فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ ۚ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوٓا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍۢ ۚ بَلٰغٌ ۚ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفٰسِقُونَ
فَاصۡبِرۡ كَمَا صَبَرَ اُولُوا الۡعَزۡمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسۡتَعۡجِلْ لَّهُمۡؕ كَاَنَّهُمۡ يَوۡمَ يَرَوۡنَ مَا يُوۡعَدُوۡنَۙ لَمۡ يَلۡبَثُوۡۤا اِلَّا سَاعَةً مِّنۡ نَّهَارٍ ؕ بَلٰغٌ ۚ فَهَلۡ يُهۡلَكُ اِلَّا الۡقَوۡمُ الۡفٰسِقُوۡنَ
تفسير ميسر:
فاصبر -أيها الرسول- على ما أصابك مِن أذى قومك المكذبين لك، كما صبر أولو العزم من الرسل من قبلك- وهم، على المشهور; نوح وإبراهيم وموسى وعيسى وأنت منهم- ولا تستعجل لقومك العذاب؛ فحين يقع ويرونه كأنهم لم يمكثوا في الدنيا إلا ساعة من نهار، هذا بلاغ لهم ولغيرهم. ولا يُهْلَكُ بعذاب الله إلا القوم الخارجون عن أمره وطاعته.
ثم قال تبارك وتعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم بالصبر تكذيب من كذبه قومه "فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل" أي على تكذيب قومهم لهم وقد اختلفوا في تعداد أولي العزم على أقوال وأشهرها أنهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى وخاتم الأنبياء كلهم محمد صلى الله عليه وسلم قد نص الله تعالى على أسمائهم من بين الأنبياء في آيتين من سورتي الأحزاب والشورى وقد يحتمل أن يكون المراد بأولي العزم جميع الرسل فتكون "من" في قوله من الرسل لبيان الجنس والله أعلم وقد قال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن الحجاج الحضرمي حدثنا السري بن حيان حدثنا عباد بن عباد حدثنا مجالد بن سعيد عن الشعبي عن مسروق قال; قالت يا عائشة رضي الله عنها ظل رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما ثم طواه ثم ظل صائما ثم طواه ثم ظل صائما ثم قال " يا عائشة إن الدنيا لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد يا عائشة إن الله تعالى لم يرض من أولى العزم من الرسل إلا بالصبر على مكروهها والصبر عن محبوبها ثم لم يرض مني إلا أن يكلفني ما كلفهم "فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل" وإني والله لأصبرن كما صبروا جهدي ولا قوة إلا بالله " "ولا تستعجل لهم" أي لا تستعجل لهم حلول العقوبة بهم كقوله تبارك وتعالى "فذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا" وكقوله تعالى "فمهل الكافرين أمهلهم رويدا" "كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار" كقوله جل وعلا "كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها" وكقوله عز وجل "ويوم نحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم" الآية وقوله جل وعلا "بلاغ" قال ابن جرير يحتمل معنيين "أحدهما" أن يكون تقديره وذلك لبث بلاغ "وآخر" أن يكون تقديره هذا القرآن بلاغ. وقوله تعالى "فهل يهلك إلا القوم الفاسقون" أي لا يهلك على الله إلا هالك. وهذا من عدله عز وجل أنه لا يعذب إلا من يستحق العذاب والله أعلم. آخر تفسير سورة الأحقاف ولله الحمد والمنة وبه التوفيق والعصمة.