سَتَجِدُونَ ءَاخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوٓا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا ۚ فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوٓا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوٓا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ ۚ وَأُولٰٓئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطٰنًا مُّبِينًا
سَتَجِدُوۡنَ اٰخَرِيۡنَ يُرِيۡدُوۡنَ اَنۡ يَّاۡمَنُوۡكُمۡ وَيَاۡمَنُوۡا قَوۡمَهُمۡ ؕ كُلَّمَا رُدُّوۡۤا اِلَى الۡفِتۡنَةِ اُرۡكِسُوۡا فِيۡهَا ۚ فَاِنۡ لَّمۡ يَعۡتَزِلُوۡكُمۡ وَيُلۡقُوۡۤا اِلَيۡكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوۡۤا اَيۡدِيَهُمۡ فَخُذُوۡهُمۡ وَاقۡتُلُوۡهُمۡ حَيۡثُ ثَقِفۡتُمُوۡهُمۡ ؕ وَاُولٰٓٮِٕكُمۡ جَعَلۡنَا لَـكُمۡ عَلَيۡهِمۡ سُلۡطٰنًا مُّبِيۡنًا
تفسير ميسر:
ستجدون قومًا آخرين من المنافقين يودون الاطمئنان على أنفسهم من جانبكم، فيظهرون لكم الإيمان، ويودون الاطمئنان على أنفسهم من جانب قومهم الكافرين، فيظهرون لهم الكفر، كلما أعيدوا إلى موطن الكفر والكافرين، وقعوا في أسوأ حال. فهؤلاء إن لم ينصرفوا عنكم، ويقدموا إليكم الاستسلام التام، ويمنعوا أنفسهم عن قتالكم فخذوهم بقوة واقتلوهم أينما كانوا، وأولئك الذين بلغوا في هذا المسلك السيِّئ حدّاً يميزهم عمَّن عداهم، فهم الذين جعلنا لكم الحجة البينة على قتلهم وأسرهم.
وقوله "ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم" الآية. هؤلاء في الصورة الظاهرة كمن تقدمهم ولكن نية هؤلاء غير نية أولئك فإن هؤلاء قوم منافقون يظهرون للنبي صلى الله عليه وسلم ولأصحابه الإسلام ليأمنوا بذلك عندهم على دمائهم وأموالهم وذراريهم ويصانعون الكفار في الباطن فيعبدون معهم ما يعبدون ليأمنوا بذلك عندهم وهم في الباطن مع أولئك كما قال تعالى "وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم" الآية. وقال ههنا "كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها" أي انهمكوا فيها. وقال السدي الفتنة ههنا الشرك. وحكى ابن جرير عن مجاهد أنها نزلت في قوم من أهل مكة كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسلمون رياء ثم يرجعون إلى قريس فيرتكسون في الأوثان يبتغون بذلك أن يأمنوا ههنا وههنا فأمر بقتلهم إن لم يعتزلوا ويصلحوا ولهذا قال تعالى "فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم" المهادنة والصلح "ويكفوا أيديهم" أي عن القتال "فخذوهم" أسراء "واقتلوهم حيث ثقفتموهم" أي أين لقيتموهم "وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا" أي بينا واضحا.
قوله ; ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبيناقوله تعالى ; ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم معناها معنى الآية الأولى . قال قتادة ; نزلت في قوم من تهامة طلبوا الأمان من النبي صلى الله عليه وسلم ليأمنوا عنده وعند قومهم .[ ص; 268 ] مجاهد ; هي في قوم من أهل مكة . وقال السدي ; نزلت في نعيم بن مسعود كان يأمن المسلمين والمشركين . وقال الحسن ; هذا في قوم من المنافقين . وقيل ; نزلت في أسد وغطفان قدموا المدينة فأسلموا ثم رجعوا إلى ديارهم فأظهروا الكفر .قوله تعالى ; كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها قرأ يحيى بن وثاب والأعمش " ردوا " بكسر الراء ؛ لأن الأصل " رددوا " فأدغم وقلبت الكسرة على الراء . إلى الفتنة أي الكفر أركسوا فيها . وقيل ; أي ستجدون من يظهر لكم الصلح ليأمنوكم ، وإذا سنحت لهم فتنة كان مع أهلها عليكم . ومعنى أركسوا فيها أي انتكسوا عن عهدهم الذين عاهدوا . وقيل ; أي إذا دعوا إلى الشرك رجعوا وعادوا إليه .
القول في تأويل قوله ; سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَاقال أبو جعفر; وهؤلاء فريق آخر من المنافقين، كانوا يظهرون الإسلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ليأمنوا به عندهم من القتل والسباء وأخذ الأموال وهم كفار، يعلم ذلك منهم قومهم، إذا لقوهم كانوا معهم وعبدوا ما يعبدونه من دون الله، ليأمنوهم على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وذراريهم. يقول الله; " كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها "، يعني; كلما دعاهم [قومهم] إلى الشرك بالله، (47) ارتدُّوا فصاروا مشركين مثلهم.* * *واختلف أهل التأويل في الذين عنوا بهذه الآية.فقال بعضهم; هم ناس كانوا من أهل مكة أسلموا -على ما وصفهم الله به من التقيَّة- وهم كفار، ليأمنوا على أنفسهم وأموالهم وذراريهم ونسائهم. يقول الله; " كلما ردُّوا إلى الفتنة أركسوا فيها "، يعني كلما دعاهم [قومهم] إلى الشرك بالله، (48) ارتدوا فصاروا مشركين مثلهم، ليأمنوا عند هؤلاء وهؤلاء.*ذكر من قال ذلك;10078- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد; " يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم "، قال; ناس كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسلمون رياء، ثم يرجعون إلى قريش فيرتكسون في الأوثان، يبتغون بذلك أن يأمنوا ههنا وههنا. فأمر بقتالهم إن لم يعتزلوا ويُصلحوا.10079- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.10080- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس; " ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها "، يقول; كلما أرادوا أن يخرجوا من فتنة أركسوا فيها. وذلك أن الرجل كان يوجد قد تكلم بالإسلام، فيقرَّب إلى العُود والحجَر وإلى العقرب والخنفساء، فيقول المشركون لذلك المتكلِّم بالإسلام; " قل; هذا ربي"، للخنفساء والعقرب.* * *وقال آخرون; بل هم قوم من أهل الشرك كانوا طلبوا الأمان من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ليأمنوا عنده وعند أصحابه وعند المشركين.*ذكر من قال ذلك;10081- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله; " ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم "، قال; حيٌّ كانوا بتهامة، قالوا; " يا نبيّ الله، لا نقاتلك ولا نقاتل قومنا "، وأرادوا أن يأمنوا نبيَّ الله ويأمنوا قومهم، فأبى الله ذلك عليهم، فقال; " كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها "، يقول; كلما عرض لهم بلاء هلكوا فيه.* * *وقال آخرون; نـزلت هذه الآية في نعيم بن مسعود الأشجعي.*ذكر من قال ذلك;10082- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال; ثم ذكر نعيم بن مسعود الأشجعي وكان يأمن في المسلمين والمشركين، ينقل الحديث بين النبي صلى الله عليه وسلم والمشركين، فقال; " ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كلما ردوا إلى الفتنة "، يقول; إلى الشرك.* * *وأما تأويل قوله; " كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها "، فإنه كما;-10083- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، عن أبي العالية في قوله; " كلما ردّوا إلى الفتنة أركسوا فيها "، قال; كلما ابتلُوا بها، عَمُوا فيها.10084- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة; كلما عرَض لهم بلاء، هلكوا فيه.* * *والقول في ذلك ما قد بينت قبلُ، وذلك أن " الفتنة " في كلام العرب، الاختبار، و " الإركاس " الرجوع. (49) .* * *فتأويل الكلام; كلما ردوا إلى الاختبار ليرجعوا إلى الكفر والشرك، رجعوا إليه.* * *القول في تأويل قوله ; فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (91)قال أبو جعفر; يعني بذلك جل ثناؤه; فإن لم يعتزلكم، (50) أيها المؤمنون، هؤلاء الذين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم، وهم كلما دعوا إلى الشرك أجابوا إليه =" ويلقوا إليكم السلم "، ولم يستسلموا إليكم فيعطوكم المقادَ ويصالحوكم، (51) . كما;-10085- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع; " فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم "، قال; الصلح.* * *=" ويكفوا أيديهم "، يقول; ويكفوا أيديهم عن قتالكم، (52) =" فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم "، يقول جل ثناؤه; إن لم يفعلوا، فخذوهم أين أصبتموهم من الأرض ولقيتموهم فيها، (53) فاقتلوهم، فإن دماءهم لكم حينئذ حلال=" وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانًا مبينًا "، يقول جل ثناؤه; وهؤلاء الذين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم، وهم على ما هم عليه من الكفران، ولم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم، (54) جعلنا لكم حجة في قتلهم أينما لقيتموهم، بمقامهم على كفرهم، وتركهم هجرة دار الشرك=" مبينًا " يعني; أنها تبين عن استحقاقهم ذلك منكم، وإصابتكم الحق في قتلهم. وذلك قوله; " سلطانًا مبينًا "، و " السلطان " هو الحجة، (55) . كما;-10086- حدثني المثنى قال، حدثنا قبيصة قال، حدثنا سفيان، عن رجل، عن عكرمة قال; ما كان في القرآن من " سلطان "، فهو; حجّة.10087- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي قوله; " سلطانًا مبينًا " أما " السلطان المبين "، فهو الحجة.* * *---------------الهوامش ;(35) انظر تفسير"الميثاق" فيما سلف; 8 ; 127 تعليق; 1 ، والمراجع هناك.(36) الأثر; 10071 - انظر الأثرين السالفين; 10052 ، 10053.(37) هو أبو عبيدة في مجاز القرآن 1; 136 ، وفي المطبوع من مجاز القرآن تأخير وتقديم لم يمسسه بالتحرير ناشر الكتاب ، فليحرر مكانه.(38) ديوانه; 59 ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1; 136 والناسخ والمنسوخ; 109 واللسان (وصل) ، وغيرهما. وفي اللسان"لبكر بن وائل" ، وفسرها"اتصلت"; انتسبت. وفسرها شارح شعر الأعشى; إذا دعت ، يعني دعت بدعوى الجاهلية ، وهو الاعتزاء. وهذا البيت آخر بيت في قصيدة الأعشى تلك. يقول; تدعى إليهم وتنتسب ، وهي من إمائهم اللواتي سبين وقد رغمت أنوفهن وأنوف رجالهن الذي كانوا يدافعون عنهن ، ثم انهزموا عنهن وتركوهن للسباء.(39) في المخطوطة والمطبوعة; "فإن أهل التأويل أجمعوا على أن ذلك نسخ قراءة نزلت بعد فتح مكة ودخول قريش في الإسلام" ، وهو خطأ لا معنى له ، وخلط فاحش. واستظهرت أن ما كتبته هو الصواب وأنه عنى"سورة براءة" ، من الناسخ والمنسوخ; 109 ، ومن تفسير أبي حيان 3; 315 ، وتفسير القرطبي 5; 308 ، وقد نسبوه جميعًا إلى الطبري أيضا.(40) انظر تفسير"الحصر" فيما سلف 6; 376 ، 377 وانظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1; 136 ، ومعاني القرآن للفراء 1; 282.(41) هذه مقالة الفراء في معاني القرآن 1; 282 . و"ذات التنانير"; أرض بين الكوفة وبلاد غطفان ، وقال ياقوت في معجمه; "عقبة بحذاء زبالة".(42) في المطبوعة; "وأشبه الأسماء" ، وما في المخطوطة صواب ، يعني وأشبهت الأفعال الماضية الأسماء.(43) انظر معاني القرآن للفراء 1; 282.(44) السياق; ولو شاء الله لسلط هؤلاء ... عليكم".(45) انظر تفسير"الإسلام" أيضًا فيما سلف من فهارس اللغة"سلم".(46) ديوانه; 145 ، من قصيدته التي هجا بها الفرزدق وبيوت بني دارم وبني سعد فقال قبله;وَدَارِمٌ قــد قَذَفْنَــا مِنْهُــمُ مِئَــةًفِـي جَـاحِمِ النَّـارِ، إِذْ يُلْقَوْنَ فِي الخُدَدِيَـنْزُونَ بالْمُشْـتَوَى مِنْهَـا، ويُوقِدُهَـاعَمْـرٌو، وَلَـوْلا لُحُـومُ الْقَـوْمِ لَمْ تَقِدِوَذَاكَ أنَّ تَمِيمًــــــا ............. . . . . . . . . . . . . . . . . . .فزعم أن عمرو بن المنذر اللخمي ، أحرق بني دارم رهط الفرزدق ، قال أبو عبيدة; ولم يكن للطرماح بهذا الحديث علم. يعني حديث يوم أوارة ، وهو يوم غزا عمرو بن المنذر بني دارم ، فقتل منهم تسعة وتسعين رجلا.و"الأسد" يعني عمرو بن المنذر ومن معه. و"الحصان" المرأة العفيفة. وكان في المطبوعة والمخطوطة; "كل مصان وعثه اللبد" وهو خطأ لا معنى له. وامرأة"وعثة"; كثيرة اللحم ، كأن الأصابع تسوخ فيها من كثرة لحمها ولينها."وامرأة وعثه الأرداف" ، كذلك. و"اللبد" جمع لبدة (بكسر فسكون); وهي كساء ملبس يفرش للجلوس عليه. وعنى بذلك أنها وعثة الأرداف ، حيث تجلس على اللبد. فسمي الأرداف لبدًا.يقول; أسلمت تميم نساءها لنا ولجيش عمرو بن المنذر ، وفروا عن أعراضهم ، لم يلفتهم إليهن ضعفهن عن الدفع عن أنفسهن ، وأنساهم الروع كرائم نسائهم ومترفاتهن.(47) الزيادة بين القوسين لا بد منها لسياق الكلام.(48) الزيادة بين القوسين لا بد منها لسياق الكلام.(49) انظر"تفسير الفتنة" فيما سلف 2; 444 / 3 ; 565 ، 566 ، 570 ، 571 / 4; 301 / 6 ; 196 ، 197= وانظر تفسير"الإركاس" فيما سلف ص; 7 ، 15 ، 16.(50) في المطبوعة والمخطوطة; "فإن لم يعتزلوكم" ، والسياق يقتضي ما أثبت.(51) انظر تفسير"ألقوا السلم" فيما سلف ص23 ، 24.(52) انظر تفسير"الكف" فيما سلف 8; 548.(53) انظر تفسير"ثقف" فيما سلف 3 ; 564.(54) في المطبوعة والمخطوطة; "لم يعتزلوكم" ، بإسقاط الواو ، والأصح إثباتها.(55) انظر تفسير"السلطان" فيما سلف 7; 279 = وتفسير"المبين" فيما سلف 8; 124 تعليق; 1 ، والمراجع هناك.
فأخبرهم الله تعالى أنه لا ينبغي لكم أن تشتبهوا فيهم ولا تشكوا، بل أمرهم واضح غير مشكل، إنهم منافقون قد تكرر كفرهم، وودوا مع ذلك كفركم وأن تكونوا مثلهم. فإذا تحققتم ذلك منهم { فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ } وهذا يستلزم عدم محبتهم لأن الولاية فرع المحبة. ويستلزم أيضا بغضهم وعداوتهم لأن النهي عن الشيء أمر بضده، وهذا الأمر موقت بهجرتهم فإذا هاجروا جرى عليهم ما جرى على المسلمين، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يجري أحكام الإسلام لكل مَنْ كان معه وهاجر إليه، وسواء كان مؤمنا حقيقة أو ظاهر الإيمان. وأنهم إن لم يهاجروا وتولوا عنها { فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } أي: في أي وقت وأي محل كان، وهذا من جملة الأدلة الدالة على نسخ القتال في الأشهر الحرم، كما هو قول جمهور العلماء، والمنازعون يقولون: هذه نصوص مطلقة، محمولة على تقييد التحريم في الأشهر الحرم. ثم إن الله استثنى من قتال هؤلاء المنافقين ثلاث فِرَق: فرقتين أمر بتركهم وحتَّم [على] ذلك، إحداهما من يصل إلى قوم بينهم وبين المسلمين عهد وميثاق بترك القتال فينضم إليهم، فيكون له حكمهم في حقن الدم والمال. والفرقة الثانية قوم { حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ } أي: بقوا، لا تسمح أنفسهم بقتالكم، ولا بقتال قومهم، وأحبوا ترك قتال الفريقين، فهؤلاء أيضا أمر بتركهم، وذكر الحكمة في ذلك في قوله: { وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ } فإن الأمور الممكنة ثلاثة أقسام: إما أن يكونوا معكم ويقاتلوا أعداءكم، وهذا متعذر من هؤلاء، فدار الأمر بين قتالكم مع قومهم وبين ترك قتال الفريقين، وهو أهون الأمرين عليكم، والله قادر على تسليطهم عليكم، فاقبلوا العافية، واحمدوا ربكم الذي كف أيديهم عنكم مع التمكن من ذلك. فـهؤلاء { إن اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا } الفرقة الثالثة: قوم يريدون مصلحة أنفسهم بقطع النظر عن احترامكم، وهم الذين قال الله فيهم: { سَتَجِدُونَ آخَرِينَ } أي: من هؤلاء المنافقين. { يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ } أي: خوفا منكم { وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّمَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا } أي: لا يزالون مقيمين على كفرهم ونفاقهم، وكلما عرض لهم عارض من عوارض الفتن أعماهم ونكسهم على رءوسهم، وازداد كفرهم ونفاقهم، وهؤلاء في الصورة كالفرقة الثانية، وفي الحقيقة مخالفة لها. فإن الفرقة الثانية تركوا قتال المؤمنين احترامًا لهم لا خوفا على أنفسهم، وأما هذه الفرقة فتركوه خوفا لا احتراما، بل لو وجدوا فرصة في قتال المؤمنين، فإنهم مستعدون لانتهازها، فهؤلاء إن لم يتبين منهم ويتضح اتضاحًا عظيمًا اعتزال المؤمنين وترك قتالهم، فإنهم يقاتلون، ولهذا قال: { فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ } أي: المسالمة والموادعة { وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا } أي: حجة بينة واضحة، لكونهم معتدين ظالمين لكم تاركين للمسالمة، فلا يلوموا إلا أنفسهم.
(السين) حرف استقبالـ (تجدون) مضارع مرفوع ...
والواو فاعلـ (آخرين) مفعول به منصوب، وعلامة النصب الياء
(يريدون) مثل تجدون
(أن) حرف مصدري ونصبـ (يأمنوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون ... والواو فاعل و (كم) ضمير مفعول به
(الواو) عاطفة
(يأمنوا) معطوف على يأمنوكم منصوب مثله
(قوم) مفعول به
منصوب و (هم) ضمير مضاف إليه.
والمصدر المؤولـ (أن يأمنوكم) في محل نصب مفعول به عامله يريدون.
(كلّما) ظرف بمعنى حين متضمن معنى الشرط متعلق بالجواب أركسوا
(ردّوا) فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم ... والواو ضمير مبني في محل رفع نائب فاعلـ (إلى الفتنة) جار ومجرور متعلق بـ (ردّوا) ،
(أركسوا) مثل ردّوا
(في) حرف جر و (ها) ضمير في محل جر متعلق بـ (أركسوا) .
(الفاء) عاطفة
(إن) حرف شرط جازم
(لم) حرف نفي(يعتزلوا) مضارع مجزوم فعل الشرط ، وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل و (كم) ضمير مفعول به
(الواو) عاطفة
(يلقوا) مثل يعتزلوا ومعطوف عليه والنفي السابق متسلط عليه
(إلى) حرف جر و (كم) ضمير في محل جر متعلق بـ (يلقوا) ،
(السلم) مفعول به منصوبـ (الواو) عاطفة
(يكفوا أيديهم) مثل يلقوا السلم ... و (هم) مضاف إليه
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(خذوهم ... ثقفتموهم) مرّ إعراب نظيرها ،
(الواو) عاطفة
(أولاء) اسم إشارة مبني في محل رفع مبتدأ و (الكاف) حرف خطابـ (جعلنا) فعل ماض وفاعله
(لكم) مثل إليكم متعلق بمحذوف مفعول ثان لفعل جعلنا
(عليهم) مثل إليكم متعلّق بحال من(سلطانا) وهو مفعول به منصوبـ (مبينا) نعت منصوب.
جملة «ستجدون ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «يريدون ... » في محل نصب حال.وجملة «يأمنوكم» لا محل لها صلة الموصول الحرفي(أن) :
وجملة «يأمنوا قومهم» لا محل لها معطوفة على جملة يأمنوكم.
وجملة «ردّوا» في محل جر مضاف إليه.
وجملة «أركسوا ... » لا محل لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «لم يعتزلوكم» لا محل لها معطوفة على الاستئنافية.
وجملة «يلقوا إليكم ... » لا محل لها معطوفة على جملة يعتزلوكم.
وجملة «يكفوا ... » لا محل لها معطوفة على جملة يعتزلوكم.
وجملة «خذوهم» في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «اقتلوهم» في محل جزم معطوفة على جملة خذوهم.
وجملة «ثقفتموهم» في محل جر مضاف إليه.
وجملة «أولئك جعلنا» لا محل لها معطوفة على جملة يعتزلوكم.
وجملة «جعلنا ... » في محل رفع خبر المبتدأ
(أولئك) .