الرسم العثمانيوَلَوْ نَشَآءُ لَطَمَسْنَا عَلٰىٓ أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرٰطَ فَأَنّٰى يُبْصِرُونَ
الـرسـم الإمـلائـيوَلَوۡ نَشَآءُ لَـطَمَسۡنَا عَلٰٓى اَعۡيُنِهِمۡ فَاسۡتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَاَنّٰى يُبۡصِرُوۡنَ
تفسير ميسر:
ولو نشاء لطمسنا على أعينهم بأن نُذْهب أبصارهم، كما ختمنا على أفواههم، فبادَروا إلى الصراط ليجوزوه، فكيف يتحقق لهم ذلك وقد طُمِست أبصارهم؟
وقوله تبارك وتعالى; "ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون" قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسيرها يقول ولو نشاء لأضللناهم عن الهدى فكيف يهتدون وقال مرة أعميناهم وقال الحسن البصري ولو شاء الله لطمس على أعينهم فجعلهم عميا يترددون وقال السدي يقول ولو نشاء أعمينا أبصارهم وقال مجاهد وأبو صالح وقتاده والسدي فاستبقوا الصراط يعني الطريق وقال ابن زيد يعني بالصراط ههنا فأنى يبصرون وقد طمسنا على أعينهم وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما "فأني يبصرون" لا يبصرون الحق.
قوله تعالى ; ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون حكى الكسائي ; طمس يطمس ويطمس . والمطموس والطميس عند أهل اللغة الأعمى الذي ليس في عينيه شق . قال ابن عباس ; المعنى ; لأعميناهم عن الهدى ، فلا يهتدون أبدا إلى طريق الحق . وقال الحسن والسدي ; المعنى ; لتركناهم عميا يترددون . فالمعنى لأعميناهم فلا يبصرون طريقا إلى تصرفهم في منازلهم ولا غيرها . وهذا اختيار الطبري . وقوله " فاستبقوا الصراط " أي ; استبقوا الطريق ليجوزوا " فأنى يبصرون " أي ; فمن أين يبصرون . وقال عطاء ومقاتل وقتادة وروي عن ابن عباس ; ولو نشاء لفقأنا أعين ضلالتهم ، وأعميناهم عن غيهم ، وحولنا أبصارهم من الضلالة إلى الهدى ، فاهتدوا وأبصروا رشدهم ، وتبادروا إلى طريق الآخرة . ثم قال ; فأنى يبصرون ولم نفعل ذلك بهم ، أي ; فكيف يهتدون وعين الهدى مطموسة ، على الضلال باقية . وقد روي عن عبد الله بن سلام في تأويل هذه الآية غير ما تقدم ، وتأولها على أنها في يوم القيامة . وقال ; إذا كان يوم القيامة ومد الصراط نادى مناد ; ليقم محمد - صلى الله عليه وسلم - وأمته ، فيقومون برهم وفاجرهم يتبعونه ليجوزوا الصراط ، فإذا صاروا عليه طمس الله أعين فجارهم ، فاستبقوا الصراط فمن أين يبصرونه حتى يجاوزوه ، ثم ينادي مناد ; ليقم عيسى وأمته ، فيقوم فيتبعونه برهم وفاجرهم فيكون سبيلهم تلك السبيل ، وكذا سائر الأنبياء عليهم السلام . ذكره النحاس ، وقد كتبناه في التذكرة بمعناه حسب ما ذكره ابن المبارك في رقائقه . وذكره القشيري . وقال ابن عباس - رضي الله عنه - ; أخذ الأسود بن الأسود حجرا ومعه جماعة من بني مخزوم ليطرحه على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فطمس الله على بصره ، وألصق الحجر بيده ، فما أبصره ولا اهتدى ، ونزلت الآية فيه . والمطموس هو الذي لا يكون بين جفنيه شق ، مأخوذ من طمس الريح الأثر ، قاله الأخفش والقتبي .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (66)اختلف أهل التأويل في تأويل قوله ( وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ ) فقال بعضهم; معنى ذلك; ولو نشاء لأعميناهم عن الهدى، وأضللناهم عن قصد المَحَجَّة.* ذكر من قال ذلك;حدثني علي، قال; ثنا أبو صالح، قال; ثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله ( وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ ) يقول; أضللتهم وأعميتهم عن الهدى وقال آخرون; معنى ذلك; ولو نشاء لتركناهم عميا.* ذكر من قال ذلك;حدثني يعقوب، قال; ثنا ابن عُلَية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله ( وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ ) قال; لو يشاء لطمس على أعينهم فتركهم عميًا يترددون .حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ ) يقول; لو شئنا لتركناهم عميا يترددون . وهذا القول الذي ذكرناه عن الحسن وقتادة أشبه بتأويل الكلام، لأن الله إنما تهدد به قومًا كفارا، فلا وجه لأن يقال; وهم كفار، لو نشاء لأضللناهم وقد أضلهم، ولكنه قال; لو نشاء لعاقبناهم على كفرهم، فطمسنا على أعينهم فصيرناهم عميا لا يبصرون طريقا، ولا يهتدون له؛ والطَّمْس على العين; هو أن لا يكون بين جفني العين غرٌّ، وذلك هو الشق الذي بين الجفنين (3) كما تطمس الريح الأثر، يقال; أعمى مطموس وطميس.وقوله ( فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ ) يقول; فابتدروا الطريق.كما حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ ) قال الطريق .حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ ) أي; الطريق .حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قوله ( فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ ) قال; الصراط، الطريق .وقوله ( فَأَنَّى يُبْصِرُونَ ) يقول; فأي وجه يبصرون أن يسلكوه من الطرق، وقد طمسنا على أعينهم.كما حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله ( فَأَنَّى يُبْصِرُونَ ) وقد طمسنا على أعينهم .وقال الذين وجهوا تأويل قوله ( وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ ) إلى أنه معني به العمى عن الهدى، تأويل قوله ( فَأَنَّى يُبْصِرُونَ ) ; فأنى يهتدون للحق.* ذكر من قال ذلك;-حدثني علي، قال; ثنا أبو صالح، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ( فَأَنَّى يُبْصِرُونَ ) يقول; فكيف يهتدون .حدثني محمد بن سعد، قال; ثنى أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( فَأَنَّى يُبْصِرُونَ ) يقول; لا يبصرون الحق .------------------------الهوامش;(3) كذا في مجاز القرآن لأبي عبيدة (مصورة الجامعة، الورقة 207).
{ وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ } بأن نُذْهِبَ أبصارهم، كما طمسنا على نطقهم. { فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ } أي: فبادروا إليه، لأنه الطريق إلى الوصول إلى الجنة، { فَأَنَّى يُبْصِرُونَ } وقد طمست أبصارهم.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - يس٣٦ :٦٦
Yasin36:66