إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِـَٔاخَرِينَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلٰى ذٰلِكَ قَدِيرًا
اِنۡ يَّشَاۡ يُذۡهِبۡكُمۡ اَيُّهَا النَّاسُ وَيَاۡتِ بِاٰخَرِيۡنَؕ وَكَانَ اللّٰهُ عَلٰى ذٰلِكَ قَدِيۡرًا
تفسير ميسر:
إن يشأ الله يُهلكُّم أيها الناس، ويأت بقوم آخرين غيركم. وكان الله على ذلك قديرًا.
وقوله "إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرا" أي هو قادر على إذهابكم وتبديلكم بغيركم إذا عصيتموه كما قال "وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم" ثم لا يكونوا أمثالكم قال بعض السلف; ما أهون العباد على الله إذا أضاعوا أمره وقال تعالى "إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز أي وما هو عليه بممتنع.
قوله تعالى ; إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديراقوله تعالى ; إن يشأ يذهبكم يعني ; بالموت أيها الناس يريد المشركين والمنافقين ويأت بآخرين يعني بغيركم . ولما نزلت هذه الآية ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم على [ ص; 350 ] ظهر سلمان وقال ; هم قوم هذا . وقيل ; الآية عامة ، أي وإن تكفروا يذهبكم ويأت بخلق أطوع لله منكم . وهذا كما قال في آية أخرى ; وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم . وفي الآية تخويف وتنبيه لجميع من كانت له ولاية وإمارة ورياسة فلا يعدل في رعيته ، أو كان عالما فلا يعمل بعلمه ولا ينصح الناس ، أن يذهبه ويأتي بغيره . وكان الله على ذلك قديرا والقدرة صفة أزلية ، لا تتناهى مقدوراته ، كما لا تتناهى معلوماته ، والماضي والمستقبل في صفاته بمعنى واحد ، وإنما خص الماضي بالذكر لئلا يتوهم أنه يحدث في ذاته وصفاته . والقدرة هي التي يكون بها الفعل ولا يجوز وجود العجز معها .
القول في تأويل قوله ; إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا (133)قال أبو جعفر; يعني بذلك جل ثناؤه; إن يشأ الله، أيها الناس، =" يذهبكم "، أي; يذهبكم بإهلاككم وإفنائكم=" ويأت بآخرين "، يقول; ويأت بناس آخرين غيركم لمؤازرة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ونصرته=" وكان الله على ذلك قديرًا "، يقول; وكان الله على إهلاككم وإفنائكم واستبدال آخرين غيركم بكم=" قديرًا "، يعني; ذا قدرة على ذلك. (68)* * *وإنما وبخ جل ثناؤه بهذه الآيات، الخائنين الذين خانوا الدِّرع التي وصفنا شأنها، الذين ذكرهم الله في قوله; وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا [سورة النساء; 105] = وحذر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن يكونوا مثلهم، وأن يفعلوا فعل المرتدِّ منهم في ارتداده ولحاقه بالمشركين = وعرَّفهم أن من فعل فعله منهم، فلن يضر إلا نفسه، ولن يوبق برِدَّته غير نفسه، لأنه المحتاج -مع جميع ما في السموات وما في الأرض- إلى الله، والله الغني عنهم. ثم توعَّدهم في قوله; " إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين "، بالهلاك والاستئصال، إن هم فعلوا فعل ابن أبيرق طُعْمة المرتدِّ (69) = وباستبدال آخرين غيرهم بهم، لنصرة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وصحبته ومؤازرته على دينه، كما قال في الآية الأخرى; وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ، [سورة محمد; 38] .وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها لما نـزلت، ضرب بيده على ظهر سَلْمان فقال; " هم قوم هذا "، يعني عجم الفرس= كذلك;-10676- حُدِّثت عن عبد العزيز بن محمد، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. (70)* * *وقال قتادة في ذلك بما;-10677 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة في قوله " إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين وكان الله على ذلك قديرًا "، قادرٌ واللهِ ربُّنا على ذلك; أن يهلك من يشاء من خلقه، ويأتي بآخرين من بعدهم.-----------------الهوامش ;(68) انظر تفسير"القدير" فيما سلف 1 ; 361 / 2 ; 484 ، 504.(69) "طعمة" هو اسم"ابن أبيرق" كما سلف في الأثر رقم; 10416.(70) الأثر; 10676 -"عبد العزيز بن محمد بن عبيد بن أبي عبيد الدراوردي". متكلم فيه. مترجم في التهذيب.و"سهيل بن أبي صالح". متكلم فيه. مترجم في التهذيب.و"أبوه; "ذكوان السمان" ، "أبو صالح" ، ثقة ثبت في حديثه عن أبي هريرة. مترجم في التهذيب ، مضى برقم; 304 ، 3226 ، 5387.وهذا الأثر ، خرجه السيوطي في الدر المنثور 6 ; 67 ، ونسبه لابن جرير ، وسعيد بن منصور ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه.وسيأتي بأسانيد أخرى في تفسير"سورة محمد" ، في آخرها 26 ; 42 (بولاق) سنتكلم عنها هناك.
أي: هو الغني الحميد الذي له القدرة الكاملة والمشيئة النافذة فيكم { إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ ْ} غيركم هم أطوع لله منكم وخير منكم، وفي هذا تهديد للناس على إقامتهم على كفرهم وإعراضهم عن ربهم، فإن الله لا يعبأ بهم شيئا إن لم يطيعوه، ولكنه يمهل ويملي ولا يهمل.
(إن) حرف شرط جازم
(يشأ) مضارع مجزوم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي الله
(يذهب) مضارع مجزوم جواب الشرط و (كم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو(أي) منادى نكرة مقصودة مبني على الضم في محل نصب و (ها) حرف تنبيه
(الناس) بدل من أي تبعه بالرفع لفظا
(الواو) عاطفة
(يأت) مضارع مجزوم معطوف على جواب الشرط وعلامة الجزم حذف حرف العلة، والفاعل هو (بآخرين) جار ومجرور متعلق بـ (يأت) ، وعلامة الجر الياء
(الواو) استئنافية
(كان الله قديرا) مثل كان الله واسعا ،
(على) حرف جر
(ذا) اسم مبني على السكون في محل جر متعلق بـ (قديرا) .
جملة «يشأ» لا محل لها استئنافية.
وجملة «يذهبكم» لا محل لها جواب الشرط الجازم غير مقترنة بالفاء.
وجملة النداء «أيها الناس» لا محل لها اعتراضية.
وجملة «يأت ... » لا محل لها معطوفة على جملة الجواب.
وجملة «كان الله ... قديرا» لا محل لها استئنافية.