وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَآ أَوْ رُدُّوهَآ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلٰى كُلِّ شَىْءٍ حَسِيبًا
وَاِذَا حُيِّيۡتُمۡ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوۡا بِاَحۡسَنَ مِنۡهَاۤ اَوۡ رُدُّوۡهَا ؕ اِنَّ اللّٰهَ كَانَ عَلٰى كُلِّ شَىۡءٍ حَسِيۡبًا
تفسير ميسر:
وإذا سلَّم عليكم المسلم فردُّوا عليه بأفضل مما سلَّم لفظًا وبشاشةً، أو ردوا عليه بمثل ما سلَّم، ولكل ثوابه وجزاؤه. إن الله تعالى كان على كل شيء مجازيًا.
قال الله تعالى "وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها" فرددناها عليك" وهكذا رواه ابن أبي حاتم معلقا فقال; ذكر عن أحمد بن الحسن والترمذي; حدثنا عبدالله بن السري أبو محمد الأنطاكي قال أبو الحسن وكان رجلا صالحا; حدثنا هشام بن لاحق فذكر بإسناده مثله ورواه أبو بكر بن مردوية; حدثنا عبدالباقي بن قانع حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل حدثنا أبي حدثنا هشام بن لاحق أبو عثمان فذكره مثله ولم أره في المسند والله أعلم وفي هذا الحديث دلالة على أنه لا زيادة في السلام على هذه الصفة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إذ لو شرع أكثر من ذلك لزاده رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الإمام أحمد; حدثنا محمد بن كثير أخو سليمان بن كثير حدثنا جعفر بن سليمان عن عوف عن أبي رجاء العطاردي عن عمران بن حصين أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال; السلام عليكم يا رسول الله فرد عليه السلام ثم جلس فقال عشر ثم جاء آخر فقال; السلام عليكم ورحمة الله فرد عليه ثم جلس فقال عشرون ثم جاء آخر فقال; السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فرد عليه السلام ثم جلس فقال ثلاثون" وكذا رواه أبو داود عن محمد بن كثير وأخرجه الترمذي والنسائي والبزار من حديثه ثم قال الترمذي حسن غريب من هذا الوجه وفي الباب عن أبي سعيد وعلي وسهل بن حنيف وقال البزار; قد روي هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه هذا أحسنها إسنادا. وقال ابن أبي حاتم; حدثنا ابن حرب الموصلي حدثنا حميد بن عبدالرحمن الرواسي عن الحسن بن صالح عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال; من سلم عليك من خلق الله فاردد عليه وإن كان مجوسي ا ذلك بأن الله يقول فحيوا بأحسن منها أوردوها. وقال قتادة; فحيوا بأحسن منها يعني للمسلمين أوردوها يعني لأهل الذمة وهدا التنزيل فيه نظر كما تقدم في الحديث من أن المراد أن يرد بأحسن مما حياه به فإن بلغ المسلم غاية ما شرع في السلام رد عليه مثل ما قال فأما أهل الذمة فلا يبدؤن بالسلام ولا يزادون بل يرد عليهم بما ثبت في الصحيحين عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال; "إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم السلام عليكم فقل وعليك" وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا تبدؤا اليهود والنصارى بالسلام وإذ لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه". وقال سفيان الثوري عن رجل عن الحسن البصري قال; السلام تطوع والرد فريضة. وهذا الذي قاله هو قول العلماء قاطبة أن الرد واجب على من سلم عليه فيأثم إن لم يفعل لأنه خالف أمر الله في قوله فحيوا بأحسن منها أو ردوها وقد جاء في الحديث الذي رواه أبو داود بسنده إلى أبي هريرة قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أدلكم على أمر إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم".
قوله تعالى ; وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها إن الله كان على كل شيء حسيبا[ ص; 256 ] فيه اثنتا عشرة مسألة ;الأولى ; قوله تعالى ; وإذا حييتم بتحية التحية تفعلة من حييت ؛ الأصل تحيية مثل ترضية وتسمية ، فأدغموا الياء في الياء . والتحية السلام . وأصل التحية الدعاء بالحياة . والتحيات لله ، أي السلام من الآفات . وقيل ; الملك . قال عبد الله بن صالح العجلي ; سألت الكسائي عن قوله " التحيات لله " ما معناه ؟ فقال ; التحيات مثل البركات ؛ فقلت ; ما معنى البركات ؟ فقال ; ما سمعت فيها شيئا . وسألت عنها محمد بن الحسن فقال ; هو شيء تعبد الله به عباده . فقدمت الكوفة فلقيت عبد الله بن إدريس فقلت ; إني سألت الكسائي ومحمدا عن قول " التحيات لله " فأجاباني بكذا وكذا ؛ فقال عبد الله بن إدريس ; إنهما لا علم لهما بالشعر وبهذه الأشياء ؟ ! التحية الملك ؛ وأنشد الشاعر عمرو بن معدي كرب ;أؤم بها أبا قابوس حتى أنيخ على تحيته بجنديوأنشد ابن خويز منداد ;أسير به إلى النعمان حتى أنيخ على تحيته بجندييريد على ملكه . وقال آخر ;ولكل ما نال الفتى قد نلته إلا التحيهوقال القتبي ; إنما قال " التحيات لله " على الجمع ؛ لأنه كان في الأرض ملوك يحيون بتحيات مختلفات ؛ فيقال لبعضهم ; أبيت اللعن ، ولبعضهم ; اسلم وانعم ، ولبعضهم ; عش ألف سنة . فقيل لنا ; قولوا التحيات لله ؛ أي الألفاظ التي تدل على الملك ، ويكنى بها عنه لله تعالى . ووجه النظم بما قبل أنه قال ; إذا خرجتم للجهاد كما سبق به الأمر فحييتم في سفركم بتحية الإسلام ، فلا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا ، بل ردوا جواب السلام ؛ فإن أحكام الإسلام تجري عليهم .الثانية ; واختلف العلماء في معنى الآية وتأويلها ؛ فروى ابن وهب وابن القاسم عن مالك أن هذه الآية في تشميت العاطس والرد على المشمت . وهذا ضعيف ؛ إذ ليس في الكلام دلالة على ذلك ، أما الرد على المشمت فمما يدخل بالقياس في معنى رد التحية ، وهذا هو منحى مالك إن صح ذلك عنه . والله أعلم . وقال ابن خويز منداد ; وقد يجوز أن تحمل هذه الآية على الهبة إذا كانت للثواب ؛ فمن وهب له هبة على الثواب فهو بالخيار إن شاء ردها وإن شاء قبلها وأثاب عليها قيمتها .[ ص; 257 ] قلت ; ونحو هذا قال أصحاب أبي حنيفة ، قالوا ; التحية هنا الهدية ؛ لقوله تعالى ; أو ردوها ولا يمكن رد السلام بعينه . وظاهر الكلام يقتضي أداء التحية بعينها وهي الهدية ، فأمر بالتعويض إن قبل أو الرد بعينه ، وهذا لا يمكن في السلام . وسيأتي بيان حكم الهبة للثواب والهدية في سورة " الروم " عند قوله ; وما آتيتم من ربا إن شاء الله تعالى . والصحيح أن التحية هاهنا السلام ؛ لقوله تعالى ; وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله . وقال النابغة الذبياني ;تحييهم بيض الولائد بينهم وأكسية الإضريج فوق المشاجبأراد ; ويسلم عليهم . وعلى هذا جماعة المفسرين . وإذا ثبت هذا وتقرر ففقه الآية أن يقال ; أجمع العلماء على أن الابتداء بالسلام سنة مرغب فيها ، ورده فريضة ؛ لقوله تعالى ; فحيوا بأحسن منها أو ردوها . واختلفوا إذا رد واحد من جماعة هل يجزئ أو لا ؛ فذهب مالك والشافعي إلى الإجزاء ، وأن المسلم قد رد عليه مثل قوله . وذهب الكوفيون إلى أن رد السلام من الفروض المتعينة ؛ قالوا ; والسلام خلاف الرد ؛ لأن الابتداء به تطوع ورده فريضة . ولو رد غير المسلم عليهم لم يسقط ذلك عنهم فرض الرد ، فدل على أن رد السلام يلزم كل إنسان بعينه ؛ حتى قال قتادة والحسن ; إن المصلي يرد السلام كلاما إذا سلم عليه ولا يقطع ذلك عليه صلاته ؛ لأنه فعل ما أمر به . والناس على خلافه . احتج الأولون بما رواه أبو داود عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ; يجزئ من الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم ، ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم . وهذا نص في موضع الخلاف . قال أبو عمر ; وهو حديث حسن لا معارض له ، وفي إسناده سعيد بن خالد ، وهو سعيد بن خالد الخزاعي مدني ليس به بأس عند بعضهم ؛ وقد ضعفه بعضهم منهم أبو زرعة وأبو حاتم ويعقوب بن شيبة وجعلوا حديثه هذا منكرا ؛ لأنه انفرد فيه بهذا الإسناد ؛ على أن عبد الله بن الفضل لم يسمع من عبيد الله بن أبي رافع ؛ بينهما الأعرج في غير ما حديث . والله أعلم . واحتجوا أيضا بقوله عليه السلام ; يسلم القليل على الكثير . ولما أجمعوا على أن الواحد يسلم على الجماعة ولا يحتاج إلى تكريره على عداد الجماعة ، كذلك يرد الواحد عن الجماعة وينوب عن الباقين كفروض الكفاية . وروى مالك عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ; يسلم الراكب على الماشي وإذا سلم واحد من القوم أجزأ عنهم . قال علماؤنا ; وهذا يدل على أن الواحد يكفي في الرد ؛ لأنه لا يقال أجزأ عنهم إلا فيما قد وجب . والله أعلم .[ ص; 258 ] قلت ; هكذا تأول علماؤنا هذا الحديث وجعلوه حجة في جواز رد الواحد ؛ وفيه قلق .الثالثة ; قوله تعالى ; فحيوا بأحسن منها أو ردوها رد الأحسن أن يزيد فيقول ; عليك السلام ورحمة الله ؛ لمن قال ; سلام عليك . فإن قال ; سلام عليك ورحمة الله ؛ زدت في ردك ; " وبركاته " . وهذا هو النهاية فلا مزيد . قال الله تعالى مخبرا عن البيت الكريم رحمة الله وبركاته على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى . فإن انتهى بالسلام غايته ، زدت في ردك الواو في أول كلامك فقلت ; وعليك السلام ورحمة الله وبركاته . والرد بالمثل أن تقول لمن قال السلام عليك ; عليك السلام ، إلا أنه ينبغي أن يكون السلام كله بلفظ الجماعة ، وإن كان المسلم عليه واحدا . روى الأعمش عن إبراهيم النخعي قال ; إذا سلمت على الواحد فقل ; السلام عليكم ، فإن معه الملائكة . وكذلك الجواب يكون بلفظ الجمع ؛ قال ابن أبي زيد ; يقول المسلم ; السلام عليكم ، ويقول الراد ; وعليكم السلام ، أو يقول ; السلام عليكم كما قيل له ؛ وهو معنى قوله أو ردوها ولا تقل في ردك ; سلام عليك .الرابعة ; والاختيار في التسليم والأدب فيه تقديم اسم الله تعالى على اسم المخلوق ؛ قال الله تعالى ; سلام على إل ياسين . وقال في قصة إبراهيم عليه السلام ; رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت . وقال مخبرا عن إبراهيم ; سلام عليك . وفي صحيحي البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة قال ; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ; خلق الله عز وجل آدم على صورته طوله ستون ذراعا فلما خلقه قال اذهب فسلم على أولئك النفر وهم نفر من الملائكة جلوس فاستمع ما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك - قال - فذهب فقال السلام عليكم فقالوا السلام عليك ورحمة الله - قال - فزادوه ورحمة الله - قال - فكل من يدخل الجنة على صورة آدم وطوله ستون ذراعا فلم يزل الخلق ينقص بعده حتى الآن .قلت ; فقد جمع هذا الحديث مع صحته فوائد سبعا ; الأولى ; الإخبار عن صفة خلق آدم . الثانية ; أنا ندخل الجنة عليها بفضله . الثالثة ; تسليم القليل على الكثير . الرابعة ; تقديم اسم الله تعالى . الخامسة ; الرد بالمثل لقولهم ; السلام عليكم . السادسة ; الزيادة في الرد . السابعة ; إجابة الجميع بالرد كما يقول الكوفيون . والله أعلم .[ ص; 259 ] الخامسة ; فإن رد فقدم اسم المسلم عليه لم يأت محرما ولا مكروها ؛ لثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال للرجل الذي لم يحسن الصلاة وقد سلم عليه ; وعليك السلام ارجع فصل فإنك لم تصل . وقالت عائشة ; وعليه السلام ورحمة الله ؛ حين أخبرها النبي صلى الله عليه وسلم أن جبريل يقرأ عليها السلام . أخرجه البخاري . وفي حديث عائشة من الفقه أن الرجل إذا أرسل إلى رجل بسلامه فعليه أن يرد . كما يرد عليه إذا شافهه . وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ; إن أبي يقرئك السلام ؛ فقال ; عليك وعلى أبيك السلام . وقد روى النسائي وأبو داود من حديث جابر بن سليم قال ; لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ; عليك السلام يا رسول الله ؛ فقال ; لا تقل عليك السلام فإن عليك السلام تحية الميت ولكن قل السلام عليك . وهذا الحديث لا يثبت ؛ إلا أنه لما جرت عادة العرب بتقديم اسم المدعو عليه في الشر كقولهم ; عليه لعنة الله وغضب الله . قال الله تعالى ; وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين . وكان ذلك أيضا دأب الشعراء وعادتهم في تحية الموتى ؛ كقولهم ;عليك سلام الله قيس بن عاصم ورحمته ما شاء أن يترحماوقال آخر وهو الشماخ ;عليك سلام من أمير وباركت يد الله في ذاك الأديم الممزقنهاه عن ذلك ، لا أن ذاك هو اللفظ المشروع في حق الموتى ؛ لأنه عليه السلام ثبت عنه أنه سلم على الموتى كما سلم على الأحياء فقال ; السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون . فقالت عائشة ; قلت يا رسول الله ، كيف أقول إذا دخلت المقابر ؟ قال ; قولي السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين الحديث ؛ وسيأتي في سورة " ألهاكم " إن شاء الله تعالى .قلت ; وقد يحتمل أن يكون حديث عائشة وغيره في السلام على أهل القبور جميعهم إذا دخلها وأشرف عليها ، وحديث جابر بن سليم خاص بالسلام على المرور المقصود بالزيارة . والله أعلم .[ ص; 260 ] السادسة ; من السنة تسليم الراكب على الماشي ، والقائم على القاعد ، والقليل على الكثير ؛ هكذا جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة . قال ; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ; يسلم الراكب فذكره فبدأ بالراكب لعلو مرتبته ؛ ولأن ذلك أبعد له من الزهو ، وكذلك قيل في الماشي مثله . وقيل ; لما كان القاعد على حال وقار وثبوت وسكون فله مزية بذلك على الماشي ؛ لأن حاله على العكس من ذلك . وأما تسليم القليل على الكثير فمراعاة لشرفية جمع المسلمين وأكثريتهم . وقد زاد البخاري في هذا الحديث ( ويسلم الصغير على الكبير ) . وأما تسليم الكبير على الصغير فروى أشعث عن الحسن أنه كان لا يرى التسليم على الصبيان ؛ قال ; لأن الرد فرض والصبي لا يلزمه الرد فلا ينبغي أن يسلم عليهم . وروي عن ابن سيرين أنه كان يسلم على الصبيان ولكن لا يسمعهم . وقال أكثر العلماء ; التسليم عليهم أفضل من تركه . وقد جاء في الصحيحين عن سيار قال ; كنت أمشي مع ثابت فمر بصبيان فسلم عليهم ، وذكر أنه كان يمشي مع أنس فمر بصبيان فسلم عليهم ، وحدث أنه كان يمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر بصبيان فسلم عليهم . لفظ مسلم . وهذا من خلقه العظيم صلى الله عليه وسلم ، وفيه تدريب للصغير وحض على تعليم السنن ورياضة لهم على آداب الشريعة فيه ؛ فلتقتد .السابعة ; وأما التسليم على النساء فجائز إلا على الشابات منهن خوف الفتنة من مكالمتهن بنزعة شيطان أو خائنة عين . وأما المتجالات والعجز فحسن للأمن فيما ذكرناه ؛ هذا قول عطاء وقتادة ، وإليه ذهب مالك وطائفة من العلماء . ومنعه الكوفيون إذا لم يكن منهن ذوات محرم وقالوا ; لما سقط عن النساء الأذان والإقامة والجهر بالقراءة في الصلاة سقط عنهن رد السلام فلا يسلم عليهن . والصحيح الأول لما خرجه البخاري عن سهل بن سعد قال ; كنا نفرح بيوم الجمعة . قلت ولم ؟ قال ; كانت لنا عجوز ترسل إلي بضاعة - قال ابن مسلمة ; نخل بالمدينة - فتأخذ من أصول السلق فتطرحه في القدر وتكركر حبات من شعير ، فإذا صلينا الجمعة انصرفنا فنسلم عليها فتقدمه إلينا فنفرح من أجله ; وما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة . تكركر أي تطحن ؛ قاله القتبي .الثامنة ; والسنة في السلام والجواب الجهر ؛ ولا تكفي الإشارة بالإصبع والكف عند الشافعي ، وعندنا تكفي إذا كان على بعد ؛ روى ابن وهب عن ابن مسعود قال ; السلام اسم من أسماء الله عز وجل وضعه الله في الأرض فأفشوه بينكم ؛ فإن الرجل إذا سلم على القوم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة لأنه ذكرهم ، فإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم [ ص; 261 ] وأطيب . وروى الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحارث قال ; إذا سلم الرجل على القوم كان له فضل درجة ، فإن لم يردوا عليه ردت عليه الملائكة ولعنتهم . فإذا رد المسلم عليه أسمع جوابه ؛ لأنه إذا لم يسمع المسلم لم يكن جوابا له ؛ ألا ترى أن المسلم إذا سلم بسلام لم يسمعه المسلم عليه لم يكن ذلك منه سلاما ، فكذلك إذا أجاب بجواب لم يسمع منه فليس بجواب . وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ; إذا سلمتم فأسمعوا وإذا رددتم فأسمعوا وإذا قعدتم فاقعدوا بالأمانة ولا يرفعن بعضكم حديث بعض . قال ابن وهب ; وأخبرني أسامة بن زيد عن نافع قال ; كنت أساير رجلا من فقهاء الشام يقال له عبد الله بن زكريا فحبستني دابتي تبول ، ثم أدركته ولم أسلم عليه ؛ فقال ; ألا تسلم ؟ فقلت ; إنما كنت معك آنفا ؛ فقال ; وإن صح ؛ لقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتسايرون فيفرق بينهم الشجر فإذا التقوا سلم بعضهم على بعض .التاسعة ; وأما الكافر فحكم الرد عليه أن يقال له ; وعليكم . قال ابن عباس وغيره ; المراد بالآية ; وإذا حييتم بتحية فإذا كانت من مؤمن فحيوا بأحسن منها وإن كانت من كافر فردوا على ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقال لهم ; ( وعليكم ) . وقال عطاء ; الآية في المؤمنين خاصة ، ومن سلم من غيرهم قيل له ; عليك ؛ كما جاء في الحديث .قلت ; فقد جاء إثبات الواو وإسقاطها في صحيح مسلم ( عليك ) بغير واو وهي الرواية الواضحة المعنى ، وأما مع إثبات الواو ففيها إشكال ؛ لأن الواو العاطفة تقتضي التشريك فيلزم منه أن يدخل معهم فيما دعوا به علينا من الموت أو من سآمة ديننا ؛ فاختلف المتأولون لذلك على أقوال ; أولاها أن يقال ; إن الواو على بابها من العطف ، غير أنا نجاب عليهم ولا يجابون علينا ، كما قال صلى الله عليه وسلم . وقيل ; هي زائدة . وقيل ; للاستئناف . والأولى أولى . ورواية حذف الواو أحسن معنى وإثباتها أصح رواية وأشهر ، وعليها من العلماء الأكثر .العاشرة ; واختلف في رد السلام على أهل الذمة هل هو واجب كالرد على المسلمين ؛ وإليه ذهب ابن عباس والشعبي وقتادة تمسكا بعموم الآية وبالأمر بالرد عليهم في صحيح السنة . وذهب مالك فيما روى عنه أشهب وابن وهب إلى أن ذلك ليس بواجب ؛ فإن رددت فقل ; عليك . واختار ابن طاوس أن يقول في الرد عليهم ; علاك السلام . أي ارتفع عنك . واختار بعض علمائنا السلام ( بكسر السين ) يعني به الحجارة . وقول مالك وغيره في ذلك كاف شاف كما جاء في الحديث ، وسيأتي في سورة " مريم " القول في ابتدائهم بالسلام عند قوله [ ص; 262 ] تعالى إخبارا عن إبراهيم في قوله لأبيه سلام عليك . وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ; لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم . وهذا يقتضي إفشاءه بين المسلمين دون المشركين . والله أعلم .الحادية عشرة ; ولا يسلم على المصلي فإن سلم عليه فهو بالخيار إن شاء رد بالإشارة بإصبعه وإن شاء أمسك حتى يفرغ من الصلاة ثم يرد . ولا ينبغي أن يسلم على من يقضي حاجته فإن فعل لم يلزمه أن يرد عليه . دخل رجل على النبي صلى الله عليه وسلم في مثل هذه الحال فقال له ; إذا وجدتني أو رأيتني على هذه الحال فلا تسلم علي فإنك إن سلمت علي لم أرد عليك . ولا يسلم على من يقرأ القرآن فيقطع عليه قراءته ، وهو بالخيار إن شاء رد وإن شاء أمسك حتى يفرغ ثم يرد ، ولا يسلم على من دخل الحمام وهو كاشف العورة ، أو كان مشغولا بما له دخل بالحمام ، ومن كان بخلاف ذلك سلم عليه .الثانية عشرة ; قوله تعالى ; إن الله كان على كل شيء حسيبا معناه حفيظا . وقيل ; كافيا ؛ من قولهم ; أحسبني كذا أي كفاني ، ومثله حسبك الله . وقال قتادة ; محاسبا كما يقال ; أكيل بمعنى مواكل . وقيل ; هو فعيل من الحساب ، وحسنت هذه الصفة هنا ؛ لأن معنى الآية في أن يزيد الإنسان أو ينقص أو يوفي قدر ما يجيء به . روى النسائي عن عمران بن حصين قال ; كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء رجل فسلم ، فقال ; السلام عليكم فرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ; عشر ، ثم جلس ، ثم جاء آخر فسلم فقال ; السلام عليكم ورحمة الله ؛ فرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ; عشرون ، ثم جلس وجاء آخر فقال ; السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؛ فرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ; ثلاثون . وقد جاء هذا الخبر مفسرا وهو أن من قال لأخيه المسلم ; سلام عليكم كتب له عشر حسنات ، فإن قال ; السلام عليكم ورحمة الله كتب له عشرون حسنة . فإن قال ; السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كتب له ثلاثون حسنة ، وكذلك لمن رد من الأجر . والله أعلم .
القول في تأويل قوله ; وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَاقال أبو جعفر; يعني جل ثناؤه بقوله; " وإذا حييتم بتحية "، إذا دعي لكم بطول الحياة والبقاء والسلامة. (63) =" فحيوا بأحسن منها أو ردُّوها "، يقول; فادعوا لمن دعا لكم بذلك بأحسن مما دعا لكم=" أو ردوها " يقول; أو ردّوا التحية.* * *ثم اختلف أهل التأويل في صفة " التحية " التي هي أحسن مما حُيِّيَ به المُحَّيي، والتي هي مثلها.فقال بعضهم; التي هي أحسن منها; أن يقول المسلَّم عليه إذا قيل; " السلام عليكم "، ; " وعليكم السلام ورحمة الله "، ويزيد على دعاء الداعي له. والرد أن يقول; " السلام عليكم " مثلها. كما قيل له، (64) أو يقول; " وعليكم السلام "، فيدعو للداعي له مثل الذي دعا له. (65)*ذكر من قال ذلك;10033 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي; " وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها "، يقول; إذا سلم عليك أحد فقل أنت; " وعليك السلام ورحمة الله "، أو تقطع إلى " السلام عليك "، كما قال لك.10034 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء قوله; " وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها "، قال; في أهل الإسلام.10035 - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن ابن جريج فيما قرئ عليه، عن عطاء قال; في أهل الإسلام.10036 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن شريح أنه كان يرد; " السلام عليكم "، كما يسلم عليه.10037 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن ابن عون وإسماعيل بن أبي خالد، عن إبراهيم أنه كان يرد; " السلام عليكم ورحمة الله ".10038 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن عطية، عن ابن عمر; أنه كان يرد; " وعليكم ".* * *وقال آخرون; بل معنى ذلك; فحيوا بأحسن منها أهلَ الإسلام، أو ردوها على أهل الكفر.*ذكر من قال ذلك;10039 - حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد قال، حدثنا حميد بن عبد الرحمن، عن الحسن بن صالح، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال; من سلَّم عليك من خلق الله، فاردُدْ عليه وإن كان مجوسيًّا، فإن الله يقول; " وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ".10040 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا سالم بن نوح قال، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة في قوله; " وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها "، للمسلمين=" أو ردوها "، على أهل الكتاب.10041 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة في قوله; " وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها "، للمسلمين=" أو ردوها "، على أهل الكتاب.10042 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله; " وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها "، يقول; حيوا أحسن منها، أي; على المسلمين=" أو ردوها "، أي; على أهل الكتاب.10043 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، ابن زيد في قوله; " وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها "، قال; قال أبي; حق على كل مسلم حيِّي بتحية أن يحيِّي بأحسن منها، وإذا حياه غير أهل الإسلام، أن يرد عليه مثل ما قال.* * *قال أبو جعفر; وأولى التأويلين بتأويل الآية، قولُ من قال; ذلك في أهل الإسلام، ووجّه معناه إلى أنه يرد السلام على المسلم إذا حياه تحية أحسن من تحيته أو مثلها. وذلك أن الصِّحاح من الآثار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه واجب على كل مسلم ردُّ تحية كل كافر بأخَسَّ من تحيته. وقد أمر الله بردِّ الأحسن والمثل في هذه الآية، من غير تمييز منه بين المستوجب ردَّ الأحسن من تحيته عليه، والمردودِ عليه مثلها، بدلالة يعلم بها صحة قولُ من قال; " عنى برد الأحسن; المسلم، وبرد المثل; أهل الكفر ".والصواب= إذْ لم يكن في الآية دلالة على صحة ذلك، ولا صحة أثر لازم عن الرسول صلى الله عليه وسلم (66) = أن يكون الخيار في ذلك إلى المسلَّم عليه; بين رد الأحسن، أو المثل، إلا في الموضع الذي خصَّ شيئًا من ذلك سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيكون مسلَّمًا لها. وقد خَصّت السنة أهل الكفر بالنهي عن رد الأحسن من تحيتهم عليهم أو مثلها، إلا بأن يقال; " وعليكم "، فلا ينبغي لأحد أن يتعدَّى ما حدَّ في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأما أهل الإسلام، فإن لمن سلَّم عليه منهم في الردّ من الخيار، ما جعل الله له من ذلك.وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تأويل ذلك بنحو الذي قلنا، خَبَرٌ. وذلك ما;-10044 - حدثني موسى بن سهل الرملي قال، حدثنا عبد الله بن السري الأنطاكي قال، حدثنا هشام بن لاحق، عن عاصم الأحول، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان الفارسي قال; جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال; السلام عليك يا رسول الله. فقال; وعليك ورحمة الله. ثم جاء آخر فقال; السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله. فقال له رسول الله; وعليك ورحمة الله وبركاته. ثم جاء آخر فقال; السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته. فقال له; وعليك. فقال له الرجل; يا نبي الله، بأبي أنت وأمي، أتاك فلان وفلان فسلَّما عليك، فرددتَ عليهما أكثر مما رددت عليّ! فقال; إنك لم تدع لنا شيئًا، قال الله; " وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها "، فرددناها عليك. (67)* * *فإن قال قائل; أفواجب رد التحية على ما أمر الله به في كتابه؟قيل; نعم، وبه كان يقول جماعة من المتقدمين.*ذكر من قال ذلك;10045 - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد قال، أخبرنا ابن المبارك، عن ابن جريج قال، أخبرني أبو الزبير; أنه سمع جابر بن عبد الله يقول; ما رأيته إلا يوجبه، قوله; " وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ". (68)10046 - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك، عن سفيان، عن رجل، عن الحسن قال; السلام; تطوُّع، والرد فريضة.* * *القول في تأويل قوله ; إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86)قال أبو جعفر; يعني بذلك جل ثناؤه; إن الله كان على كل شيء مما تعملون، أيها الناس، من الأعمال، من طاعة ومعصية، حفيظًا عليكم، حتى يجازيكم بها جزاءه، كما;-10047 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد; " حسيبًا "، قال; حفيظًا.10048 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.* * *وأصل " الحسيب " في هذا الموضع عندي،" فعيل " من " الحساب " الذي هو في معنى الإحصاء، (69) يقال منه; " حاسبت فلانًا على كذا وكذا "، و " فلان حاسِبُه على كذا "، و " هو حسيبه "، وذلك إذا كان صاحبَ حِسابه.* * *وقد زعم بعض أهل البصرة من أهل اللغة; أن معنى " الحسيب " في هذا الموضع، الكافي. يقال منه; " أحسبني الشيء يُحسبني إحسابًا "، بمعنى كفاني، من قولهم; " حسبي كذا وكذا ". (70)وهذا غلط من القول وخطأ. وذلك أنه لا يقال في" أحسبني الشيء "، (71) &; 8-592 &; " أحسبَ على الشيء، فهو حسيب عليه "، (72) وإنما يقال; " هو حَسْبه وحسيبه "= والله يقول; " إن الله كان على كل شيء حسيبًا ".* * *---------------الهوامش ;(63) وذلك لأن معنى"التحية"; البقاء والسلامة من الآفات.(64) في المخطوطة ، مكان قوله; "كما قيل له"="قال قيل له" ، ولا أدري ما هو ، وتصرف الطابع الأول لا بأس به.(65) في المطبوعة; "فيدعو الداعي له" ، والصواب من المخطوطة ، ولكن أوقعه في الخطأ ، أن الناسخ كتب; "فيدعوا" بالألف بعد الواو.(66) في المطبوعة; "ولا بصحته أثر لازم" ، وفي المخطوطة; "ولا بصحة أثر لازم" ، وكلتاهما غير مستقيمة ، فرجحت أن يكون ما أثبت أقرب إلى حق السياق.(67) الحديث; 10044- عبد الله بن السري المدائني الأنطاكي; ضعيف ، وكان رجلا صالحًا ، كما قالوا. وقال أبو نعيم; "يروى المناكير ، لا شيء". وقال ابن حبان في كتاب الضعفاء; "روى عن أبي عمران العجائب التي لا يشك أنها موضوعة". مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 2 / 2 / 78. ولكنه لم ينفرد برواية هذا الحديث عن هشام بن لاحق ، كما سيأتي.هشام بن لاحق ، أبو عثمان المدائني; مختلف فيه ، قال أحمد; "يحدث عن عاصم الأحول ، وكتبنا عنه أحاديث ، لم يكن به بأس ، ورفع عن عاصم أحاديث لم ترفع ، أسندها هو إلى سلمان". وأنكر عليه شبابة حديثًا. وهذا خلاصة ما في ترجمته عند البخاري في الكبير 4 / 2 / 200- 201 ، وابن أبي حاتم 4 / 2 / 69- 70. وفي لسان الميزان أن النسائي قواه ، وأن ابن حبان ذكره في الثقات وفي الضعفاء. وقال ابن عدي; "أحاديثه حسان ، وأرجو أنه لا بأس به". فيبدو من كل هذا أن الكلام فيه ليس مرجعه الشك في صدقه ، بل إلى وهم أو خطأ منه- فالظاهر أنه حسن الحديث.والحديث ذكره ابن كثير 2; 526- 527 ، عن هذا الموضع من الطبري. ثم نقل عن ابن أبي حاتم أنه رواه معلقًا من طريق عبد الله بن السري الأنطاكي ، بهذا الإسناد ، مثله.ثم قال ابن كثير; "ورواه أبو بكر بن مردويه; حدثنا عبد الباقي بن قانع ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن لاحق أبو عثمان -فذكر مثله. ولم أره في المسند".وهو كما قال ابن كثير ، ليس في المسند.ولكن السيوطي ذكره في الدر المنثور 2; 188 ، وأنه رواه أحمد"في الزهد". وزاد نسبته أيضًا لابن المنذر ، والطبراني ، وأنه"بسند حسن".وقد ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 8; 33 ، وقال; "رواه الطبراني. وفيه هشام بن لاحق ، قواه النسائي ، وترك أحمد حديثه ، وبقية رجاله رجال الصحيح".وإطلاقه أن أحمد ترك حديث هشام- ليس بجيد ، فإن النص الثابت عن أحمد عند البخاري وابن أبي حاتم ، لا يدل على ذلك.(68) أي; يوجب رد السلام.(69) انظر تفسير"الحسيب" فيما سلف 7; 596 ، 597. = وتفسير"الحساب" فيما سلف 4; 207 ، 274 ، 275 / 6; 279.(70) هو أبو عبيدة في مجاز القرآن 1; 135 ، وانظر ما سلف 7; 596 ، 597.(71) في المطبوعة والمخطوطة; "أحسبت" ، والصواب"أحسبني" كما دل عليه السياق.(72) في المطبوعة والمخطوطة; "أحسبت على الشيء" ، والصواب ما أثبت.
التحية هي: اللفظ الصادر من أحد المتلاقيين على وجه الإكرام والدعاء، وما يقترن بذلك اللفظ من البشاشة ونحوها. وأعلى أنواع التحية ما ورد به الشرع، من السلام ابتداء وردًّا. فأمر تعالى المؤمنين أنهم إذا حُيّوا بأي تحية كانت، أن يردوها بأحسن منها لفظا وبشاشة، أو مثلها في ذلك. ومفهوم ذلك النهي عن عدم الرد بالكلية أو ردها بدونها. ويؤخذ من الآية الكريمة الحث على ابتداء السلام والتحية من وجهين أحدهما: أن الله أمر بردها بأحسن منها أو مثلها، وذلك يستلزم أن التحية مطلوبة شرعًا. الثاني: ما يستفاد من أفعل التفضيل وهو \"أحسن\" الدال على مشاركة التحية وردها بالحسن، كما هو الأصل في ذلك. ويستثنى من عموم الآية الكريمة من حيَّا بحال غير مأمور بها، كـ \"على مشتغل بقراءة، أو استماع خطبة، أو مصلٍ ونحو ذلك\" فإنه لا يطلب إجابة تحيته، وكذلك يستثنى من ذلك من أمر الشارع بهجره وعدم تحيته، وهو العاصي غير التائب الذي يرتدع بالهجر، فإنه يهجر ولا يُحيّا، ولا تُرد تحيته، وذلك لمعارضة المصلحة الكبرى. ويدخل في رد التحية كل تحية اعتادها الناس وهي غير محظورة شرعًا، فإنه مأمور بردّها وبأحسن منها، ثم أوعد تعالى وتوعد على فعل الحسنات والسيئات بقوله: { إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا } فيحفظ على العباد أعمالهم، حسنها وسيئها، صغيرها وكبيرها، ثم يجازيهم بما اقتضاه فضله وعدله وحكمه المحمود.
(الواو) استئنافية
(إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمن معنى الشرط مبني في محل نصب متعلق بمضمون الجوابـ (حييتم) فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون ... و (تم) ضمير نائب فاعلـ (بتحية) جار ومجرور متعلق بـ (حييتم) ،
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(حيّوا) فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعلـ (بأحسن) جار ومجرور متعلق بـ (حيوا) ، وعلامة الجر الفتحة فهو ممنوع من الصرف للوصفية ووزن أفعلـ (من) حرف جر و (ها) ضمير في محل جر متعلق بأحسن
(أو) حرف عطف
(ردوا) مثل حيوا و (ها) ضمير مفعول به
(إنّ) حرف مشبه بالفعلـ (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوبـ (كان على كل شيء حسيبا) مثل كان على كل شيء مقيتا .
جملة «حيّيتم ... » في محل جر بإضافة
(إذا) إليها.
وجملة «حيّوا ... » لا محل لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «ردّوها» لا محل لها معطوفة على جملة جواب الشرط.
وجملة «إنّ الله كان ... » لا محل لها استئنافية فيها معنى التعليل.وجملة «كان ... حسيبا» في محل رفع خبر إنّ.