البسر" (بضم الباء وسكون السين); التمر قبل أن يرطب ، وهو ما لون منه ولم ينضج ، فإذا نضج فقد أرطب.(36) "القلال" جمع"قلة" (بضم القاف); وهي الجرة الكبيرة.(37) الأثر; 12527-"عبد الكبير بن عبد المجيد الحنفي البصري" ، ثقة. مضى برقم; 6822 ، 10317.و"عباد بن راشد التميمي" ، قال أحمد; "ثقة صدوق" ، وضعفه يحيى بن معين ، وتركه يحيى القطان. روى له البخاري مقرونًا بغيره. ومضى برقم 11060.و"أم سليم" المذكورة في الخبر ، هي; "أم سليم بنت ملحان الأنصارية" ، لها صحبة ، وهي والدة أنس بن مالك ، وزوج أبي طلحة الأنصاري ، خطبها أبو طلحة وهو مشرك ، فأبت عليه إلا أن يسلم ، فأسلم.وذكر هذا الخبر ابن كثير في تفسيره 3 ; 228 ، ولم ينسبه لغير ابن جرير ، وكذلك السيوطي في الدر المنثور 2 ; 320.وخبر أنس هذا ، رواه البخاري من طريق أخرى بغير هذا اللفظ (الفتح 8 ; 209). ومسلم في صحيحه بغير هذا اللفظ من طرق 13 ; 148-151. والنسائي في السنن 8 ; 287 ، 288.(38) الأثران; 12528 ، 12529- رواه أبو داود الطيالسي في مسنده; 97 ، رقم; 715 ، من طريق شعبة ، به.ورواه الترمذي في السنن (كتاب التفسير) من طريق عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحق (طريق أبي جعفر رقم; 12528) ، وقال; "هذا حديث حسن صحيح". ثم رواه من طريق; "محمد بن بشار ، عن محمد بن جعفر ، عن شعبة" (طريق أبي جعفر رقم; 12529) ، ثم قال; "هذا حديث حسن صحيح".وخرجه ابن كثير في تفسيره 3 ; 231 ، من مسند أبي داود الطيالسي.وخرجه السيوطي في الدر المنثور 2 ; 320 ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن حبان ، وأبي الشيخ ، وابن مردويه.(39) الأثران; 12528 ، 12529- رواه أبو داود الطيالسي في مسنده; 97 ، رقم; 715 ، من طريق شعبة ، به.ورواه الترمذي في السنن (كتاب التفسير) من طريق عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحق (طريق أبي جعفر رقم; 12528) ، وقال; "هذا حديث حسن صحيح". ثم رواه من طريق; "محمد بن بشار ، عن محمد بن جعفر ، عن شعبة" (طريق أبي جعفر رقم; 12529) ، ثم قال; "هذا حديث حسن صحيح".وخرجه ابن كثير في تفسيره 3 ; 231 ، من مسند أبي داود الطيالسي.وخرجه السيوطي في الدر المنثور 2 ; 320 ، وزاد نسبته إلى عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن حبان ، وأبي الشيخ ، وابن مردويه.(40) الأثر; 12531-"خالد بن مخلد القطواني" ثقة ، مضى برقم 2206 ، 4577 ، 8166 ، 8397.و"علي بن مسهر القرشي" ، ثقة ، مضى برقم; 4453 ، 5777.وهذا الخبر ، رواه مسلم في صحيحه (16 ; 14) من طرق ، عن علي بن مسهر ، عن الأعمش ، بمثله.ورواه الترمذي من طريق سفيان بن وكيع ، عن خالد بن مخلد ، وقال; "هذا حديث حسن صحيح".ورواه الحاكم في المستدرك 4 ; 143 ، 144 ، من طريق سليمان بن قرم ، عن الأعمش ، بزيادة في لفظه ، وقال; "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ، وإنما اتفقا على حديث شعبة ، عن أبي إسحق ، عن البراء ، مختصر هذا المعنى" ، ولم أجده حديث البراء في الصحيحين ، كما قال الحاكم. وأما الذهبي فلم يزد في تعليقه على المستدرك إلا أن قال; "صحيح". ولم أجد من نسب حديث البراء إلى الشيخين ، وهو الذي مضى برقم; 12528 ، 12529. وخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد 7 ; 18 ، بمثل لفظ الحاكم في المستدرك ، ثم قال; "في الصحيح بعضه ، رواه الطبراني ، ورجاله ثقات". وهذا هو الصحيح لا ما قال الحاكم.وخرجه ابن كثير في تفسيره 3 ; 233 وقال; "رواه مسلم ، والترمذي ، والنسائي من طريقه".وخرجه السيوطي في الدر المنثور 2 ; 321 ، في موضعين ، قال في مثل لفظ الحاكم; "أخرجه الطبراني ، وابن مردويه ، والحاكم وصححه". ثم رواه مختصرًا كرواية أبي جعفر ، ونسبه إلى مسلم ، والترمذي والنسائي ، وابن مردويه ، وابن أبي حاتم ، وأبي الشيخ.(41) قوله; "بعد سورة الأحزاب" ، كأنه يعني بعد نزول سورة الأحزاب ، وليس في سورة الأحزاب ذكر تحريم الخمر ، وكأنه عنى بذلك"بعد غزوة الأحزاب" ، وأخشى أن يكون قوله; "سورة الأحزاب" ، سهوا من الناسخ ، والصواب"غزوة الأحزاب" ، ولكن هكذا جاء في الدر المنثور أيضًا 2 ; 321 ، ونسب الخبر ، لعبد بن حميد ، وابن جرير.
لما نزل تحريم الخمر والنهي الأكيد والتشديد فيه، تمنى أناس من المؤمنين أن يعلموا حال إخوانهم الذين ماتوا على الإسلام قبل تحريم الخمر وهم يشربونها. فأنزل الله هذه الآية، وأخبر تعالى أنه { لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ } أي: حرج وإثم { فِيمَا طَعِمُوا } من الخمر والميسر قبل تحريمهما. ولما كان نفي الجناح يشمل المذكورات وغيرها، قيد ذلك بقوله: { إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } أي: بشرط أنهم تاركون للمعاصي، مؤمنون بالله إيمانا صحيحا، موجبا لهم عمل الصالحات، ثم استمروا على ذلك. وإلا فقد يتصف العبد بذلك في وقت دون آخر. فلا يكفي حتى يكون كذلك حتى يأتيه أجله، ويدوم على إحسانه، فإن الله يحب المحسنين في عبادة الخالق، المحسنين في نفع العبيد، ويدخل في هذه الآية الكريمة، من طعم المحرم، أو فعل غيره بعد التحريم، ثم اعترف بذنبه وتاب إلى الله، واتقى وآمن وعمل صالحا، فإن الله يغفر له، ويرتفع عنه الإثم في ذلك.
(ليس) فعل ماض ناقص جامد
(على) حرف جر
(الذين) اسم موصول مبني في محلّ جر متعلق بمحذوف خبر ليس مقدم
(آمنوا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو ضمير في محلّ رفع فاعلـ (الواو) عاطفة
(عملوا) مثل آمنوا
(الصالحات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة
(جناح) اسم ليس مؤخر مرفوع
(في) حرف جر
(ما) اسم موصول مبني في محلّ جر متعلق بجناح
(طعموا) مثل آمنوا
(إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمن معنى الشرط في محلّ نصب متعلق بالجواب المقدر ،
(ما) زائدة
(اتقوا) فعل ماض مبني على الضم المقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ... والواو فاعلـ (الواو) عاطفة
(آمنوا وعملوا الصالحات) مثل الأولى
(ثم) حرف عطف في الموضعين
(اتقوا وآمنوا، اتقوا وأحسنوا) مثل اتقوا وآمنوا السابقة
(الواو) استئنافية
(الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع
(يحبّ) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (المحسنين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة «ليس مع اسمها وخبرها» لا محلّ لها استئنافية.
وجملة «آمنوا» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة «عملوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة آمنوا.
وجملة «طعموا» لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة «اتقوا» في محلّ جر مضاف إليه ... وجواب الشرط مقدر أي لا يأثمون.
وجملة «آمنوا
(الثانية) » في محلّ جر معطوفة على جملة اتقوا.
وجملة «عملوا
(الثانية) » في محلّ جر معطوفة على جملة اتقوا.
وجملة «اتقوا
(الثانية) » في محلّ جر معطوفة على جملة عملوا الصالحات.وجملة «آمنوا
(الثالثة) » في محلّ جر معطوفة على جملة اتقوا الثانية.
وجملة «اتقوا
(الثالثة) » في محلّ جر معطوفة على جملة آمنوا الثالثة.
وجملة «أحسنوا» في محلّ جر معطوفة على جملة اتقوا الثالثة.
وجملة «الله يحب ... » لا محلّ لها استئنافية.
وجملة «يحب المحسنين» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(الله) .