الرسم العثمانيوَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا ۖ أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ
الـرسـم الإمـلائـيوَلَقَدۡ اَضَلَّ مِنۡكُمۡ جِبِلًّا كَثِيۡرًا ؕ اَفَلَمۡ تَكُوۡنُوۡا تَعۡقِلُوۡنَ
تفسير ميسر:
ولقد أضلَّ الشيطان عن الحق منكم خلقًا كثيرًا، أفما كان لكم عقل -أيها المشركون- ينهاكم عن اتباعه؟
ولهذا قال عز وجل "ولقد أضل منكم جبلا كثيرا" يقال جبلا بكسر الجيم وتشديد اللام ويقال جبلا بضم الجيم والباء وتخفيف اللام ومنهم من يسكن الباء والمراد بذلك الخلق الكثير قاله مجاهد وقتادة والسدي وسفيان بن عيينة. وقوله تعالى; "أفلم تكونوا تعقلون" أي أفما كان لكم عقل في مخالفة ربكم فيما أمركم به من عبادته وحده لا شريك له وعدو لكم إلى اتباع الشيطان. قال ابن جريج حدثنا كريب حدثنا عبدالرحمن بن محمد المحاربي عن إسماعيل بن رافع عمن حدثه عن محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إذا كان يوم القيامة أمر الله تعالى جهنم فيخرج منها عنق ساطع مظلم يقول "ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ولقد أضل منكم جبلا كثيرا أفلم تكونوا تعقلون هذه جهنم التي كنتم توعدون" "وامتازوا اليوم أيها المجرمون" فيتميز الناس ويجثون وهي التي يقول الله عز وجل "وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون".
قوله تعالى ; ولقد أضل منكم أي أغوى " جبلا كثيرا " أي خلقا كثيرا ، قاله مجاهد . قتادة ; جموعا كثيرة . الكلبي ; أمما كثيرة ، والمعنى واحد . وقرأ أهل المدينة وعاصم ; " جبلا " بكسر الجيم والباء . وأبو عمرو وابن عامر " جبلا " بضم الجيم وإسكان الباء . الباقون " جبلا " بضم الجيم والباء وتخفيف اللام ، وشددها الحسن وابن أبي إسحاق وعيسى بن عمر وعبد الله بن عبيد والنضر بن أنس . وقرأ أبو يحيى والأشهب العقيلي " جبلا " بكسر الجيم وإسكان الباء وتخفيف اللام . فهذه خمس قراءات . قال المهدوي والثعلبي ; وكلها لغات بمعنى الخلق . النحاس ; أبينها القراءة الأولى ، والدليل على ذلك أنهم قد أجمعوا على أن قرءوا " والجبلة الأولين " فيكون جبلا جمع جبلة ، والاشتقاق فيه كله واحد ، وإنما هو من جبل الله عز وجل الخلق أي ; خلقهم . وقد ذكرت قراءة سادسة وهي ; " ولقد أضل منكم جيلا كثيرا " بالياء . وحكي عن الضحاك أن الجيل الواحد عشرة آلاف ، والكثير ما [ ص; 45 ] لا يحصيه إلا الله - عز وجل - ، ذكره الماوردي ." أفلم تكونوا تعقلون " عداوته وتعلموا أن الواجب طاعة الله .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62)يعني تعالى ذكره بقوله ( وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلا كَثِيرًا ) ; ولقد صد الشيطان منكم خلقًا كثيرا عن طاعتي، وإفرادي بالألوهة حتى عبدوه، واتخذوا من دوني آلهة يعبدونها.كما حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلا ) قال; خلقا .واختلف القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء المدينة وبعض الكوفيين ( جِبِلا) بكسر الجيم وتشديد اللام، وكان بعض المكِّيين وعامة قراء الكوفة يقرءونه (جُبُلا) بضم الجيم والباء وتخفيف اللام. وكان بعض قراء البصرة يقرؤه; (جُبْلا) بضم الجيم وتسكين الباء، وكل هذه لغات معروفات، غير أني لا أحب القراءة في ذلك إلا بإحدى القراءتين اللتين إحداهما بكسر الجيم وتشديد اللام، والأخرى; ضم الجيم والباء وتخفيف اللام، لأن ذلك هو القراءة التي عليها عامة قراء الأمصار.وقوله ( أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ ) يقول; أفلم تكونوا تعقلون أيها المشركون، إذ أطعتم الشيطان في عبادة غير الله، أنه لا ينبغي لكم أن تطيعوا عدوكم وعدو الله، وتعبدوا غير الله.
{ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا } أي: خلقا كثيرا.{ أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ } أي: فلا كان لكم عقل يأمركم بموالاة ربكم ووليكم الحق، ويزجركم عن اتخاذ أعدى الأعداء لكم وليا، فلو كان لكم عقل صحيح لما فعلتم ذلك.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - يس٣٦ :٦٢
Yasin36:62