بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنَ الشّٰكِرِينَ
بَلِ اللّٰهَ فَاعۡبُدۡ وَكُنۡ مِّنَ الشّٰكِرِيۡنَ
تفسير ميسر:
بل الله فاعبد -أيها النبي- مخلصًا له العبادة وحده لا شريك له، وكن من الشاكرين لله نعمه.
أي أخلص العبادة لله وحده لا شريك له أنت ومن اتبعك وصدقك.
قوله تعالى ; بل الله فاعبد النحاس ; في كتابي عن أبي إسحاق لفظ اسم الله - عز وجل - منصوب ب " اعبد " قال ; ولا اختلاف في هذا بين البصريين والكوفيين . قال النحاس ; وقال الفراء ; يكون منصوبا بإضمار فعل . وحكاه المهدوي عن الكسائي . فأما الفاء فقال الزجاج ; إنها للمجازاة . وقال الأخفش ; هي زائدة . وقال ابن عباس ; فاعبد أي ; فوحد . وقال غيره ; بل الله فأطع وكن من الشاكرين لنعمه بخلاف المشركين .
القول في تأويل قوله تعالى ; بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66)يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم; لا تعبد ما أمرك به هؤلاء المشركون من قومك يا محمد بعبادته, بل الله فاعبد دون كلّ ما سواه من الآلهة والأوثان والأنداد ( وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ ) لله على نعمته عليك بما أنعم من الهداية لعبادته, والبراءة من عبادة الأصنام والأوثان. ونصب اسم الله بقوله ( فَاعْبُدِ ) وهو بعده, لأنه رد الكلام, ولو نصب بمضمر قبله, إذا كانت العرب تقول; زيد فليقم. وزيدا فليقم. رفعا ونصبا, الرفع على فلينظر زيد, فليقم, والنصب على انظروا زيدا فليقم. كان صحيحا جائزا.
ثم قال: { بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ } لما أخبر أن الجاهلين يأمرونه بالشرك، وأخبر عن شناعته، أمره بالإخلاص فقال: { بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ } أي: أخلص له العبادة وحده لا شريك له، { وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ } للّه على توفيق اللّه تعالى،.فكما أنه تعالى يشكر على النعم الدنيوية، كصحة الجسم وعافيته، وحصول الرزق وغير ذلك،.كذلك يشكر ويثنى عليه بالنعم الدينية، كالتوفيق للإخلاص، والتقوى، بل نعم الدين، هي النعم على الحقيقة، وفي تدبر أنها من اللّه تعالى والشكر للّه عليها، سلامة من آفة العجب التي تعرض لكثير من العاملين، بسبب جهلهم، وإلا، فلو عرف العبد حقيقة الحال، لم يعجب بنعمة تستحق عليه زيادة الشكر.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة