الرسم العثمانيأَوَلَمْ يَرَ الْإِنسٰنُ أَنَّا خَلَقْنٰهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ
الـرسـم الإمـلائـياَوَلَمۡ يَرَ الۡاِنۡسَانُ اَنَّا خَلَقۡنٰهُ مِنۡ نُّطۡفَةٍ فَاِذَا هُوَ خَصِيۡمٌ مُّبِيۡنٌ
تفسير ميسر:
أولم ير الإنسان المنكر للبعث ابتداء خلقه فيستدل به على معاده، أنا خلقناه من نطفة مرَّت بأطوار حتى كَبِر، فإذا هو كثير الخصام واضح الجدال؟
قال مجاهد وعكرمة وعروة بن الزبير والسدي وقتادة جاء أبي بن خلف لعنه الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده عظم رميم وهو يفته ويذروه في الهواء وهو يقول يا محمد أتزعم أن الله يبعث هذا؟ قال صلى الله عليه وسلم "نعم يميتك الله تعالى ثم يبعثك ثم يحشرك إلى النار" ونزلت هذه الآيات من آخر يس "أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة" إلى آخرهن وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد حدثنا محمد بن العلاء حدثنا عثمان بن سعيد الزيات عن هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال; إن العاص بن وائل أخذ عظما من البطحاء ففته بيده ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أيحيي الله هذا بعد ما أرى؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "نعم يميتك الله ثم يحييك ثم يدخلك جهنم" قال فنزلت الآيات من آخر يس ورواه ابن جرير عن يعقوب بن إبراهيم عن هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير فذكره ولم يذكر ابن عباس رضي الله عنهما وروى من طريق العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال; جاء عبدالله بن أبي بعظم ففته وذكر نحو ما تقدم وهذا منكر لأن السورة مكية وعبدالله بن أبي بن سلول إنما كان بالمدينة وعلى كل تقدير سواء كانت هذه الآيات قد نزلت في أبي بن خلف أو العاص بن وائل أو فيهما فهي عامة في كل من أنكر البعث والألف واللام في قوله تعالى; "أو لم ير الإنسان" للجنس يعم كل منكر للبعث "أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين" أي أو لم يستدل من أنكر البعث بالبدء على الإعادة فإن الله ابتدأ خلق الإنسان من سلالة من ماء مهين فخلقه من شيء حقير ضعيف مهين كما قال عز وجل "ألم نخلقكم من ماء مهين فجعلناه في قرار مكين إلى قدر معلوم" وقال تعالى; "إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج" أي من نطفة من أخلاط متفرقة فالذي خلقه من هذه النطفة الضعيفة أليس بقادر على إعادته بعد موته كما قال الإمام أحمد في مسنده حدثنا أبو المغيرة حدثنا جرير حدثني عبدالرحمن بن ميسرة عن جبير بن نفير عن بشر بن جحاش قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بصق يوما في كفه فوضع عليها أصبعه ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "قال الله تعالى بني آدم أنى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه حتى إذا سويتك وعدلتك مشيت بين برديك وللأرض منك وئيد فجمعت ومنعت حتى إذا بلغت التراقي قلت أتصدق وأنى أوان الصدقة؟" ورواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يزيد بن هارون عن جرير بن عثمان به.
قوله تعالى ; أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبينقوله تعالى ; أولم ير الإنسان قال ابن عباس ; الإنسان هو عبد الله بن أبي . وقال سعيد بن جبير ; هو العاص بن وائل السهمي . وقال الحسن ; هو أبي بن خلف الجمحي . وقاله ابن إسحاق ، ورواه ابن وهب عن مالك . أنا خلقناه من نطفة وهو اليسير من الماء ، نطف إذا قطر . فإذا هو خصيم مبين أي ; مجادل في الخصومة مبين للحجة . يريد بذلك أنه صار به بعد أن لم يكن شيئا مذكورا خصيما مبينا ، وذلك أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعظم حائل فقال ; يا محمد ، أترى أن الله يحيي هذا بعد ما رم ؟ ! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ; نعم ، ويبعثك الله ويدخلك النار فنزلت هذه الآية .
القول في تأويل قوله تعالى ; أَوَلَمْ يَرَ الإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77)يقول تعالى ذكره ( أَوَلَمْ يَرَ الإنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ ) واخُتلف في الإنسان الذي عُني بقوله ( أَوَلَمْ يَرَ الإنْسَانُ ) فقال بعضهم; عُني به أُبي بن خلف.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عُمارة، قال; ثنا عبيد الله بن موسى، قال; ثنا إسرائيل، عن أبي يحيى عن مجاهد، في قوله ( مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ) قال; أُبي بن خَلَف أتى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بعَظْم .حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيح، عن &; 20-554 &; مجاهد، قوله ( وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا ) أبي بن خلف .حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ) ; ذُكر لنا أن أُبيَّ بن خلف، أتى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بعظم حائل، ففتَّه، ثم ذراه في الريح، ثم قال; يا محمد من يحيي هذا وهو رميم؟ قال; " والله يحييه، ثم يميته، ثم يُدخلك النار ؛ قال; فقتله رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم يوم أُحد .وقال آخرون; بل عني به; العاص بن وائل السَّهمي.* ذكر من قال ذلك;حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال; ثنا هشيم، قال; أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جبير، قال; جاء العاص بن وائل السهمي إلى رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بعظْم حائل، ففته بين يديه، فقال; يا محمد أيبعث الله هذا حيا بعد ما أرم؟ قال; نَعَمْ يَبْعَثُ اللهُ هَذَا، ثُمَّ يُمِيتُكَ ثُمَّ يُحْييكَ، ثُمَّ يُدْخِلُك نَار جَهَنَّم " قال; ونـزلت الآيات ( أَوَلَمْ يَرَ الإنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ ) .. " وإلى آخر الآية .وقال آخرون; بل عُنِي به; عبد الله بن أُبي.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( أَوَلَمْ يَرَ الإنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ ) .. إلى قوله ( وَهِيَ رَمِيمٌ ) قال; جاء عبد الله بن أبي إلى النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بعظْم حائل فكسره بيده، ثم قال; يا محمد كيف يبعث الله هذا وهو رميم؟ فقال رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم ; يَبْعَثُ اللهُ هَذَا، ويُمِيتُكَ ثُمَّ يُدْخِلُكَ جَهَنَّمَ ، فقال الله ( قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ ) .فتأويل الكلام إذن; أو لم ير هذا الإنسان الذي يقول ( مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ) أنا خلقناه من نطفة فسويناه خلقا سَوِيًّا( فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ ) يقول; فإذا هو ذو خصومة لربه، يخاصمه فيما قال له ربه إني فاعل، وذلك إخبار لله إياه أنه مُحْيي خلقه بعد مماتهم، فيقول; مَنْ يحيي هذه العظام وهي رميم؟ إنكارا منه لقُدرة الله على إحيائها.وقوله ( مُبِينٌ ) يقول; يبين لمن سمع خُصومته وقيله ذلك أنه مخاصم ربه الذي خلقه.
هذه الآيات الكريمات، فيها [ذكر] شبهة منكري البعث، والجواب عنها بأتم جواب وأحسنه وأوضحه، فقال تعالى: { أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ } المنكر للبعث و الشاك فيه، أمرا يفيده اليقين التام بوقوعه، وهو ابتداء خلقه { مِنْ نُطْفَةٍ } ثم تنقله في الأطوار شيئا فشيئا، حتى كبر وشب، وتم عقله واستتب، { فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ } بعد أن كان ابتداء خلقه من نطفة، فلينظر التفاوت بين هاتين الحالتين، وليعلم أن الذي أنشأه من العدم، قادر على أن يعيده بعد ما تفرق وتمزق، من باب أولى.
(الهمزة) للاستفهام التوبيخيّ التعجّبيّ
(الواو) استئنافيّة
(أنّا) حرف مشبّه بالفعل واسمه
(من نطفة) متعلّق بـ (خلقناه) ..
والمصدر المؤوّلـ (أنّا خلقناه ... ) في محلّ نصب سدّ مسدّ مفعوليّ يرى.
(الفاء) عاطفة
(إذا) فجائيّة
(مبين) نعت لخصيم مرفوع.
جملة: «لم ير ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «خلقناه ... » في محلّ رفع خبر أنّ.
وجملة: «هو خصيم..» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
(78)
(الواو) عاطفة في الموضعين، وحالية في الثالث
(لنا) متعلّق بـ (ضرب) ،
(من) اسم استفهام مبتدأ..
وجملة: «ضرب....» لا محلّ لها معطوفة على جملة هو خصيم.وجملة: «نسي ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة ضرب .
وجملة: «قال ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «من يحيي ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «يحيي ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(من) .
وجملة: «هي رميم..» في محلّ نصب حال.
- القرآن الكريم - يس٣٦ :٧٧
Yasin36:77