وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَـًٔا ۚ وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَـًٔا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلٰىٓ أَهْلِهِۦٓ إِلَّآ أَن يَصَّدَّقُوا ۚ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍۢ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثٰقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلٰىٓ أَهْلِهِۦ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ ۖ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا
وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٍ اَنۡ يَّقۡتُلَ مُؤۡمِنًا اِلَّا خَطَـــًٔا ۚ وَمَنۡ قَتَلَ مُؤۡمِنًا خَطَـــًٔا فَتَحۡرِيۡرُ رَقَبَةٍ مُّؤۡمِنَةٍ وَّدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ اِلٰٓى اَهۡلِهٖۤ اِلَّاۤ اَنۡ يَّصَّدَّقُوۡا ؕ فَاِنۡ كَانَ مِنۡ قَوۡمٍ عَدُوٍّ لَّـكُمۡ وَهُوَ مُؤۡمِنٌ فَتَحۡرِيۡرُ رَقَبَةٍ مُّؤۡمِنَةٍ ؕ وَاِنۡ كَانَ مِنۡ قَوۡمٍۢ بَيۡنَكُمۡ وَبَيۡنَهُمۡ مِّيۡثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ اِلٰٓى اَهۡلِهٖ وَ تَحۡرِيۡرُ رَقَبَةٍ مُّؤۡمِنَةٍ ۚ فَمَنۡ لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ شَهۡرَيۡنِ مُتَتَابِعَيۡنِ تَوۡبَةً مِّنَ اللّٰهِ ؕ وَكَانَ اللّٰهُ عَلِيۡمًا حَكِيۡمًا
تفسير ميسر:
ولا يحق لمؤمن الاعتداء على أخيه المؤمن وقتله بغير حق، إلا أن يقع منه ذلك على وجه الخطأ الذي لا عمد فيه، ومن وقع منه ذلك الخطأ فعليه عتق رقبة مؤمنة، وتسليم دية مقدرة إلى أوليائه، إلا أن يتصدقوا بها عليه ويعفوا عنه. فإن كان المقتول من قوم كفار أعداء للمؤمنين، وهو مؤمن بالله تعالى، وبما أنزل من الحق على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، فعلى قاتله عتق رقبة مؤمنة، وإن كان من قوم بينكم وبينهم عهد وميثاق، فعلى قاتله دية تسلم إلى أوليائه وعتق رقبة مؤمنة، فمن لم يجد القدرة على عتق رقبة مؤمنة، فعليه صيام شهرين متتابعين؛ ليتوب الله تعالى عليه. وكان الله تعالى عليما بحقيقة شأن عباده، حكيمًا فيما شرعه لهم.
يقول تعالى ليس لمؤمن أن يقتل أخاه المؤمن بوجه من الوجوه كما ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا يحل دم امرئ مسلم بشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث; النفس بالنفس والثيب الزاني والتارك لدينه المفارق للجماعة" ثم إذا وقع شيء من هذه الثلاث فليس لأحد من آحاد الرعية أن يقتله وإنما ذلك إلى الإمام أو نائبه وقوله "إلا خطأ" قالوا هو استثناء منقطع كقول الشاعر; إن البيض لم تظعن بعيدا ولم تطأ على الأرض إلا ريط برد مرحل ولهذا شواهد كثيرة واختلف في سبب نزول هذه فقال مجاهد وغير واحد نزلت في عياش ابن أبي ربيعة أخي أبي جهل لأمه وهى أسماء بنت مخرمة وذلك أنه قتل رجلا يعذبه مع أخيه على الإسلام وهو الحارث بن يزيد الغامدي فأضمر له عياش السوء فأسلم ذلك الرجل وهاجر وعياش لا يشعر فلما كان يوم الفتح رآه فظن أنه على دينه فحمل عليه فقتله فأنزل الله هذه الآية قال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم; نزلت في أبي الدرداء لأنه قتل رجلا وقد قال كلمة الإيمان حين رفع عليه السيف فأهوى به إليه فقال كلمته فلما ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم قال إنما قالها متعوذا فقال له "هل شققت عن قلبه" وهذه القصة في الصحيح لغير أبي الدرداء. وقوله "ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله" هذان واجبان في قتل الخطأ أحدهما الكفارة لما ارتكبه من الذنب العظيم وإن كان خطأ ومن شرطها أن تكون عتق رقبة مؤمنة فلا تجزئ الكافرة وحكى ابن جرير عن ابن عباس والشعبي وإبراهيم النخعي والحسن البصري أنهم قالوا لا يجزئ الصغير حتى يكون قاصدا للإيمان وروى من طريق عبدالرزاق عن معمر عن قتادة قال في مصحف أبي "فتحرير رقبة مؤمنة" لا يجزى فيها صبي. واختار ابن جرير أنه إن كان مولودا بين أبوين مسلمين أجزأ وإلا فلا والذي عليه الجمهور أنه متى كان مسلما صح عتقه عن الكفارة سواء كان صغيرا أو كبيرا قال الإمام أحمد أنبأنا عبدالرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن عبدالله بن عبدالله عن رجل من الأنصار أنه جاء بأمة سوداء فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن على عتق رقبة مؤمنة فإن كنت ترى هذه مؤمنة أعتقتها فقال لها رسول الله "أتشهدين أن لا إله إلا الله؟" قالت نعم. قال "أتشهدين أني رسول الله؟" قال نعم قال "أتؤمنين بالبعث بعد الموت" قالت نعم قال "أعتقها" وهذا إسناد صحيح وجهالة الصحابي لا تضره. وفي موطأ مالك ومسند الشافعي وأحمد وصحيح مسلم وسنن أبي داود والنسائي من طريق هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم أنه لما جاء بتلك الجارية السوداء قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم "أين الله" قالت في السماء قال "من أنا" قالت أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "أعتقها فإنها مؤمنة" وقوله "وديه مسلمة إلى أهله" هو الواجب الثاني فيما بين القاتل وأهل القتيل عوضا لهم عما فاتهم من قتيلهم وهذه الدية إنما تجب أخماسا كما رواه الإمام أحمد وأهل السنن من حديث الحجاج بن أرطاة عن زيد بن بن جبير عن خشف بن مالك عن ابن مسعود قال قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دية الخطأ عشرين بنت مخاض وعشرين بني مخاض ذكورا وعشرين بنت لبون وعشرين جذعة وعشرين حقة لفظ النسائي قال الترمذي لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه وقد روى عن عبدالله موقوفا كما روى عن علي وطائفة وقيل تجب أرباعا وهذه الدية إنما تجب على عاقلة القاتل لا في ماله قال الشافعي رحمه الله لم أعلم مخالفا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدية على العاقلة وهو أكثر من حديث الخاصة. وهذا الذي أشار إليه رحمه الله قد ثبت في غير ما حديث فمن ذلك ما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة قال; اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى أن دية جنينها غرة عبد أو أمة وقضى بدية المرأة على عاقلتها وهذا يقتضي أن حكم عمد الخطأ حكم الخطأ المحض في وجوب الدية لكن هذا تجب فيه الدية أثلاثا لشبهة العمد وفي صحيح البخاري عن عبدالله بن عمر قال; بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني خزيمة فدعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا فجعلوا يقولون صبأنا صبأنا فجمل خالد يقتلهم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع يده وقال "اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد" وبعث عليا فودى قتلاهم وما أتلف من أموالهم حتى ميلغة الكلب وهذا الحديث يؤخذ منه أن خطأ الإمام أو نائبه يكون في بيت المال وقوله" إلا أن يصدقوا" أي فتجب فيه الدية مسلمة إلى أهله إلا أن يتصدقوا بها فلا تجب وقوله "فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة" أي إذا كان القتيل مؤمنا ولكن أولياؤه من الكفار أهل حرب فلا دية لهم وعلى القاتل تحرير رقبة مؤمنة لا غير وقوله "وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق" الآية. أي فإن كان القتيل أولياؤه أهل ذمة أو هدنة فلهم دية قتيلهم فإن كان مؤمنا فدية كاملة وكذا إن كان كافرا أيضا عند طائفة من العلماء وقيل يجب في الكافر نصف دية المسلم وقيل ثلثها كما هو مفصل في كتاب الأحكام. ويجب أيضا على القاتل تحرير رقبة مؤمنة "فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين" أي لا إفطار بينهما بل يسرد صومهما إلى آخرهما فإن أفطر من غير عذر من مرض أو حيض أو نفاس استأنف واختلفوا في السفر هل يقطع أم لا على قولين وقوله"توبة من الله وكان الله عليما حكيما" أي هذه توبة القاتل خطأ إذا لم يجد العتق صام شهرين متتابعين; واختلفوا فيمن لا يستطيع الصيام هل يجب عليه إطعام ستين مسكينا كما في كفارة الظهار على قولين أحدهما نعم كما هو منصوص عليه في كفارة الظهار وإنما لم يذكر ههنا لأن هذا مقام تهديد وتخويف وتحذير فلا يناسب أن يذكر فيه الإطعام لما فيه من التسهيل والترخيص. والقول الثاني لا يعدل إلى الطعام لأنه لو كان واجبا لما أخر بيانه عن وقت الحاجة "وكان الله عليم ا حكيما" قد تقدم تفسيره غير مرة. ثم لما بين تعالى حكم القتل الخطأ شرع في بيان حكم القتل العمد فقال "ومن يقتل مؤمنا متعمدا" الآية. وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد لمن تعاطى هذا الذنب العظيم الذي هو مقرون بالشرك بالله في غير ما آية في كتاب الله حيث يقول سبحانه في سورة الفرقان"والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق" الآية وقال تعالى "قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئا" الآية والآيات والأحاديث في تحريم القتل كثيرة جدا فمن ذلك ما ثبت في الصحيحين عن ابن مسعود قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء" وفي الحديث الآخر الذي رواه أبو داود من رواية عمرو بن الوليد بن عبيدة المصري عن عبادة بن الصامت قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يزال المؤمن معنقا صالحا ما لم يصب دما حراما فإذا أصاب دما حراما بلح" وفي حديث آخر "لزوال الدنيا أهون عندالله من قتل رجل مسلم" وفي الحديث الآخر "لو اجتمع أهل السموات والأرض على قتل رجل مسلم لأكبهم الله في النار" وفي الحديث الآخر "من أعان على قتل المسلم ولو بشطر كلمة جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله" وقد كان ابن عباس يرى أنه لا توبة لقاتل المؤمن عمدا. وقال البخاري حدثنا آدم حدثنا شعبة حدثنا المغيرة بن النعمان قال سمعت ابن جبير قال اختلف فيها أهل الكوفة فرحلت إلى ابن عباس فسألته عنها فقال; نزلت هذه الآية "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزازه جهنم" هي آخر ما نزل وما نسخها شيء. وكذا رواه هو أيضا ومسلم والنسائي من طرق عن شعبة به ورواه أبو داود عن أحمد بن حنبل عن ابن مهدي عن سفيان الثوري عن مغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم فقال ما نسخها شيء. وقال ابن جرير حدثنا ابن بشار حدثنا ابن عون حدثنا شعبة عن سعيد بن جبير قال; قال عبدالرحمن بن أبزي سئل ابن عباس عن قوله ومن "يقتل مؤمنا متعمدا" الآية قال لم ينسخها شيء وقال في هذه الآية "والذين لا يدعون مع الله إلها آخر" إلى آخرها قال نزلت في أهل الشرك. وقال ابن جرير أيضا حدثنا ابن حميد حدثنا جرير عن منصور حدثني سعيد بن جبير قال سألت ابن عباس عن قوله.
وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليما حكيمافيه عشرون مسألة ;قوله تعالى ; وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ هذه آية من أمهات الأحكام . والمعنى ما ينبغي لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ؛ فقوله ; " وما كان " ليس على النفي وإنما هو على التحريم والنهي ، كقوله ; وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولو كانت على النفي لما وجد مؤمن قتل مؤمنا قط ؛ لأن ما نفاه الله فلا يجوز وجوده ، كقوله تعالى ; ما كان لكم أن تنبتوا شجرها . فلا يقدر العباد أن ينبتوا شجرها أبدا . وقال قتادة ; المعنى ما كان له ذلك في عهد الله . وقيل ; ما كان له ذلك فيما سلف ، كما ليس له الآن ذلك بوجه ، ثم استثنى استثناء منقطعا ليس من الأول وهو الذي يكون فيه " إلا " بمعنى " لكن " والتقدير ما كان [ ص; 269 ] له أن يقتله ألبتة لكن إن قتله خطأ فعليه كذا ؛ هذا قول سيبويه والزجاج رحمهما الله . ومن الاستثناء المنقطع قوله تعالى ; ما لهم به من علم إلا اتباع الظن ; وقال النابغة ;وقفت فيها أصيلانا أسائلها عيت جوابا وما بالربع من أحد إلا الأواري لأيا ما أبينهاوالنؤي كالحوض بالمظلومة الجلدفلما لم تكن " الأواري " من جنس أحد حقيقة لم تدخل في لفظه . ومثله قول الآخر أبو خراش الهذلي ;أمسى سقام خلاء لا أنيس به إلا السباع ومر الريح بالغرفوقال آخر ;وبلدة ليس بها أنيس إلا اليعافير وإلا العيسوقال آخر ;وبعض الرجال نخلة لا جنى لها ولا ظل إلا أن تعد من النخلأنشده سيبويه ؛ ومثله كثير ، ومن أبدعه قول جرير ;من البيض لم تظعن بعيدا ولم تطأ على الأرض إلا ذيل مرط مرحلكأنه قال ; لم تطأ على الأرض إلا أن تطأ ذيل البرد . ونزلت الآية بسبب قتل عياش بن أبي ربيعة الحارث بن يزيد بن أبي أنيسة العامري لحنة كانت بينهما ، فلما هاجر الحارث مسلما لقيه عياش فقتله ولم يشعر بإسلامه ، فلما أخبر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ; يا رسول الله ، إنه قد كان من أمري وأمر الحارث ما قد علمت ، ولم أشعر بإسلامه حتى قتلته فنزلت الآية . وقيل ; هو استثناء متصل ، أي وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا ولا يقتص منه إلا أن يكون خطأ ؛ فلا يقتص منه ؛ ولكن فيه كذا وكذا . ووجه آخر وهو أن يقدر كان بمعنى استقر ووجد ؛ كأنه قال ; وما وجد [ ص; 270 ] وما تقرر وما ساغ لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ إذ هو مغلوب فيه أحيانا ؛ فيجيء الاستثناء على هذين التأويلين غير منقطع . وتتضمن الآية على هذا إعظام العمد وبشاعة شأنه ؛ كما تقول ; ما كان لك يا فلان أن تتكلم بهذا إلا ناسيا ؟ إعظاما للعمد والقصد مع حظر الكلام به ألبتة .وقيل ; المعنى ولا خطأ . قال النحاس ; ولا يجوز أن تكون إلا بمعنى الواو ، ولا يعرف ذلك في كلام العرب ولا يصح في المعنى ؛ لأن الخطأ لا يحظر . ولا يفهم من دليل خطابه جواز قتل الكافر المسلم فإن المسلم محترم الدم ، وإنما خص المؤمن بالذكر تأكيدا لحنانه وأخوته وشفقته وعقيدته . وقرأ الأعمش " خطاء " ممدودا في المواضع الثلاثة . ووجوه الخطأ كثيرة لا تحصى يربطها عدم القصد ؛ مثل أن يرمي صفوف المشركين فيصيب مسلما . أو يسعى بين يديه من يستحق القتل من زان أو محارب أو مرتد فطلبه ليقتله فلقي غيره فظنه هو فقتله فذلك خطأ . أو يرمي إلى غرض فيصيب إنسانا أو ما جرى مجراه ؛ وهذا مما لا خلاف فيه . والخطأ اسم من أخطأ خطأ وإخطاء إذا لم يصنع عن تعمد ؛ فالخطأ الاسم يقوم مقام الإخطاء . ويقال لمن أراد شيئا ففعل غيره ; أخطأ ، ولمن فعل غير الصواب ; أخطأ . قال ابن المنذر ; قال الله تبارك وتعالى ; وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ إلى قوله تعالى ; ودية مسلمة إلى أهله فحكم الله جل ثناؤه في المؤمن يقتل خطأ بالدية ، وثبتت السنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك وأجمع أهل العلم على القول به .الثانية ; ذهب داود إلى القصاص بين الحر والعبد في النفس ، وفي كل ما يستطاع القصاص فيه من الأعضاء ؛ تمسكا بقوله تعالى ; وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس إلى قوله تعالى ; والجروح قصاص ، وقوله عليه السلام ; المسلمون تتكافأ دماؤهم فلم يفرق بين حر وعبد ؛ وهو قول ابن أبي ليلى . وقال أبو حنيفة وأصحابه ; لا قصاص بين الأحرار والعبيد إلا في النفس فيقتل الحر بالعبد ، كما يقتل العبد بالحر ، ولا قصاص بينهما في شيء من الجراح والأعضاء . وأجمع العلماء على أن قوله تعالى ; وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ أنه لم يدخل فيه العبيد ، وإنما أريد به الأحرار دون العبيد ؛ فكذلك قوله عليه السلام ; المسلمون تتكافأ دماؤهم أريد به الأحرار خاصة . والجمهور على ذلك وإذا لم يكن قصاص بين العبيد والأحرار فيما دون النفس فالنفس أحرى بذلك ؛ وقد مضى هذا في " البقرة " .[ ص; 271 ] الثالثة ; ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة أي فعليه تحرير رقبة ؛ هذه الكفارة التي أوجبها الله تعالى في كفارة القتل والظهار أيضا على ما يأتي . واختلف العلماء فيما يجزئ منها ، فقال ابن عباس والحسن والشعبي والنخعي وقتادة وغيرهم ; الرقبة المؤمنة هي التي صلت وعقلت الإيمان ، لا تجزئ في ذلك الصغيرة ، وهو الصحيح في هذا الباب قال عطاء بن أبي رباح ; يجزئ الصغير المولود بين مسلمين . وقال جماعة منهم مالك والشافعي ; يجزئ كل من حكم له بحكم في الصلاة عليه إن مات ودفنه . وقال مالك ; من صلى وصام أحب إلي . ولا يجزئ في قول كافة العلماء أعمى ولا مقعد ولا مقطوع اليدين أو الرجلين ولا أشلهما ، ويجزئ عند أكثرهم الأعرج والأعور . قال مالك ; إلا أن يكون عرجا شديدا . ولا يجزئ عند مالك والشافعي وأكثر العلماء أقطع إحدى اليدين أو إحدى الرجلين ، ويجزئ عند أبي حنيفة وأصحابه . ولا يجزئ عند أكثرهم المجنون المطبق ولا يجزئ عند مالك الذي يجن ويفيق ، ويجزئ عند الشافعي . ولا يجزئ عند مالك المعتق إلى سنين ، ويجزئ عند الشافعي . ولا يجزئ المدبر عند مالك والأوزاعي وأصحاب الرأي ، ويجزئ في قول الشافعي وأبي ثور ، واختاره ابن المنذر . وقال مالك ; لا يصح من أعتق بعضه ؛ لقوله تعالى ; فتحرير رقبة . ومن أعتق البعض لا يقال حرر رقبة وإنما حرر بعضها . واختلفوا أيضا في معناها فقيل ; أوجبت تمحيصا وطهورا لذنب القاتل ، وذنبه ترك الاحتياط والتحفظ حتى هلك على يديه امرؤ محقون الدم . وقيل ; أوجبت بدلا من تعطيل حق الله تعالى في نفس القتيل ، فإنه كان له في نفسه حق وهو التنعم بالحياة والتصرف فيما أحل له تصرف الأحياء . وكان لله سبحانه فيه حق ، وهو أنه كان عبدا من عباده يجب له من أمر العبودية صغيرا كان أو كبيرا حرا كان أو عبدا مسلما كان أو ذميا ما يتميز به عن البهائم والدواب ، ويرتجى مع ذلك أن يكون من نسله من يعبد الله ويطيعه ، فلم يخل قاتله من أن يكون فوت منه الاسم الذي ذكرنا ، والمعنى الذي وصفنا ، فلذلك ضمن الكفارة . وأي واحد من هذين المعنيين كان ، ففيه بيان أن النص وإن وقع على القاتل خطأ فالقاتل عمدا مثله ، بل أولى بوجوب الكفارة عليه منه ، على ما يأتي بيانه ، والله أعلم .الرابعة ; قوله تعالى ; ودية مسلمة الدية ما يعطى عوضا عن دم القتيل إلى وليه . مسلمة مدفوعة مؤداة ، ولم يعين الله في كتابه ما يعطى في الدية ، وإنما في الآية إيجاب الدية مطلقا ، وليس فيها إيجابها على العاقلة أو على القاتل ، وإنما أخذ ذلك من السنة ، ولا شك أن إيجاب المواساة على العاقلة خلاف قياس الأصول في الغرامات وضمان المتلفات ، والذي وجب على العاقلة لم يجب تغليظا ، ولا أن وزر القاتل عليهم ولكنه مواساة محضة .[ ص; 272 ] واعتقد أبو حنيفة أنها باعتبار النصرة فأوجبها على أهل ديوانه . وثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الدية مائة من الإبل ، ووداها صلى الله عليه وسلم في عبد الله بن سهل المقتول بخيبر لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن ، فكان ذلك بيانا على لسان نبيه عليه السلام لمجمل كتابه . وأجمع أهل العلم على أن على أهل الإبل مائة من الإبل واختلفوا فيما يجب على غير أهل الإبل ؛ فقالت طائفة ; على أهل الذهب ألف دينار ، وهم أهل الشام ومصر والمغرب ؛ هذا قول مالك وأحمد وإسحاق وأصحاب الرأي والشافعي في أحد قوليه ، في القديم . وروي هذا عن عمر وعروة بن الزبير وقتادة . وأما أهل الورق فاثنا عشر ألف درهم ، وهم أهل العراق وفارس وخراسان ؛ هذا مذهب مالك على ما بلغه عن عمر أنه قوم الدية على أهل القرى فجعلها على أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الورق اثني عشر ألف درهم . وقال المزني ; قال الشافعي الدية الإبل ؛ فإن أعوزت فقيمتها بالدراهم والدنانير على ما قومها عمر ألف دينار على أهل الذهب واثنا عشر ألف درهم على أهل الورق . وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري ; الدية من الورق عشرة آلاف درهم . رواه الشعبي عن عبيدة عن عمر أنه جعل الدية على أهل الذهب ألف دينار ، وعلى أهل الورق عشرة آلاف درهم ، وعلى أهل البقر مائتي بقرة ، وعلى أهل الشاء ألف شاة ، وعلى أهل الإبل مائة من الإبل ، وعلى أهل الحلل مائتي حلة . قال أبو عمر ; في هذا الحديث ما يدل على أن الدنانير والدراهم صنف من أصناف الدية لا على وجه البدل والقيمة ؛ وهو الظاهر من الحديث عن عثمان وعلي وابن عباس . وخالف أبو حنيفة ما رواه عن عمر في البقر والشاء والحلل . وبه قال عطاء وطاوس وطائفة من التابعين ، وهو قول الفقهاء السبعة المدنيين . قال ابن المنذر ; وقالت طائفة ; دية الحر المسلم مائة من الإبل لا دية غيرها كما فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم . هذا قول الشافعي وبه قال طاوس . قال ابن المنذر ; دية الحر المسلم مائة من الإبل في كل زمان ، كما فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم . واختلفت الروايات عن عمر رضي الله عنه في أعداد الدراهم وما منها شيء يصح عنه لأنها مراسيل ، وقد عرفتك مذهب الشافعي وبه نقول .الخامسة ; واختلف الفقهاء في أسنان دية الإبل ؛ فروى أبو داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن من قتل خطأ فديته مائة من الإبل ; ثلاثون بنت مخاض ، وثلاثون بنت لبون ، وثلاثون حقة ، وعشر بني لبون . قال الخطابي ; هذا الحديث لا أعرف أحدا قال به من الفقهاء ، وإنما قال أكثر العلماء ; دية الخطأ أخماس . كذا [ ص; 273 ] قال أصحاب الرأي والثوري ، وكذلك مالك وابن سيرين وأحمد بن حنبل إلا أنهم اختلفوا في الأصناف ؛ قال أصحاب الرأي وأحمد ; خمس بنو مخاض ، وخمس بنات مخاض ، وخمس بنات لبون ، وخمس حقاق ، وخمس جذاع . وروي هذا القول عن ابن مسعود . وقال مالك والشافعي ; خمس حقاق ، وخمس جذاع ، وخمس بنات لبون ، وخمس بنات مخاض ، وخمس بنو لبون . وحكي هذا القول عن عمر بن عبد العزيز وسليمان بن يسار والزهري وربيعة والليث بن سعد . قال الخطابي ; ولأصحاب الرأي فيه أثر ، إلا أن راويه عبد الله بن خشف بن مالك وهو مجهول لا يعرف إلا بهذا الحديث . وعدل الشافعي عن القول به . لما ذكرنا من العلة في راويه ، ولأن فيه بني مخاض ولا مدخل لبني مخاض في شيء من أسنان الصدقات . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة القسامة أنه ودى قتيل خيبر مائة من إبل الصدقة وليس في أسنان الصدقة ابن مخاض . قال أبو عمر ; وقد روى زيد بن جبير عن خشف بن مالك عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الدية في الخطأ أخماسا ، إلا أن هذا لم يرفعه إلا خشف بن مالك الكوفي الطائي وهو مجهول ؛ لأنه لم يروه عنه إلا زيد بن جبير بن حرمل الطائي الجشمي من بني جشم بن معاوية أحد ثقات الكوفيين .قلت ; قد ذكر الدارقطني في سننه حديث خشف بن مالك من رواية حجاج بن أرطأة عن زيد بن جبير عن خشف بن مالك عن عبد الله بن مسعود قال ; قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في دية الخطأ مائة من الإبل ؛ منها عشرون حقة ، وعشرون جذعة ، وعشرون بنات لبون ، وعشرون بنات مخاض ، وعشرون بني مخاض . قال الدارقطني ; " هذا حديث ضعيف غير ثابت عند أهل المعرفة بالحديث من وجوه عدة ؛ أحدها أنه مخالف لما رواه أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه بالسند الصحيح عنه ، الذي لا مطعن فيه ولا تأويل عليه ، وأبو عبيدة أعلم بحديث أبيه وبمذهبه وفتياه من خشف بن مالك ونظرائه ، وعبد الله بن مسعود أتقى لربه وأشح على دينه من أن يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يقضي بقضاء ويفتي هو بخلافه ؛ هذا لا يتوهم مثله على عبد الله بن مسعود وهو القائل في مسألة وردت عليه لم يسمع فيها من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ولم يبلغه عنه فيها قول ; أقول فيها برأيي فإن يكن صوابا فمن الله ورسوله ، وإن يكن خطأ فمني ؛ ثم بلغه بعد ذلك أن فتياه فيها وافق قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثلها ، فرآه أصحابه عند ذلك فرح فرحا شديدا لم يروه فرح مثله ، لموافقة فتياه قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم . فمن كانت هذه صفته وهذا حاله فكيف يصح عنه أن يروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ويخالفه .[ ص; 274 ] ووجه آخر ; وهو أن الخبر المرفوع الذي فيه ذكر بني المخاض لا نعلمه رواه إلا خشف بن مالك عن ابن مسعود وهو رجل مجهول لم يروه عنه إلا زيد بن جبير بن حرمل الجشمي وأهل العلم بالحديث لا يحتجون بخبر ينفرد بروايته رجل غير معروف ، وإنما يثبت العلم عندهم بالخبر إذا كان راويه عدلا مشهورا ، أو رجلا قد ارتفع عنه اسم الجهالة ، وارتفاع اسم الجهالة عنه أن يروي عنه رجلان فصاعدا ؛ فإذا كانت هذه صفته ارتفع عنه حينئذ اسم الجهالة ، وصار حينئذ معروفا . فأما من لم يرو عنه إلا رجل واحد وانفرد بخبر وجب التوقف عن خبره ذلك حتى يوافقه عليه غيره . والله أعلم .ووجه آخر ; وهو أن حديث خشف بن مالك لا نعلم أحدا رواه عن زيد بن جبير عنه إلا الحجاج بن أرطأة ، والحجاج رجل مشهور بالتدليس وبأنه يحدث عمن لم يلقه ولم يسمع منه ؛ وترك الرواية عنه سفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد القطان وعيسى بن يونس بعد أن جالسوه وخبروه ، وكفاك بهم علما بالرجل ونبلا . وقال يحيى بن معين ; حجاج بن أرطأة لا يحتج بحديثه . وقال عبد الله بن إدريس ; سمعت الحجاج يقول لا ينبل الرجل حتى يدع الصلاة في الجماعة . وقال عيسى بن يونس ; سمعت الحجاج يقول ; أخرج إلى الصلاة يزاحمني الحمالون والبقالون . وقال جرير ; سمعت الحجاج يقول ; أهلكني حب المال والشرف . وذكر أوجها أخر ؛ منها أن جماعة من الثقات رووا هذا الحديث عن الحجاج بن أرطأة فاختلفوا عليه فيه . إلى غير ذلك مما يطول ذكره ؛ وفيما ذكرناه مما ذكروه كفاية ودلالة على ضعف ما ذهب إليه الكوفيون في الدية ، وإن كان ابن المنذر مع جلالته قد اختاره على ما يأتي . وروى حماد بن سلمة حدثنا سليمان التيمي عن أبي مجلز عن أبي عبيدة أن ابن مسعود قال ; دية الخطأ خمسة أخماس ; عشرون حقة ، وعشرون جذعة ، وعشرون بنات مخاض ، وعشرون بنات لبون ، وعشرون بني لبون ذكور . قال الدارقطني ; هذا إسناد حسن ورواته ثقات ، وقد روي عن علقمة عن عبد الله نحو هذا .قلت ; وهذا هو مذهب مالك والشافعي أن الدية تكون مخمسة . قال الخطابي ; وقد روي عن نفر من العلماء أنهم قالوا دية الخطأ أرباع ؛ وهم الشعبي والنخعي والحسن البصري ، وإليه ذهب إسحاق بن راهويه ؛ إلا أنهم قالوا ; خمس وعشرون جذعة وخمس وعشرون حقة وخمس وعشرون بنات لبون وخمس وعشرون بنات مخاض . وقد روي ذلك عن علي بن أبي طالب . قال أبو عمر ; أما قول مالك والشافعي فروي عن سليمان بن يسار وليس فيه عن صحابي شيء ؛ ولكن عليه عمل أهل المدينة . وكذلك حكى ابن جريج عن ابن شهاب .[ ص; 275 ] قلت ; قد ذكرنا عن ابن مسعود ما يوافق ما صار إليه مالك والشافعي . قال أبو عمر ; وأسنان الإبل في الديات لم تؤخذ قياسا ولا نظرا ، وإنما أخذت اتباعا وتسليما ، وما أخذ من جهة الأثر فلا مدخل فيه للنظر ؛ فكل يقول بما قد صح عنده من سلفه ؛ رضي الله عنهم أجمعين .قلت ; وأما ما حكاه الخطابي من أنه لا يعلم من قال بحديث عمرو بن شعيب فقد حكاه ابن المنذر عن طاوس ومجاهد ، إلا أن مجاهدا جعل مكان بنت مخاض ثلاثين جذعة . قال ابن المنذر ; وبالقول الأول أقول . يريد قول عبد الله وأصحاب الرأي الذي ضعفه الدارقطني والخطابي ، وابن عبد البر قال ; لأنه الأقل مما قيل ؛ وبحديث مرفوع رويناه عن النبي صلى الله عليه وسلم يوافق هذا القول .قلت ; وعجبا لابن المنذر ؟ مع نقده واجتهاده كيف قال بحديث لم يوافقه أهل النقد على صحته ! لكن الذهول والنسيان قد يعتري الإنسان ، وإنما الكمال لعزة ذي الجلال .السادسة ; ثبتت الأخبار عن النبي المختار محمد صلى الله عليه وسلم أنه قضى بدية الخطأ على العاقلة ، وأجمع أهل العلم على القول به . وفي إجماع أهل العلم أن الدية في الخطأ على العاقلة دليل على أن المراد من قول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي رمثة حيث دخل عليه ومعه ابنه ; إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه العمد دون الخطأ . وأجمعوا على أن ما زاد على ثلث الدية على العاقلة . واختلفوا في الثلث ؛ والذي عليه جمهور العلماء أن العاقلة لا تحمل عمدا ولا اعترافا ولا صلحا ، ولا تحمل من دية الخطأ إلا ما جاوز الثلث وما دون الثلث في مال الجاني . وقالت طائفة ; عقل الخطأ على عاقلة الجاني ، قلت الجناية أو كثرت ؛ لأن من غرم الأكثر غرم الأقل . كما عقل العمد في مال الجاني قل أو كثر ؛ هذا قول الشافعي .السابعة ; وحكمها أن تكون منجمة على العاقلة ، والعاقلة العصبة . وليس ولد المرأة إذا كان من غير عصبتها من العاقلة . ولا الإخوة من الأم بعصبة لإخوتهم من الأب والأم ، فلا يعقلون عنهم شيئا . وكذلك الديوان لا يكون عاقلة في قول جمهور أهل الحجاز . وقال الكوفيون ; يكون عاقلة إن كان من أهل الديوان ؛ فتنجم الدية على العاقلة في ثلاثة أعوام على ما قضاه عمر وعلي ؛ لأن الإبل قد تكون حوامل فتضر به . وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعطيها دفعة واحدة لأغراض ؛ منها أنه كان يعطيها صلحا وتسديدا . ومنها أنه كان يعجلها تأليفا . فلما تمهد الإسلام قدرتها الصحابة على هذا النظام ؛ قاله ابن العربي . وقال أبو عمر ; أجمع العلماء [ ص; 276 ] قديما وحديثا أن الدية على العاقلة لا تكون إلا في ثلاث سنين ولا تكون في أقل منها . وأجمعوا على أنها على البالغين من الرجال . وأجمع أهل السير والعلم أن الدية كانت في الجاهلية تحملها العاقلة فأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإسلام ، وكانوا يتعاقلون بالنصرة ؛ ثم جاء الإسلام فجرى الأمر على ذلك حتى جعل الديوان . واتفق الفقهاء على رواية ذلك والقول به . وأجمعوا أنه لم يكن في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا زمن أبي بكر ديوان ، وأن عمر جعل الديوان وجمع بين الناس ، وجعل أهل كل ناحية يدا ، وجعل عليهم قتال من يليهم من العدو .الثامنة ; قلت ; ومما ينخرط في سلك هذا الباب ويدخل في نظامه قتل الجنين في بطن أمه ؛ وهو أن يضرب بطن أمه فتلقيه حيا ثم يموت ؛ فقال كافة العلماء ; فيه الدية كاملة في الخطأ وفي العمد بعد القسامة . وقيل ; بغير قسامة . واختلفوا فيما به تعلم حياته بعد اتفاقهم على أنه إذا استهل صارخا أو ارتضع أو تنفس نفسا محققة حي ، فيه الدية كاملة ؛ فإن تحرك فقال الشافعي وأبو حنيفة ; الحركة تدل على حياته . وقال مالك ; لا ، إلا أن يقارنها طول إقامة . والذكر والأنثى عند كافة العلماء في الحكم سواء . فإن ألقته ميتا ففيه غرة ; عبد أو وليدة . فإن لم تلقه وماتت وهو في جوفها لم يخرج فلا شيء فيه . وهذا كله إجماع لا خلاف فيه . وروي عن الليث بن سعد وداود أنهما قالا في المرأة إذا ماتت من ضرب بطنها ثم خرج الجنين ميتا بعد موتها ; ففيه الغرة ، وسواء رمته قبل موتها أو بعد موتها ؛ المعتبر حياة أمه في وقت ضربها لا غير . وقال سائر الفقهاء ; لا شيء فيه إذا خرج ميتا من بطنها بعد موتها . قال الطحاوي محتجا لجماعة الفقهاء بأن قال ; قد أجمعوا والليث معهم على أنه لو ضرب بطنها وهي حية فماتت والجنين في بطنها ولم يسقط أنه لا شيء فيه ؛ فكذلك إذا سقط بعد موتها .التاسعة ; ولا تكون الغرة إلا بيضاء . قال أبو عمرو بن العلاء في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ; في الجنين غرة عبد أو أمة - لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد بالغرة معنى لقال ; في الجنين عبد أو أمة ، ولكنه عنى البياض ؛ فلا يقبل في الدية إلا غلام أبيض أو جارية بيضاء ، لا يقبل فيها أسود ولا سوداء . واختلف العلماء في قيمتها ؛ فقال مالك ; تقوم بخمسين دينارا أو ستمائة درهم ؛ نصف عشر دية الحر المسلم ، وعشر دية أمه الحرة ؛ وهو قول ابن شهاب وربيعة وسائر أهل المدينة . وقال أصحاب الرأي ; قيمتها خمسمائة درهم . وقال الشافعي ; سن الغرة سبع سنين أو ثمان سنين ؛ وليس عليه أن يقبلها معيبة . ومقتضى مذهب مالك أنه مخير بين إعطاء غرة أو عشر دية الأم ، من الذهب عشرون دينارا إن كانوا أهل ذهب ، ومن الورق - إن كانوا أهل ورق - [ ص; 277 ] ستمائة درهم ، أو خمس فرائض من الإبل . قال مالك وأصحابه ; هي في مال الجاني ؛ وهو قول الحسن بن حي . وقال أبو حنيفة والشافعي وأصحابهما ، هي على العاقلة . وهو أصح ؛ لحديث المغيرة بن شعبة أن امرأتين كانتا تحت رجلين من الأنصار - في رواية فتغايرتا - فضربت إحداهما الأخرى بعمود فقتلتها ، فاختصم إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجلان فقالا ; ندي من لا صاح ولا أكل ، ولا شرب ولا استهل فمثل ذلك يطل ؟ ! فقال ; أسجع كسجع الأعراب ؟ فقضى فيه غرة وجعلها على عاقلة المرأة . وهو حديث ثابت صحيح ، نص في موضع الخلاف يوجب الحكم . ولما كانت دية المرأة المضروبة على العاقلة كان الجنين كذلك في القياس والنظر . واحتج علماؤنا بقول الذي قضي عليه ; كيف أغرم ؟ قالوا ; وهذا يدل على أن الذي قضي عليه معين وهو الجاني . ولو أن دية الجنين قضى بها على العاقلة لقال ; فقال الذي قضى عليهم . وفي القياس أن كل جان جنايته عليه ، إلا ما قام بخلافه الدليل الذي لا معارض له ؛ مثل إجماع لا يجوز خلافه ، أو نص سنة من جهة نقل الآحاد العدول لا معارض لها ، فيجب الحكم بها ، وقد قال الله تعالى ; ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرىالعاشرة ; ولا خلاف بين العلماء أن الجنين إذا خرج حيا فيه الكفارة مع الدية . واختلفوا في الكفارة إذا خرج ميتا ؛ قال مالك ; فيه الغرة والكفارة . وقال أبو حنيفة والشافعي ; فيه الغرة ولا كفارة . واختلفوا في ميراث الغرة عن الجنين ؛ فقال مالك والشافعي وأصحابهما ; الغرة في الجنين موروثة عن الجنين على كتاب الله تعالى ؛ لأنها دية . وقال أبو حنيفة وأصحابه ; الغرة للأم وحدها ؛ لأنها جناية جني عليها بقطع عضو من أعضائها وليست بدية . ومن الدليل على ذلك أنه لم يعتبر فيه الذكر والأنثى كما يلزم في الديات ، فدل على أن ذلك كالعضو . وكان ابن هرمز يقول ; ديته لأبويه خاصة ؛ لأبيه ثلثاها ولأمه ثلثها ، من كان منهما حيا كان ذلك له ، فإن كان أحدهما قد مات كانت للباقي منهما أبا كان أو أما ، ولا يرث الإخوة شيئا .الحادية عشرة ; قوله تعالى ; إلا أن يصدقوا أصله " أن يتصدقوا " فأدغمت التاء في الصاد . والتصدق الإعطاء ؛ يعني إلا أن يبرئ الأولياء ورثة المقتول القاتلين مما أوجب لهم من الدية عليهم . فهو استثناء ليس من الأول . وقرأ أبو عبد الرحمن ونبيح " إلا أن تصدقوا " بتخفيف الصاد والتاء . وكذلك قرأ أبو عمرو ، إلا أنه شدد الصاد . ويجوز على هذه القراءة [ ص; 278 ] حذف التاء الثانية ، ولا يجوز حذفها على قراءة الياء . وفي حرف أبي وابن مسعود " إلا أن يتصدقوا " وأما الكفارة التي هي لله تعالى فلا تسقط بإبرائهم ؛ لأنه أتلف شخصا في عبادة الله سبحانه ، فعليه أن يخلص آخر لعبادة ربه وإنما تسقط الدية التي هي حق لهم . وتجب الكفارة في مال الجاني ولا تتحمل .الثانية عشرة ; قوله تعالى ; فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن هذه مسألة المؤمن يقتل في بلاد الكفار أو في حروبهم على أنه من الكفار . والمعنى عند ابن عباس وقتادة والسدي وعكرمة ومجاهد والنخعي ; فإن كان هذا المقتول رجلا مؤمنا قد أمن وبقي في قومه وهم كفرة عدو لكم فلا دية فيه ؛ وإنما كفارته تحرير الرقبة . وهو المشهور من قول مالك ، وبه قال أبو حنيفة . وسقطت الدية لوجهين ; أحدهما ; أن أولياء القتيل كفار فلا يصح أن تدفع إليهم فيتقووا بها . والثاني ; أن حرمة هذا الذي آمن ولم يهاجر قليلة ، فلا دية ؛ لقوله تعالى ; والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا . وقالت طائفة ; بل الوجه في سقوط الدية أن الأولياء كفار فقط ؛ فسواء كان القتل خطأ بين أظهر المسلمين أو بين قومه ولم يهاجر أو هاجر ثم رجع إلى قومه كفارته التحرير ولا دية فيه ، إذ لا يصح دفعها إلى الكفار ، ولو وجبت الدية لوجبت لبيت المال على بيت المال ؛ فلا تجب الدية في هذا الموضع وإن جرى القتل في بلاد الإسلام . هذا قول الشافعي وبه قال الأوزاعي والثوري وأبو ثور . وعلى القول الأول إن قتل المؤمن في بلاد المسلمين وقومه حرب ففيه الدية لبيت المال والكفارة .قلت ; ومن هذا الباب ما جاء في صحيح مسلم عن أسامة قال ; بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة فأدركت رجلا فقال ; لا إله إلا الله ؛ فطعنته فوقع في نفسي من ذلك ، فذكرته للنبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ; أقال لا إله إلا الله وقتلته ! قال ; قلت يا رسول الله ، إنما قالها خوفا من السلاح ؛ قال ; أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا ؟ . فلم يحكم عليه صلى الله عليه وسلم بقصاص ولا دية . وروي عن أسامة أنه قال ; إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استغفر لي بعد ثلاث مرات ، وقال ; أعتق رقبة ولم يحكم بقصاص ولا دية . فقال علماؤنا ; أما سقوط القصاص فواضح إذ لم يكن القتل عدوانا ؛ وأما سقوط الدية فلأوجه ثلاثة ;الأول ; لأنه كان أذن له في أصل القتال فكان عنه إتلاف نفس محترمة غلطا كالخاتن [ ص; 279 ] والطبيب .الثاني ; لكونه من العدو ولم يكن له ولي من المسلمين تكون له ديته ؛ لقوله تعالى ; فإن كان من قوم عدو لكم كما ذكرنا .الثالث ; أن أسامة اعترف بالقتل ولم تقم بذلك بينة ولا تعقل العاقلة اعترافا ، ولعل أسامة لم يكن له مال تكون فيه الدية . والله أعلم .الثالثة عشرة ; قوله تعالى ; وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق هذا في الذمي والمعاهد يقتل خطأ فتجب الدية والكفارة ؛ قاله ابن عباس والشعبي والنخعي والشافعي . واختاره الطبري قال ; إلا أن الله سبحانه وتعالى أبهمه ولم يقل وهو مؤمن ، كما قال في القتيل من المؤمنين ومن أهل الحرب . وإطلاقه ما قيد قبل يدل على أنه خلافه . وقال الحسن وجابر بن زيد وإبراهيم أيضا ; المعنى وإن كان المقتول خطأ مؤمنا من قوم معاهدين لكم فعهدهم يوجب أنهم أحق بدية صاحبهم ، فكفارته التحرير وأداء الدية . وقرأها الحسن ; " وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق وهو مؤمن " . قال الحسن ; إذا قتل المسلم الذمي فلا كفارة عليه . قال أبو عمر ; وأما الآية فمعناها عند أهل الحجاز مردود على قوله ; وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ ثم قال تعالى ; وإن كان من قوم يريد ذلك المؤمن . والله أعلم . قال ابن العربي ; والذي عندي أن الجملة محمولة حمل المطلق على المقيد .قلت ; وهذا معنى ما قال الحسن وحكاه أبو عمر عن أهل الحجاز . وقوله فدية مسلمة على لفظ النكرة ليس يقتضي دية بعينها . وقيل ; هذا في مشركي العرب الذين كان بينهم وبين النبي عليه السلام عهد على أن يسلموا أو يؤذنوا بحرب إلى أجل معلوم ; فمن قتل منهم وجبت فيه الدية والكفارة ثم نسخ بقوله تعالى ; براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركينالرابعة عشرة ; وأجمع العلماء على أن دية المرأة على النصف من دية الرجل ؛ قال أبو عمر ; إنما صارت ديتها - والله أعلم - على النصف من دية الرجل من أجل أن لها نصف ميراث الرجل ، وشهادة امرأتين بشهادة رجل . وهذا إنما هو في دية الخطأ ، وأما العمد ففيه القصاص بين الرجال والنساء لقوله عز وجل ; النفس بالنفس . و الحر بالحر كما تقدم في " البقرة " .[ ص; 280 ] الخامسة عشرة ; روى الدارقطني من حديث موسى بن علي بن رباح اللخمي قال ; سمعت أبي يقول إن أعمى كان ينشد في الموسم في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يقول ;يا أيها الناس لقيت منكرا هل يعقل الأعمى الصحيح المبصراخرا معا كلاهما تكسراوذلك أن الأعمى كان يقوده بصير فوقعا في بئر ، فوقع الأعمى على البصير فمات البصير ؛ فقضى عمر بعقل البصير على الأعمى . وقد اختلف العلماء في رجل يسقط على آخر فيموت أحدهما ؛ فروي عن ابن الزبير ; يضمن الأعلى الأسفل ، ولا يضمن الأسفل الأعلى . وهذا قول شريح والنخعي وأحمد وإسحاق . وقال مالك في رجلين جر أحدهما صاحبه حتى سقطا وماتا ; على عاقلة الذي جبذه الدية . قال أبو عمر ; ما أظن في هذا خلافا - والله أعلم - إلا ما قال بعض المتأخرين من أصحابنا وأصحاب الشافعي ; يضمن نصف الدية ؛ لأنه مات من فعله ، ومن سقوط الساقط عليه . وقال الحكم وابن شبرمة ; إن سقط رجل على رجل من فوق بيت فمات أحدهما ، قالا ; يضمن الحي منهما . وقال الشافعي في رجلين يصدم أحدهما الآخر فماتا ، قال ; دية المصدوم على عاقلة الصادم ، ودية الصادم هدر . وقال في الفارسين إذا اصطدما فماتا ; على كل واحد منهما نصف دية صاحبه ؛ لأن كل واحد منهما مات من فعل نفسه وفعل صاحبه ؛ وقال عثمان البتي وزفر . وقال مالك والأوزاعي والحسن بن حي وأبو حنيفة وأصحابه في الفارسين يصطدمان فيموتان ; على كل واحد منهما دية الآخر على عاقلته . قال ابن خويز منداد ; وكذلك عندنا السفينتان تصطدمان إذا لم يكن النوتي صرف السفينة ولا الفارس صرف الفرس . وروي عن مالك في السفينتين والفارسين . على كل واحد منهما الضمان لقيمة ما أتلف لصاحبه كاملا .السادسة عشرة ; واختلف العلماء من هذا الباب في تفصيل دية أهل الكتاب ؛ فقال مالك وأصحابه ; هي على النصف من دية المسلم ، ودية المجوسي ثمانمائة درهم ، ودية نسائهم على النصف من ذلك . روي هذا القول عن عمر بن عبد العزيز وعروة بن الزبير وعمرو بن شعيب وقال به أحمد بن حنبل . وهذا المعنى قد روى فيه سليمان بن بلال ، عن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل دية اليهودي والنصراني على النصف من دية المسلم . وعبد الرحمن هذا قد روى عنه الثوري أيضا . وقال ابن عباس والشعبي والنخعي ; المقتول من أهل العهد خطأ لا [ ص; 281 ] تبالي مؤمنا كان أو كافرا على عهد قومه فيه الدية كدية المسلم ؛ وهو قول أبي حنيفة والثوري وعثمان البتي والحسن بن حي ؛ جعلوا الديات كلها سواء ، المسلم واليهودي والنصراني والمجوسي والمعاهد والذمي ، وهو قول عطاء والزهري وسعيد بن المسيب . وحجتهم قوله تعالى ; فدية وذلك يقتضي الدية كاملة كدية المسلم . وعضدوا هذا بما رواه محمد بن إسحاق ، عن داود بن الحصين ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قصة بني قريظة والنضير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل ديتهم سواء دية كاملة . قال أبو عمر ; هذا حديث فيه لين وليس في مثله حجة . وقال الشافعي ; دية اليهودي والنصراني ثلث دية المسلم ، ودية المجوسي ثمانمائة درهم ؛ وحجته أن ذلك أقل ما قيل في ذلك ، والذمة بريئة إلا بيقين أو حجة . وروي هذا القول عن عمر وعثمان ، وبه قال ابن المسيب وعطاء والحسن وعكرمة وعمرو بن دينار وأبو ثور وإسحاق .السابعة عشرة ; قوله تعالى ; فمن لم يجد أي الرقبة ولا اتسع ماله لشرائها . فصيام شهرين أي فعليه صيام شهرين . متتابعين حتى لو أفطر يوما استأنف ؛ هذا قول الجمهور . وقال مكي عن الشعبي ; إن صيام الشهرين يجزئ عن الدية والعتق لمن لم يجد . قال ابن عطية ; وهذا القول وهم ؛ لأن الدية إنما هي على العاقلة وليست على القاتل . والطبري حكى هذا القول عن مسروق .الثامنة عشرة ; والحيض لا يمنع التتابع من غير خلاف ، وإنها إذا طهرت ولم تؤخر وصلت باقي صيامها بما سلف منه ، لا شيء عليها غير ذلك إلا أن تكون طاهرا قبل الفجر فتترك صيام ذلك اليوم عالمة بطهرها ، فإن فعلت استأنفت عند جماعة من العلماء ؛ قاله أبو عمر . واختلفوا في المريض الذي قد صام من شهري التتابع بعضها على قولين ؛ فقال مالك ; وليس لأحد وجب عليه صيام شهرين متتابعين في كتاب الله تعالى أن يفطر إلا من عذر أو مرض أو حيض ، وليس له أن يسافر فيفطر . وممن قال يبني في المرض سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار والحسن والشعبي وعطاء ومجاهد وقتادة وطاوس . وقال سعيد بن جبير والنخعي والحكم بن عيينة وعطاء الخراساني ; يستأنف في المرض ؛ وهو قول أبي حنيفة وأصحابه والحسن بن حي ؛ وأحد قولي الشافعي ؛ وله قول آخر ; أنه يبني كما قال مالك . وقال ابن شبرمة ; يقضي ذلك اليوم وحده إن كان عذر غالب ، كصوم رمضان . قال أبو عمر ; حجة من قال يبني لأنه معذور في قطع التتابع لمرضه ولم يتعمد ، وقد تجاوز الله عن غير المتعمد . وحجة من قال يستأنف لأن التتابع فرض لا يسقط لعذر ، وإنما يسقط المأثم ؛ قياسا على الصلاة ؛ لأنها ركعات متتابعات فإذا قطعها عذرا استأنف ولم يبن .[ ص; 282 ] التاسعة عشرة ; قوله تعالى ; توبة من الله نصب على المصدر ، ومعناه رجوعا . وإنما مست حاجة المخطئ إلى التوبة لأنه لم يتحرز وكان من حقه أن يتحفظ . وقيل ; أي فليأت بالصيام تخفيفا من الله تعالى عليه بقبول الصوم بدلا عن الرقبة ؛ ومنه قوله تعالى ; علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم أي خفف ، وقوله تعالى ; علم أن لن تحصوه فتاب عليكم .الموفية عشرين ; وكان الله أي في أزله وأبده . عليما بجميع المعلومات حكيما فيما حكم وأبرم .
وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأالقول في تأويل قوله تعالى ; { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ } يعني جل ثناؤه بقوله ; { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ } وما أذن الله لمؤمن ولا أباح له أن يقتل مؤمنا . يقول ; ما كان ذلك له فيما جعل له ربه وأذن له فيه من الأشياء البتة . كما ; 7982 - حدثنا بشر بن معاذ , قال ; ثنا يزيد , قال ; ثنا سعيد , عن قتادة , قوله ; { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ } يقول ; ما كان له ذلك فيما أتاه من ربه من عهد الله الذي عهد إليه . وأما قوله ; { إلا خطأ } فإنه يقول ; إلا أن المؤمن قد يقتل المؤمن خطأ , وليس له مما جعل له ربه فأباحه له . وهذا من الاستثناء الذي تسميه أهل العربية ; الاستثناء المنقطع , كما قال جرير بن عطية ; من البيض لم تظعن بعيدا ولم تطأ على الأرض إلا ريط برد مرحل يعني ; لم تطأ على الأرض إلا أن تطأ ذيل البرد , وليس ذيلا لبرد من الأرض . وذكر أن هذه الآية نزلت في عياش بن أبي ربيعة المخزومي , وكان قد قتل رجلا مسلما بعد إسلامه وهو لا يعلم بإسلامه . ذكر الآثار بذلك ; 7983 - حدثني محمد بن عمرو , قال ; ثنا أبو عاصم , عن عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قول الله ; { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ } قال ; عياش بن أبي ربيعة قتل رجلا مؤمنا كان يعذبه مع أبي جهل , وهو أخوه لأمه , فاتبع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحسب أن ذلك الرجل كان كما هو وكان عياش هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا , فجاء أبو جهل وهو أخوه لأمه , فقال ; إن أمك تناشدك رحمها وحقها أن ترجع إليها ! وهي أسماء ابنة مخرمة . فأقبل معه , فربطه أبو جهل حتى قدم مكة ; فلما رآه الكفار زادهم ذلك كفرا وافتتانا , وقالوا ; إن أبا جهل ليقدر من محمد على ما يشاء ويأخذ أصحابه . * - حدثني المثنى , قال ; ثنا أبو حذيفة , قال ; ثنا شبل , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد بنحوه , إلا أنه قال في حديثه ; فاتبع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الرجل وعياش يحسبه أنه كافر كما هو , وكان عياش هاجر إلى المدينة مؤمنا , فجاءه أبو جهل وهو أخوه لأمه , فقال ; إن أمك تنشدك برحمها وحقها إلا رجعت إليها ! وقال أيضا ; فيأخذ أصحابه فيربطهم . 7984 - حدثنا القاسم , قال ; ثنا الحسين , قال ; ثني حجاج , عن ابن جريج , عن مجاهد بنحوه . قال ابن جريج , عن عكرمة , قال ; كان الحارث بن يزيد بن نبيشة من بني عامر بن لؤي يعذب عياش بن أبي ربيعة مع أبي جهل . ثم خرج الحارث بن يزيد مهاجرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم , فلقيه عياش بالحرة فعلاه بالسيف حتى سكت , وهو يحسب أنه كافر. ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره , ونزلت ; { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ } . .. الآية , فقرأها عليه , ثم قال له ; " قم فحرر " . 7985 - حدثنا محمد بن الحسين , قال ; ثنا أحمد بن مفضل , قال ; ثنا أسباط , عن السدي ; { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ } قال ; نزلت في عياش بن أبي ربيعة المخزومي , فكان أخا لأبي جهل بن هشام لأمه. وإنه أسلم وهاجر في المهاجرين الأولين قبل قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم , فطلبه أبو جهل والحارث بن هشام ومعهما رجل من بني عامر بن لؤي , فأتوه بالمدينة , وكان عياش أحب إخوته إلى أمه , فكلموه وقالوا ; إن أمك قد حلفت أن لا يظلها بيت حتى تراك وهي مضطجعة في الشمس , فأتها لتنظر إليك ثم ارجع ! وأعطوه موثقا من الله لا يحجزونه حتى يرجع إلى المدينة . فأعطاه بعض أصحابه بعيرا له نجيبا , وقال ; إن خفت منهم شيئا فاقعد على النجيب. فلما أخرجوه من المدينة أخذوه فأوثقوه , وجلده العامري , فحلف ليقتلن العامري . فلم يزل محبوسا بمكة حتى خرج يوم الفتح , فاستقبله العامري وقد أسلم ولا يعلم عياش بإسلامه , فضربه فقتله , فأنزل الله ; { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ } يقول ; وهو لا يعلم أنه مؤمن , { ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا } فيتركوا الدية. وقال آخرون ; نزلت هذه الآية في أبي الدرداء . ذكر من قال ذلك ; 7986 - حدثني يونس , قال ; أخبرنا ابن وهب , قال ; قال ابن زيد في قوله ; { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ }. .. الآية . قال ; نزل هذا في رجل قتله أبو الدرداء كانوا في سرية , فعدل أبو الدرداء إلى شعب يريد حاجة له , فوجد رجلا من القوم في غنم له , فحمل عليه بالسيف , فقال ; لا إله إلا الله , قال ; فضربه ثم جاء بغنمه إلى القوم . ثم وجد في نفسه شيئا , فأتى النبي صلى الله عليه وسلم , فذكر ذلك له , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ; " ألا شققت عن قلبه ؟ " فقال ; ما عسيت أجد ! هل هو يا رسول الله إلا دم أو ماء ؟ قال ; " فقد أخبرك بلسانه فلم تصدقه " , قال ; كيف بي يا رسول الله ؟ قال ; " فكيف بلا إله إلا الله ؟ " قال ; فكيف بي يا رسول الله ؟ قال ; " فكيف بلا إله إلا الله " . حتى تمنيت أن يكون ذلك مبتدأ إسلامي. قال ; ونزل القرآن ; { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ }. .. حتى بلغ ; { إلا أن يصدقوا } قال ; إلا أن يضعوها . قال أبو جعفر ; والصواب من القول في ذلك أن يقال ; إن الله عرف عباده بهذه الآية ما على من قتل مؤمنا خطأ من كفارة ودية . وجائز أن تكون الآية نزلت في عياش بن أبي ربيعة وقتيله , وفي أبي الدرداء وصاحبه . وأي ذلك كان فالذي عنى الله تعالى بالآية تعريف عباده ما ذكرنا , وقد عرف ذلك من عقل عنه من عباده تنزيله , وغير ضائرهم جهلهم بمن نزلت فيه.ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنةثم أخبر جل ثناؤه عباده بحكم من قتل من المؤمنين خطأ , فقال ; { ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة } يقول ; فعليه تحرير رقبة مؤمنة من ماله ودية مسلمة يؤديها عاقلته إلى أهله ; { إلا أن يصدقوا } يقول ; إلا أن يصدق أهل القتيل خطأ على من لزمته دية قتيلهم , فيعفوا عنه ويتجاوزوا عن ذنبه , فيسقط عنه . وموضع " أن " من قوله ; { إلا أن يصدقوا } نصب , لأن معناه ; فعليه ذلك إلا أن يصدقوا. وأما الرقبة المؤمنة فإن أهل العلم مختلفون في صفتها , فقال بعضهم ; لا تكون الرقبة مؤمنة حتى تكون قد اختارت الإيمان بعد بلوغها وصلت وصامت , ولا يستحق الطفل هذه الصفة . ذكر من قال ذلك ; 7987 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال ; ثنا ابن علية , عن أبي حيان , قال ; سألت الشعبي عن قوله ; { فتحرير رقبة مؤمنة } قال ; قد صلت وعرفت الإيمان . 7988 - حدثني المثنى , قال ; ثنا أبو صالح , قال ; ثني معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس , قوله ; { فتحرير رقبة مؤمنة } يعني بالمؤمنة ; من عقل الإيمان وصام وصلى . 7989 - حدثنا أبو كريب , قال ; ثنا وكيع , عن الأعمش , عن إبراهيم , قال ; ما كان في القرآن من رقبة مؤمنة فلا يجزي إلا من صام وصلى , وما كان في القرآن من رقبة ليست مؤمنة , فالصبي يجزئ. 7990 - حدثت عن يزيد بن هارون , عن هشام بن حسان , عن الحسن , قال ; كل شيء في كتاب الله { فتحرير رقبة مؤمنة } فمن صام وصلى وعقل , وإذا قال ; " فتحرير رقبة " ; فما شاء . 7991 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال ; أخبرنا عبد الرزاق , قال ; أخبرنا الثوري , عن الأعمش , عن إبراهيم قال ; كل شيء في القرآن { فتحرير رقبة مؤمنة } فالذي قد صلى , وما لم تكن " مؤمنة " , فتحرير من لم يصل . 7992 - حدثنا بشر بن معاذ , قال ; ثنا يزيد , قال ; ثنا سعيد , عن قتادة ; { فتحرير رقبة مؤمنة } والرقبة المؤمنة عند قتادة ; من قد صلى . وكان يكره أن يعتق في هذا الطفل الذي لم يصل ولم يبلغ ذلك. 7993 - حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي , قال ; ثنا فضيل بن عياض , عن مغيرة , عن إبراهيم في قوله ; { فتحرير رقبة مؤمنة } قال ; إذا عقل دينه . 7994 - حدثنا المثنى , قال ; ثنا إسحاق , قال ; ثنا عبد الرزاق , عن معمر , عن قتادة , قال في ; { فتحرير رقبة مؤمنة } لا يجزئ فيها صبي. 7995 - حدثني المثنى , قال ; ثنا عبد الله بن صالح , قال ; ثني معاوية , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس ; { فتحرير رقبة مؤمنة } يعنى بالمؤمنة ; من قد عقل الإيمان وصام وصلى , فإن لم يجد رقبة فصيام شهرين متتابعين , وعليه دية مسلمة إلى أهله , إلا أن يصدقوا بها عليه. وقال آخرون ; إذا كان مولودا بين أبوين مسلمين فهو مؤمن وإن كان طفلا . ذكر من قال ذلك ; 7996 - حدثنا أبو كريب , قال ; ثنا وكيع , عن سفيان , عن ابن جريج , عن عطاء , قال ; كل رقبة ولدت في الإسلام فهي تجزي . قال أبو جعفر ; وأولى القولين بالصواب في ذلك , قول من قال ; لا يجزئ في قتل الخطأ من الرقاب إلا من قد آمن وهو يعقل الإيمان من الرجال والنساء إذا كان ممن كان أبواه على ملة من الملل سوى الإسلام وولد يتيما وهو كذلك , ثم لم يسلما ولا واحد منهما حتى أعتق في كفارة الخطأ . وأما من ولد بين أبوين مسلمين فقد أجمع الجميع من أهل العلم أنه وإن لم يبلغ حد الاختيار والتمييز ولم يدرك الحلم فمحكوم له بحكم أهل الإيمان في الموارثة والصلاة عليه إن مات , وما يجب عليه إن جنى , ويجب له إن جني عليه , وفي المناكحة . فإذا كان ذلك من جميعهم إجماعا , فواجب أن يكون له من الحكم فيما يجزئ فيه من كفارة الخطأ إن أعتق فيها من حكم أهل الإيمان مثل الذي له من حكم الإيمان في سائر المعاني التي ذكرناها وغيرها. ومن أبى ذلك عكس عليه الأمر فيه , ثم سئل الفرق بين ذلك من أصل أو قياس , فلن يقول في شيء من ذلك قولا إلا ألزم في غيره مثله .ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقواوأما الدية المسلمة إلى أهل القتيل فهي المدفوعة إليهم على ما وجب لهم موفرة غير منتقصة حقوق أهلهم منها . وذكر عن ابن عباس أنه كان يقول ; هي الموفرة . 7997 - حدثنا القاسم , قال ; ثنا الحسين قال ; ثني حجاج , عن ابن جريج , قال ; قال ابن عباس , قوله ; { ودية مسلمة إلى أهله } قال ; موفرة. وأما قوله ; { إلا أن يصدقوا } فإنه يعني به ; إلا أن يتصدقوا بالدية على القاتل أو على عاقلته ; فأدغمت التاء من قوله ; " يتصدقوا " في الصاد فصارتا صادا . وقد ذكر أن ذلك في قراءة أبي ; " إلا أن يتصدقوا " . 7998 - حدثني المثنى , قال ; ثنا إسحاق , قال ; ثنا بكر بن الشرود ; في حرف أبي ; { إلا أن يتصدقوا } .فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنةالقول في تأويل قوله ; { فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة } يعني جل ثناؤه بقوله ; { فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن } فإن كان هذا القتيل الذي قتله المؤمن خطأ من قوم عدو لكم , يعني ; من عداد قوم أعداء لكم في الدين مشركين , لم يأمنوكم الحرب على خلافكم على الإسلام , وهو مؤمن { فتحرير رقبة مؤمنة } يقول ; فإذا قتل المسلم خطأ رجلا من عداد المشركين والمقتول مؤمن والقاتل يحسب أنه على كفره , فعليه تحرير رقبة مؤمنة . واختلف أهل التأويل في معنى ذلك , فقال بعضهم ; معناه ; وإن كان المقتول من قوم هم عدو لكم وهو مؤمن ; أي بين أظهركم لم يهاجر , فقتله مؤمن , فلا دية عليه وعليه تحرير رقبة مؤمنة . ذكر من قال ذلك ; 7999 - حدثنا محمد بن بشار , قال ; ثنا يحيى بن سعيد , عن سفيان , عن سماك , عن عكرمة والمغيرة , عن إبراهيم في قوله ; { فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن } قال ; هو الرجل يسلم في دار الحرب , فيقتل . قال ; ليس فيه دية , وفيه الكفارة . 8000 - حدثنا ابن وكيع , قال ; ثنا أبي , عن إسرائيل , عن سماك , عن عكرمة في قوله ; { فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن } قال ; يعني ; المقتول يكون مؤمنا وقومه كفار , قال ; فليس له دية , ولكن تحرير رقبة مؤمنة . 8001 - حدثنا المثنى , قال ; ثنا أبو غسان , قال ; ثنا إسرائيل , عن سماك , عن عكرمة , عن ابن عباس في قوله ; { فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن } قال ; يكون الرجل مؤمنا وقومه كفار , فلا دية له , ولكن تحرير رقبة مؤمنة . 8002 - حدثنا محمد بن الحسين , قال ; ثنا أحمد بن مفضل , قال ; ثنا أسباط , عن السدي ; { فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن } في دار الكفر , يقول ; { فتحرير رقبة مؤمنة } وليس له دية . 8003 - حدثنا بشر بن معاذ , قال ; ثنا يزيد , قال ; ثنا سعيد , عن قتادة ; { فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة } ولا دية لأهله من أجل أنهم كفار , وليس بينهم وبين الله عهد ولا ذمة . * - حدثني المثنى , قال ; ثنا الحجاج , قال ; ثنا حماد , قال ; أخبرنا عطاء بن السائب , عن ابن عباس أنه قال في قول الله ; { وإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن } . .. إلى آخر الآية , قال ; كان الرجل يسلم , ثم يأتي قومه فيقيم فيهم وهم مشركون , فيمر بهم الجيش لرسول الله صلى الله عليه وسلم , فيقتل فيمن يقتل , فيعتق قاتله رقبة ولا دية له . 8004 - حدثنا ابن حميد , قال ; ثنا جرير , عن مغيرة , عن إبراهيم ; { فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة } قال ; هذا إذا كان الرجل المسلم من قوم عدو لكم ; أي ليس لهم عهد يقتل خطأ , فإن على من قتله تحرير رقبة مؤمنة . * - حدثني المثنى , قال ; ثنا أبو صالح , قال ; ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس ; { فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن } فإن كان في أهل الحرب وهو مؤمن , فقتله خطأ , فعلى قاتله أن يكفر بتحرير رقبة مؤمنة , أو صيام شهرين متتابعين , ولا دية عليه . 8005 - حدثني يونس , قال ; أخبرنا ابن وهب , قال ; قال ابن زيد في قوله ; { فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن } القتيل مسلم وقومه كفار , { فتحرير رقبة مؤمنة } ولا يؤدي إليهم الدية فيتقوون بها عليكم. وقال آخرون ; بل عنى به الرجل من أهل الحرب يقدم دار الإسلام فيسلم ثم يرجع إلى دار الحرب , فإذا مر بهم الجيش من أهل الإسلام هرب قومه , وأقام ذلك المسلم منهم فيها , فقتله المسلمون وهم يحسبونه كافرا . ذكر من قال ذلك ; 8006 - حدثني محمد بن سعد , قال ; ثني أبي , قال ; ثني عمي , قال ; ثني أبي , عن أبيه , عن ابن عباس ; { فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة } فهو المؤمن يكون في العدو من المشركين يسمعون بالسرية من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم , فيفرون ويثبت المؤمن فيقتل , ففيه تحرير رقبة مؤمنة .وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنةالقول في تأويل قوله تعالى ; { وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة } يعني جل ثناؤه بقوله ; { وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق } وإن كان القتيل الذي قتله المؤمن خطأ من قوم بينكم أيها المؤمنون وبينهم ميثاق ; أي عهد وذمة , وليسوا أهل حرب لكم , { فدية مسلمة إلى أهله } يقول ; فعلى قاتله دية مسلمة إلى أهله يتحملها عاقلته , وتحرير رقبة مؤمنة كفارة لقتله . ثم اختلف أهل التأويل في صفة هذا القتيل الذي هو من قوم بيننا وبينهم ميثاق أهو مؤمن أو كافر ؟ فقال بعضهم ; هو كافر , إلا أنه لزمت قاتله ديته ; لأن له ولقومه عهدا , فواجب أداء ديته إلى قومه للعهد الذي بينهم وبين المؤمنين , وأنها مال من أموالهم , ولا يحل للمؤمنين شيء من أموالهم بغير طيب أنفسهم . ذكر من قال ذلك ; 8007 - حدثني المثنى , قال ; ثنا عبد الله بن صالح , قال ; ثني معاوية , عن علي , عن ابن عباس ; { وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق } يقول ; إذا كان كافرا في ذمتكم فقتل , فعلى قاتله الدية مسلمة إلى أهله , وتحرير رقبة مؤمنة , أو صيام شهرين متتابعين . 8008 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال ; ثنا ابن علية , عن أيوب , قال ; سمعت الزهري يقول ; دية الذمي دية المسلم . قال ; وكان يتأول ; { وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله } . 8009 - حدثني المثنى , قال ; ثنا إسحاق , قال ; ثنا عبد الله بن إدريس , عن عيسى بن أبي المغيرة , عن الشعبي في قوله ; { وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله } قال ; من أهل العهد , وليس بمؤمن . 8010 - حدثني المثنى , قال ; ثنا إسحاق , قال ; ثنا ابن مهدي , عن هشيم , عن مغيرة , عن إبراهيم ; { وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق } وليس بمؤمن . 8011 - حدثنا بشر بن معاذ , قال ; ثنا يزيد , قال ; ثنا سعيد , عن قتادة ; { وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة } بقتله ; أي بالذي أصاب من أهل ذمته وعهده ; { فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله }. .. الآية 8012 - حدثني يونس , قال ; أخبرنا ابن وهب , قال ; قال ابن زيد في قوله ; { وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله } يقول ; فأدوا إليهم الدية بالميثاق . قال ; وأهل الذمة يدخلون في هذا , وتحرير رقبة مؤمنة , فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين . وقال آخرون ; بل هو مؤمن , فعلى قاتله دية يؤديها إلى قومه من المشركين , لأنهم أهل ذمة . ذكر من قال ذلك ; 8013 - حدثني ابن حميد , قال ; ثنا جرير , عن مغيرة , عن إبراهيم ; { وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة } قال ; هذا الرجل المسلم وقومه مشركون لهم عقد , فتكون ديته لقومه وميراثه للمسلمين , ويعقل عنه قومه ولهم ديته . 8014 - حدثني المثنى , قال ; ثنا سويد , قال ; أخبرنا ابن المبارك , عن هشيم , عن أبي إسحاق الكوفي , عن جابر بن زيد في قوله ; { وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق } قال ; وهو مؤمن . 8015 - حدثني المثنى , قال ; ثنا إسحاق , قال ; ثنا ابن مهدي , عن حماد بن سلمة , عن يونس , عن الحسن , في قوله ; { وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق } قال ; هو كافر . قال أبو جعفر ; وأولى القولين في ذلك بتأويل الآية قول من قال ; عنى بذلك المقتول من أهل العهد , لأن الله أبهم ذلك , فقال ; { وإن كان من قوم بينكم وبينهم } ولم يقل ; " وهو مؤمن " كما قال في القتيل من المؤمنين وأهل الحرب ; أو عنى المؤمن منهم وهو مؤمن . فكان في تركه وصفه بالإيمان الذي وصف به القتيلين الماضي ذكرهما قبل , الدليل الواضح على صحة ما قلنا في ذلك. فإن ظن ظان أن في قوله تبارك وتعالى ; { فدية مسلمة إلى أهله } دليلا على أنه من أهل الإيمان , لأن الدية عنده لا تكون إلا لمؤمن , فقد ظن خطأ ; وذلك أن دية الذمي وأهل الإسلام سواء , لإجماع جميعهم على أن ديات عبيدهم الكفار وعبيد المؤمنين من أهل الإيمان سواء , فكذلك حكم ديات أحرارهم سواء , مع أن دياتهم لو كانت على ما قال من خالفنا في ذلك , فجعلها على النصف من ديات أهل الإيمان أو على الثلث , لم يكن في ذلك دليل على أن المعني بقوله ; { وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق } من أهل الإيمان , لأن دية المؤمنة لا خلاف بين الجميع , إلا من لا يعد خلافا أنها على النصف من دية المؤمن , وذلك غير مخرجها من أن تكون دية , فكذلك حكم ديات أهل الذمة لو كانت مقصرة عن ديات أهل الإيمان لم يخرجها ذلك من أن تكون ديات , فكيف والأمر في ذلك بخلافه ودياتهم وديات المؤمنين سواء ؟ . وأما الميثاق ; فإنه العهد والذمة , وقد بينا في غير هذا الموضع أن ذلك كذلك والأصل الذي منه أخذ بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . ذكر من قال ذلك ; 8016 - حدثنا محمد بن الحسين , قال ; ثنا أحمد بن مفضل , قال ; ثنا أسباط , عن السدي في قوله ; { وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق } يقول ; عهد. 8017 - حدثنا الحسن بن يحيى , قال ; أخبرنا عبد الرزاق , قال ; أخبرنا معمر , عن الزهري في قوله ; { وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق } قال ; هو المعاهدة . 8018 - حدثني المثنى , قال ; ثنا أبو غسان , قال ; ثنا إسرائيل , عن سماك , عن عكرمة , عن ابن عباس ; { وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق } عهد . 8019 - حدثنا ابن وكيع , قال ; ثنا أبي , عن إسرائيل , عن سماك , عن عكرمة , مثله . فإن قال قائل ; وما صفة الخطأ الذي إذا قتل المؤمن المؤمن أو المعاهد لزمته ديته والكفارة ؟ قيل ; هو ما قال النخعي في ذلك. وذلك ما ; 8020 - حدثنا ابن بشار , قال ; ثنا عبد الرحمن بن مهدي , قال ; ثنا سفيان , عن المغيرة , عن إبراهيم قال ; الخطأ أن يريد الشيء فيصيب غيره . 8021 - حدثنا أبو كريب ويعقوب بن إبراهيم , قالا ; ثنا هشيم , عن مغيرة , عن إبراهيم , قال ; الخطأ أن يرمي الشيء فيصيب إنسانا وهو لا يريده , فهو خطأ , وهو على العاقلة . فإن قال ; فما الدية الواجبة في ذلك ؟ قيل ; أما في قتل المؤمن فمائة من الإبل إن كان من أهل الإبل على عاقلة قاتله , لا خلاف بين الجميع في ذلك , وإن كان في مبلغ أسنانها اختلاف بين أهل العلم , فمنهم من يقول ; هي أرباع ; خمس وعشرون منها حقة , وخمس وعشرون جذعة , وخمس وعشرون بنت مخاض , وخمس وعشرون بنت لبون . ذكر من قال ذلك ; 8022 - حدثنا ابن بشار , قال ; ثنا عبد الرحمن , قال ; ثنا سفيان , عن منصور , عن إبراهيم , عن علي رضي الله عنه ; في الخطأ شبه العمد ثلاث وثلاثون حقة , وثلاث وثلاثون جذعة , وأربع وثلاثون ثنية إلى بازل عامها ; وفي الخطأ ; خمس وعشرون حقة , وخمس وعشرون جذعة , وخمس وعشرون بنت مخاض , وخمس وعشرون بنت لبون . * - حدثنا ابن بشار , قال ; ثنا عبد الرحمن , قال ; ثنا سفيان , عن فراس والشيباني , عن الشعبي , عن علي بن أبي طالب , بمثله . * - حدثنا ابن بشار , قال ; ثنا عبد الرحمن , قال ; ثنا سفيان , عن أبي إسحاق , عن عاصم بن ضمرة , عن علي رضي الله عنه , بنحوه . * - حدثني واصل بن عبد الأعلى , قال ; ثنا ابن فضيل , عن أشعث بن سوار , عن الشعبي , عن علي رضي الله عنه أنه قال ; في قتل الخطأ الدية مائة أرباعا , ثم ذكر مثله . وقال آخرون ; هي أخماس ; عشرون حقة , وعشرون جذعة , وعشرون بنت لبون , وعشرون ابن لبون , وعشرون بنت مخاض . ذكر من قال ذلك ; 8023 - حدثنا محمد بن بشار , قال ; ثنا ابن أبي عدي , عن سعيد , عن قتادة عن أبي مجلز , عن أبي عبيدة عن أبيه , عن عبد الله بن مسعود قال ; في الخطأ عشرون حقة , وعشرون جذعة , وعشرون بنت لبون , وعشرون ابن لبون , وعشرون بنت مخاض . * - حدثنا واصل بن عبد الأعلى , قال ; ثنا ابن فضيل , عن أشعث , عن عامر , عن عبد الله بن مسعود ; في قتل الخطأ مائة من الإبل أخماسا ; خمس جذاع , وخمس حقاق , وخمس بنات لبون , وخمس بنات مخاض , وخمس بني مخاض . * - حدثنا مجاهد بن موسى , قال ; ثنا يزيد , قال ; أخبرنا سليمان التيمي , عن أبي مجلز , عن أبي عبيدة عن عبد الله , قال ; الدية أخماس دية الخطأ ; خمس بنات مخاض , وخمس بنات لبون , وخمس حقاق , وخمس جذاع , وخمس بني مخاض . واعتل قائل هذه المقالة بحديث ; 8024 - حدثنا به أبو هشام الرفاعي , قال ; ثنا يحيى بن أبي زائدة وأبو خالد الأحمر , عن حجاج , عن زيد بن جبير , عن الخشف بن مالك , عن عبد الله بن مسعود ; أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في الدية في الخطأ أخماسا . قال أبو هشام ; قال ابن أبي زائدة ; عشرون حقة , وعشرون جذعة , وعشرون ابنة لبون , وعشرون ابنة مخاض , وعشرون ابن مخاض . * - حدثنا أبو هشام , قال ; ثنا يحيى , عن أبيه , عن أبي إسحاق , عن علقمة , عن عبد الله أنه قضى بذلك . وقال آخرون ; هي أرباع , غير أنها ثلاثون حقة , وثلاثون بنت لبون , وعشرون بنت مخاض , وعشرون ابن لبون ذكور . ذكر من قال ذلك ; 8025 - حدثنا ابن بشار , قال ; ثني محمد بن بكر , قال ; ثنا سعيد , عن قتادة , عن عبد ربه , عن أبي عياض , عن عثمان وزيد بن ثابت قالا ; في الخطأ شبه العمد ; أربعون جذعة خلفة , وثلاثون حقة , وثلاثون بنت مخاض ; وفي الخطأ ; ثلاثون حقة , وثلاثون جذعة , وعشرون بنت مخاض , وعشرون ابن لبون ذكور. 8026 - حدثنا ابن بشار , قال ; ثنا ابن أبي عدي , عن سعيد , عن قتادة , عن سعيد بن المسيب , عن زيد بن ثابت في دية الخطأ ; ثلاثون حقة , وثلاثون بنت لبون , وعشرون بنت مخاض , وعشرون ابن لبون ذكور . * - حدثنا ابن بشار , قال ; ثنا ابن عثمة , قال ; ثنا سعيد بن بشير , عن قتادة , عن عبد ربه , عن أبي عياض , عن عثمان بن عفان رضي الله عنه , قال ; وحدثنا سعيد , عن قتادة , عن سعيد بن المسيب عن زيد بن ثابت , مثله . قال أبو جعفر ; والصواب من القول في ذلك أن الجميع مجمعون أن في الخطأ المحض على أهل الإبل مائة من الإبل . ثم اختلفوا في مبالغ أسنانها , وأجمعوا على أنه لا يقصر بها في الذي وجبت له الأسنان عن أقل ما ذكرنا من أسنانها التي حدها الذين ذكرنا اختلافهم فيها , وأنه لا يجاوز بها الذي وجبت عن أعلاها . وإن كان ذلك من جميعهم إجماعا , فالواجب أن يكون مجزيا من لزمته دية قتل خطأ ; أي هذه الأسنان التي اختلف المختلفون فيها أداها إلى من وجبت له , لأن الله تعالى لم يحد ذلك بحد لا يجاوز به ولا يقصر عنه ولا رسوله إلا ما ذكرت من إجماعهم فيما أجمعوا عليه , فإنه ليس للإمام مجاوزة ذلك في الحكم بتقصير ولا زيادة , وله التخيير فيما بين ذلك بما رأى الصلاح فيه للفريقين , وإن كانت عاقلة القاتل من أهل الذهب فإن لورثة القتيل عليهم عندنا ألف دينار , وعليه علماء الأمصار . وقال بعضهم ; ذلك تقويم من عمر رضي الله عنه لإبل على أهل الذهب في عصره , والواجب أن يقوم في كل زمان قيمتها إذا عدم الإبل عاقلة القاتل . واعتلوا بما ; 8027 - حدثنا ابن بشار , قال ; ثنا عبد الرحمن , قال ; ثنا سفيان , عن أيوب بن موسى , عن مكحول , قال ; كانت الدية ترتفع وتنخفض , فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي ثمانمائة دينار , فخشي عمر من بعده , فجعلها اثني عشر ألف درهم أو ألف دينار. وأما الذين أوجبوها في كل زمان على أهل الذهب ذهبا ألف دينار , فقالوا ; ذلك فريضة فرضها الله على لسان رسوله , كما فرض الإبل على أهل الإبل . قالوا ; وفي إجماع علماء الأمصار في كل عصر وزمان إلا من شذ عنهم , على أنها لا تزاد على ألف دينار ولا تنقص عنها , أوضح الدليل على أنها الواجبة على أهل الذهب وجوب الإبل على أهل الإبل , لأنها لو كانت قيمة لمائة من الإبل لاختلف ذلك بالزيادة والنقصان لتغير أسعار الإبل. وهذا القول هو الحق في ذلك لما ذكرنا من إجماع الحجة عليه . وأما من الورق على أهل الورق عندنا , فاثنا عشر ألف درهم , وقد بينا العلل في ذلك في كتابنا " كتاب لطيف القول في أحكام شرائع الإسلام " . وقال آخرون ; إنما على أهل الورق من الورق عشرة آلاف درهم . وأما دية المعاهد الذي بيننا وبين قومه ميثاق , فإن أهل العلم اختلفوا في مبلغها , فقال بعضهم ; ديته ودية الحر المسلم سواء . ذكر من قال ذلك ; 8028 - حدثني المثنى , قال ; ثنا إسحاق , قال ; ثنا بشر بن السري , عن إبراهيم بن سعد , عن الزهري ; أن أبا بكر وعثمان رضوان الله عليهما كانا يجعلان دية اليهودي والنصراني إذا كانا معاهدين كدية المسلم . 8029 - حدثني المثنى , قال ; ثنا إسحاق , قال ; ثنا بشر بن السري , عن الدستوائي , عن يحيى بن أبي كثير , عن الحكم بن عيينة ; أن ابن مسعود كان يجعل دية أهل الكتاب إذا كانوا أهل ذمة كدية المسلمين . 8030 - حدثنا محمد بن المثنى , قال ; ثنا محمد بن جعفر , قال ; ثنا شعبة , عن حماد , قال ; سألني عبد الحميد عن دية أهل الكتاب , فأخبرته أن إبراهيم قال ; إن ديتهم وديتنا سواء . 8031 - حدثنا ابن المثنى , قال ; ثنا أبو الوليد , قال ; ثنا حماد , عن إبراهيم وداود عن الشعبي أنهما قالا ; دية اليهودي والنصراني والمجوسي مثل دية الحر المسلم. 8032 - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال ; ثنا هشيم , عن مغيرة , عن إبراهيم , قال ; كان يقال ; دية اليهودي والنصراني والمجوسي كدية المسلم إذا كانت له ذمة . 8033 - حدثني يعقوب , قال ; ثنا ابن علية , قال ; ثنا ابن أبي نجيح , عن مجاهد وعطاء أنهما قالا ; دية المعاهد دية المسلم. * - حدثنا سوار بن عبد الله , قال ; ثنا بشر بن المفضل , قال ; ثنا المسعودي , عن حماد , عن إبراهيم , أنه قال ; دية المسلم والمعاهد سواء . 8034 - حدثني يعقوب , قال ; حدثنا ابن علية , عن أيوب , قال ; سمعت الزهري يقول ; دية الذمي دية المسلم . 8035 - حدثنا أبو كريب , قال ; ثنا ابن أبي زائدة , عن أشعث , عن عامر قال ; دية الذمي مثل دية المسلم . * - حدثنا أبو كريب , قال ; ثنا ابن أبي زائدة , عن سعيد بن أبي عروبة , عن أبي معشر , عن إبراهيم مثله . * - حدثني أبو السائب , قال ; ثنا أبو معاوية , عن الأعمش , عن إبراهيم مثله . 8036 - ثنا عبد الحميد بن بيان , قال ; أخبرنا محمد بن يزيد , عن إسماعيل , عن عامر , وبلغه أن الحسن كان يقول ; دية المجوسي ثمانمائة ودية اليهودي والنصراني أربعة آلاف , فقال ; ديتهم واحدة . * - حدثنا ابن بشار , قال ; ثنا عبد الرحمن , قال ; ثنا سفيان , عن قيس بن مسلم , عن الشعبي , قال ; دية المعاهد والمسلم في كفارتهما سواء . * - حدثنا ابن بشار , قال ; ثنا عبد الرحمن , قال ; ثنا سفيان , عن منصور , عن إبراهيم , قال ; دية المعاهد والمسلم سواء . وقال آخرون ; بل ديته على النصف من دية المسلم . ذكر من قال ذلك ; 8037 - حدثنا ابن المثنى , قال ; ثنا عبد الأعلى , قال ; ثنا داود , عن عمرو بن شعيب في دية اليهودي والنصراني قال ; جعلها عمر بن الخطاب رضي الله عنه نصف دية المسلم , ودية المجوسي ثمانمائة . فقلت لعمرو بن شعيب ; إن الحسن يقول ; أربعة آلاف , قال ; لعله كان ذلك قبل , وقال ; إنما جعل دية المجوسي بمنزلة العبد . 8038 - حدثنا أبو كريب , قال ; ثنا عبد الله الأشجعي , عن سفيان , عن أبي الزناد , عن عمر بن عبد العزيز قال ; دية المعاهد على النصف من دية المسلم. وقال آخرون ; بل ديته على الثلث من دية المسلم . ذكر من قال ذلك ; 8039 - حدثني واصل بن عبد الأعلى , قال ; ثنا ابن فضيل , عن مطرف , عن أبي عثمان - قال ; كان قاضيا لأهل مرو - قال ; جعل عمر رضي الله عنه دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف أربعة آلاف . 8040 - حدثنا عمار بن خالد الواسطي , قال ; ثنا يحيى بن سعيد , عن الأعمش , عن ثابت , عن سعيد بن المسيب , قال ; قال عمر ; دية النصراني أربعة آلاف , والمجوسي ثمانمائة . * - حدثنا محمد بن المثنى , قال ; ثنا عبد الصمد , قال ; ثنا شعبة , عن ثابت , قال ; سمعت سعيد بن المسيب يقول ; قال عمر ; دية أهل الكتاب أربعة آلاف , ودية المجوسي ثمانمائة . * - حدثنا ابن بشار , قال ; ثنا عبد الرحمن , قال ; ثنا سفيان , عن ثابت , عن سعيد بن المسيب , أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال , فذكر مثله . 8041 - حدثنا ابن بشار , قال ; ثنا ابن أبي عدي , عن سعيد , عن قتادة , عن أبي المليح ; أن رجلا من قومه رمى يهوديا أو نصرانيا بسهم فقتله , فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب , فأغرمه ديته أربعة آلاف. * - وبه عن قتادة , عن سعيد بن المسيب , قال ; قال عمر ; دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف , أربعة آلاف . * - حدثني يعقوب بن إبراهيم , قال ; ثنا هشيم , قال ; أخبرنا أصحابنا , عن سعيد بن المسيب , عن عمر مثله . 8042 - قال ; ثنا هشيم , عن ابن أبي ليلى , عن عطاء , عن عمر مثله . 8043 - قال ; ثنا هشيم , قال ; أخبرنا يحيى بن سعيد , عن سليمان بن يسار , أنه قال ; دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف , والمجوسي ثمانمائة . 8044 - حدثنا سوار بن عبد الله , قال ; ثنا خالد بن الحارث , قال ; ثنا عبد الملك , عن عطاء , مثله . 8045 - حدثت عن الحسين بن الفرج , قال ; سمعت أبا معاذ , قال ; ثنا عبيد , قال ; سمعت الضحاك في قوله ; { فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين } الصيام لمن لا يجد رقبة , وأما الدية فواجبة لا يبطلها شيء .فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من اللهالقول في تأويل قوله تعالى ; { فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله } يعني تعالى ذكره بقوله ; { فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين } فمن لم يجد رقبة مؤمنة يحررها كفارة لخطئه في قتله من قتل من مؤمن أو معاهد لعسرته بثمنها , { فصيام شهرين متتابعين } يقول ; فعليه صيام شهرين متتابعين . واختلف أهل التأويل في تأويل ذلك , فقال بعضهم فيه بنحو ما قلنا . ذكر من قال ذلك ; 8046 - حدثني محمد بن عمرو , قال ; ثنا أبو عاصم , عن عيسى , عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد في قول الله ; { فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين } قال ; من لم يجد عتقا - أو عتاقة , شك أبو عصام - في قتل مؤمن خطأ , قال ; وأنزلت في عياش بن أبي ربيعة قتل مؤمنا خطأ . وقال آخرون ; صوم الشهرين عن الدية والرقبة. قالوا ; وتأويل الآية ; فمن لم يجد رقبة مؤمنة ولا دية يسلمها إلى أهلها فعليه صوم شهرين متتابعين . ذكر من قال ذلك ; 8047 - حدثني المثنى , قال ; ثنا سويد بن نصر , قال ; ثنا ابن المبارك , عن زكريا , عن الشعبي , عن مسروق ; أنه سئل عن الآية التي في سورة النساء ; { فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين } صيام الشهرين عن الرقبة وحدها , أو عن الدية والرقبة ؟ فقال ; من لم يجد فهو عن الدية والرقبة . * - حدثنا بن وكيع , قال ; ثنا أبي , عن زكريا , عن عامر , عن مسروق بنحوه . قال أبو جعفر ; والصواب من القول في ذلك أن الصوم عن الرقبة دون الدية , لأن دية الخطأ على عاقلة القاتل , والكفارة على القاتل بإجماع الحجة على ذلك , نقلا عن نبينا صلى الله عليه وسلم , فلا يقضي صوم صائم عما لزم غيره في ماله . والمتابعة صوم الشهرين , ولا يقطعه بإفطار بعض أيامه لغير علة حائلة بينه وبين صومه . ثم قال جل ثناؤه ; { توبة من الله وكان الله عليما حكيما } يعني ; تجاوزا من الله لكم إلى التيسير عليه بتخفيفه عنكم ما خفف عنكم من فرض تحرير الرقبة المؤمنة إذا أعسرتم بها بإيجابه عليكم صوم شهرين متتابعين.وكان الله عليما حكيما{ وكان الله عليما حكيما } يقول ; ولم يزل الله عليما بما يصلح عباده فيما يكلفهم من فرائضه وغير ذلك , حكيما بما يقضي فيهم ويريد .
هذه الصيغة من صيغ الامتناع، أي: يمتنع ويستحيل أن يصدر من مؤمن قتل مؤمن، أي: متعمدا، وفي هذا الإخبارُ بشدة تحريمه وأنه مناف للإيمان أشد منافاة، وإنما يصدر ذلك إما من كافر، أو من فاسق قد نقص إيمانه نقصا عظيما، ويخشى عليه ما هو أكبر من ذلك، فإن الإيمان الصحيح يمنع المؤمن من قتل أخيه الذي قد عقد الله بينه وبينه الأخوة الإيمانية التي من مقتضاها محبته وموالاته، وإزالة ما يعرض لأخيه من الأذى، وأي أذى أشد من القتل؟ وهذا يصدقه قوله صلى الله عليه وسلم: \"لا ترجعوا بعدي كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض\" فعلم أن القتل من الكفر العملي وأكبر الكبائر بعد الشرك بالله. ولما كان قوله: { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا } لفظا عاما لجميع الأحوال، وأنه لا يصدر منه قتل أخيه بوجه من الوجوه، استثنى تعالى قتل الخطأ فقال: { إِلَّا خَطَأً } فإن المخطئ الذي لا يقصد القتل غير آثم، ولا مجترئ على محارم الله، ولكنه لما كان قد فعل فعلاً شنيعًا وصورته كافية في قبحه وإن لم يقصده أمر تعالى بالكفارة والدية فقال: { وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً } سواء كان القاتل ذكرًا أو أنثى حرًّا أو عبدًا، صغيرًا أو كبيرًا، عاقلاً أو مجنونًا، مسلمًا أو كافرًا، كما يفيده لفظ \"مَنْ\" الدالة على العموم وهذا من أسرار الإتيان بـ \"مَنْ\" في هذا الموضع، فإن سياق الكلام يقتضي أن يقول: فإن قتله، ولكن هذا لفظ لا يشمل ما تشمله \"مَنْ\" وسواء كان المقتول ذكرًا أو أنثى، صغيرًا أو كبيرًا، كما يفيده التنكير في سياق الشرط، فإن على القاتل { تحرير رقبة مؤمنة } كفارة لذلك، تكون في ماله، ويشمل ذلك الصغير والكبير، والذكر والأنثى، والصحيح والمعيب، في قول بعض العلماء. ولكن الحكمة تقتضي أن لا يجزئ عتق المعيب في الكفارة؛ لأن المقصود بالعتق نفع العتيق، وملكه منافع نفسه، فإذا كان يضيع بعتقه، وبقاؤه في الرق أنفع له فإنه لا يجزئ عتقه، مع أن في قوله: { تحرير رقبة } ما يدل على ذلك؛ فإن التحرير: تخليص من استحقت منافعه لغيره أن تكون له، فإذا لم يكن فيه منافع لم يتصور وجود التحرير. فتأمل ذلك فإنه واضح. وأما الدية فإنها تجب على عاقلة القاتل في الخطأ وشبه العمد. { مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ } جبرًا لقلوبهم، والمراد بأهله هنا هم ورثته، فإن الورثة يرثون ما ترك، الميت، فالدية داخلة فيما ترك وللدية تفاصيل كثيرة مذكورة في كتب الفقه. وقوله: { إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا } أي: يتصدق ورثة القتيل بالعفو عن الدية، فإنها تسقط، وفي ذلك حث لهم على العفو لأن الله سماها صدقة، والصدقة مطلوبة في كل وقت. { فَإِنْ كَانَ } المقتول { مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ } أي: من كفار حربيين { وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ } أي: وليس عليكم لأهله دية، لعدم احترامهم في دمائهم وأموالهم. { وَإِنْ كَانَ } المقتول { مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ } وذلك لاحترام أهله بما لهم من العهد والميثاق. { فَمَنْ لَمْ يَجِدْ } الرقبة ولا ثمنها، بأن كان معسرا بذلك، ليس عنده ما يفضل عن مؤنته وحوائجه الأصلية شيء يفي بالرقبة، { فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ } أي: لا يفطر بينهما من غير عذر، فإن أفطر لعذر فإن العذر لا يقطع التتابع، كالمرض والحيض ونحوهما. وإن كان لغير عذر انقطع التتابع ووجب عليه استئناف الصوم. { تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ } أي: هذه الكفارات التي أوجبها الله على القاتل توبة من الله على عباده ورحمة بهم، وتكفير لما عساه أن يحصل منهم من تقصير وعدم احتراز، كما هو واقع كثيرًا للقاتل خطأ. { وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا } أي: كامل العلم كامل الحكمة، لا يخفى عليه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، في أي وقت كان وأي محل كان. ولا يخرج عن حكمته من المخلوقات والشرائع شيء، بل كل ما خلقه وشرعه فهو متضمن لغاية الحكمة، ومن علمه وحكمته أن أوجب على القاتل كفارة مناسبة لما صدر منه، فإنه تسبب لإعدام نفس محترمة، وأخرجها من الوجود إلى العدم، فناسب أن يعتق رقبة ويخرجها من رق العبودية للخلق إلى الحرية التامة، فإن لم يجد هذه الرقبة صام شهرين متتابعين، فأخرج نفسه من رق الشهوات واللذات الحسية القاطعة للعبد عن سعادته الأبدية إلى التعبد لله تعالى بتركها تقربا إلى الله. ومدها تعالى بهذه المدة الكثيرة الشاقة في عددها ووجوب التتابع فيها، ولم يشرع الإطعام في هذا الموضع لعدم المناسبة. بخلاف الظهار، كما سيأتي إن شاء الله تعالى. ومن حكمته أن أوجب في القتل الدية ولو كان خطأ، لتكون رادعة وكافة عن كثير من القتل باستعمال الأسباب العاصمة عن ذلك. ومن حكمته أن وجبت على العاقلة في قتل الخطأ، بإجماع العلماء، لكون القاتل لم يذنب فيشق عليه أن يحمل هذه الدية الباهظة، فناسب أن يقوم بذلك من بينه وبينهم المعاونة والمناصرة والمساعدة على تحصيل المصالح وكف المفاسد [ولعل ذلك من أسباب منعهم لمن يعقلون عنه من القتل حذرًا من تحميلهم] ويخف عنهم بسبب توزيعه عليهم بقدر أحوالهم وطاقتهم، وخففت أيضا بتأجيلها عليهم ثلاث سنين. ومن حكمته وعلمه أن جبر أهل القتيل عن مصيبتهم، بالدية التي أوجبها على أولياء القاتل.
(الواو) استئنافية
(ما) نافية
(كان) فعل ماض ناقص
(لمؤمن) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر كان
(أن) حرف مصدري ونصبـ (يقتل) مضارع منصوب، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (مؤمنا) مفعول به منصوبـ (إلا) أداة حصر
(خطأ) مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو صفته منصوب .
والمصدر المؤوّلـ (أن يقتل) في محل رفع اسم كان مؤخر.
(الواو) عاطفة
(من) اسم شرط جازم مبني في محل رفع مبتدأ
(قتل) فعل ماض في محل جزم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (مؤمنا) مفعول به منصوبـ (خطأ) مفعول مطلق نائب عن المصدر منصوب ،
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(تحرير) خبر لمبتدأ محذوف تقديره العقاب أو المسؤولية أو الواجب ،
(رقبة) مضاف إليه مجرور
(مؤمنة) نعت لرقبة مجرور مثله
(الواو) عاطفة
(دية) معطوف على تحرير مرفوع مثله
(مسلّمة) نعت لدية مرفوع مثله
(إلى أهله) جار ومجرور ومضاف إليه، متعلق بـ (مسلّمة) ،
(إلا) أداة استثناء
(أن) حرف مصدري ونصبـ (يصدّقوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون ... والواو فاعل.
والمصدر المؤوّلـ (أن يصدقوا) في محل نصب على الاستثناء المنقطع لأن الدية ليست من نوع التصدق .
(الفاء) عاطفة
(إن) حرف شرط جازم
(كان) فعل ماض ناقص فيمحل جزم فعل الشرط، واسمه ضمير مستتر تقديره هو (من قوم) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر كان،
(عدوّ) نعت لقوم مجرور مثله
(اللام) حرف جر و (كم) ضمير في محل جر متعلق بنعت لعدو ،
(الواو) حالية
(هو) ضمير منفصل مبني في محل رفع مبتدأ
(مؤمن) خبر مرفوع
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(تحرير رقبة مؤمنة) مثل الأولى.
(الواو) عاطفة
(إن كان من قوم) مثل الأولى
(بين) ظرف مكان منصوب متعلق بمحذوف خبر مقدم و (كم) ضمير مضاف إليه
(الواو) عاطفة
(بينهم) مثل بينكم ومعطوف عليه
(ميثاق) مبتدأ مؤخّر مرفوع
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(دية) خبر لمبتدأ محذوف تقديره العقاب أو المسؤولية أو الواجب ،
(مسلّمة إلى أهله.. رقبة) مثل المتقدمة
(الفاء) عاطفة
(من) اسم شرط جازم مبني في محل رفع مبتدأ
(لم) حرف نفي فقط
(يجد) مضارع مجزوم فعل الشرط ، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الفاء) رابطة لجواب الشرط
(صيام) خبر لمبتدأ محذوف تقديره الواجب ،
(شهرين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجر الياء
(متتابعين) نعت مجرور وعلامة الجر الياء
(توبة) مفعول لأجله منصوب أي شرع ذلك توبة من الله
(من الله) جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لتوبة
(الواو) استئنافية
(كان) فعل ماض ناقص
(الله) لفظ الجلالة اسم كان مرفوع
(عليما) خبر كان منصوبـ (حكيما) خبر كان ثان منصوب.جملة «ما كان لمؤمن ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «يقتل ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي(أن) .
وجملة «من قتل ... » لا محل لها معطوفة على الاستئنافية.
وجملة «قتل مؤمنا» في محل رفع خبر المبتدأ
(من) .
وجملة «
(الواجب) تحرير ... » في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «يصّدّقوا» لا محل لها صلة الموصول الحرفي(أن) .
وجملة «كان من قوم ... » لا محل لها معطوفة على من قتل ...
وجملة «هو مؤمن» في محل نصب حال.
وجملة «
(الواجب) تحرير ...
(الثانية) » في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «كان من قوم
(الثانية) » لا محل لها معطوفة على جملة من قتل ...
وجملة «
(العقاب) دية ... » في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «من لم يجد» لا محل لها معطوفة على جملة كان الثانية.
وجملة «لم يجد ... » في محل رفع خبر المبتدأ
(من) .
وجملة «
(الواجب) صيام» في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.وجملة « ... توبة من الله» لا محل لها استئناف بياني.
وجملة «كان الله عليما ... » لا محل لها استئنافية.