الرسم العثمانيالَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكٰفِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ۚ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا
الـرسـم الإمـلائـيالَّذِيۡنَ يَتَّخِذُوۡنَ الۡـكٰفِرِيۡنَ اَوۡلِيَآءَ مِنۡ دُوۡنِ الۡمُؤۡمِنِيۡنَ ؕ اَيَبۡتَغُوۡنَ عِنۡدَهُمُ الۡعِزَّةَ فَاِنَّ الۡعِزَّةَ لِلّٰهِ جَمِيۡعًا
تفسير ميسر:
الذين يوالون الكافرين، ويتخذونهم أعوانًا لهم، ويتركون ولاية المؤمنين، ولا يرغبون في مودتهم. أيطلبون بذلك النصرة والمنعة عند الكافرين؟ إنهم لا يملكون ذلك، فالنصرة والعزة والقوة جميعها لله تعالى وحده.
فقال الله تعالى منكرا عليهم فيما سلكوه من موالاة الكافرين "أيبتغون عندهم العزة" ثم أخبر الله تعالى بأن العزة كلها لله وحده لا شريك له ولمن جعلها له كما قال تعالى في الآية الأخرى "من كان يريد العزة فلله العزة" جميعا وقال تعالى "ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون" والمقصود من هذا التهييج على طلب العزة من جناب الله والإقبال على عبوديته والانتظام في جملة عباده المؤمنين الذين لهم النصرة في هذه الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ويناسب هنا أن نذكر الحديث الذي رواه الإمام أحمد; حدثنا حسين بن محمد حدثنا أبو بكر بن عياش عن حميد الكندي عن عبادة بن نسي عن أبي ريحانه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من انتسب إلى تسعة آباء كفار يريد بهم عزا وفخرا فهو عاشرهم في النار " تفرد به أحمد وأبو ريحانة هذا هو أزدي ويقال أنصاري واسمه شمعون بالمعجمة فيما قاله البخاري وقال غيره بالمهملة والله أعلم.
قوله تعالى ; الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعاقوله تعالى ; الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين الذين نعت للمنافقين . وفي هذا دليل على أن من عمل معصية من الموحدين ليس بمنافق ؛ لأنه لا يتولى الكفار . وتضمنت المنع من موالاة الكافر ، وأن يتخذوا أعوانا على الأعمال المتعلقة بالدين . وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها أن رجلا من المشركين لحق بالنبي صلى الله عليه وسلم يقاتل معه ، فقال له ; ارجع فإنا لا نستعين بمشرك . العزة أي ; الغلبة ، عزه يعزه عزا إذا غلبه . فإن العزة لله جميعا أي الغلبة والقوة لله . قال ابن عباس ; " يبتغون عندهم " يريد بني قينقاع ، فإن ابن أبي كان يواليهم .
القول في تأويل قوله ; الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139)قال أبو جعفر; أما قوله جل ثناؤه; " الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين "، فمن صفة المنافقين. يقول الله لنبيه; يا محمد، بشر المنافقين الذين يتخذون أهل الكفر بي والإلحاد في ديني" أولياء "= يعني; أنصارًا وأخِلاء (46) =" من دون المؤمنين "، يعني; من غير المؤمنين (47) =" أيبتغون عندهم العزة "، يقول; أيطلبون عندهم المنعة والقوة، (48) باتخاذهم إياهم أولياء من دون أهل الإيمان بي؟=" فإن العزة لله جميعًا "، يقول; فإن الذين اتخذوهم من الكافرين أولياء ابتغاءَ العزة عندهم، هم الأذلاء الأقِلاء، فهلا اتخذوا الأولياء من المؤمنين، فيلتمسوا العزَّة والمنعة والنصرة من عند الله الذي له العزة والمنعة، الذي يُعِزّ من يشاء ويذل من يشاء، فيعزُّهم ويمنعهم؟* * *وأصل " العزة "، الشدة. ومنه قيل للأرض الصلبة الشديدة،" عَزَاز ". وقيل; " قد استُعِزَّ على المريض "، (49) إذا اشتدَّ مرضه وكاد يُشفى. ويقال; " تعزز اللحمُ"، إذا اشتد. ومنه قيل; " عزّ عليّ أن يكون كذا وكذا "، بمعنى; اشتد عليَّ. (50)-------------------الهوامش ;(46) انظر تفسير"الولي" فيما سلف ص; 247 ، تعليق; 5 ، والمراجع هناك.(47) انظر تفسير"من دون" فيما سلف ص; 247 ، تعليق; 3 ، والمراجع هناك.(48) انظر تفسير"الابتغاء" فيما سلف ص; 202 ، تعليق; 1 ، والمراجع هناك.(49) "استعز" بالبناء للمجهول ، وفي الحديث; "أنه استعز برسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه" ، أي; اشتد به المرض وغلبه وأشرف على الموت.وقوله; "وكاد يشفى" ، أي; يشرف على الهلاك ، أشفى يشفى إشفاء.(50) انظر تفسير"العزة" و"عزيز" فيما سلف 3 ; 88 / 4 ; 244 / 6 ; 168 ، 271 ، 476. هذا ، ولم يفسر أبو جعفر معنى"العزة" تفسيرًا مطولا إلا في هذا الموضع ، وهذا دليل آخر على طريقته في اختصار تفسيره هذا.
تفسير الايتين 138 و139 :ـ البشارة تستعمل في الخير، وتستعمل في الشر بقيد كما في هذه الآية. يقول تعالى: { بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ ْ} أي: الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر، بأقبح بشارة وأسوئها، وهو العذاب الأليم، وذلك بسبب محبتهم الكفار وموالاتهم ونصرتهم، وتركهم لموالاة المؤمنين، فأي شيء حملهم على ذلك؟ أيبتغون عندهم العزة؟ وهذا هو الواقع من أحوال المنافقين، ساء ظنهم بالله وضعف يقينهم بنصر الله لعباده المؤمنين، ولحظوا بعض الأسباب التي عند الكافرين، وقصر نظرهم عمّا وراء ذلك، فاتخذوا الكافرين أولياء يتعززون بهم ويستنصرون. والحال أن العزة لله جميعا، فإن نواصي العباد بيده، ومشيئته نافذة فيهم. وقد تكفل بنصر دينه وعباده المؤمنين، ولو تخلل ذلك بعض الامتحان لعباده المؤمنين، وإدالة العدو عليهم إدالة غير مستمرة، فإن العاقبة والاستقرار للمؤمنين، وفي هذه الآية الترهيب العظيم من موالاة الكافرين؛ وترك موالاة المؤمنين، وأن ذلك من صفات المنافقين، وأن الإيمان يقتضي محبة المؤمنين وموالاتهم، وبغض الكافرين وعداوتهم.
(الذين) اسم موصول مبني في محل نصب نعت للمنافقين في الآية السابقة ،
(يتخذون) مضارع مرفوع ... والواو فاعلـ (الكافرين) مفعول به أول منصوب وعلامة النصب الياء
(أولياء) مفعول به ثان منصوب وهو ممنوع من التنوين وزنه أفعلاء
(من دون) جار ومجرور متعلق بأولياء ،
(المؤمنين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجر الياء
(الهمزة) للاستفهام الإنكاري
(يبتغون) مضارع مرفوع ... والواو فاعلـ (عند) ظرف مكان منصوب متعلق بـ (يبتغون) ، و (هم) ضمير مضاف إليه
(العزّة) مفعول به منصوبـ (الفاء) تعليلية، أفادت التعليل عن جواب الاستفهام ،
(إنّ العزة لله) حرف مشبه بالفعل واسمه المنصوب وخبره
(جميعا) حال منصوبة مؤكدة لمضمون الجملة.
جملة «يتخذون ... » لا محل لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة «يبتغون ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «إنّ العزة لله ... » لا محل لها استئنافية تعليلية.
- القرآن الكريم - النساء٤ :١٣٩
An-Nisa'4:139