وَأَنۢبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ
وَاَنۡۢبَتۡنَا عَلَيۡهِ شَجَرَةً مِّنۡ يَّقۡطِيۡنٍۚ
تفسير ميسر:
وأنبتنا عليه شجرة من القَرْع تظلُّه، وينتفع بها.
قال ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهم ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير ووهب بن منبه وهلال بن يساف وعبدالله بن طاوس والسدي وقتادة والضحاك وعطاء الخراساني وغير واحد قالوا كلهم اليقطين هو القرع وقال هشيم عن القاسم بن أبي أيوب عن سعيد بن جبير وكل شجرة لا ساق لها فهي من اليقطين وفي رواية عنه كل شجرة تهلك من عامها فهي من اليقطين وذكر بعضهم في القرع فوائد منها سرعة نباته وتظليل ورقه لكبره ونعومته وأنه لا يقربها الذباب وجودة تغذية ثمره وأنه يؤكل نيئا ومطبوخا وقشره أيضا وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحب الدباء ويتتبعه من نواحي الصحفة.
وقوله ; وأنبتنا عليه شجرة من يقطين يعني عليه أي ; عنده ، كقوله تعالى ; ولهم علي ذنب أي ; عندي . وقيل ; عليه بمعنى له . شجرة من يقطين اليقطين ; شجر الدباء ; وقيل غيرها ، ذكره ابن الأعرابي . وفي الخبر ; ( الدباء والبطيخ من الجنة ) وقد ذكرناه في كتاب التذكرة . وقال المبرد ; يقال لكل شجرة ليس لها ساق يفترش ورقها على الأرض يقطينة ، نحو الدباء والبطيخ والحنظل ، فإن كان لها ساق يقلها فهي شجرة فقط ، وإن كانت قائمة أي ; بعروق تفترش فهي [ ص; 117 ] نجمة وجمعها نجم . قال الله تعالى ; والنجم والشجر يسجدان وروي نحوه عن ابن عباس والحسن ومقاتل . قالوا ; كل نبت يمتد ويبسط على الأرض ولا يبقى على استواء وليس له ساق نحو القثاء والبطيخ والقرع والحنظل فهو يقطين . وقال سعيد بن جبير ; هو كل شيء ينبت ثم يموت من عامه ، فيدخل في هذا الموز .قلت ; وهو مما له ساق . الجوهري ; واليقطين ما لا ساق له كشجر القرع ونحوه . الزجاج ; اشتقاق اليقطين من قطن بالمكان إذا أقام به ، فهو يفعيل . وقيل ; هو اسم أعجمي . وقيل ; إنما خص اليقطين بالذكر ، لأنه لا ينزل عليه ذباب . وقيل ; ما كان ثم يقطين فأنبته الله في الحال . القشيري ; وفي الآية ما يدل على أنه كان مفروشا ليكون له ظل . الثعلبي ; كانت تظله فرأى خضرتها فأعجبته ، فيبست فجعل يتحزن عليها ، فقيل له ; يا يونس أنت الذي لم تخلق ولم تسق ولم تنبت تحزن على شجيرة ، فأنا الذي خلقت مائة ألف من الناس أو يزيدون تريد مني أن أستأصلهم في ساعة واحدة ، وقد تابوا وتبت عليهم ، فأين رحمتي يا يونس ؟ أنا أرحم الراحمين . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يأكل الثريد باللحم والقرع ، وكان يحب القرع ويقول ; إنها شجرة أخي يونس وقال أنس ; قدم للنبي - صلى الله عليه وسلم - مرق فيه دباء وقديد فجعل يتبع الدباء حوالي القصعة . قال أنس ; فلم أزل أحب الدباء من يومئذ . أخرجه الأئمة .
وقوله ( وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ) يقول تعالى ذكره; وأنبتنا على يونس شجرة من الشجر التي لا تقوم على ساق، وكل شجرة لا تقوم على ساق كالدُّباء والبِطِّيخ والحَنْظَل ونحو ذلك، فهي عند العرب يَقْطِين.واختلف أهل التأويل في ذلك، فقال بعضهم نحو الذي قلنا في ذلك.* ذكر من قال ذلك;حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال; ثنا هشيم، عن القاسم بن أبي أيوب، عن سعيد بن جُبَير، في قوله ( وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ) قال; هو كل شيء ينبت على وجه الأرض ليس له ساق.حدثني مطر بن محمد الضبي، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا الأصبغ بن زيد، عن القاسم بن أبي أيوب، عن سعيد بن جُبَير، في قوله ( وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ) قال; كلّ شيء ينبت ثم يموت من عامه.حدثنا ابن بشار، قال; ثنا عبد الرحمن، قال; ثنا سفيان، عن حبيب، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس، قال; ( شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ) فقالوا عنده; القرع; قال; وما يجعله أحقّ من البطيخ.حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى; وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ) قال; غير ذات أصل من الدُّبَّاء، أو غيره من نحوه. وقال آخرون; هو القرع.* ذكر من قال ذلك;حدثني عليّ، قال; ثنا أبو صالح، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ) قال; القرع.حدثنا محمد بن المثنى، قال; ثنا محمد بن جعفر، قال; ثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله، أنه قال في هذه الآية; ( وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ) قال; القرع.حدثني مطر بن محمد الضبيّ، قال; ثنا عبد الله بن داود الواسطي، قال; ثنا شريك، عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون الأودي، في قوله ( وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ) قال; القرع.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ) ; كنَّا نحدَّث أنها الدُّبَّاء، هذا القرع الذي رأيتم أنبتها الله عليه يأكل منها.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; ثني أبو صخر، قال; ثني ابن قسيط، أنه سمع أبا هُرَيرة يقول; طرح بالعراء، فأنبت الله عليه يقطينة، فقلنا; يا أبا هريرة وما اليقطينة؟ قال; الشجرة الدُّبَّاء، هيأ الله له أروية وحشية تأكل من خَشاش الأرض -أو هَشاش- فتفشح عليه فترويه من لبنها كل عشية وبكرة حتى نبت. وقال ابن أبي الصلت قبل الإسلام في ذلك بيتا من شعر;فَــأَنْبَتَ يَقْطِينــا عَلَيْــه برَحْمَـةٍمِـنَ اللـه لَـوْلا اللـه أُلْفِـيَ ضَاحِيـا (8)حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي، قال; ثنا فضيل بن عياض، عن مغيرة في قوله ( وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ) قال; القرع.حدثت عن الحسين، قال; سمعت أبا معاذ يقول; أخبرنا عبيد، قال; سمعت الضحاك يقول في قوله ( شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ) قال; القرع.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد; أنبت الله عليه شجرة من يقطين; قال; فكان لا يتناول منها ورقة فيأخذها إلا أروته لبنا، أو قال; شرب منها ما شاء حتى نبت.حدثنا محمد بن الحسين، قال; ثنا أحمد بن المفضل، قال; ثنا أسباط، عن السديّ، في قوله ( شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ) قال; هو القرع، والعرب تسميه الدُّبَّاء.حدثنا عمرو بن عبد الحميد، قال; ثنا مروان بن معاوية، عن ورقاء، عن سعيد بن جُبَير في قول الله; ( وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ) قال; هو القرع.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، قوله ( وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ ) قال; القرع.وقال آخرون; كان اليقطين شجرة أظلَّت يونس.* ذكر من قال ذلك;حدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ثابت بن يزيد، عن هلال بن خباب عن سعيد بن جُبَير، قال; اليقطين; شجرة سماها الله يقطينا أظلته، وليس بالقرع. قال; فيما ذُكر أرسل الله عليه دابة الأرض، فجعلت تقرض عروقها، وجعل ورقها يتساقط حتى أفضت إليه الشمس وشكاها، فقال; يا يونس جزعت من حرّ الشمس، ولم تجزع لمئة ألف أو يزيدون تابوا إليّ، فتبت عليهم؟------------------------الهوامش;(8) البيت لأمية بن أبي الصلت كما قال المؤلف ، ولم أجده في شعراء النصرانية ولا في ترجمته في الأغاني . وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن (الورقة 211 - ب) ; في قوله تعالى" شجرة من يقطين) ; كل شجرة لا تقوم على ساق فهي يقطين ، مثل الدباء والحنظل والبطيخ . اهـ . وفي (اللسان ; قطن) ; قال الفراء قيل عند ابن عباس ; هو ورق القرع . وما جعل القرع من بين الشجر يقطينا ؛ كل ورقة اتسعت وشترت فهي يقطين . قال الفراء ; وقال مجاهد ; كل شيء ذهب بسطا في الأرض ; يقطين . ونحو ذلك قال الكلبي . قال ; ومنه القرع ، والبطيخ ، والقثاء والشريان . وقال سعيد بن جبير ; كل شيء ينبت ثم يموت من عامه فهو يقطين . ا هـ .
{ وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ } تظله بظلها الظليل، لأنها بادرة باردة الظلال، ولا يسقط عليها ذباب، وهذا من لطفه به، وبره.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة