قَالَ تَاللَّهِ إِن كِدتَّ لَتُرْدِينِ
قَالَ تَاللّٰهِ اِنۡ كِدْتَّ لَـتُرۡدِيۡنِۙ
تفسير ميسر:
قال المؤمن لقرينه المنكر للبعث; لقد قاربت أن تهلكني بصدك إياي عن الإيمان لو أطعتك. ولولا فضل ربي بهدايتي إلى الإيمان وتثبيتي عليه، لكنت من المحضرين في العذاب معك.
يقول المؤمن مخاطبا للكافر والله إن كدت لتهلكني لو أطعتك.
تالله إن كدت لتردين إن مخففة من الثقيلة دخلت على كاد كما تدخل على كان . ونحوه إن كاد ليضلنا واللام هي الفارقة بينها وبين النافية . وقال الكسائي ; " لتردين " أي ; لتهلكني ، والردى الهلاك . وقال المبرد ; لو قيل ; " لتردين " لتوقعني في النار لكان جائزا
وقوله ( تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ ) يقول; فلما رأى قرينه في النار قال; تالله إن كدت في الدنيا لتهلكني بصدك إياي عن الإيمان بالبعث والثواب والعقاب.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن الحسين، قال; ثنا أحمد، قال; ثنا أسباط، عن السدي قوله ( إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ ) قال; لتهلكني، يقال منه; أردى فلان فلانا; إذا أهلكه، وردي فلان; إذا هلك، كما قال الأعشى.أفِـي الطَّـوْفِ خِـفْتِ عـليّ الـرَّدَىوَكَــمْ مِــنْ رَدٍ أهْلَــهُ لَـمْ يَـرِمْ (3)يعني بقوله; " وكم من رَد "; وكم من هالك.------------------------الهوامش;(1) في ( اللسان; حبر ) الحبر والسبر، الحسن والبهاء.(2) البيت من شواهد الفرّاء في معاني القرآن ( مصورة الجامعة ص 272 ) قال في قوله تعالى " هل أنتم مطلعون" وقرأ بعض القراء " هل أنتم مطلعون فاطلع" فكسر النون، وهو شاذ؛ لأن العرب لا تختار على الإضافة إذا أسندوا فاعلا مجموعا أو موحدا، إلى مكنى عنه. فمن ذلك أن يقولوا; أنت ضاربي ويقولون للاثنين; أنتما ضارباي، وللجميع; أنتم ضاربي ولا يقولون للاثنين أنتما ضاربانني، ولا للجميع; أنتم ضاربونني، وإنما تكون هذه النون يضربونني يضربني، وربما غلط الشاعر، فيذهب إلى المعنى، فيقول; أنت ضاربني يتوهم أنه أراد; هل تضربني، فيكون ذلك على غير صحة قال الشاعر;" وما أدري وظني ......البيت"، يريد شراحيل، ولم يقل; أمسلمي، وهو وجه الكلام. وقال آخر;هــم القــائلون الخـير والفاعلونـهإذا مـا خشوا من محدث الأمر معظماولم يقل;" الفاعلوه"، وهو وجه الكلام. وإنما اختاروا ( العرب ) الإضافة في الاسم المكنى، لأنه يختلط بما قبله ( أي يلتصق به ) فيصير الحرفان كالحرف الواحد، استحبوا الإضافة في المكنى، وقالوا هما ضاربان زيدا، وضاربا زيد، لأن زيدا في ظهوره لا يختلط بما قبله، لأنه ليس بحرف واحد، والمكنى ( الضمير ); حرف. فأما قوله"فاطلع" فإنه على جهة فعل ذلك به، كما تقول; دعا فأجيب يا هذا. ويكون; هل أنتم مطلعون فاطلع أنا، فيكون منصوبا بجواب الفاء . اهـ.(3) البيت لأعشى بني قيس بن ثعلبة ( ديوانه طبع القاهرة 41 ) من قصيدة ميمية مطولة يمدح بها قيس بن معد يكرب. والبيت من أبيات في آخرها يخاطب الشاعر بها ابنته التي تخشى عليه الموت بسبب طول أسفاره وكثرتها، فيرد عليها قائلا; أخفت عليّ الموت بسبب السفر؟ فانظري كم إنسان يموت ولا يبرح ديار أهله! والردى الهلاك، وهو محل الشاهد على قوله تعالى;" إن كدت لتردين" أي إنك كدت تهلكني. قال أبو عبيدة في مجاز القرآن ( مصورة الجامعة الورقة 209 - ب ); أرديته; أهلكته وردي هو; أي هلك. اهـ.وقال الفراء في معاني القرآن ( مصورة الجامعة 272 ) قال;" هل أنتم مطلعون"; هذا رجل من أهل الجنة، قد كان له أخ من أهل الكفر، فأحب أن يرى مكانه، فيأذن الله له، فيطلع في النار ويخاطبه، فإذا رآه قال" تالله إن كدت لتردين". وفي قراءة عبد الله . هو بن مسعود;" إن كدت لتغوين، ولولا رحمة ربي لكنت من المحضرين"; أي معك في النار محضرا.
فـ { قَالَ } له لائما على حاله، وشاكرا للّه على نعمته أن نجاه من كيده: { تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ } أي: تهلكني بسبب ما أدخلت عليَّ من الشُّبَه بزعمك.
(التاء) تاء القسم للجرّ
(الله) لفظ الجلالة مجرور بـ (التاء) متعلّق بفعل محذوف تقديره أقسم
(إن) مخفّفة من الثقيلة واجبة الإهمالـ (اللام) هي الفارقة زائدة و (النون) في(تردين) للوقاية، و (الياء) المحذوفة للتخفيف مفعول به.
جملة: «قال ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «القسم وجوابه ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «كدت لتردين» لا محلّ لها جواب القسم.
وجملة: «تردين..» في محلّ نصب خبر كدت.
(57)
(الواو) عاطفة
(لولا) حرف شرط غير جازم
(نعمة) مبتدأ مرفوع، والخبر محذوف وجوبا
(اللام) واقعة في جواب لولا
(من المحضرين) متعلّق بخبر كنت..
وجملة: «لولا نعمة ربّي ... » لا محلّ لها معطوفة على جواب القسم.
وجملة: «كنت من المحضرين» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
(58)
(الهمزة) للاستفهام
(الفاء) عاطفة
(ما) نافية عاملة عمل ليس
(ميّتين) مجرور لفظا منصوب محلّا خبر ما.
وجملة: «ما نحن بميّتين ... » في محلّ نصب معطوفة على مقول القول لقول مقدّر أي قال أهل الجنّة: «أنحن مخلّدون فما نحن بميّتين ... »
(59)
(إلّا) أداة استثناء
(موتتنا) منصوب على الاستثناء المنقطع ،
(الواو) عاطفة
(ما نحن بمعذّبين) مثل ما نحن بميّتين.
وجملة: «ما نحن بمعذّبين ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة ما نحن بميّتين.