وَجَعَلُوا الْمَلٰٓئِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبٰدُ الرَّحْمٰنِ إِنٰثًا ۚ أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ ۚ سَتُكْتَبُ شَهٰدَتُهُمْ وَيُسْـَٔلُونَ
وَجَعَلُوا الۡمَلٰٓٮِٕكَةَ الَّذِيۡنَ هُمۡ عِبَادُ الرَّحۡمٰنِ اِنَاثًا ؕ اَشَهِدُوۡا خَلۡقَهُمۡ ؕ سَتُكۡتَبُ شَهَادَتُهُمۡ وَيُسۡـَٔــلُوۡنَ
تفسير ميسر:
وجعل هؤلاء المشركون بالله الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثًا، أحَضَروا حالة خَلْقهم حتى يحكموا بأنهم إناث؟ ستُكتب شهادتهم، ويُسألون عنها في الآخرة.
أي اعتقدوا فيهم ذلك فأنكر عليهم تعالى قولهم ذلك فقال "أشهدوا خلقهم" أي شاهدوه وقد خلقهم الله إناثا "ستكتب شهادتهم" أي بذلك "ويسئلون" عن ذلك يوم القيامة وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد.
وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا قرأ الكوفيون ( عباد ) بالجمع . واختاره أبو عبيد ; لأن الإسناد فيها أعلى ، ولأن الله تعالى إنما كذبهم في قولهم إنهم بنات الله ، فأخبرهم أنهم عبيد وأنهم ليسوا ببناته . وعن ابن عباس أنه قرأ عباد الرحمن ، فقال سعيد بن جبير ; إن في مصحفي ( عند الرحمن ) فقال ; امحها واكتبها عباد الرحمن وتصديق هذه القراءة قوله تعالى ; بل عباد مكرمون . وقوله تعالى ; أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء . وقوله تعالى ; إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم وقرأ الباقون ( عند الرحمن ) بنون ساكنة واختاره أبو حاتم . وتصديق هذه [ ص; 68 ] القراءة قوله تعالى ; إن الذين عند ربك وقوله ; وله من في السماوات والأرض ومن عنده . والمقصود إيضاح كذبهم وبيان جهلهم في نسبة الأولاد إلى الله سبحانه ، ثم في تحكمهم بأن الملائكة إناث وهم بنات الله . وذكر العباد مدح لهم ، أي ; كيف عبدوا من هو نهاية العبادة ، ثم كيف حكموا بأنهم إناث من غير دليل . والجعل هنا بمعنى القول والحكم ، تقول ; جعلت زيدا أعلم الناس ، أي ; حكمت له بذلك . أشهدوا خلقهم أي ; أحضروا حالة خلقهم حتى حكموا بأنهم إناث . وقيل ; إن النبي - صلى الله عليه وسلم - سألهم وقال ; فما يدريكم أنهم إناث ؟ فقالوا ; سمعنا بذلك من آبائنا ونحن نشهد أنهم لم يكذبوا في أنهم إناث ، فقال الله تعالى ; ستكتب شهادتهم ويسألون أي ; يسألون عنها في الآخرة . وقرأ نافع ( أوشهدوا ) بهمزة استفهام داخلة على همزة مضمومة مسهلة ، ولا يمد سوى ما روى المسيبي عنه أنه يمد . وروى المفضل عن عاصم مثل ذلك وتحقق الهمزتين . والباقون ( أشهدوا ) بهمزة واحدة للاستفهام .وروي عن الزهري ( أشهدوا خلقهم ) على الخبر ، ( ستكتب ) قراءة العامة بضم التاء على الفعل المجهول ( شهادتهم ) رفعا . وقرأ السلمي وابن السميقع وهبيرة عن حفص ( سنكتب ) بنون ، ( شهادتهم ) نصبا بتسمية الفاعل . وعن أبي رجاء ( ستكتب شهاداتهم ) بالجمع .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ (19)يقول تعالى ذكره; وجعل هؤلاء المشركون بالله ملائكته الذين هم عباد الرحمن.واختلفت القرّاء في قراءة ذلك, فقرأته عامة قرّاء المدينة " الذين هم عند الرحمن " بالنون, فكأنهم تأولوا في ذلك قول الله جلّ ثناؤه; إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ فتأويل الكلام على هذه القراءة; وجعلوا ملائكة الله الذين هم عنده يسبحونه ويقدسونه إناثا, فقالوا; هم بنات الله جهلا منهم بحق الله, وجرأة منهم على قيل الكذب والباطل. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة والبصرة ( وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا ) بمعنى; جمع عبد. فمعنى الكلام على قراءة هؤلاء; وجعلوا ملائكة الله الذين هم خلقه وعباده بنات الله, فأنثوهم بوصفهم إياهم بأنهم إناث.والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان في قراءة الأمصار صحيحتا المعنى, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب, وذلك أن الملائكة عباد الله وعنده.واختلفوا أيضًا في قراءة قوله; ( أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ ) فقرأ ذلك بعض قرّاء المدينة " أشهدوا خلقهم " بضم الألف, على وجه ما لم يسمّ فاعله, بمعنى; أأشهد الله هؤلاء المشركين الجاعلين ملائكة الله إناثا, خلق ملائكته الذين هم عنده, فعلموا ما هم, وأنهم إناث, فوصفوهم بذلك, لعلمهم بهم, وبرؤيتهم إياهم, ثم رد ذلك إلى ما لم يسمّ فاعله.وقرئ بفتح الألف, بمعنى; أشهدوا هم ذلك فعلموه؟ والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان معروفتان, فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.وقوله; ( سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ ) يقول تعالى ذكره; ستكتب شهادة هؤلاء القائلين; الملائكة بنات الله في الدنيا, بما شهدوا به عليهم, ويسألون عن شهادتهم تلك في الآخرة أن يأتوا ببرهان على حقيقتها, ولن يجدوا إلى ذلك سبيلا.
ومنها: أنهم جَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الله إِنَاثًا، فتجرأوا على الملائكة، العباد المقربين، ورقوهم عن مرتبة العبادة والذل، إلى مرتبة المشاركة للّه، في شيء من خواصه، ثم نزلوا بهم عن مرتبة الذكورية إلى مرتبة الأنوثية، فسبحان من أظهر تناقض من كذب عليه وعاند رسله.ومنها: أن اللّه رد عليهم بأنهم لم يشهدوا خلق اللّه لملائكته، فكيف يتكلمون بأمر من المعلوم عند كل أحد، أنه ليس لهم به علم؟! ولكن لا بد أن يسألوا عن هذه الشهادة، وستكتب عليهم، ويعاقبون عليها.
(الواو) استئنافيّة- أو عاطفة-
(الذين) موصول في محلّ نصب نعت للملائكة
(إناثا) مفعول به ثان عامله جعلوا
(الهمزة) للاستفهامالإنكاريّ..
جملة: «جعلوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة- أو معطوفة على جملة الاستئناف المقدّرة في الآية السابقة- وجملة: «هم عباد الرحمن ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «شهدوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «ستكتب شهادتهم ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «يسألون» لا محلّ لها معطوفة على جملة ستكتب.
20-
(الواو) عاطفة
(لو) حرف شرط غير جازم
(ما) نافية في الموضعين
(لهم) متعلّق بمحذوف خبر مقدّم
(بذلك) متعلّق بحال من علم
(علم) مجرور لفظا مرفوع محلّا مبتدأ مؤخّر
(إن) حرف نفي(إلّا) للحصر.
وجملة: «قالوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جعلوا..
وجملة: «شاء الرحمن ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «ما عبدناهم ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «ما لهم بذلك من علم» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «إن هم إلّا يخرصون» لا محلّ لها استئناف بيانيّ- أو تعليليّة- وجملة: «يخرصون» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(هم) .
21-
(أم) منقطعة بمعنى بل وهمزة الإنكار ،
(كتابا) مفعول به ثان منصوبـ (من قبله) متعلّق بنعت لـ (كتابا) والضمير في(قبله) يعود على القرآن العظيم ،
(الفاء) عاطفة
(به) متعلّق بـ (مستمسكون) .
وجملة: «آتيناهم ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «هم به مستمسكون» لا محلّ لها معطوفة على جملة آتيناهم.22-
(بل) للإضراب الانتقاليّ
(على أمّة) متعلّق بحال من آباء
(على آثارهم) متعلّق بالخبر
(مهتدون) .
وجملة: «قالوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «إنّا وجدنا ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «وجدنا ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «إنّا على آثارهم ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة مقول القول.
23-
(الواو) عاطفة
(كذلك) متعلّق بمحذوف خبر والمبتدأ مقدّر أي الأمر كذلك بعجزهم عن الحجّة وتمسّكهم بالتقليد
(ما) نافية
(من قبلك) متعلّق بحال من نذير ،
(في قرية) متعلّق بـ (أرسلنا) ،
(إلّا) للحصر
(إنّا وجدنا ... مقتدون) مثل إنا وجدنا ... مهتدون
(في الآية السابقة) .
وجملة: «
(الأمر) كذلك ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة قالوا ...وجملة: «ما أرسلنا ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «قال مترفوها ... » في محلّ نصب حال.
وجملة: «إنّا وجدنا ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «وجدنا ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «إنّا على آثارهم ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة إنّا وجدنا.