الرسم العثمانيمَا خَلَقْنَا السَّمٰوٰتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى ۚ وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّآ أُنذِرُوا مُعْرِضُونَ
الـرسـم الإمـلائـيمَا خَلَقۡنَا السَّمٰوٰتِ وَالۡاَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَاۤ اِلَّا بِالۡحَقِّ وَاَجَلٍ مُّسَمًّىؕ وَالَّذِيۡنَ كَفَرُوۡا عَمَّاۤ اُنۡذِرُوۡا مُعۡرِضُوۡنَ
تفسير ميسر:
ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق، لا عبثًا ولا سدى؛ بل ليعرف العباد عظمة خالقهما فيعبدوه وحده، ويعلموا أنه قادر على أن يعيد العباد بعد موتهم، وليقيموا الحق والعدل فيما بينهم وإلى أجل معلوم عنده. والذين جحدوا أن الله هو الإله الحق، عما أنذرهم به القرآن معرضون، لا يتعظون ولا يتفكرون.
ثم قال تعالى ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق أي لا على وجه العبث والباطل "وأجل مسمى" أي وإلى مدة معينة مضروبة لا تزيد ولا تنقص. وقوله تعالى "والذين كفروا عما أنذروا معرضون" أي لاهون عما يراد بهم وقد أنزل الله تعالى إليهم كتابا وأرسل إليهم رسولا وهم معرضون عن ذلك كله أي وسيعلمون غب ذلك.
مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّأي للزوال والفناء .وقيل ; أي لأجازي المحسن والمسيء ; كما قال ; " ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى " [ النجم ; 31 ] .وَأَجَلٍ مُسَمًّى" وأجل مسمى " يعني القيامة , في قول ابن عباس وغيره .وهو الأجل الذي تنتهي إليه السماوات والأرض .وقيل ; إنه هو الأجل المقدور لكل مخلوق .وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ" والذين كفروا عما أنذروا " خوفوه" معرضون " مولون لاهون غير مستعدين له .يجوز أن تكون " ما " مصدرية , أي عن إنذارهم ذلك اليوم .
وقوله ( مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلا بِالْحَقِّ ) يقول تعالى ذكره; ما أحدثنا السموات والأرض فأوجدناهما خلقا مصنوعا, وما بينهما من أصناف العالم إلا بالحقّ, يعني; إلا لإقامة الحقّ والعدل في الخلق.وقوله ( وَأَجَلٌ مُسَمًّى ) يقول; وإلا بأجل لكل ذلك معلوم عنده يفنيه إذا هو بلغه, ويعدمه بعد أن كان موجودا بإيجاده إياه.وقوله ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ ) يقول تعالى ذكره; والذين جحدوا وحدانية الله عن إنذار الله إياهم معرضون, لا يتعظون به, ولا يتفكرون فيعتبرون.
وأقام تعالى الأدلة على تلك الدار وأذاق العباد نموذجا من الثواب والعقاب العاجل ليكون أدعى لهم إلى طلب المحبوب والهرب من المرهوب، ولهذا قال هنا: { مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقّ } أي: لا عبثا ولا سدى بل ليعرف العباد عظمة خالقهما ويستدلوا على كماله ويعلموا أن الذي خلقهما على عظمهما قادر على أن يعيد العباد بعد موتهم للجزاء وأن خلقهما وبقاءهما مقدر إلى { أَجَلٍ مُسَمًّى } فلما أخبر بذلك -وهو أصدق القائلين وأقام الدليل وأنار السبيل أخبر -مع ذلك- أن طائفة من الخلق قد أبوا إلا إعراضا عن الحق، وصدوفا عن دعوة الرسل فقال: { وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ } وأما الذين آمنوا فلما علموا حقيقة الحال قبلوا وصايا ربهم، وتلقوها بالقبول والتسليم وقابلوها بالانقياد والتعظيم ففازوا بكل خير، واندفع عنهم كل شر.
(ما) نافية، والثانية اسم موصول في محلّ نصب معطوف على السموات
(إلّا) للحصر
(بالحقّ) متعلّق بحال من فاعل خلقنا أو من مفعوله ،
(أجل) معطوف على الحقّ بالواو بحذف مضاف أي وتقدير أجل،
(عمّا) متعلّق بالخبر
(معرضون) ، و (الواو) في(أنذروا) نائب الفاعل ...جملة: «ما خلقنا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.وجملة: «الذين كفروا ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «أنذروا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) الاسمي أو الحرفيّ.
- القرآن الكريم - الأحقاف٤٦ :٣
Al-Ahqaf46:3