وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطٰنٍ مَّارِدٍ
وَحِفۡظًا مِّنۡ كُلِّ شَيۡطٰنٍ مَّارِدٍۚ
تفسير ميسر:
وحفظنا السماء بالنجوم مِن كل شيطان متمرِّد عاتٍ رجيم.
قوله جل وعلا ههنا "وحفظا" تقديره وحفظناها حفظا "من كل شيطان مارد"; يعني المتمرد العاتي.
وحفظا مصدر أي ; حفظناها حفظا . من كل شيطان مارد لما أخبر أن الملائكة تنزل بالوحي من السماء ، بين أنه حرس السماء عن استراق السمع بعد أن زينها بالكواكب . والمارد ; العاتي من الجن والإنس ، والعرب تسميه شيطانا .
وحفظا من كل شيطان مارد أن لا يسمع إلى الملإ الأعلى، فحذفت " إن " اكتفاء بدلالة الكلام عليها، كما قيل; كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ * لا يُؤْمِنُونَ بِهِ بمعنى; أن لا يؤمنوا به; ولو كان مكان " لا " أن، لكان فصيحا، كما قيل; يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا بمعنى; أن لا تضلوا، وكما قال; وَأَلْقَى فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ بمعنى; أن لا تميد بكم. والعرب قد تجزم مع " لا " في مثل هذا الموضع من الكلام، فتقول; ربطت الفرس لا يَنْفَلِتْ، كما قال بعض بني &; 21-16 &; عقيل;وحــتى رأينـا أحسـن الـود بيننـامُســاكنةً لا يقـرِف الشـرَّ قـارفُ (1)------------------------الهوامش;(1) البيت من شواهد الفرّاء في معاني القرآن (مصورة الجامعة ص 271 ) قال في تفسير قوله تعالى;" لا يسمعون" قرأها عبد الله بالتشديد، على معنى"لا يتسمعون" وكذلك قرأها ابن عباس، وقال; يسمعون ولا يتسمعون قال الفرّاء; ومعنى"لا" كقوله" كذلك سلكناه في قلوب المجرمين . لا يؤمنون به"، لو كان في موضع"لا""أن" صلح ذلك، كما قال;" يبين الله لكم أن تضلوا" . وكما قال;"وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم" . ويصلح في"لا" على هذا المعنى الجزم. العرب تقول; ربطت الفرس لا ينفلت، وأوثقت عبدي لا يفرر. وأنشد بعض بني عقيل;" وحتى رأينا ... البيت" وبعضهم يقول; لا يقرف الشر (برفع الفعل) قال; والرفع لغة أهل الحجاز، وبذلك جاء القرآن. اهـ.
وخص اللّه المشارق بالذكر، لدلالتها على المغارب، أو لأنها مشارق النجوم التي سيذكرها، فلهذا قال: { إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى } ذكر اللّه في الكواكب هاتين الفائدتين العظيمتين: إحداهما: كونها زينة للسماء، إذ لولاها، لكانت السماء جرما مظلما لا ضوء فيها، ولكن زينها فيها لتستنير أرجاؤها، وتحسن صورتها، ويهتدى بها في ظلمات البر والبحر، ويحصل فيها من المصالح ما يحصل.والثانية: حراسة السماء عن كل شيطان مارد، يصل بتمرده إلى استماع الملأ الأعلى، وهم الملائكة، فإذا استمعت قذفتها بالشهب الثواقب { مِنْ كُلِّ جَانِبٍ } طردا لهم، وإبعادا عن استماع ما يقول الملأ الأعلى.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة