سَلٰمٌ عَلٰى نُوحٍ فِى الْعٰلَمِينَ
سَلٰمٌ عَلٰى نُوۡحٍ فِى الۡعٰلَمِيۡنَ
تفسير ميسر:
أمان لنوح وسلامة له من أن يُذْكر بسوء في الآخِرين، بل تُثني عليه الأجيال من بعده.
مفسر لما أبقى عليه من الذكر الجميل والثناء الحسن أنه يسلم عليه في جميع الطوائف والأمم.
وتم الكلام ثم ابتدأ فقال ; سلام على نوح أي سلامة له من أن يذكر بسوء في الآخرين . قال الكسائي ; وفي قراءة ابن مسعود " سلاما " منصوب ب " تركنا " أي ; تركنا عليه ثناء حسنا سلاما . وقيل ; في الآخرين أي ; في أمة محمد صلى الله عليه وسلم . وقيل ; في الأنبياء ، إذ لم يبعث بعده نبي إلا أمر بالاقتداء به ، قال الله تعالى ; شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا وقال سعيد بن المسيب ; وبلغني أنه من قال حين يمسي ; سلام على نوح في العالمين لم تلدغه عقرب . ذكره أبو عمر في التمهيد . وفي الموطأ عن خولة بنت حكيم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ; من نزل منزلا فليقل ; أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ، فإنه لن يضره شيء حتى يرتحل . وفيه عن أبي هريرة أن رجلا من أسلم قال ; ما نمت هذه الليلة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; من أي شيء ؟ . فقال ; لدغتني عقرب ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; أما إنك لو قلت حين أمسيت ; أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك .
وقوله ( سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ ) يقول; أمنة من الله لنوح في العالمين أن يذكره أحد بسوء; وسلام مرفوع بعلى. وقد كان بعض أهل العربية من أهل الكوفة يقول; معناه; وتركنا عليه في الآخرين، ( سَلامٌ عَلَى نُوحٍ ) أي تركنا عليه هذه الكلمة، كما تقول; قرأت من القرآن الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فتكون الجملة في معنى نصب، وترفعها باللام، كذلك سلام على نوح ترفعه بعلى، وهو في تأويل نصب، قال; ولو كان; تركنا عليه سلاما، كان صوابا.
وقال: { رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ } فاستجاب اللّه له، ومدح تعالى نفسه فقال: { فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ } لدعاء الداعين، وسماع تبتلهم وتضرعهم، أجابه إجابة طابق ما سأل، نجاه وأهله من الكرب العظيم، وأغرق جميع الكافرين، وأبقى نسله وذريته متسلسلين، فجميع الناس من ذرية نوح عليه السلام، وجعل له ثناء حسنا مستمرا إلى وقت الآخرين، وذلك لأنه محسن في عبادة الخالق، محسن إلى الخلق، وهذه سنته تعالى في المحسنين، أن ينشر لهم من الثناء على حسب إحسانهم.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة