إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا
اِنَّ الَّذِيۡنَ كَفَرُوۡا وَظَلَمُوۡا لَمۡ يَكُنِ اللّٰهُ لِيَـغۡفِرَ لَهُمۡ وَلَا لِيَـهۡدِيَهُمۡ طَرِيۡقًا
تفسير ميسر:
إن الذين كفروا بالله وبرسوله، وظلموا باستمرارهم على الكفر، لم يكن الله ليغفر ذنوبهم، ولا ليدلهم على طريق ينجيهم.
"ولا يهديهم طريقا" أي سبيلا إلى الخير.
قوله تعالى ; إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقاقوله تعالى ; إن الذين كفروا وظلموا يعني اليهود ؛ أي ظلموا محمدا بكتمان نعته ، وأنفسهم إذ كفروا ، والناس إذ كتموهم . لم يكن الله ليغفر لهم هذا فيمن يموت على كفره ولم يتب .
القول في تأويل قوله ; إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (169)قال أبو جعفر; يعني بذلك جل ثناؤه; إن الذين جحدوا رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، فكفروا بالله بجحود ذلك، وظلموا بمُقامهم على الكفر على علم منهم، بظلمهم عبادَ الله، وحسدًا للعرب، وبغيًا على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم=" لم يكن الله ليغفر لهم "، يعني; لم يكن الله ليعفو عن ذنوبهم بتركه عقوبتهم عليها، ولكنه يفضحهم بها بعقوبته إياهم عليها (23) =" ولا ليهديهم طريقًا "، يقول; ولم يكن الله تعالى ذكره ليهدي هؤلاء الذين كفروا وظلموا، الذين وصفنا صفتهم، فيوفقهم لطريق من الطرق التي ينالون بها ثوابَ الله، ويصلون بلزومهم إياه إلى الجنة، ولكنه يخذلهم عن ذلك، حتى يسلكوا طريق جهنم. وإنما كنى بذكر " الطريق " عن الدين. وإنما معنى الكلام; لم يكن الله ليوفقهم للإسلام، ولكنه يخذلهم عنه إلى " طريق جهنم "، وهو الكفر، يعني; حتى يكفروا بالله ورسله، فيدخلوا جهنم=" خالدين فيها أبدًا "، يقول; مقيمين فيها أبدًا=" وكان ذلك على الله يسيرًا "، يقول; وكان تخليدُ هؤلاء الذين وصفت لكم صفتهم في جهنم، على الله يسيرًا، لأنه لا يقدر من أراد ذلك به على الامتناع منه، ولا له أحد يمنعه منه، ولا يستصعب عليه ما أراد فعله به من ذلك، وكان ذلك على الله يسيرًا، لأن الخلق خلقُه، والأمرَ أمرُه.___________________الهوامش ;(23) في المطبوعة; "إياهم عليهم" ، والصواب من المخطوطة.
{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا } وهذا الظلم هو زيادة على كفرهم، وإلا فالكفر عند إطلاق الظلم يدخل فيه. والمراد بالظلم هنا أعمال الكفر والاستغراق فيه، فهؤلاء بعيدون من المغفرة والهداية للصراط المستقيم. ولهذا قال: { لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا * إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ } وإنما تعذرت المغفرة لهم والهداية لأنهم استمروا في طغيانهم، وازدادوا في كفرانهم فطبع على قلوبهم وانسدت عليهم طرق الهداية بما كسبوا، { وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ } { وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا } أي: لا يبالي الله بهم ولا يعبأ، لأنهم لا يصلحون للخير، ولا يليق بهم إلا الحالة التي اختاروها لأنفسهم.
(إنّ الذين كفروا وظلموا) مثل نظيرتها المتقدّمة ،
(لم) حرف نفي وجزم
(يكن) مضارع ناقص مجزوم وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين
(الله) لفظ الجلالة اسم يكن مرفوع
(اللام) لام الجحود
(يغفر) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام الجحود
(اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (يغفر) .
والمصدر المؤوّلـ (أن يغفر) في محلّ جرّ متعلّق بخبر يكن.
(الواو) عاطفة
(لا) نافية مؤكّدة للنفي(ليهدي) مثل ليغفر و (هم) ضمير مفعول به
(طريقا) مفعول به منصوب.والمصدر المؤوّلـ (أن يهدي) في محلّ جرّ باللام متعلّق بما تعلّق به المصدر المؤوّل الأول فهو معطوف عليه.
جملة «إنّ الذين كفروا ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «كفروا» : لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة «ظلموا» : لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة «لم يكن الله ... » : في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة «يغفر لهم» : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) .
وجملة «يهديهم ... » : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) الثاني.
(169)
(إلّا) أداة استثناء
(طريق) مستثنى بإلّا منصوب على الاستثناء المتّصلـ (جهنّم) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة لامتناعه من الصرف
(خالدين) حال مقدّرة من مفعول يهديهم منصوبة وعلامة النصب الياء
(في) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (خالدين) ،
(أبدا) ظرف زمان منصوب متعلّق بخالدين
(الواو) استئنافيّة
(كان) فعل ماض ناقص
(ذلك) اسم إشارة مبني في محلّ رفع اسم كان.. و (اللام) للبعد والكاف للخطابـ (على الله) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يسيرا) وهو خبر كان منصوب.
وجملة «كان ذلك ... يسيرا» : لا محلّ لها استئنافيّة.