وَإِذَا جَآءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِۦ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلٰىٓ أُولِى الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنۢبِطُونَهُۥ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُۥ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطٰنَ إِلَّا قَلِيلًا
وَاِذَا جَآءَهُمۡ اَمۡرٌ مِّنَ الۡاَمۡنِ اَوِ الۡخَـوۡفِ اَذَاعُوۡا بِهٖ ۚ وَلَوۡ رَدُّوۡهُ اِلَى الرَّسُوۡلِ وَاِلٰٓى اُولِى الۡاَمۡرِ مِنۡهُمۡ لَعَلِمَهُ الَّذِيۡنَ يَسۡتَنۡۢبِطُوۡنَهٗ مِنۡهُمۡؕ وَلَوۡلَا فَضۡلُ اللّٰهِ عَلَيۡكُمۡ وَرَحۡمَتُهٗ لَاتَّبَعۡتُمُ الشَّيۡطٰنَ اِلَّا قَلِيۡلًا
تفسير ميسر:
وإذا جاء هؤلاء الذين لم يستقر الإيمان في قلوبهم أمْرٌ يجب كتمانه متعلقًا بالأمن الذي يعود خيره على الإسلام والمسلمين، أو بالخوف الذي يلقي في قلوبهم عدم الاطمئنان، أفشوه وأذاعوا به في الناس، ولو ردَّ هؤلاء ما جاءهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى أهل العلم والفقه لَعَلِمَ حقيقة معناه أهل الاستنباط منهم. ولولا أنْ تَفَضَّلَ الله عليكم ورحمكم لاتبعتم الشيطان ووساوسه إلا قليلا منكم.
وقوله "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به" إنكار على من يبادر إلى الأمور قبل تحققها فيخبر بها ويفشيها وينشرها وقد لا يكون لها صحة. وقد قال مسلم في مقدمة صحيحه; حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا علي بن حفص حدثنا شعبة عن حبيب بن عبدالرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع" وكذا رواه أبو داود في كتاب الأدب من سننه عن محمد بن الحسين بن أشكاب عن علي بن حفص عن شعبة مسندا ورواه مسلم أيضا من حديث معاذ بن هشام العنبري وعبد الرحمن بن مهدي وأخرجه أبو داود أيضا من حديث حفص بن عمرو النمري ثلاثتهم عن شعبة عن حبيب عن حفص بن عاصم به مرسلا وفي الصحيحين عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قيل وقال; أي الذي يكثر من الحديث عما يقول الناس من غير تثبت ولا تدبر ولا تبين وفي سنن أبو داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "بئس مطية الرجل زعموا" وفي الصحيح "من حدث بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين" ولنذكر ههنا حديث عمر بن الخطاب المتفق على صحته حين بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق نساءه فجاء من منزله حتى دخل المسجد فوجد الناس يقولون ذلك فلم يصبر حتى استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فاستفهمه أطلقت نساءك؟ فقال "لا" فقلت الله أكبر وذكر. الحديث بطوله. وعند مسلم فقلت; أطلقتهن فقال " لا" فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي لم يطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه ونزلت هذه الآية "وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم" فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر ومعنى يستنبطونه أي يستخرجونه من معادنه. يقال; استنبط الرجل العين إذا حفرها واستخرجها من قعورها وقوله "لاتبعتم الشيطان إلا قليلا" قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يعني المؤمنين. وقال عبدالرزاق عن معمر عن قتادة "لاتبعتم الشيطان إلا قليلا" يعني كلكم واستشهد من نصر هذا القول بقول الطرماح بن حكيم في مدح يزيد بن المهلب. أشم ندي كثير النوادي قليل المثالب والقادحة يعني لا مثالب له ولا قادحة فيه.
قوله تعالى ; وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا[ ص; 251 ] قوله تعالى ; وإذا جاءهم أمر من الأمن في إذا معنى الشرط ولا يجازى بها وإن زيدت عليها " ما " وهي قليلة الاستعمال . قال سيبويه . والجيد ما قال كعب بن زهير ;وإذا ما تشاء تبعث منها مغرب الشمس ناشطا مذعورايعني أن الجيد لا يجزم بإذا ما كما لم يجزم في هذا البيت ، وقد تقدم في أول " البقرة " .والمعنى أنهم إذا سمعوا شيئا من الأمور فيه أمن نحو ظفر المسلمين وقتل عدوهم أو الخوف وهو ضد هذا أذاعوا به أي أفشوه وأظهروه وتحدثوا به قبل أن يقفوا على حقيقته . فقيل ; كان هذا من ضعفة المسلمين ؛ عنالحسن ؛ لأنهم كانوا يفشون أمر النبي صلى الله عليه وسلم ويظنون أنهم لا شيء عليهم في ذلك . وقال الضحاك وابن زيد ; وهو في المنافقين فنهوا عن ذلك لما يلحقهم من الكذب في الإرجاف .قوله تعالى ; ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم أي لم يحدثوا به ولم يفشوه حتى يكون النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يحدث به ويفشيه . أو أولوا الأمر وهم أهل العلم والفقه ؛ عن الحسن وقتادة وغيرهما . السدي وابن زيد ; الولاة . وقيل ; أمراء السرايا . لعلمه الذين يستنبطونه منهم أي يستخرجونه ، أي لعلموا ما ينبغي أن يفشى منه وما ينبغي أن يكتم . والاستنباط مأخوذ من استنبطت الماء إذا استخرجته . والنبط ; الماء المستنبط أول ما يخرج من ماء البئر أول ما تحفر . وسمي النبط نبطا لأنهم يستخرجون ما في الأرض . والاستنباط في اللغة الاستخراج ، وهو يدل على الاجتهاد إذا عدم النص والإجماع كما تقدم .قوله تعالى ; ولولا فضل الله عليكم ورحمته رفع بالابتداء عند سيبويه ، ولا يجوز أن يظهر الخبر عنده . والكوفيون يقولون ; رفع بلولا . لاتبعتم الشيطان إلا قليلا في هذه الآية ثلاثة أقوال ؛ قال ابن عباس وغيره ; المعنى أذاعوا به إلا قليلا منهم لم يذع ولم يفش . وقاله جماعة من النحويين ; الكسائي والأخفش وأبو عبيد وأبو حاتم والطبري . وقيل ; المعنى لعلمه الذين يستنبطونه منهم إلا قليلا منهم ؛ عن الحسن وغيره ، واختاره الزجاج قال ; لأن هذا الاستنباط الأكثر يعرفه ؛ لأنه استعلام خبر . واختار الأول الفراء قال ; لأن علم السرايا إذا ظهر علمه المستنبط وغيره ، والإذاعة تكون في بعض دون بعض . قال الكلبي عنه ; فلذلك استحسنت [ ص; 252 ] الاستثناء من الإذاعة . قال النحاس ; فهذان قولان على المجاز ، يريد أن في الكلام تقديما وتأخيرا . وقول ثالث بغير مجاز ; يكون المعنى ولولا فضل الله عليكم ورحمته بأن بعث فيكم رسولا أقام فيكم الحجة لكفرتم وأشركتم إلا قليلا منكم فإنه كان يوحد . وفيه قول رابع - قال الضحاك ; المعنى لاتبعتم الشيطان إلا قليلا ، أي إن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم حدثوا أنفسهم بأمر من الشيطان إلا قليلا ، يعني الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى . وعلى هذا القول يكون قوله إلا قليلا مستثنى من قوله لاتبعتم الشيطان . قال المهدوي ; وأنكر هذا القول أكثر العلماء ، إذ لولا فضل الله ورحمته لاتبع الناس كلهم الشيطان .
القول في تأويل قوله ; وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِقال أبو جعفر; يعني جل ثناؤه بقوله; " وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به "، وإذا جاء هذه الطائفة المبيّتة غير الذي يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم=" أمرٌ من الأمن "، فالهاء والميم في قوله; " وإذا جاءهم "، من ذكر الطائفة المبيتة= يقول جل ثناؤه; وإذا جاءهم خبرٌ عن سريةٍ للمسلمين غازية بأنهم قد أمِنوا من عدوهم بغلبتهم إياهم=" أو الخوف "، يقول; أو تخوّفهم من عدوهم بإصابة عدوهم منهم=" أذاعوا به "، يقول; أفشوه وبثّوه في الناس قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقبل مأتَى سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم (17) = و " الهاء " في قوله; " أذاعوا به "، من ذكر " الأمر ". وتأويله أذاعوا بالأمر من الأمن أو الخوف الذي جاءهم.* * *يقال منه; " أذاع فلان بهذا الخبر، وأذاعه "، ومنه قول أبي الأسود;أَذَاعَ بِــهِ فِـي النَّـاسِ حَـتَّى كَأَنَّـهُبِعَلْيَــاءَ نَــارٌ أُوقِــدَتْ بِثَقُــوبِ (18)وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك;9990 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله; " وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به "، يقول; سارعوا به وأفشوه.9991 - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي; " وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به "، يقول; إذا جاءهم أمر أنهم قد أمنوا من عدوهم، أو أنهم خائفون منهم، أذاعوا بالحديث حتى يبلغ عدوَّهم أمرُهم.9992 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله; " وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به "، يقول; أفشوه وسعَوْا به. (19)9993 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج; " وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به "، قال هذا في الأخبار، إذا غزت سريّة من المسلمين تخبَّر الناس بينهم فقالوا (20) " أصاب المسلمون من عدوهم كذا وكذا "،" وأصاب العدو من المسلمين كذا وكذا "، فأفشوه بينهم، من غير أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أخبرهم (21) = قال ابن جريج; قال ابن عباس قوله; " أذاعوا به "، قال; أعلنوه وأفشوه.9994 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله; " أذاعوا به "، قال; نشروه. قال; والذين أذاعوا به، قوم; إمّا منافقون، وإما آخرون ضعفوا. (22)9995 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال; سمعت أبا معاذ يقول; أفشوه وسَعَوْا به، (23) وهم أهل النفاق.* * *القول في تأويل قوله ; وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْقال أبو جعفر; يعني جل ثناؤه بقوله; " ولو ردوه "، الأمر الذي نالهم من عدوهم [والمسلمين]، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى أولي أمرهم (24) = يعني; وإلى أمرائهم = وسكتوا فلم يذيعوا ما جاءهم من الخبر، حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو ذو وأمرهم، هم الذين يتولّون الخبر عن ذلك، (25) بعد أن ثبتت عندهم صحته أو بطوله، (26) فيصححوه إن كان صحيحًا، أو يبطلوه إن كان باطلا =" لعلمه الذين يستنبطونه منهم "، يقول; لعلم حقيقة ذلك الخبر الذي جاءهم به، الذين يبحثون عنه ويستخرجونه =" منهم "، يعني; أولي الأمر =" والهاء "" والميم " في قوله; " منهم "، من ذكر أولي الأمر = يقول; لعلم ذلك من أولي الأمر من يستنبطه.* * *وكل مستخرج شيئًا كان مستترًا عن أبصار العيون أو عن معارف القلوب، فهو له; " مستنبط"، يقال; " استنبطت الركية "، (27) إذا استخرجت ماءها،" ونَبَطتها أنبطها "، و " النَّبَط"، الماء المستنبط من الأرض، ومنه قول الشاعر; (28)قَــرِيبٌ ثَــرَاهُ, مـا يَنَـالُ عَـدُوُّهلَــهُ نَبَطًـا, آبِـي الهَـوَانِ قَطُـوبُ (29)يعني; ب " النبط"، الماء المستنبط.* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك;9996 - حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي; " ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم "، يقول; ولو سكتوا وردوا الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإلى أولي أمرهم حتى يتكلم هو به =" لعلمه الذين يستنبطونه "، يعني; عن الأخبار، وهم الذين يُنَقِّرون عن الأخبار.9997 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة; " ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم "، يقول; إلى علمائهم =(لعلمه الذين يستنبطونه منهم)، لعلمه الذين يفحصون عنه ويهمّهم ذلك. (30)9998 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج; " ولو ردوه إلى الرسول "، حتى يكون هو الذي يخبرهم =" وإلى أولي الأمر منهم "، الفقه في الدين والعقل. (31)9999 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية; " ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم "، العلم (32) =" الذين يستنبطونه منهم "، يتتبعونه ويتحسسونه.10000 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا ابن إدريس قال، أخبرنا ليث، عن مجاهد; " لعلمه الذين يستنبطونه منهم "، قال; الذين يسألون عنه ويتحسسونه.10001 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، &; 8-573 &; عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله; " يستنبطونه "، قال; قولهم; " ما كان "؟" ماذا سمعتم "؟10002 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.10003 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية; " الذين يستنبطونه "، قال; يتحسسونه.10004 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس; " لعلمه الذين يستنبطونه منهم "، يقول; لعلمه الذين يتحسسونه منهم.10005 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله; " يستنبطونه منهم "، قال، يتتبعونه.10006 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله; وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ حتى بلغ " وإلى أولي الأمر منهم "، قال; الولاة الذين يَلُون في الحرب عليهم، (33) الذين يتفكرون فينظرون لما جاءهم من الخبر; أصدق، أم كذب؟ أباطل فيبطلونه، أو حق فيحقونه؟ قال; وهذا في الحرب، وقرأ; أَذَاعُوا بِهِ ، ولو فعلوا غير هذا; وردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم، الآية.* * *القول في تأويل قوله ; وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلا قَلِيلا (83)قال أبو جعفر; يعني بذلك جل ثناؤه; ولولا إنعام الله عليكم، أيها المؤمنون، بفضله وتوفيقه ورحمته، (34) فأنقذكم مما ابتلى به هؤلاء المنافقين = الذين يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمرهم بأمر; طَاعَةٌ ، فإذا برزوا من عنده بيت طائفة منهم غير الذي يقول = لكنتم مثلهم، فاتبعتم الشيطان إلا قليلا كما اتبعه هؤلاء الذين وصف صفتهم.* * *وخاطب بقوله تعالى ذكره; " ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان "، الذين خاطبهم بقوله جل ثناؤه; يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا [سورة النساء; 71].* * *ثم اختلف أهل التأويل في" القليل "، الذين استثناهم في هذه الآية; من هم؟ ومن أيّ شيء من الصفات استثناهم؟فقال بعضهم; هم المستنبطون من أولي الأمر، استثناهم من قوله; لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ، ونفى عنهم أن يعلموا بالاستنباط ما يعلم به غيرهم من المستنبطين من الخبر الوارد عليهم من الأمن أو الخوف. (35)*ذكر من قال ذلك;10007 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، &; 8-575 &; عن قتادة قال; إنما هو; لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ = إلا قليلا منهم =" ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان ".10008 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله; " ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا "، يقول; لاتبعتم الشيطان كلّكم = وأما قوله; " إلا قليلا "، فهو كقوله; لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ، إلا قليلا.10009 - حدثني المثنى قال، حدثنا سويد بن نصر قال، أخبرنا ابن المبارك قراءة، عن سعيد، عن قتادة; " ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا "، قال يقول; لاتبعتم الشيطان كلكم. وأما " إلا قليلا "، فهو كقوله; لعلمه الذين يستنبطونه منهم إلا قليلا.10010 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج نحوه = يعني نحو قول قتادة = وقال; لعلموه إلا قليلا.وقال آخرون; بل هم الطائفة الذين وصفهم الله أنهم يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم; طَاعَةٌ ، فإذا برزوا من عنده بيتوا غير الذي قالوا. ومعنى الكلام; وإذا جاءهم أمرٌ من الأمن أو الخوف أذاعوا به = إلا قليلا منهم.*ذكر من قال ذلك;10011 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله; " ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا "، فهو في أول الآية لخبر المنافقين، قال; وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ، يعني بـ " القليل "، المؤمنين، كقوله تعالى; الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْـزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا * قَيِّمًا [سورة الكهف; 1 - 2] يقول الحمد لله الذي أنـزل الكتاب عدلا قيّما، ولم يجعل له عوجًا. (36)10012 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد; هذه الآية مقدَّمة ومؤخرة، إنما هي; أذاعوا به إلا قليلا منهم، ولولا فضل الله عليكم ورحمته لم ينج قليل ولا كثير.* * *وقال آخرون; بل ذلك استثناء من قوله; " لاتبعتم الشيطان ". وقالوا; الذين استثنوا هم قوم لم يكونوا همّوا بما كان الآخرون همّوا به من اتباع الشيطان. فعرَّف الله الذين أنقذهم من ذلك موقع نعمته منهم، واستثنى الآخرين الذين لم يكن منهم في ذلك ما كان من الآخرين.*ذكر من قال ذلك;10013 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، أخبرنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك بن مزاحم يقول; في قوله; " ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا "، قال; هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، كانوا حدّثوا أنفسهم بأمور من أمور الشيطان، إلا طائفة منهم.* * *وقال آخرون معنى ذلك; ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان جميعًا. &; 8-577 &; قالوا; وقوله; " إلا قليلا "، خرج مخرج الاستثناء في اللفظ، وهو دليل على الجميع والإحاطة، وأنه لولا فضل الله عليهم ورحمته لم ينج أحدٌ من الضلالة، فجعل قوله; " إلا قليلا "، دليلا على الإحاطة، (37) واستشهدوا على ذلك بقول الطرِمّاح بن حكيم، في مدح يزيد بن المهلب;أَشَـــمُّ كَثِــيرُ يُــدِيِّ النَّــوَالِ,قَلِيـــلُ المَثَـــالِبِ وَالقَادِحَـــةْ (38)قالوا; فظاهر هذا القول وصف الممدوح بأن فيه المثالب والمعايب، ومعلوم أن معناه أنه لا مثالب فيه ولا معايب. لأن من وصف رجلا بأنّ فيه معايب، وإن وصف الذي فيه من المعايب بالقلة، فإنما ذمَّه ولم يمدحه. ولكن ذلك على ما وصفنا من نفي جميع المعايب عنه. قالوا; فكذلك قوله; " لاتبعتم الشيطان إلا قليلا "، إنما معناه; لاتبعتم جميعكم الشيطان.* * *قال أبو جعفر; وأولى هذه الأقوال بالصواب في ذلك عندي، قولُ من قال; عنى باستثناء " القليل " من " الإذاعة "، وقال; معنى الكلام; وإذا جاءهم أمرٌ من الأمن أو الخوف أذاعوا به إلا قليلا ولو ردوه إلى الرسول.* * *وإنما قلنا إن ذلك أولى بالصواب، لأنه لا يخلو القولُ في ذلك من أحد الأقوال التي ذكرنا، وغير جائز أن يكون من قوله; " لاتبعتم الشيطان "، لأن من تفضل الله عليه بفضله ورحمته، فغير جائز أن يكون من تُبَّاع الشيطان.* * *وغير جائز أن نحمل معاني كتاب الله على غير الأغلب المفهوم بالظاهر من الخطاب في كلام العرب، ولنا إلى حمل ذلك على الأغلب من كلام العرب، سبيل، فنوجِّهه إلى المعنى الذي وجهه إليه القائلون (39) " معنى ذلك; لاتبعتم الشيطان جميعًا "، ثم زعم أن قوله; " إلا قليلا "، دليل على الإحاطة بالجميع. هذا مع خروجه من تأويل أهل التأويل. (40)* * *وكذلك لا وجه لتوجيه ذلك إلى الاستثناء من قوله; لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ، لأن علم ذلك إذا رُدَّ إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم، فبيَّنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولو الأمر منهم بعد وضوحه لهم، استوى في علم ذلك كلّ مستنبطٍ حقيقتَه، (41) فلا وجه لاستثناء بعض المستنبطين منهم، وخصوص بعضهم بعلمه، مع استواء جميعهم في علمه.وإذْ كان لا قول في ذلك إلا ما قلنا، ودخَل هذه الأقوال الثلاثة ما بيّنا من الخلل، (42) فبيِّنٌ أن الصحيح من القول في ذلك هو الرابع، وهو القول الذي قضينا له بالصواب من الاستثناء من " الإذاعة ". (43)----------------الهوامش ;(17) في المطبوعة; "وقبل أمراء سرايا رسول الله" وفي المخطوطة; "وقبل أمانا" وجر مع الميم شبه الراء ، فاختلطت الكلمة ، ورجحت صواب قراءتها ما أثبت.(18) ديوانه (في نفائس المخطوطات; 2); 44 ، والأغاني 12; 305 ، مجاز القرآن لأبي عبيدة 1; 133 ، اللسان (ذيع) ، من أبيات قالها أبو الأسود الدؤلي لما خطب امرأة من عبد القيس يقال لها أسماء بنت زياد ، فأسر أمرها إلى صديق له ، فحدث الصديق ابن عم لها كان يخطبها ، فمشى ابن عمها إلى أهلها وسألهم أن يمنعوها من نكاحه ، ففعلوا ، وضاروها حتى تزوجت ابن عمها ، فقال أبو الأسود;أَمِنْـتُ امْـرءَا فِي السَّرِّ لَمْ يَكُ حَازِمًاولكِنَّـهُ فِـي النُّصْـحِ غَـيْرُ مُـرِيبِأَذَاعَ بِـهِ فِـي النَّـاسِ، حَـتَّى كأنَّـهُبِعَلْيَــاءَ نَــارٌ أُوقِــدَتْ بِثُقـوبِوَكُـنْتَ مَتَـى لَـمْ تَـرْعَ سِرَّكَ تَلْتَبِسْقَوَارِعُــهُ مِـنْ مُخْـطِئٍ وَمُصِيـبِفَمَـا كُـلُّ ذِي نُصْـحٍ بِمُؤْتِيكَ نُصْـحَهُوَمَــا كُـلُّ مُـؤْتٍ نُصْحَـهُ بِلَبِيـبِوَلكِـنْ إِذَا مَـا اسْـتُجْمِعَا عِنْـدَ وَاحِدٍ،فَحُـقَّ لــهُ مِـنْ طَاعَـةٍ بِنَصِيـبِوهي أبيات حسان كما ترى ، و"الثقوب"; ما أثقبت به النار ، أي أوقدتها.(19) في المطبوعة; "وشنعوا به" ، والصواب من المخطوطة."سعى بفلان إلى الوالي" ، وشى به إليه ، وهذا من مجازه; أي; مشى بالخبر حتى يبلغ العدو ، فكأنه وشى بالسرايا إلى عدوهم. وانظر التعليق التالي رقم; 4.(20) في المطبوعة; إذا غزت سرية من المسلمين خبر الناس عنها" غير ما في المخطوطة إذ لم يفهمه! وقوله; "تخبر الناس بينهم" ، أي تساءلوا عن أخبارهم بينهم; يقال; "تخبر الخبر واستخبر" ، إذا سأل عن الأخبار ليعرفها.(21) في المطبوعة; "هو الذي يخبرهم به" ، لا أدري لم غير ما في المخطوطة.(22) في المطبوعة; "وإما آخرون ضعفاء" وأثبت ما في المخطوطة.(23) في المطبوعة; "وشنعوا به" كما سلف في ص569 تعليق; 1.(24) قوله; "والمسلمين" هكذا في المخطوطة والمطبوعة ، ولم أدر ما هو ، فتركته على حاله ، ووضعته بين القوسين ، وأخشى أن يكون سقط من الكلام شيء. وبحذف ما بين القوسين يستقيم الكلام على وجهه.(25) في المطبوعة والمخطوطة; "هم الذين يقولون الخبر عن ذلك" وهو كلام مريض ، صوابه ما أثبت ، وهو تصحيف ناسخ.(26) في المطبوعة; "ثبتت عندهم" أساء قراءة المخطوطة ، لأنها غير منقوطة. و"البطول" مصدر"بطل الشيء" ومثله"البطلان".(27) "الركية"; البئر تحفر.(28) هو كعب بن سعد الغنوي ، أو; غريقة بن مسافع العبسي ، وانظر تفصيل ذلك في التعليق على الأصمعيات ، وتخريج الشعر هناك.(29) الأصمعيات; 103 ، وتخريجه هناك. وقوله; "قريب الثرى" ، يريدون كرمه وخيره. و"الثرى"; التراب الندي ، كأنه خصيب الجناب. وقوله; "ما ينال عدوه له نبطًا" ، أي لا يرد ماءه عدو ، من عزه ومنعته ، / إذا حمى أرضًا رهب عدوه بأسه."آبى الهوان" لا يقيم على ذل. و"قطوب"; عبوس عند الشر(30) في المخطوطة; "يفصحون عنه" ، وهو تصحيف ، قدم وأخر.(31) في المطبوعة; "أولى الفقه" زاد"أولى" ، والذي في المخطوطة صواب أيضًا ، على طريقة قدماء المفسرين في الاختصار ، كما سلف آلافًا من المرات.(32) في المطبوعة; "لعلمه" مكان"العلم" ، والذي في المخطوطة صواب ، كما سلف في التعليق السابق ، وهو طريقتهم في الاختصار ، ويعني"أولي العلم".(33) في المطبوعة; "الذين يكونون في الحرب عليهم" ، لم يحسن قراءة المخطوطة ، فغير وبدل.(34) انظر تفسير"الفضل" فيما سلف; 535 ، تعليق; 4 ، والمراجع هناك.(35) انظر معاني القرآن للفراء 1; 279 ، ويعني أن الاستثناء من"الاستنباط" لا من"الإذاعة".(36) الأثر; 10011- نص هذا الأثر في المطبوعة; "ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان- فانقطع الكلام ، وقوله; "إلا قليلا" ، فهو في أول الآية يخبر عن المنافقين ، قال; وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به- إلا قليلا. يعني بالقليل المؤمنين كقول الحمد لله..." إلى آخر الأثر. وهو منقول من الدر المنثور 2; 187. أما في المخطوطة ، فهو كمثل الذي أثبته ، إلا أنه قال في آخره; "يقول الحمد لله الذي أنزل الكتاب عدلا قيما..." إلى آخر الكلام.وقد رجحت أن الذي في المخطوطة من صدر الكلام هو الصواب ، وأن آخر الخبر قد سقط منه ذكر نص الآية من سورة الكهف ، فأثبتها بين الكلامين.وقوله; "فهو في أول الآية لخبر المنافقين" ، يعني أنه مردود إلى أول الآية في خبرهم. ثم عقب على ذلك بذكر آية سورة الكهف ، وبين ما فيها من التقديم والتأخير. وكأن الذي رجحت هو الصواب.(37) انظر ما قاله في معنى"القليل" فيما سلف 2; 331 / 8; 439 ، وما كتبته في الجزء الأول; 554 ، تعليق; 1.(38) ديوانه; 139."الأشم"; السيد ذو الأنفة والكبرياء ، من"الشمم" وهو ارتفاع في قصبة الأنف ، مع استواء أعلاه ، وإشراف الأرنبة قليلا. وهو من صفات الكرم والعتق. وقوله"يدي" (بضم الياء وكسر الدال ، والياء المشددة) أو (بفتح الياء وكسر الدال وتشديد الياء) ، جمع"يد" الأول جمعها على وزن"فعول" ، مثل فلس وفلوس ، والثاني جمعها على وزن"فعيل" مثل عبد وعبيد. كأنه قال; كثير أيدي النوال. وفي ديوانه; "يدي" بفتح الياء والدال وهو خطأ. وفي المخطوطة; "برى النوادي" ، وهو خطأ لا معنى له. و"المثالب" جمع"مثلبة" ، وهي العيوب الجارحة. و"القادحة" يعني بها; العيوب التي تقدح في أصله وخلائقه ، سماها بالقادحة ، وهي الدودة التي تأكل الأسنان ، أو الأشجار ، ووضعها اسما للجمع.(39) في المطبوعة; "فتوجيهه إلى المعنى" ، كأنه ابتداء كلام ، وهو فساد في القول ، والصواب ما في المخطوطة. ومن أجل هذا الخطأ في قراءة المخطوطة ، زاد الناشر; "لا وجه له" كما سترى في التعليق التالي. وهو عمل غير حسن.(40) في المطبوعة; "... من تأويل أهل التأويل ، لا وجه له" ، فحذفت هذه الكلمة التي زادها الناشر ، ليستقيم له قراءة الكلام. وانظر التعليق السالف.(41) في المطبوعة والمخطوطة; "كل مستنبط حقيقة" ، والسياق يقتضي ما أثبت.(42) في المطبوعة والمخطوطة; "فدخل" ، ولا معنى للفاء هنا ، والصواب ما أثبته.(43) انظر معاني القرآن للفراء 1; 279 ، 280.
هذا تأديب من الله لعباده عن فعلهم هذا غير اللائق. وأنه ينبغي لهم إذا جاءهم أمر من الأمور المهمة والمصالح العامة ما يتعلق بالأمن وسرور المؤمنين، أو بالخوف الذي فيه مصيبة عليهم أن يتثبتوا ولا يستعجلوا بإشاعة ذلك الخبر، بل يردونه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم، أهلِ الرأي: والعلم والنصح والعقل والرزانة، الذين يعرفون الأمور ويعرفون المصالح وضدها. فإن رأوا في إذاعته مصلحة ونشاطا للمؤمنين وسرورا لهم وتحرزا من أعدائهم فعلوا ذلك. وإن رأوا أنه ليس فيه مصلحة أو فيه مصلحة ولكن مضرته تزيد على مصلحته، لم يذيعوه، ولهذا قال: { لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ } أي: يستخرجونه بفكرهم وآرائهم السديدة وعلومهم الرشيدة. وفي هذا دليل لقاعدة أدبية وهي أنه إذا حصل بحث في أمر من الأمور ينبغي أن يولَّى مَنْ هو أهل لذلك ويجعل إلى أهله، ولا يتقدم بين أيديهم، فإنه أقرب إلى الصواب وأحرى للسلامة من الخطأ. وفيه النهي عن العجلة والتسرع لنشر الأمور من حين سماعها، والأمر بالتأمل قبل الكلام والنظر فيه، هل هو مصلحة، فيُقْدِم عليه الإنسان؟ أم لا،فيحجم عنه؟ ثم قال تعالى: { وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ } أي: في توفيقكم وتأديبكم، وتعليمكم ما لم تكونوا تعلمون، { لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا } لأن الإنسان بطبعه ظالم جاهل، فلا تأمره نفسه إلا بالشر. فإذا لجأ إلى ربه واعتصم به واجتهد في ذلك، لطف به ربه ووفقه لكل خير، وعصمه من الشيطان الرجيم.
(الواو) عاطفة
(إذا) ظرف للمستقبل متضمن معنى الشرط مبني في محل نصب متعلق بالجواب أذاعوا
(جاء) فعل ماض و (هم) ضمير مفعول به
(أمر) فاعل مرفوع
(من الأمن) جار ومجرور متعلق بنعت لأمر
(أو) عاطف
(الخوف) معطوف على الأمن مجرور مثله
(أذاعوا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعلـ (الباء) حرف جر و (الهاء) ضمير في محل جر متعلق بـ (أذاعوا) ،
(الواو) عاطفة
(لو) حرف شرط غير جازم
(ردّوا) مثل أذاعوا و (الهاء) ضمير مفعول به
(إلى الرسول) جار ومجرور متعلق بـ (ردّوه) ،
(الواو) عاطفة
(إلى أولي) جار ومجرور متعلق بـ (ردّوه) ، وعلامة الجر الياء فهو ملحق بجمع المذكّر السالم
(الأمر) مضاف إليه مجرور
(من) حرف جر و (هم) ضمير في محل جر متعلق بحال من أولي الأمر
(اللام) واقعة في جواب لو (علم) فعل ماض و (الهاء) ضمير مفعول به
(الذين) اسم موصول مبني في محل رفع فاعلـ (يستنبطونه) مضارع مرفوع ... والواو فاعل ...
و (الهاء) مفعول به
(منهم) مثل الأول متعلق بـ (علمه) ،
(الواو)استئنافية
(لولا) حرف امتناع لوجود- شرط غير جازم-
(فضل) مبتدأ مرفوع، والخبر محذوف وجوبا تقديره موجود
(الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور
(عليكم) مثل منهم متعلق بحال من فضل الله ،
(الواو) عاطفة
(رحمة) معطوف على فضل مرفوع مثله و (الهاء) ضمير مضاف إليه
(اللام) واقعة في جواب لولا
(اتبعتم) فعل ماض مبني على السكون و (تم) ضمير فاعلـ (الشيطان) مفعول به منصوبـ (إلّا) أداة استثناء
(قليلا) مستثنى منصوب .
جملة «جاءهم أمر ... » في محل جر بإضافة
(إذا) إليها.
وجملة «أذاعوا به ... » لا محل لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «ردّوه ... » لا محل لها معطوفة على جملة الشرط وفعله، وجوابه المعطوف على استئناف متقدم في الآية السابقة.
وجملة «علمه الذين ... » لا محل لها جواب الشرط لو.
وجملة «يستنبطونه ... » لا محل لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة «فضل الله
(موجود) ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «اتّبعتم ... » لا محل لها جواب شرط غير جازم
(لولا) .